ابراهيم المدهون
تمر الضفة الغربية اليوم بمنعطف خطير في ظل سياسة الضم ، وهي واحدة من أخطر السياسات التي تواجهها منذ بداية الاحتلال. الأخطر من ذلك أن هذه السياسة تحظى بدعم واضح من الولايات المتحدة، التي لم تتوانَ يومًا عن مساندة الاحتلال. ويبدو أن إدارة ترامب السابقة قد أرست الأسس لهذه الخطوات، التي تهدف إلى تسريع وتيرة السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، مما يضعنا أمام مشهد جديد من تكريس الاحتلال والهيمنة.
ما يجري في جنين اليوم لا يخدم إلا الاحتلال ومخططاته، بل يمنحه غطاءً لتصعيد عدوانه وتكثيف هجماته ضد كل مكونات الشعب الفلسطيني. في هذا السياق، فإن انخراط السلطة الفلسطينية في حملات تستهدف فصائل المقاومة التي رفعت السلاح دفاعًا عن شعبها وأرضها يشكل خطأ استراتيجيًا فادحًا. لا سيما أن هذه الحملات تأتي في وقت يواجه فيه أبناء شعبنا في غزة أبشع الجرائم وأشد أنواع الإبادة.
الأولوية اليوم ليست لإشعال مواجهات داخلية، ولا لخلق صراعات تزيد من الانقسام وتضعف الصف الوطني. الأولوية يجب أن تكون لتوحيد الجهود ورص الصفوف في مواجهة الاحتلال، الذي يستفيد من كل خلاف داخلي لإضعافنا وفرض مزيد من الوقائع على الأرض.
إن استمرار هذه السياسات من شأنه أن يخلق حالة من الفوضى والانفلات، ويضعف الموقف الفلسطيني أمام العالم، بل ويشوه نضالنا المشروع من أجل الحرية والاستقلال.
ندعو الأخوة في السلطة الفلسطينية إلى مراجعة عاجلة لهذه التوجهات، والعمل على تهدئة الأوضاع في جنين، واحتواء الأزمة بروح المسؤولية الوطنية. إن الشعب الفلسطيني يمر بمرحلة دقيقة وحساسة تتطلب الحكمة والعقلانية، وليس الانجرار إلى خطوات تزيد من الانقسام وتضعف الجبهة الداخلية.
إن الوحدة الوطنية ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية لمواجهة التحديات التي تهدد قضيتنا ومستقبلنا. وختامًا، لا بد من التأكيد أن التاريخ لن يرحم من يقف على الجانب الخطأ من المعركة الوطنية، ولن يغفر لمن يفرط في دماء أبناء شعبه، أو يضعف مناعة الجسد الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الغاشم.