﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِی عِندَكَ بَیۡتࣰا فِی ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِی مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [التحريم ١١].
●في هذه الآية الكريمة من الفوائد البلاغيّة، والمعاني، والنّكاتِ العلميّة، ما هو دليل واضح على دلائل الإعجازِ في الكتاب العزيزِ، وما فيه، من جودة التّراكيبِ العجيبة، ورصفِ الكلمات، الدّقيقة،
ورونق التّعبير العجيب، وإيراد الأسلوب الغريب، ومن الفوائد ما نقلته من الكتب، وأكثرها خواطر من فيض القلب، وأبكار الفكرة، استنباطاً من قواعد علم البلاغة. فتأمّل.
●قوله:"وضرب" الواو لعطف هذه الجملة على ما قبلها، لما بينهما من اتّحاد اللّفظ والمعنى خبريّا، مع وجود جامعٍ بين الجملتين من التّضادِ، وهذا ما يسمّى عند البلاغيّين بالتّوسّط بين كمال الاتّصال، وكمال الانقطاع، مع وجود جامع بين الجملتين، وربّما يكون عطف قصّة على قصّة، وهذا من أساليب القرآن. فتبدّبر.
●أمّا"ضرب"فهو من الضّرب، مستعمل مجازاً في الوضعِ والجعلِ، كقولهم: من ضرب خيمةَ، وضربَ بيتاً، والعلاقة بين الوضع والمثل أنّ كلّا منهما يهتدي به النّاظر وينظره، فجعل المثل كالخيمة دلالةً.
وجوّز بعض أئمّة اللغة: أن يستعمل على حقيقته، فهو من الضّربِ، بمعنى المماثلِ، ومن الدّقّة البلاغيّة احتمال الفعل على المعنيين احتمالا سويّا، مع وضوحهما وعدم تضادّهما في المعنى.
●أمّا "اللهُ" لفظ الجلالة ذات العظمة والجلال، والكمال، وفيه من البلاغة في هذا المقام معنى لطيف، وهو المسند إليه، مذكور لأجل التّسجيلِ، ولتقرير نفس السّامع، والمعنى: الضّاربُ بالمثلِ هو الله تعالى، ذو الجلالة والعظمة، فثبّتوها في قلوبكم، واجعلوها في أذهانكم؛ لأنّها من الله العظيم. والله أعلم.
●أمّا "مثلا" المثيلَ والأسوة والقدوة في اتّباع الحقّ، والرّمز في القمّة والهداية والتّعلّق بالحقّ مع الظّروف الشّديدةِ، و"مثلا" إمّا أن يكون منصوبا على المفعوليّة، إذا حملنا معنى "ضرب" على المجازِيّة، فيكون من باب تقييد الفعل بالمفعول، فيكون معناه، ووضع الله مثلاً وجعلَ، أو يكون منصوبا على المفعوليّة المطلقة،
إذا كان فعل "ضرب" على حقيقة معنى مثلَ، فيكون تأكيد لمعناه، وهذا يحمل على تركيز أن ينتبه السّامع، لتقرير المعنى في ذهنه، وكلا المعنيين واضحٌ سائغ في اللغة، تكلّم عنهما العلماء البلاغيّون في علم المعاني. والله أعلم.
●أمّا " للّذين أءمنوا امرأت فرعون " جاء الموصول وصلته معاً، ومراده المدح بالإيمان، والحثّ عليه، وفيه تقييد بالفعل، "ضرب" فعلى المؤمنين الاقتداء بالسّيّدة آسية بنت مزاحم المؤمنة، كما يستفاد من نصّ التّقييدِ في الآية، و "امرأت فرعون" هي آسية،
والإضافة لما بينهما من النّكاحِ لا تفيد للمضاف تشريفا ولا تحقيراً،
ولا للمضاف إليه كذلك، ولكن جاءت الإضافة لإدنى ملابسة بينهما، وهي النّكاحُ والأسريّة؛ ولذلك استدّل الشّافعيّ على صحّة أنكحة الكفّار في كفرهم، ولم يسمّ الله امرأت فرعون بالتّسميّة صراحةً،
جرياً على عادة العربِ في عدم تسمية النّساء، وهذا ملحظ دقيق، خولف في تسمية مريم بنت عمران صراحة في القرآن، وذكرها العلماء كالسّيوطيّ وغيره في كتبهم. فتأمّل.
