وداعاً لمن تركوا أصواتهم ووحشة لياليهم في البعيد البارد قناديل تُضيء لمن سيأتي بعدهم
لم يكن الشيخ "سارية الرفاعي" مجرد اسم يتردد في أوساط الناس
لم يكن مجرد خطيب يعتلي منابرهم أو يُفتي ويعِظ ويُرشد بالشكل المُتكرر المُعتاد
بل كان قبساً من نور الله الذي رفع قدر العالمين بالله العامِلين من أجل دينه
كان مسيرة عزّ وإباء
مواقف ثابتة يُشار إليها بفخر
وقوّة في الرأي يستظلّ بظلها الباحثون عن فُرصة للارتقاء الحقيقي نحو المعالي
الشيخ سارية الرفاعي من النفوس العالية التي إذا عبرت تركت أثراً لا يُمحى
كان قلبه صفحة بيضاء مُضمّخة بالصدق والبساطة والانتماء لكُل ما هو طيب وعفوي وأصيل
الشيخ سارية الرفاعي - عليه رحمة ا لله- لم يعش عُمراً وحسب
بل عاش رسالة
عاش رفضاً
عاش عزّاً وعزّةً وصرامة في الموقف ووضوحاً في الهوية والانتماء
وترك في نفوس من عرفوه غِراساً مُتجذّراً من المواقف النبيلة والمُبادرات الطيبة
الشيخ سارية الرفاعي أدرك أن الحياة ليست بما نأخذه منها، بل بما نتركه فيها
فكان كالسارية التي لا تهتز رغم الرياح، يحمل في روحه ثبات المؤمن وصدق المُحِب وصفاء الصديق ووفاء أهل المروءة والشهامة
رحل الشيخ سارية الرفاعي اليوم، لكنه ترك في كل من عرفه شُعلة تتوهج، دافئة ككلماته، صادقة كعينيه الطيبتين، هادئة كخطواته الوقور
رحمك الله يا شيخ سارية الرفاعي، وجعل مكانتك عند ربّك عالية كما كانت حياتك نبيلة نقيّة في الدُنيا
سلاماً لجامع زيد بن ثابت
سلاما لشارع خالد بن الوليد وسط العاصمة دمشق
سلاماً لحي قبر عاتكة وبستان الحجر والفحامة والزاغة
سلاماً لأهل ذلك المكان وما حوله
سلاما لكُل الصادقين الأوفياء الذين لا ينسون المواقف المُشرّفة ولا يتنكّرون للعامِلين المُجتهدين الغيّورين على دينهم وأُمّتهم وأهلهم
ولا ينظرون في صغائر الأمور ولا تعنيهم تُرّهات الرعاع والغوغاء والمنافقين
سلاماً يا شرفاء الأمة
ورحمك الله وأحسن إليك يا شيخ سارية الرفاعي كما أحسنت لنفسك ولأمّتك ولكل من عرفوك في الدُنيا
إنا لله وإنا إليه راجعون
منقول