(أمن يجيب المضطر إذا دعاه)
الاضطرار نوعان: قهري وكسبي
فالاضطرار القهري يقع بانقطاع الإنسان فعلا من كل الأسباب التي اعتاد الناس أن يتعلقوا بها في فاقتهم.
فهو في حال جرت العادة ألا سبيل إلى نجاته منها كاضطرار أهل السفينة التي عصف بها الريح والموج وأحاط الغرق بركابها.
وهناك اضطرار كسبي يربي العبد المؤمن عليه نفسه بحيث أنه يسكن قلبه هذا الاضطرار في كل حال فيسأل ربه حين يسأله مؤمنا أن تحصيل حاجته لا تكون أبدا إلا بالله فهو يشعر من جهة انقطاعه إلى ربه كشعور الغريق في أمواج بحر في ظلمة ليل بعيدة عن كل أحد.
والعبد في حقيقته مضطر على الدوام مع خفقات قلبه وطرف عينه.
لكن تحصيل ذلك في القلب والبصيرة به يتفاوت به المؤمنون بقدر توحيدهم.
مثال للبيان:
لو سأل العبد ربه شفاء مرض فإنه يدعو وقلبه منشعب إلى الطبيب والمستشفى وحذاقة الاستشاري ونفع العلاج فهو يدعو وفي قلبه بعض الركون لتلك الأسباب.
فإن وفقه الله لبذل تلك الأسباب مع الانخلاع من التعلق بها والاعتقاد الكلي المطلق بأنها لا تنجيه إلا بإذن ربه.
وداس بقدم يقينه على تلك الأسباب وكأنها لم تكن فيدعو دعاء من لا طبيب ولا مستشفى ولا علاج ولا دواء ولا شيء عنده.
فهذا اضطرار كسبي
والناس فيها يتفاونون
وهو أحد ركني التعبد في قوله تعالى
(إياك نستعين)
فاضطرارنا إلى الله كلي ودائم وحق
اللهم اسكن اليقين به قلوبنا.
عبدالله بن بلقاسم