قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي @d_alghamdi Channel on Telegram

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

@d_alghamdi


قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي (Arabic)

تعتبر قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي أحد أهم المصادر للمعرفة والتعلم للمسلمين في جميع أنحاء العالم. يقدم الشيخ الدكتور علي بن سعد الغامدي المكي محتوى ديني وتعليمي عالي الجودة عبر هذه القناة على تطبيق تلغرام. يمكن للمشتركين في القناة الاستماع إلى خطب ودروس ومحاضرات تفيدهم في تعزيز فهمهم للإسلام وتطوير حياتهم الدينية. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم طرح الأسئلة والاستفسارات والحصول على إجابات مباشرة من الشيخ الدكتور علي بن سعد الغامدي المكي. إذا كنت تبحث عن مصدر موثوق للمعرفة الدينية والاستفادة من دروس وتوجيهات دينية قيمة، فإن قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي على تلغرام هي الخيار الأمثل لك.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

21 Nov, 13:45


آمل من القراء الكرام تَذَكُّر هذا، ونشره.

وسبب تذكيري به: أن أحد الفضلاء راسلني اليوم مستشكلًا بيتًا قد غيرته في هذه النشرة.
فإذا به قد اعتمد على نشرة منسوخة.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

19 Nov, 04:09


◻️ منزلةُ تدبُّرِ القرآن ، في إصلاحِ قلبِ الإنسان ◻️

بسم الله الرحمن الرحيم

قال ابن القَيِّم (ت: ٧٥١) رحمه الله، في (مفتاح دار السعادة: ١/ ٥٣٥- ٥٣٦):
"فتبارك الذي جعل كلامَه حياةً للقلوب، وشفاءً لما في الصدور.

وبالجملة؛ فلا شيء أنفعُ للقلب من قراءة القرآن بالتدبُّر والتفكُّر.
فإنه جامعٌ لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين.
وهو الذي يورثُ المحبةَ والشوقَ والخوفَ والرجاءَ والإنابةَ والتوكُّل والرضا والتفويضَ والشكرَ والصبرَ، وسائرَ الأحوال التي بها حياةُ القلب وكمالُه.
وكذلك يزجرُ عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فسادُ القلب وهلاكُه.

فلو عَلِمَ الناسُ ما في قراءة القرآن بالتدبُّر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها.

فإذا قرأه بتفكُّرٍ حتى مرَّ بآيةٍ هو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه كرَّرها ولو مئة مرَّة، ولو ليلة.

فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خيرٌ من قراءة ختمةٍ بغير تدبُّرٍ وتفهُّم، وأنفعُ للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان، وذَوْقِ حلاوة القرآن.

وهذه كانت عادة السَّلف، يردِّدُ أحدُهم الآيةَ إلى الصباح.
وقد ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قام بآيةٍ يردِّدُها حتى الصباح، وهي قولُه: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

فقراءةُ القرآن بالتفكُّر هي أصلُ صلاح القلب.

ولهذا قال ابن مسعود: «لا تَهُذُّوا القرآنَ هَذَّ الشِّعْر، ولا تنثروه نَثْرَ الدَّقَل، وقِفُوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب».
وقال ابن مسعود أيضًا: «اقرؤوا القرآن، وحرِّكوا به القلوب، لا يكن همُّ أحدكم آخرَ السورة».
وروى أيوب، عن أبي جَمْرَة، قال: قلت لابن عباس: إني سريعُ القراءة، إني أقرأ القرآنَ في ثلاث.
قال: «لَأَنْ أقرأ سورةً من القرآن في ليلةٍ فأتدبَّرها وأرتِّلها أحبُّ إليَّ من أن أقرأ القرآنَ كما تقرأ»".
انتهى كلامه رحمه الله.

قلت: وتقديمُ القراءةِ القليلةِ المُتَدَبَّرَةِ على الكثيرةِ غيرِ المُتَدَبَّرَةِ إنما يكون عند التَّزَاحُم.
ولكنِ الجدير بالمؤمن المجاهِدِ في الله أن يجمع بين كثرة القراءة والتدبر ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
فبقدر نقص أحدهما ينقص صلاح قلبه.
كالماء الكثير الجيد لحياة الأرض.
فنقص حياتها بقدر نقص كثرة الماء أو جَوْدَته.
وكثرة القراءة بمنزلة كثرة الماء، والتدبر بمنزلة جَوْدَة الماء.

