"يَا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْكِ فَلَا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطَانِهِ، وَ تَفَرَّدَ بِالْآلَاءِ وَ الْكِبْرِيَاءِ فَلَا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.يَا مَنْ حَارَتْ فِي كِبْرِيَاءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ الْأَوْهَامِ، وَ انْحَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ الْأَنَامِ. يَا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ لِعَظَمَتِهِ، وَ وَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ، أَسْأَلُكَ بِهَذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَكَ، وَ بِمَا وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ لِدَاعِيك مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ بِمَا ضَمِنْتَ الْإِجَابَةَ فِيهِ عَلَى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ، يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَ أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَ أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ."
1. "يا من توحد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه"
توحد بالملك: أي انفرد بالسيادة والملك، فلا يشاركه أحد في ملكه.
فلا ند له: أي لا يوجد له نظير أو شريك في ملكه.
ملكوت سلطانه: يشير إلى ملك الله العظيم وسلطانه المطلق الذي يشمل كل شيء.
2. "وتفرد بالآلاء والكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه"
تفرد بالآلاء: أي انفرد بالنعم والهبات التي يمنحها لعباده.
الكبرياء: العظمة المطلقة التي تخص الله وحده.
فلا ضد له: أي لا يوجد من يعارضه أو يقاومه في عظمته وكبريائه.
جبروت شأنه: يشير إلى قوته وهيمنته المطلقة على كل شيء.
3. "يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام"
حارت: أي عجزت عن الإحاطة أو الفهم.
كبرياء هيبته: تشير إلى عظمة الله التي تملأ القلوب بالهيبة والخشوع.
دقائق لطائف الأوهام:
"دقائق": جمع دقيقة، وهي الشيء الدقيق والصغير جدًا ، في هذا السياق، تشير إلى أدق وأخفى الأمور أو المعاني التي يصعب إدراكها بسهولة.
"لطائف": جمع لطيفة، وهي الشيء اللطيف الذي يكون رقيقًا وخفيًا، ويمكن أن تشير إلى الأفكار العميقة والرقيقة التي لا يدركها إلا من تأمل جيدًا.في هذا السياق، تعني الأمور الخفية التي تراود العقل أو القلب، وتكون خفيفة ودقيقة في طبيعتها.
"الأوهام": جمع وهم، وهو ما يخطر في الذهن دون أن يكون له بالضرورة واقع أو حقيقة واضحة.
الأوهام هنا لا تعني الأوهام الباطلة دائمًا، بل تشمل التصورات والخواطر العقلية التي يحاول الإنسان بها إدراك عظمة الله أو فهم ذاته وصفاته.
"دقائق لطائف الأوهام" تعني أدق وأخفى التصورات والخواطر التي قد تخطر في عقل الإنسان أو قلبه حين يحاول إدراك عظمة الله وهيبته. ومع ذلك، فإن هذه التصورات، مهما بلغت من الدقة واللطف، تعجز عن الإحاطة بحقيقة الله أو الوصول إلى كمال معرفته، لأن الله تعالى أعظم من أن تدركه عقول البشر أو تصوراتهم مهما كانت دقيقة أو عميقة.
4. "وانحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام"
انحسرت: توقفت أو عجزت عن التقدم.
خطائف: جمع خاطفة، وهي ما يمر سريعًا دون ثبات أو استقرار، وتستخدم هنا للإشارة إلى النظرات السريعة أو اللحظات العابرة التي يحاول فيها الإنسان إدراك شيء ما بعينه.
أبصار الأنام: أبصار الناس، والمقصود بها الرؤية أو الإدراك الحسي والعقلي.
اي ان النظرات السريعة للأبصار، مهما بلغت سرعتها أو دقتها، تعجز عن الإحاطة بعظمة الله أو إدراك كماله.
5. "يا من عنت الوجوه لهيبته"
عنت: خضعت وذلّت.
الوجوه: كناية عن الأشخاص أو الخلق عامة.
لِهيبته: أي لعظمته التي تملأ القلوب بالخوف والخشوع.
6. "وخضعت الرقاب لعظمته"
خضعت الرقاب: أي ذلّت وانقادت بالكامل، والرقاب كناية عن الخضوع التام لله.
لعظمته: بسبب جلاله وكمال عظمته.
7. "ووجلت القلوب من خيفته"
وجلت: خافت وامتلأت رهبة.
من خيفته: من خوف الله ورهبته.
8. "أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك"
المدحة: الثناء والمدح.
التي لا تنبغي إلا لك: أي هذا النوع من الثناء والمدح لا يليق إلا بالله، لأنه هو المستحق له وحده.
9. "وبما وأيت به على نفسك لداعيك من المؤمنين"
وَأيت: من "الوفاء"، أي التزمت وتعهدت.
لداعيك من المؤمنين: أي استجابتك التي وعدت بها من يدعوك من المؤمنين.
10. "وبما ضمنت الإجابة فيه على نفسك للداعين"
ضمنت الإجابة: أي وعدت بالإجابة لكل من يدعوك بإخلاص.
11. "يا أسمع السامعين، وأبصر الناظرين، وأسرع الحاسبين"
أسمع السامعين: أي لا يغيب عنك دعاء من يدعوك، فأنت الأعلم والأدرى بكل ما يُقال.
أبصر الناظرين: أي لا يخفى عليك شيء، فأنت الأعلم بكل ما يحدث في الكون.
أسرع الحاسبين: أي أسرع من يحاسب الخلق يوم القيامة، فلا تحتاج إلى زمن طويل لحسابهم.