حين أحببتك في الوقت الذي لم تحبني فيه أبدًا، لم أكن أعرف.
حين حاولت التقرّب منك، السؤال عنك، ومعرفة أخبارك، رؤية صورك؛ فعلت كل ذللك لأنني كنت أحبك.
حين علمت أنك لا تبادلني الاهتمام، حزنت، عذرت، ببرت، حاولت التأقلم.
حين علمت أنك لم تهتم لي يومًا، كُسرت.
حين علمت أنك لم تحبني يومًا، كُسرت.
حين علمتُ.. أنني كنت أزرع حبي في أرض تكرهني، أهتمُ لمن يبغضني، أتقرّب ممن يهرب مني.. أبصرت.
كيف كنت تكرهني كل هذا الوقت دون أن أدري؟ كيف خدعت نفسي بمحبتك لي في حين أن كرهك لي يبصره الأعمى؟ كيف ظللت أتقرب منك ولم ألحظ هربك المتواصل من رؤيتي؟ كيف استطعتَ الاستمرار بالتظاهر بمحبتك لي كل هذا الوقت؟ كيف استطعت دهس قلبٍ لم يقدم لك إلا كل جميل؟ كيف استطعت نبذ إنسانٍ لم يطلب إلا الونس؟ كيف استطعت كسر قلبٍ أظهر حبك؟
حين اهتممت بك وأظهرت كرهك لاهتمامي، لم أستطع أن أخبرك «أفعل ذلك لأني أحبك».. لكنني عرفت أنك تكره ما أحب، وما أعبر به عن حبي لك.. احترمتك.. لكنني لم أعرف حينها أنك لم تكن تكره طريقتي في حبي لك، بل كنت تكره حبي، وتكرهني.. ولم أعرف.
حين أحببت وجودك ووجودي معك، كان ذلك لأني أحبك. وعرفت أخيرا أنك لم تحب وجودي أبدا.
حين لم تسأل عني أبدا.. بعد أيام.. بعد شهور.. بعد سنين! عرفت أنك كنت تنتظر بفارغ الصبر أن تعلن كرهك لي.
كنت أحببتك، ولم أدرِ أنني سأحظى بهذا النبذ يوما من شخص أحببته.
عرفت الكره من ناس لا يعرفونني، وعذرتهم؛ قد جهلوني.. لكن الكره ممن لم يرَ مني إلا القرب، إلا الحب، إلا الخير.. قد يتعدى الظلم.
أتهمك بالظلم وبالقسوة، بالجفاء وبالغلظة، بلفظ النعمة وقطع حبل المودة، بأذية روحي وكسر قلبي.
وأشكوك الله. وأشكوك لله على كل نقطة ظلام ذرعتها بقلبي، على بصيص الحب الذي سلبته مني، على خوف رهيب غرسته في قلبي.. من الناس والقرب والعلاقات، على حرماني من شيء عشت أحبه وأحلم به.
وآذيتني، ولم تكتفِ بالإعلان، ولا بكسر قلبي.. قد آذيتني وكسرت رْوحي مرارا.. ولأجل كل ذلك.. شكوتك لله.. أن تجد في حياتك مثلما أوجدته لي، بلا زيادة.. لأنني لا أظلم.. كما تظلم. «وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ».
أسماء يسري.