ولهذا كان أكثر السلف يختمون القرآن كل أسبوع، وهم أحرص الناس على تدبره.
فبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ.

والحمد لله الذي إليه المُنْتَهى.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
صباح يوم الاثنين: ١٦/ من جُمَادى الأُولَى/ من عام: ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

18 Nov, 17:50


لِأَجْلِ ما في الهَمْزِ من تَعْسِيرِ
قد أَوْسَعُوهُ العُرْبُ بالتَّغْيِيرِ


فأَسْقَطُوهُ تارَةً، وسَهَّلُوا
ونَقَلُوهُ تارَةً، وأَبْدَلُوا



وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
عصر الِاثنين: ١٦/ من جُمَادى الأُولَى/ من عام: ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

12 Nov, 12:32


◻️ كُنِ ابْنَ يَوْمِكَ◻️

أَسِيرُ الأَمْسِ والغَدِ في تَبَابِ
فكُنْ ذا اليومِ تُحْمَدْ في
المَآبِ

تَبَابِ: أيْ: خُسْرَان وهَلَاك.
ذا اليومِ: أيْ: صاحبَ اليومِ.

ومعنى البيت: إن أسير أحزان الأمس ومَخَاوف الغد لَفِي خسران.
فإن الماضي قد فات، والمستقبلَ غيب، لا تدري ما الله فاعل بك فيه، فأحسِنِ الظن بالله تَجِدْه كما ظننتَ.
ولكن كُنْ صاحبَ يومك تُحْمَدْ في عاقبتك.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
ظهر الثُّلاثاء: ١٠/ من جُمَادى الأُولَى/ من عام: ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

09 Nov, 18:27


رَصُّ المبنى والمعنى ، في موضع إشمام (تأمنا)

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

07 Nov, 14:27


◻️ فَكُّ قَيْدِ المَحْبُوسِ ، بخبرٍ من تزكيةِ القرآنِ النُّفُوسَ ◻️

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله منزل الكتاب؛ هدى وذكرى لأُولِي الألباب.
والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

أما بعد: فقد زرت البارحةَ أحد شيوخي، حفظه الله.

فكان مما أفادني به: أنه بعد أن وفَّقه الله إلى خَتْم القرآن كل أسبوع تيسرت له العبادات.

ولم تكن كذلك من قبل.

فبين ما هو عليه الآن وما كان عليه من قبلُ فَرْق عظيم.

فصار الآن يقرأ سُبْعَ القرآن، في قيامه الليلَ!
ويصوم يومًا ويفطر يومًا!
وهكذا.

قلت: وما زالت أخبار تزكية النفوس العَصِيَّة بالقرآن المبين؛ تَرِد إليَّ الحِينَ بعد الحِين.

وما زَكَّى المرء نَفْسَه بأعظمَ من القرآن الكريم.
واقْرَؤُوا إن شئتم قولَ اللهِ تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).

فاعتبروا يا أُولِي النُّهَى.

والحمد لله الذي إليه المُنْتَهى.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
ظهر الأَرْبِعاء: ٤/ من جُمَادى الأُولَى/ من عام: ١٤٤٦.
بخَمِيسِ مُشَيْطٍ.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

28 Oct, 10:34


◻️ التجارة الرابحة ، في لزوم العلم والعمل من سورة الفاتحة ◻️

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فقد علَّم الله عباده في سورة الفاتحة سؤالَه الصراطَ المستقيم، صراطَ المُنْعَم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ثم وصف المُنعَم عليهم بأنهم غيرُ المغضوب عليهم، وغيرُ الضالين.
والمغضوب عليهم: هم الذين يعلمون ولا يعملون، فغضب الله عليهم، وعلى رأسهم اليهود.
والضالون: هم الذين يعملون بلا علم، فضلوا، وعلى رأسهم النصارى.

