يُخيل إليّ أن أحد أعظم أزمنة انكسار القلب إلى الله عز وجل والافتقار وتمام الحاجة إليه؛ هي تلك الأزمنة التي يتهيأ القلب فيها لمواسم الطاعات الكبرى ثم لا يجد الإعانة من نفسه، بل لا يكاد يجد عملًا صالحًا يتكئ عليه .
ينظر أحدنا اليوم في قلبه وقد أقبل عليه شهر شعبان فلا يلتمس من قلبه إلا قسوة وإقبالًا على الدنيا وزهدًا في الآخرة وجفاءً للاستقامة؛ فتحيط به الهموم والكربات؛ إذ كيف يقبل على رمضان بهذا القلب المنهك المشتت في أودية الدنيا والهوى.
يتذكر أحدنا رمضانات مضت كابد فيها قسوة قلبه الليالي ذوات العدد والقرآن يُتلى عليه فلا يجد من قلبه إلا القسوة.
لعل هاته إحدى حالات اليقين أن المرء ساعتئذ قد انقطعت به أسباب الرجاء إلا بالله وحده؛ فلا يعول على شيء يستقبل به قابل أيامه إلا رحمة الله؛ فيرجوه وهو المذنب ويستمده وهو الفقير ويدعوه وهو المكروب.
نعم والله وأي كربة أعظم من بلوغ شعبان بهذا القلب المحزون الغارق في غيابات الدنيا والمعاصي.
فاللهم هب لنا قلوبًا نتعبدك بها نحسن بها استقبال رمضان.
أحمد سيف.