د. صلاح عبد الفتاح الخالدي
📝 من روائع فواصل الآيات المناسبة لموضوعها في البيان القرآني ورود آيتين في سورتين تتحدثان عن موضوع واحد ، ومع ذلك اختلفت الفاصلة فيهما •
📗 قال ﷻ :
﴿.. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم : 34] .
📗 وقال :
﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
[النحل : 18] .
📝 تتحدث الآيتان عن نعمة الله ، وتقرر الآيتان عجز الناس عن إحصاء نعم الله عليهم ، مهما حاولوا عدها وحصرها ، وذلك لكثرتها وشمولها واستمرارها •
📝 لكن لماذا كانت فاصلة الآية في سورة إبراهيم عن الإنسان الظلوم الكفار ، وفاصلة الآية الثانية في سورة النحل عن الله الغفور الرحيم❓
ولماذا لم تكن فاصلة الآيتين واحدة لأن موضوعهما واحد❓
📗 إن فاصلة كل آية تتناسب مع السياق العام الذي وردت فيه الآية
📗 السياق العام لآيات
[ سورة إبراهيم ] هو الحديث عن الإنسان ، والآيات السابقة تعرض مجموعة من صفات الإنسان ، القائمة على الجحود والنكران ، والكفر بالله ، وعدم الاعتراف له بالفضل على نعمه ، ولذلك جاءت فاصلة الآية حديثاً عن صفتين أساسيتين للإنسان الكافر ، وهما الظلم والكفران •
📗 قال ﷻ :
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ﴾ [إبراهيم : 28 - 31] .
📗 أما السياق العام لآيات سورة النحل فهو الحديث عن صفات الله المنعم المعطي الكريم ، ولذلك جاءت فاصلة الآية حديثاً عن صفتين من صفات الله ، وهما : المغفرة والرحمة •
📝 تحدثت الآيات السابقة عن الأنعام التي سخرها الله للناس ، والماء الذي أنزله لهم ، والزروع والثمار التي ينبتها لهم ، والليل والنهار والشمس والقمر يتتفعون بها ، والبحر يستفيدون منه ، والأرض وجبالها ، والنجوم يهتدون بها :كل هذه نعم من الله المنعم ، أنعم بها عليهم ، وإن حاولوا عد هذه النعم يعجزون عن إحصائها ... والله المنعم المتفضل غفور رحيم •
📗 إذن : حديث سورة إبراهيم عن الإنسان ، فجاءت فاصلة الآية عن الإنسان الظلوم الكفار ، وحديث سورة النحل عن الله ، فجاءت فاصلة الآية عن الله الغفور الرحيم !! (1) .
📙 (1) إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني (صــ 326 - 327) •