فعَلِمْنا من هذا: أن حقيقة الصراط المستقيم، صراطِ المُنْعَمِ عليهم النعمةُ المطلقةُ هي العلم النافع والعمل الصالح معًا.

فيا من تسأل الله كل يوم وليلة سبع عشرة مرة على الأقل في صلاتك أن يهديك العلم النافع والعمل الصالح سَلْهُ أن يهديك إياهما بصدق.
ومن شرط الصدق السعي في تحصيلهما.
فمن سعى إليهما بصدق بلَّغه الله منازل العلماء العاملين وإن مات دون ذلك.
ويدل على ذلك أدلة.
منها قول الله تعالى: (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ).
فاشترط السعي في قوله: (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ).
واشترط الصدق في قوله: (مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ).
ورتَّب عليهما بلوغ درجة المهاجرين لمن مات ولم تتم هجرته.
ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن طَلَبَ الشَّهادَةَ صادِقًا أُعْطِيَها؛ ولو لَمْ تُصِبْهُ"، أخرجه مسلم.

فيا لَها من بشرى تُنْهِضُ الفاتِر، وتُثَبِّت السائِر.

فاللهم اهدنا الصراط المستقيم.

والحمد لله الذي إليه المُنْتَهى.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
ليلة الاثنين: ٢٥/ من ربيع الآخِر/ ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

25 Oct, 15:27


◻️ إِنْهَاضُ هِمَّةِ الْإِخْوَانِ ، بِخَبَرٍ مِنْ مُوَاظَبَةِ السَّلَفِ عَلَى وِرْدِهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ◻️

بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

"كانَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ (ت: ٩٤) يَقرأُ رُبْعَ القرآنِ كلَّ يومٍ في المُصْحَفِ نَظَرًا.
ويقومُ بهِ الليلَ.
فما تركَهُ إلَّا ليلةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ".

أخرجَه الفَسَوِيُّ (ت: ٢٧٧) في المعرفةِ والتاريخِ: ١/ ٥٥٢، وابنُ أبي خَيْثَمَةَ (ت: ٢٧٩) في التاريخِ الكبيرِ: ٢/ ١٦٢.

فاعْتَبِرُوا يا أُولِي القرآنِ بمِقْدَارِ وِرْدِهِ، ومُوَاظَبَتِهِ عليهِ، وطُولِ قِيَامِهِ.

فَاسْأَلُوا اللهَ من فضلِهِ، فما التَّوْفِيقُ إلَّا بِهِ.
ومَنْ طَلَبَ الرَّاحَةَ؛ تَرَكَ الرَّاحَةَ.

والحمدُ للهِ الَّذِي إليهِ المُنْتَهَى.


وكَتَبَ: عليُّ بنُ سَعْدٍ الغامِدِيُّ المَكِّيُّ.
ضُحَى الجُمُعَةِ: ٢٢/ من رَبِيعٍ الآخِرِ/ ١٤٤٦.
بمَكَّةَ أُمِّ القُرَى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

22 Oct, 10:31


▪️ هِدَايَةُ الحَيْرَان
بِكَلَامِ الرَّحْمَن▪️

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيم

يقولُ خَلِيلِي: إنَّ نفسي تَوَلَّتِ
عنِ الصالحاتِ العالياتِ وضَلَّتِ

أُغالِبُها حِينًا، وحِينًا تَقُودُني
فهل من شِفَاءٍ يا خَلِيلِي لِعِلَّتِي؟

فقلتُ لَهُ: إنَّ الشِّفَاءَ مُيَسَّرٌ
وفيهِ رَوَاءُ القلبِ من كلِّ غُلَّةِ

عليكَ بما قدْ قالَ عنهُ إلهُنا:
شِفَاءٌ لِمَا في الصَّدْرِ من كلِّ عِلَّةِ

فكيفَ يكونُ النُّورُ في كَفِّ سائرٍ
ويَهْلِكُ بعدَ التِّيهِ مِنْ أَجْلِ ظُلْمَةِ؟!

الرَّوَاء: الماءُ العَذْبُ، والكثيرُ المَرْوِيّ.
والغُلَّة: شِدَّةُ العَطَشِ وحَرَارَتُه.
والتِّيه: تاهَ في الأرض: أَيْ: ذهب مُتَحَيِّرًا، وضَلّ.


