من دقائق الشريعة المهمة في حياة المؤمن أنها لا تجعل الرضا كله واحدًا، بل توجب الرضا بالأقدار وتذم الرضا عن النفس، ومن فرق بينهما زال عن قلبه كل إشكالٍ وحيرة.
فالرضا بالأقدار يوجب التسليم، وعدم الرضا عن النفس يوجب السعي.
الرضا بالأقدار يوجب حُسن الظن بالله، وعدم الرضا عن النفس يوجب ألا تأمن مَكر الله.
الرضا بالأقدار يوجب التجلُّد في الصبر، وعدم الرضا عن النفس يوجب التجلُّد على العمل.
الرضا بالأقدار نقيضه السَّخط، وعدم الرضا عن النفس نقيضه الغفلة، قال ابن القيم: "آفة العبد رضاه عن نفسه"
عدم الرضا عن النفس= الشعور بالتقصير (في حق الله عز وجل، وحقوق الآخرين) في الأثر عن بعض السلف: وكيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه والله تعالى يقول: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)!
الرضا عن النفس يعني الغفلة عن أنها مُقصرة؛ لأن النفس بطبيعتها مقصرة وناقصة وأمارة بالسوء، ولذلك قال ابن عطاء فيما معناه: "الرضا عن النفس أصل كل معصية"
فعدم الرضا عن النفس، ليس من زواية استحقاقاتها عند الآخرين وفردانيتها ودورانها حول نفسها؛ إنما عن نظرة النفس لذاتها ولعملها وما صدر عنها، فالأصل ألا ترضى عن نفسها وبالتالي كيف تشعر مع ذلك بأنها -تستحق- الأفضل إذا كانت مُقصرة؟!
• محمد وفيق.