الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أمابعد :
فانطلاقاً من قوله تعالى[ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]
فإن من نعم الله علي أن كنت طالباً في المعهد التخصصي للدراسات الإسلامية _فرع البيضاء- قد منَّ الله علينا بأنواع من فنون العلم الشرعي درسناها على أيدي مشايخ فضلاء رحماءُ بنا، حريصون علينا كل الحرص.
ولكن مما يحسن ذكره وهو المقصود من مقالي هذا أننا رأينا في هذا المعهد ما لا تجده في بطون الكتب من الأُخوة الصادقة والتواضع والرابطة الوثيقة بين مشايخنا الذين كانوا يدرسوننا وهذا يتجلى جليّاً واضحاً في القصص والمواقف الآتية إن شاء الله.
منها أننا كنا في حصة في مادة العقيدة للشيخ موسى سالم فدخل علينا الشيخ موسى طيب فتعجبنا من دخوله علينا؛ لأنه ليس عنده حصص في ذلك اليوم، فقام الشيخ موسى سالم إلى أخيه فتعانقا طويلاً وأخبر الشيخ موسى طيب أنه ذاهب في سفرٍ فودعه الشيخ موسى سالم وأوصاه وذكره
وكنا في تلك اللحظة ننظر نحن الطلبة بعضنا إلى بعض مسرورين فرحين بما نرى وأصبحنا نحدث به بعضنا زمناً.
ثم أقبل علينا الشيخ موسى طيب وودعنا وأخبرنا أنه جاء مُسلِّما ومودعاً فقط.
ومنها أني دخلت الإدارة ودخل معي الشيخ موسى سالم فوجد الشيخ موسى طيب جالساً يكتب فأقبل عليه الشيخ موسى سالم وقبل رأسه وقال مرحباً بشيخنا فقال الشيخ موسى طيب بل أنت والله شيخنا وقام وأصرّ على تقبيل رأس الشيخ موسى سالم ولم يكن في ذلك الوقت حاضر إلا أنا، فذهبت مسرعاً مسروراً وأخبرت الطلبة فسُّروا وفرحوا والقصص كثيرة جداً من هذا النوع فما أجمل أن تعيش ثلاث سنين في رحاب هذا الجو المليء بالأخوة والرحمة والتواضع ونشهد الله أننا درسنا في المعهد فما وجدنا إلا الرحمة والمودة والإهتمام بطلبة المعهد من المشايخ فكانوا حريصين حتى على شؤننا العائلية، حفظهم الله ورعاهم وأثابهم المثوبة الحسنة.
وأيضاً قصة توضح صبر المشايخ على الطلبة كنت في الإدارة مع الشيخ مسعود بن إبراهيم الشلماني فدخل شاب من السنة الأولى، وكنت أنا في السنة الثالثة فتكلم مع الشيخ بأسلوب لايليق أن يتكلم به وهو يريد الخروج والذهاب إلى البيت، والشيخ يُصبِّره ويتكلم معه بصوت منخفض، فظهرت علامات الغضب والتعجب على وجهي!، فلما خرج الطالب قال لي الشيخ مبتسماً على ماذا تتعجب لقد كنت مثله في السنة الأولى فسكت غضبي وحمدت الله على هذه النعمة وعلى هذه التربية.
فهولاء مشايخنا
أُولئك آبائي فجئني بمثلهم ...إذا جمّعتنا يا جرير المجامع...
فوالله كان لرابطة هؤلاء المشائخ أعضاء هيئة التدريس والإداريين الأثر البالغ في نفوسنا وفي سلوكنا التربوي والمنهجي.
والعجب كل العجب أن بعض من درس معنا وعرف قدر المشايخ وفضلهم وعلمهم، تنكب وتنكر لهذا الخير وهذا المعروف فما أن أحسّ أنه بلغ شيئاً من العلم وهو قليل، قام يزدريهم وينقص من قدرهم ويسفه أحلامهم وهذا والله تزبب ولازال حُصرماً، وطار ولمّا يريش!، هدانا الله وإياهم.
فنصيحتي لإخواني الطلاب الذين مازالوا يعيشون هذه المرحلة ويتقلبون في نعيمها أن يستغلوها وأن يشكروا الله عليها فإنها من النعم العظيمة، وأن يحترموا هؤلاء المشايخ الكرام فهم أصحاب فضل علينا.
فهذه صورة عشتها وعاشها غيري في هذا المعهد التخصصي نسأل الله أن يديم المودة والتآلف بين مشايخنا والحمد لله رب العالمين
كتبه:
طالب في المعهد التخصصي
والله تعالى من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.