وكَتَبَ: عليُّ بنُ سَعْدٍ الغامِدِيُّ المَكِّيّ.
عَصْرَ الِاثنينِ: ١٨/ من رَبِيعٍ الآخِر/ ١٤٤٦.
بمَكَّةَ أُمِّ القُرَى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

15 Oct, 15:39


نظم: ‏فقه البلاء.

حداء الشيخ الفاضل: ناصر العنزي، جزاه الله خيرًا.
https://youtu.be/jGiGxx0ohH0?si=Mo7JkD10XN5Yz-gG

وهذا النظم والتعليق عليه:
https://t.me/D_alghamdi/478

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

14 Oct, 10:32


◻️ التَّوْصِيَة ؛ بالتَّزْكِيَة◻️

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يُزَكِّي من يشاء، والصلاة والسلام على إمام الأَزْكِياء، وعلى آله وصحبه أُولِي الزَّكَاء.

أما بعد: فقد يَأْنَف بعض أُولِي العلم من الكلام في أبواب تزكية النفوس، والتأليف فيها، ويرون أن هذا من عمل الوُعَّاظ والقُصَّاص!

على أن التزكية من مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ).
وتزكية نفوس المَبْعُوث إليهم تكون بتعليمهم التزكيةَ، ودعوتِهم إليها.

وهو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الله، وسُنَّته.

وسار السلف الصالح على ذلك.
فتعليمهم التزكيةَ ودعوتُهم إليها أكثر من أن تُحصَر.
وقد ضَمَّنُوها مصنفاتهم.
وما الكتب الستة عنا ببعيد، فأبواب التزكية كثيرة فيها.

بل بعض أئمة السلف خَصَّ أبوابًا من التزكية بالتصنيف.
كمن صنف في الزهد، كابن المُبَارَك (ت: ١٨١)، والمُعَافَى بن عمران (ت: ١٨٥)، ووَكِيع بن الجَرَّاح (ت: ١٩٧)، وأَسَد بن موسى (ت: ٢١٢)، وأحمد بن حَنْبَل (ت: ٢٤١)، وهَنَّاد بن السَّرِيِّ (ت: ٢٤٣)، وأبي داود (ت: ٢٧٥)، وأبي حاتِم (ت: ٢٧٧).
وكلها مطبوعة.
على أنها لم تقتصر على الزهد في التزكية؛ وإن كانت عَنَاوِينها تدل على الاقتصار عليه في الجُمْلة.

فينبغي لأُولِي العلم أن يسيروا على هذا المِنْهَاج: فيَعْتَنُوا بالنظر فيما يُزَكِّي أنفسهم من الكتاب والسنة، وأقوال السلف الصالح، وسِيَرهم، وكُتُب أهل الشأن، ويعلِّموا الناس ذلك، ويدعوا إليه.

وقراءة القرآن بالتَّدَبُّر أنفع ما تَتَزَكَّى به النفوس.

ولَمَّا قَصَّر طائفة من أُولِي العلم في أسباب التزكية قَصَّروا في زكاة نفوسهم، وفي تعليمهم الناسَ التزكيةَ، ودعوتِهم إليها.

قال ابن الجَوْزيِّ (ت: ٥٩٧) في (صَيْد الخاطِر: ص: ٢٩١):
"رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يَكاد يكفي في صلاح القلب؛ إلا أن يُمزَج بالرَّقائق، والنظر في سِيَر السلف الصالحين.

فأما مُجَرَّد العلم بالحلال والحرام، فليس له كثير عمل في رِقَّة القلب.
وإنما يَرِقُّ القلب بذكر رَقَائق الأحاديث في أخبار السلف الصالحين.
لأنهم تناولوا مقصود النقل، وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذَوْق معانيها والمراد بها.

وما أخبرتُك بهذا إلا بعد مُعَالَجَة وذَوْق ...

وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سَمْتِه وهَدْيِه، لا لاقتباس علمه.
وذلك أن ثمرة علمه هَدْيُه وسَمْتُه.

فافهم هذا وامزُج طلب الفقه والحديث بمُطَالَعَة سِيَر السلف والزُّهَّاد في الدنيا ليكون سببًا لرِقَّة قلبك".

