المشكلة دي موجودة مع ملايين من ربات البيوت حاملات الشهادات الجامعية.. وبتساهم في شعورهم بالضيق تجاه واجباتهم المنزلية.. والكثير منهن حتى مع اختيارها بنفسها البقاء في المنزل بيكون عندها شعور إنها "ضحت" بهذا الاختيار.. وهي تنتظر التقدير مقابل هذه التضحية.
الحقيقة إن البنات في مجتمعنا بيتم تربيتهم وتعليمهم على أساس أن يكونوا "موظفات" وليس أمهات أو ربات بيوت.. ومعظمهم ما بيبدأش يهتم بمهارات الأمومة وإدارة المنزل إلا بعد ما يتم الزواج! .. وأهل البنت للأسف مشاركون في هذا الفشل!
تشتكي كثير من ربات البيوت بقلة تقدير الزوج لدورها.. وكثير من الرجال لا يرى وجوب ذلك لأن هذا هو دورها..فهو لا يطلب منها تقدير لما يفعله ليوفر لها وللأبناء حياة كريمة لأنه دوره وواجبه.
لكن كثير منهن لا يرى الرجل يضحي بذلك.. بل ربما هو يحقق طموحه الوظيفي مقابل تضحيتها هي بطموحها.. خاصة إذا قارنت نفسها ببعض صديقاتها الموظفات ونمط حياتهم الذي ترى أنه أفضل.
كما أن كثير من الزوجات تظن أنها تتعب أكثر من زوجها لأنها تبذل مجهود "بدني" أكثر منه.. فلو كان عمل الزوج مكتبياً.. فهي ترى أن زوجها "يجلس في التكييف" طول النهار بينما هي واقفة على رجليها في المطبخ وفي التنظيف.
تتجاهل هنا الزوجة المجهود الذهني والمسئولية في عمل الزوج.. تتجاهل أنها تعمل في بيئة آمنة غير مهددة بالرفد أو العقاب إن شاط منها الأرز أو لم تجد وقت لإعداد الطعام.. ولا تفكر فيما سيحدث لزوجها في عمله إن تخلف أو قصر في مهامه كما يحدث معها!
وإني لألقي باللوم الأكبر هنا على الأهل الذين يربون موظفات بدلاً من أمهات.
قد تنجحون في تنشئة موظفة ناجحة.. لكنها غالباً ستكون زوجة تعيسة.. سواء اختارت أن تتفرغ لبيتها أو لا.. ولا ينجو من ذلك إلا التي حفظ الله فطرتها فاستطاعت أن تقاوم التشوه الذي زرعه فيها الأهل ونمط الحياة السائد الآن.
الهوية الأساسية التي يجب زرعها في كل أنثى أنها أم.. ثم يمكن بعدها أن يكون لديها هوية ثانوية كعاملة حسب ما تستطيع تقديمه من منفعة للمجتمع.
المهندس يستطيع أن يتفاني في عمله كمهندس أكثر من قدرته على التفاني في عمله كنادل في مطعم.. لأن عمله يتسق مع هويته.. وهذا ما يُصعِب حياة كثير من الأمهات وربات البيوت.. مشكلتهم في الأساس مشكلة هوية مشوهة.
كلامي هذا لا ينفي تقصير كثير من الرجال في أدوارهم في تربية الأبناء وتحمل الزوجات لهذه الأدوار مما يزيد عليها الحمل.. أنا أتحدث عن أحد جوانب المشكلة ولا يمكن إحاطة كل الجوانب في منشور واحد.
- علي محمد علي