●أمّا ما يتعلّق بلفظ "ربّ" اختار المؤمنون في مواضع الدّعاء في القرآن العظيم لفظ " ربّ " ربّنا " وفي هذه اللّفظة معنى مناسب للدّعاء، بل هو من أسباب قبول الدّعاء؛ لأنّ لفظ "ربّ" مأخوذ من ربّى تربيّةً، والتّربية نموّ الشّيء وزيادته، مع العناية به، والمراعاة، فالله تبارك وتعالى مربّي العالمين كما في قوله: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الفاتحة ٢] فالمربّي أسمعُ إجابة من يربّيه، والله سميع الدّعاء، ففي هذه الكلمةِ "ربّ" إقرار بما أنعم الله على المؤمنين من نعماتٍ ظاهرة وباطنةٍ، وممّا يسبّب القبول إقرار العبد بالنّعمة والضّعفِ، والذّكر والشّكر بالنّعم الجليلة. والله أعلم.
●حذف من هذه اللّفظةِ "ربّ" حرف النّداء "يا" في جميع آيات الدّعاء، وهذه دلالة واضحة على أنّ الله قريب مجيب دعوة الدّاعي عند الدّعاء، كما في الآيتين ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ﴾ [البقرة ١٨٦]، ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ﴾ [ق ١٦] فوالله تبارك وتعالى دان في علوّه، عال في دنوّه، عليم بكلّ شيء في السّماء والأرض، مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، بيده الأمر والحكم مالك الملوك.
دُروسُ الْبَلَاغَةِ العَربيّةِ

Similar Channels



دروس البلاغة العربية: أهمية وعلوم البلاغة في الأدب العربي
البلاغة العربية هي فنٌ عريقٌ وتخصصٌ أساسيٌ في دراسة الأدب العربي، حيث تعبر عن قدرة الكاتب على التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة مؤثرة وجذابة. تعتبر دروس البلاغة العربية إحدى أهم الوسائل التعليمية لتعريف الدارسين بالمفاهيم الأساسية التي تسهم في تشكيل النصوص الأدبية. هذا العلم يعنى بفهم كيفية استخدام اللغة بشكل فني، ويعتمد على ثلاثة فروع رئيسية: المعاني، والبيان، والبديع. في الوقت الذي تتيح فيه البلاغة الفرصة للكتّاب والشعراء لإظهار مهاراتهم، فإنها توفر أيضًا للأدباء والمحللين الأدبيين أدوات تحليلية لفهم النصوص بشكل أعمق. إن القناة التي تركز على تدريس البلاغة تحظى بأهمية خاصة، حيث تقدم شروحًا مستفيضة للمسائل البلاغية، وتحلل آيات القرآن الكريم لإظهار إعجازها البلاغي، مما يساعد على إثراء المحتوى الأدبي وتحسين مهارات الكتابة.
ما هي أهمية علوم البلاغة في الأدب العربي؟
تعتبر علوم البلاغة أساسية لفهم الأدب العربي، حيث تتيح للكتّاب تطوير أسلوبهم واستخدام اللغة بشكل أكثر فاعلية. من خلال دراسة البلاغة، يمكن للأدباء التعرف على الأساليب المختلفة التي يمكن استخدامها لإيصال أفكارهم بشكل واضح ومؤثر، وبالتالي تحسين جودة الكتابة.
علاوة على ذلك، تساعد البلاغة في تعزيز القيم الجمالية في النصوص الأدبية. من خلال استخدام أساليب بلاغية مثل الاستعارة والكناية، يمكن للكتّاب خلق صور فنية تسهم في إثراء النصوص وتقديمها بأسلوب أكثر جاذبية.