والحمد لله الذي إليه المُنْتَهى.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
ليلة الاثنين: ١١/ من ربيع الآخِر/ ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

12 Oct, 19:59


فقه البلاء

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

12 Oct, 19:58


ولذلِكَ قِيلَ: يَجِبُ للعاقِلِ أَنْ يَلْتَزِمَ حِينَ مُصَابِهِ ما لَابُدَّ للأَحْمَقِ مِنْهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ».
(١٠) والرِّضَا بالِابْتِلَاءِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الصَّحِيحِ.
والشُّكْرُ للهِ عَلَى البَلَاءِ أَحَبُّ مِنَ الرِّضَا بِهِ، وهُوَ أَعْلَى المَرَاتِبِ، ولا يُطِيقُهُ إِلَّا الصِّدِّيقُونَ.
قالَ ابنُ القَيِّمِ (ت: ٧٥١) في (الفَوَائِدِ)، عَنِ المَصَائِبِ: «ثُمَّ الشُّكْرُ عَلَيْهَا.
وهُوَ أَعْلَى مِنَ الرِّضَا.
وهَذَا إِنَّما يَتَأَتَّى مِنْهُ إِذا تَمَكَّنَ حُبُّهُ مِنْ قَلْبِهِ، وعَلِمَ حُسْنَ اخْتِيَارِهِ لَهُ، وبِرَّهُ بِهِ، ولُطْفَهُ بِهِ، وإِحْسَانَهُ إِلَيْهِ بالمُصِيبَةِ وإِنْ كَرِهَ المُصِيبَةَ».
(١١) رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا»، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وقالَ أَبُو الفَتْحِ البُسْتِيُّ (ت: ٤٠١):
وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ الدِّينَ يَجْبُرُهُ
وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ
(١٢) فالِابْتِلَاءُ نِعْمَةٌ لفَضَائِلِهِ الَّتِي سَلَفَ ذِكْرُ بَعْضِهَا.
قالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ (ت: ١٦١): «كَانَ يُقَالُ: لَيْسَ بِفَقِيهٍ مَنْ لَمْ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً، وَالرَّخَاءَ مُصِيبَةً»، أَخْرَجَهُ ابنُ المُبَارَكِ في الزُّهْدِ والرَّقَائِقِ.
وقالَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ (ت: ١٨٧): «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً، وَالرَّخَاءَ مُصِيبَةً»، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.
وقالَ ذُو النُّونِ المِصْرِيُّ (ت: ٢٤٥): «مَنْ لَمْ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً فَلَيْسَ مِنَ الحُكَمَاءِ»، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.
وعَدُّ البَلَاءِ نِعْمَةً في مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَقَدِّمِ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ».
ولا يَخْفَى أَنَّ النِّعْمَةَ والخَيْرَ اللَّذَيْنِ في البَلَاءِ لا يُدْرِكُهُمَا إِلَّا مَنْ صَبَرَ.
(١٣) وهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الغَالِبِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، والنُّصُوصُ في هَذَا كَثِيرَةٌ.
(١٤) الدَّاهِيَة: المُصِيبَة.
والمَعْنَى: أَنَّ فَضَائِلَ الِابْتِلَاءِ كَمَا أَنَّها لا تُسَوِّغُ الدُّعَاءَ بوُقُوعِ البَلَاءِ فكَذَلِكَ لا تُسَوِّغُ تَرْكَ الدُّعَاءِ بكَشْفِ البَلَاءِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، بَلِ ادْعُ اللهَ بِكَشْفِهِ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ تُؤْتَوْا شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ"، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

12 Oct, 19:58


◻️ فِقْهُ الْبَلَاءِ ◻️

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حَمْدًا لِرَبِّي الطَّيِّبِ
            مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِي

وَبَعْدُ: فَاسْمَعْ جُمَلَا
             تُهِمُّ مِنْ فِقْهِ الْبَلَا

إِنَّ الْبَلَاءَ وَاقِعُ
           وَذَاكَ أَمْرٌ قَاطِعُ(١)


