قِفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
وهو عندهم أفضل ابتداء صنعه شاعر؛ لأنه وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في مصراع واحد، وقوله:
ألاعِمْ صباحًا أيها الطللُ البالي
ومثله قول القطامي واسمه عمير بن شييم التغلبي:
إنا محيوكَ فاسلم أيها الطلَلُ
وكقول النابغة:
كليني لهمٍّ يا أميمةَ ناصبِ
وليلٍ أقاسيهِ بطيءِ الكواكبِ
وقوله:
كتمتكَ ليلًا بالجمومينِ ساهرًا
وهمينِ همًّا مستكنًّا وظاهرا
وهذا بعض ما اختير للقدماء، ومما اختير لهم في الرثاء قول أوس بن حجر:
أيتها النفسُ أجملي جزعا
إنَّ الذي تحذرينَ قد وقعا
ومما اختير للمحدثين قول بشار بن برد:
أَبى طلَلٌ بالجِزْعِ أن يتكلما
وهو عندهم أفضل ابتداء صنعه محدث، وقول أبي نواس:
لمن دِمَنٌ تزدادُ طيبَ نسيمِ
على طولِ ما أقوت وحُسنِ رسومِ
وقوله:
رَسْمُ الكرى بين الجفونِ مُحِيلُ
عَفَّى عليهِ بُكًى عليكَ طويلُ
وقوله:
أعطتكَ ريحانها العُقارُ
وحانَ من ليلنا انْسِفارُ
وقوله:
دع عنكَ لومي فإنَّ اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانتْ هيَ الداءُ
وما أشبه ذلك مما لو تقصيته لطال وكثر.
#العمدة لابن رشيق.