وعن نافع بنِ عَجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَهُ، أَنَّ رَكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ البَتَّةَ، فَأَخْبَرَ النَّبِي ﷺبِذلِكَ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :
وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً، فَقَالَ رَكَانَةُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ رَسُولُ الله ، فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَانِ عُمَرَ، وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ ، ووجه الدلالة أنه لو لم تقع الثلاث لم يكن للاستحلاف معنى.
ومن فتاوى الصحابة غير ما سبق ذكره ما روي عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِي ، أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّهْرِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : فَجَاءَهُمَا مُحَمَّدُ بن إِيَاسِ بْنِ الْبَكَيْرِ فَقَالَ : إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثاً، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بها. فَمَاذَا تَرْيانِ؟
فَقَالَ عَبْدُ الله بن الزبير : إِنَّ هذا الأمر ما لَنَا فِيهِ قَوْلَ فَاذْهَبْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ وأبي هزيرَة فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَلَهُمَا ثُمَّ ائْتِنَا، فَأَخْبِرْنَا فَذَهَبَ فَسَأَلَهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَفَتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ جَاءَتْكَ مُعْضِلَةً
فقال أبو هُرَيْرَةَ الواحدة تبينها، والثلاثة تُحَرِّمُهَا، حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكَ وَعَلَى ذَلِكَ، الْأَمْرُ عِنْدَنَا».
ومما نقل من اجماع الصحابة:
قال الباجي: "من أوقع الطلاق الثلاث بلفظة واحدة لزمه ما أوقعه من الثلاث، وبه قال جماعة الفقهاء، وحكى القاضي أبو محمد في إشرافه عن بعض المبتدعة يلزمه طلقة واحدة، وعن بعض أهل الظاهر لا يلزمه شيء، وإنما يروى هذا عن الحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق.
والدليل على ما نقوله: إجماع الصحابة لأن هذا مروي عن ابن عمر وعمران بن حصين، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة رضي الله تعالى عنهم.
ولا مخالف لهم، وما روي عن ابن عباس في ذلك من رواية طاوس، قال فيه بعض المحدثين هو وهم، وقد روى ابن طاوس عن أبيه وكذا عن ابن وهب خلاف ذلك، وإنما وقع الوهم في التأويل ".
وقال ابن رجب في بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة : " اعلم أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من أئمة السلف المعتد بقولهم في الفتاوى في الحلال والحرام - شيء صريح في أن الطلاق الثلاث بعد الدخول يحسب واحدة إذا سبق بلفظ واحد .
ومن فتاوى الأئمة:
قال سحنون بن سعيد التنوخي قلت: أرأيت إن طلقها ثلاثا وهي حامل في مجلس واحد أو مجالس شتى أيلزمه ذلك أم لا ؟ قال: قال مالك: يلزمه ذلك.
———————————————-
-——————————————-
-——————————————-