يَكُونُ بِالضَّرَّاءِ
              كَذَاكَ بِالسَّرَّاءِ(٢)

قَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِي
             قَوْلُ خَلِيلِ الْبَارِي:

"مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ
خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" الْبَهِي(٣)

وَلِلْبَلَا لِمَنْ صَبَرْ
        فَضَائِلٌ تَعْلُو الْقَمَرْ(٤)

مُكَفِّرٌ، وَرَافِعُ
            وَلِلتَّعَالِي وَاضِعُ(٥)


وَمُوقِظُ الْقُلُوبِ
          مِنْ غَفْلَةِ الذُّنُوبِ(٦)

مُذَكِّرٌ بِالنِّعَمِ
        وَالْمُبْتَلَى ذِي الْأَلَمِ(٧)

لَا تَسْأَلِ اللهَ الْبَلَا
         وَاصْبِرْ إِذَا مَا نَزَلَا(٨)


وَالصَّبْرُ عِنْدَ أَوَّلِ
          صَدْمَةٍ اصْبِرْ تَنَلِ(٩)


وَارْضَ فَهَذَا مُسْتَحَبّْ
         وَالشُّكْرُ للهِ أَحَبّْ(١٠)

إنْ سَلِمَ الدِّينُ فَلَا
          يَضُرُّ بَعْدُ الِابْتِلَا(١١)

بَلْ عُدَّهُ مِنَ النِّعَمْ
      وَارْقَ بِهِ إِلَى الْقِمَمْ(١٢)


وَتُبْ إِلَى الرَّحِيمِ
             وَارْجِعْ إِلَى الْكَرِيمِ


فَإِنَّهُ مَا مِنْ بَلَا
           إِلَّا بِذَنْبٍ حَصَلَا(١٣)


وَادْعُ بِكَشْفِ الدَّاهِيَهْ
      فَلَيْسَ مِثْلُ الْعَافِيَهْ(١٤)


ثُمَّ خِتَامُ نَظْمِي
          بِالْحَمْدِ مِسْكِ الْخَتْمِ



وَكَتَبَ: عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ الْغَامِدِيُّ الْمَكِّيُّ.
ظُهْرَ الْأَرْبِعَاءِ: ٦/ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ/ ١٤٤٦.
بِمَكَّةَ أُمِّ الْقُرَى.

➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️➖️

(١) وقَلِيلٌ مَنْ يَفْقَهُ هَذِهِ الحَقِيقَةَ القاطِعَةَ، الَّتِي قَطَعَتْ بها نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ، وشَهِدَ بها الحِسُّ.
ومَنْ فَقِهَها حَقَّ الفِقْهِ أَعْقَبَتْهُ الصَّبْرَ، وأَوْرَثَتْهُ السُّلْوَانَ.
(٢) وقَلَّ مَنْ يَفْقَهُ أَنَّ البَلَاءَ يَكُونُ بالسَّرَّاءِ كَمَا يَكُونُ بالضَّرَّاءِ؛ كَمَا قالَ تَعَالَى: (وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، وقالَ سُبْحَانَهُ: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)، والنُّصُوصُ في هذا كَثِيرَةٌ.
بَلِ الِابْتِلَاءُ بالسَّرَّاءِ أَجَلُّ، والصَّابِرُونَ عَلَيْهِ أَقَلُّ.
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ (ت: ٣٢) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ»، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
والصَّبْرُ عَلَى السَّرَّاءِ يَكُونُ بشُكْرِهَا.
(٣) البَهِيّ: الحَسَن، وهُوَ وَصْفٌ لقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَذْكُورِ.
وقَدْ خُفِّفَتْ ياؤُهُ في النَّظْمِ مُرَاعاةً لِتَمَامِ الوَزْنِ.
(٤) «لِمَنْ صَبَرْ»: قَيْدٌ في نَيْلِ هَذِهِ الفَضَائِلِ.
فمَنْ لَمْ يَصْبِرْ فَقَدْ فاتَتْهُ هَذِهِ الفَضَائِلُ.
فَلَا هُوَ بالَّذِي سَلِمَ مِنَ النَّوَازِلِ، ولَا هُوَ بالَّذِي أَدْرَكَ الفَضَائِلَ.
وما أَدْرَكَ إِلَّا الخُسْرَانَ المُبِينَ، والخِزْيَ المُهِينَ.
(٥) «مُكَفِّرٌ»: أَيْ: للخَطَايَا.
«وَرَافِعٌ»: أَيْ: للدَّرَجَاتِ.
«وَاضِعُ»: الوَاضِعُ ضِدُّ الرَّافِعِ، أَيْ: جَعَلَ البَلَاءُ التَّعَالِيَ وَضِيعًا.
(٦) قالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ (ت: ٧٢٨) -كَمَا في جَامِعِ المَسَائِلِ-: «مُصِيبَةٌ تُقْبِلُ بِكَ عَلَى اللهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُنْسِيكَ ذِكْرَ اللهِ».
(٧) «وَالْمُبْتَلَى ...»: أَيْ: وَمُذَكِّرٌ البَلَاءُ بالمُبْتَلَيْنَ.
(٨) قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
والصَّبْرُ عَلَى البَلَاءِ وَاجِبٌ.
(٩) قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ»، أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ.
قالَ القاضِي عِيَاضٌ (ت: ٥٤٤) في (إِكْمَالِ المُعْلِمِ): «يَعْنِى الصَّبْرَ الَّذِى يَشُقُّ ويَعْظُمُ تَحَمُّلُهُ ومُجَاهَدَةُ النَّفْسِ عَلَيْهِ، ويَقِلُّ صابِرُهُ، ويُؤْجَرُ عَلَيْهِ الأَجْرَ الجَزِيلَ؛ عِنْدَ وُقُوعِ المُصِيبَةِ وهُجُومِها.
وأَمَّا بَعْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وبَرْدِ المُصِيبَةِ وابْتِدَاءِ التَّسَلِّي فكُلُّ أَحَدٍ يَصْبِرُ حِينَئِذٍ، ويَقِلُّ جَزَعُهُ.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

07 Oct, 19:56


وِرْدُ الظَّمْآن، مِنْ كَلَامِ الرَّحْمَن

الوِرْدُ للقلبِ مِثْلُ الماءِ للشجرِ
إنْ طابَ طابَ الذي يُؤْتِيهِ مِنْ ثَمَرِ

فكُنْ ضَنِينًا بوِرْدِ القلبِ، وَارْقَ بِهِ
حَتَّى تُجَاوِزَ حَدَّ الشَّمْسِ والقَمَرِ

شعر: علي بن سعد الغامدي المكي.
وشرح البيتين على قناته في التليجرام:
https://t.me/D_alghamdi/470

وعلى اليوتيوب حداء الشيخ: خالد الزيادي:
https://youtu.be/pR443Jrq8PU?feature=shared
مونتاج: عبدالرحمن بن عبدالله هباد الغامدي.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

07 Oct, 07:33


حداء الشيخ القارئ: خالد الزيادي، جزاه الله خيرًا.

قناة الشيخ الدكتور: علي بن سعد الغامدي المكي

24 Sep, 18:58


وبمِثْل هذه القراءة التي تكون آناءَ الليل وآناءَ النهار يُتعاهدُ القرآنُ؛ لئلا يَتفلَّتَ من حافظه.
كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّما مَثَلُ صاحِبِ القُرْآنِ كَمَثَلِ الإبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عاهَدَ عليها أمْسَكَها، وإنْ أطْلَقَها ذَهَبَتْ، وإذا قامَ صاحِبُ القُرْآنِ فَقَرَأَهُ باللَّيْلِ والنَّهارِ ذَكَرَهُ، وإذا لَمْ يَقُمْ به نَسِيَهُ"، أخرجه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْقُرْآنِ إِذَا عَاهَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ، فَإِنْ عَقَلَهَا حَفِظَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ عُقُلَهَا ذَهَبَتْ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ"، أخرجه عبد الرزاق وأحمد.