ما هي الفروع الرئيسية لعلوم البلاغة؟
تنقسم البلاغة العربية إلى ثلاث فروع رئيسية: المعاني، والبيان، والبديع. يهتم فرع المعاني بدراسة معاني الكلمات وتركيب الجمل، مما يساعد على فهم النصوص بشكل أعمق. بينما يركز فرع البيان على كيفية التعبير عن الأفكار بطريقة واضحة ودقيقة.
أما فرع البديع، فهو يتعامل مع جماليات اللغة، حيث يهدف إلى تطوير أساليب جديدة لجعل النصوص أكثر إبداعًا وابتكارًا، من خلال استخدام بلاغات معينة مثل الجناس والطباق.
كيف يمكن استخدام البلاغة في تحليل النصوص الأدبية؟
يمكن استخدام البلاغة كأداة تحليلية لفهم النصوص الأدبية عن طريق تحليل الأساليب البلاغية المستخدمة فيها. من خلال دراسة كيفية استخدام الكتّاب للإستعارات والتشبيهات، يمكن للقراء فهم الأبعاد العميقة للأفكار والمشاعر التي يحاول الكتّاب إيصالها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للبلاغة أن تكشف عن السياقات الثقافية والاجتماعية التي تؤثر على النصوص. من خلال التحليل البلاغي، يصبح بمقدور القراء التعرف على الرسائل العميقة والدلالات المخفية التي قد لا تكون واضحة في القراءة السطحية.
ما هو الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم؟
الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم يُعتبر من أبرز مظاهر إعجاز الكتاب المقدس. يتميز القرآن ببلاغته الفائقة، حيث يتضمن أساليب بلاغية متقدمة تعكس عمق المعاني وثراء الأسلوب. يُظهر هذا الإعجاز قدرة اللغة العربية على التعبير عن الأفكار والمفاهيم بشكل غير مسبوق.
تساهم دراسة البلاغة في فهم جمالية القرآن بشكل أعمق، مما يمنح القراء القدرة على تقدير النصوص الدينية من منظور أدبي، ويعزز من إيمانهم بالمعاني العميقة التي تتجاوز الكلمات.
كيف تسهم القنوات التعليمية في تدريس البلاغة؟
تسهم القنوات التعليمية في تسهيل عملية التعلم من خلال تقديم محتوى مُنظم وشامل حول البلاغة. توفر هذه القنوات شروحات تفاعلية ومقاطع فيديو تعليمية تجعل من السهل على الطلاب استيعاب المفاهيم البلاغية المختلفة واستخدامها في كتاباتهم.
علاوة على ذلك، تتيح هذه القنوات للمعلمين والطلاب فرصة التواصل ومناقشة الأفكار والمواضيع البلاغية بشكل مستمر، مما يعزز من تجربتهم التعليمية ويساعدهم في تطوير مهاراتهم.
دُروسُ الْبَلَاغَةِ العَربيّةِ Telegram Channel
مرحباً بكم في قناة "دُروسُ الْبَلَاغَةِ العَربيّةِ" على تطبيق تيليجرام! هل تبحث عن قناة تقدم تدريسًا علميًا لعلوم البلاغة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت في المكان الصحيح! هذه القناة مخصصة لعلوم البلاغة، حيث تقوم بتحليل المسائل البلاغية بصوت وكتابة، وتدرس السلسلة وتطرح النكت العلمية البلاغية. بالإضافة إلى ذلك، تهتم هذه القناة بتحليل القرآن الكريم وإعجازه في المسائل العلمية. إذا كنت ترغب في تعزيز معرفتك بفنون البلاغة والتعبير بشكل أكبر، فإن هذه القناة هي الخيار المثالي لك. انضم إلينا اليوم واستمتع بمحتوى ثري ومفيد يساعدك على تطوير مهاراتك في البلاغة والتعبير بطريقة إبداعية وفعالة!