وهذا فيه تسلية وتعزية للفقراء، وأنهم وإن فقدوا ما حصل للأغنياء في الدنيا من بعض الملاذ والنعم والشهوات فلهم فضل عظيم أن يسبقوهم إلى الجنة وهم أكثر أهل الجنة الفقراء، وأصحاب الجد يعني: أصحاب الثراء أو الثروة محبوسون؛ لأن عليهم ملاحظات ومحاسبات فيتقدمهم الفقراء؛ لأنهم ليس هناك حساب عليهم يوجب حبسهم، بخلاف أهل الجد: أهل الغنى والثروة؛ فإنهم يتأخرون لما عليهم من حقوق وملاحظات وأشياء تحبسهم، والجد هو الحظ والغنى، كما قال في الحديث الصحيح: «ولا ينفع ذا الجد منك الجد» يعني الغنى والحظ والسعة، فهذا فيه تعزية للفقراء وتسلية وتبشير لهم بأن ما أصابهم في الدنيا سوف يعوضون عنه في الآخرة الخير العظيم، والله هو الحكيم العليم جل وعلا.
وفيه: تحذير النساء من أسباب النار؛ لأنه رأى عامة أهل النار النساء فهذا يدل على كثرة الشرور منهن والتقصير، وهذا يوجب الحذر، فعلى المؤمن أن يحذر أهله: زوجته، أمه، أخته، بناته، قراباته، يحذرهن من أسباب النار، يحذرهن من المعاصي، من عصيان الزوج، من العقوق، والقطيعة، من التبرج، من الخلوة بالأجانب، من الزنا، إلى غير هذا؛ لأن أسباب دخول النار هذه المعاصي؛ فيجب على المؤمن أن يحذّر أهل بيته، وأن كون أهل النار عامتهم النساء إنما هو بأعمالهن السيئة، بخلاف خواص النساء فهن من أهل الجنة، فليحذر الأعمال التي توجب النار، ولتحذر هي الأعمال التي توجب النار؛ فالواجب التواصي والتناصح حتى إن كل واحد من الصنفين يحذر أسباب النار، فالنار لها أسباب والجنة لها أسباب.
الموقع الرسمي للإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله/ شروح الكتب/ صحيح البخاري