وأفضل مدة الختم سبعة أيام؛ لا سيما لحافظ القرآن.
وهو فعل الأكثرين من السلف، كما ذكر النَّوَوي (ت: ٦٧٦) في (التِّبْيان).
وقال ابن تَيْمِيَّة (ت: ٧٢٨) كما في مجموع الفتاوي: "وهذا الحديث يوافق معنى حديث عبد الله بن عمرو، في أن المسنون كان عندهم قراءته في سبع.
ولهذا جعلوه سبعة أحزاب، ولم يجعلوه ثلاثة ولا خمسة، وفيه أنهم حزبوه بالسور.
وهذا معلوم بالتواتر".
وهذه السبعة الأحزاب الواردة عن السلف الصالح جمعها بعضهم في قوله: "فَمِي بِشَوْق".
ولعل معناها: فمي بشوق إلى قراءة القرآن، أو فمي بشوق يقرأ القرآن.
فالفاء: يبدأ حِزْبها من الفاتحة.
والميم: من المائدة.
والياء: من يونس.
والباء: من بني إسرائيل، وهي من أسماء سورة الإسراء.
والشين: من الشعراء.
والواو: من والصافات، وهي من أسماء سورة الصافات.
والقاف: من قاف إلى آخر القرآن.

ولا ينبغي الختم في أقل من ثلاثة أيام إلا أن يكون من أجل فضل عارض.
قال ابن رَجَبٍ (ت: ٧٩٥) في (لَطَائف المَعَارف): "إنَّما ورد النَّهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاثٍ على المداومة على ذلك.
فأمَّا في الأوقات المُفضَّلة -كشهر رمضان، خصوصًا اللَّيالي التي يُطلَب فيها ليلة القدر-، أو في الأماكن المُفضَّلة -كمكَّة لمن دخلها من غير أهلها-؛ فيستحبُّ الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا للزَّمان والمكان.
وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمَّة، وعليه يدلُّ عمل غيرهم؛ كما سبق ذِكْره".

ولا يَغُرَّنَّك الشيطان فتترك بعض وِرْدِك من أجل إحسان التدبر، فإنما يريد انتقاص وِرْدِك.
ولكنِ اثبت على وِرْدِك، واجتهد في إحسان التدبر.
واعلم أن كثرة قراءة القرآن تُصلِح القلب ولو بعد حين.
فإذا صَلَح طلب التدبر من كل وجه.

ولا يَخْدَعَنَّك الشيطان بأن كثرة قراءة القرآن تُعِيقك عن طلب العلم على وجه الكمال.
بل يتيسر لك مع كثرة قراءة القرآن من خير الدِّين والدنيا ما لا يتيسر لك مع قِلَّتها.
فقد نَقَل ابن رَجَب في (الذيل على طبقات الحنابلة) وصيةَ العِمَادِ المَقْدِسي (ت: ٦١٤) الضِّيَاءَ المَقْدِسي (ت: ٦٤٣).
قال الضِّيَاء: "وَأَوْصَانِي وَقْتَ سَفَرِي، فَقَالَ: "أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَلَا تَتْرُكْهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ لَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ عَلَى قَدْرِ مَا تَقْرَأُ".
قَالَ: فَرَأَيْتُ ذلِكَ وَجَرَّبْتُهُ كَثِيرًا.
فَكُنْتُ إِذَا قَرَأْتُ كَثِيرًا تَيَسَّرَ لِي مِنْ سَمَاعِ الحَدِيثِ وَكِتَابَتِه الكَثِيرُ، وَإِذَا لَمْ أَقْرَأْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لِي".
وإني لَأعرف رجلًا كما تعرفون أبناءكم، مَنَّ الله عليه بالإكثار من تلاوة القرآن، فصار يختم كل أسبوع، وتيسر له مع ذلك كثير من أمور دينه ودنياه، لم يكن من أهلها من قبل، فشتان ما بين حالَيْه، وما أبعد ما بين منزلَتَيْه.

ولا يجد أحدكم حلاوة العبادة إلا بعد المُجاهدة والمُكابدة.

ومَن أَحَبَّ شيئًا طاوَلَ النُّجُومَ فطالَها، وحاولَ الصِّعابَ فنالَها.

والحمد لله الذي إليه المُنْتَهى.


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي.
ليلة الجمعة: ١٧/ من ربيع الأول/ ١٤٤٦.
بمكة أم القرى.

4,290

subscribers

35

photos

3

videos