لو افترضنا أن حملة خرجت على أحد المواقع لإعطاء تقييم منخفض للكتاب هل سيغير ذلك من حقيقة الكتاب شيئًا وهو مرجع معتمد ومهم في بابه عند المختصين؟
لا شك أن رأي ملء الدنيا من الجهلاء لن يغير شيئًا عند أرباب المجال.
عالمنا اليوم يسوي بين الأشياء غير المتساوية، بينما الناس ليسوا سواسية في كل شيء، الصوت الانتخابي لشاب عشريني يعادل السياسي المحنك الخبير، تقييمك لأحد المطاعم على جوجل يساوي تقييم خبير تذوق، كل منكما له صوت واحد!بل إن الأمر أقبح من ذلك، فربما أسقطت تقييمات الجهلاء لكثرتها أحكام الخبراء!
عدد المتابعين لأحد النكرات الوضعاء يجعله من أعرف المعارف، والإعجابات على تلاوة مخبِّص قد تقدِّمه على الحصري إمام المقرئين..
هذه الفكرة في تسوية الآراء ليست فكرة إسلامية، الإسلام يعرف أهل الحل والعقد في مبايعة الحاكم، ويجعل كلمتهم ملزمة لغيرهم، لا قيمة لإنسان في غير ما يحسنه، الأهلية عنصر أصيل، والقول بغير علم منقصة ربما تورد صاحبها نار جهنم، إن بلغت أن تكون تقولا على الله مثلا، أو افتئاتًا على نبيه ﷺ.
لا يستوي الذهب الإبريز بالهلل، واليوم صار هناك نوع اهتمام في الغرب بنوعية التقييمات، فالاحتفاء بالتقييمات الحقيقية لا المشتراة، أو تقييمات المشترين للمنتج دون غيرهم، والاعتراف بأهل التخصص في بابهم، من خلال عمل منصات تصعب الوصول لغير المختصين في المجال.
الاهتمام ببناء تصور صحيح مطلب مهم لكل من يحترم نفسه، ويقدر الاختصاص، خصوصًا في زمان توجه الاعتماد فيه على الذكاء الصناعي في بناء التصورات.
العمق وعدم السطحية ستكون في المستقبل القريب صعبة نادرة عزيزة ثقيلة، وسيكون هذا العالم بلاء للمتخصصين الأصلاء.