الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد :
فإني أوصي نفسي وإياكم: بتقوى الله عز وجل، والإخلاص له في كل قول وعمل، والالتزام الصادق بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثبات على ذلك. وتعلم العلم النافع المستمد من كتاب الله ومن سنة رسول الله الذي يساعدنا على هذا الثبات وعلى الاستقامة على دين الله الحق.
وأوصي أبنائي وإخواني: بطلب الحق والبحث عنه في كل قضية من القضايا, سواء كانت اتفاقية أوكانت اختلافية,
فالمؤمن الذي يريد وجه الله والدار الآخرة لا ترتاح نفسه ولا يستريح ضميره إلا بعد أن يصل إلى الحق, أن يصل إلى الحق ولا سيما في قضايا الخلاف وفي أوقات الفتن, فلا يتحرك أي حركة على أساس إلا الحق وعلى علم وبصيرة, وإذا اختلف شخصان: ولو كان أبوه أو شيخه فلا يجوز له أن ينحاز له أو عليه حتى يدرس الأمور ويعرفها على حقيقتها تماما, ثم بعد ذلك يحدد موقفه ويقف إلى جانب الحق الذي تبين له, هذا الذي يجب على المسلم, وما عدا ذلك فإنه من آساليب الجاهلية ومن التعصبات الباطلة الجاهلية, لا تليق بمسلم ولا يجوز أن يسير على هذا الدرب السيئ.
فيا أبناءنا ويا إخواننا: أوصيكم بتقوى الله , وأوصيكم بما ذكرت: من حب الحق وتطلبه في مظانه ومواطنه حتى تصل إلى الحقيقة.
وأوصي أبنائي وإخواني: باحترام المنهج السلفي والثبات عليه, واحترام علمائه, وإذا قالوا حقا فلا يجوز مخالفتهم,
إذا تكلموا في قضية وساقوا عليها الأدلة فلا عذر لأحد في مخالفتهم، ولا يجوز لأحد أن يتوقف أويحايد فإن هذا فعل أهل الأهواء الساعين في إسقاط المنهج السلفي وإسقاط علمائه.
وفي قضايا الجرح والتعديل: يكفي في الجرح أن يصدر من عالم واحد, ويكفي في التعديل أن يصدر من عالم واحد، فإذا اختلف عالمان صادقان معتبران منزهان عن الهوى في شخص ما: فإن الواجب على من عداهما من حملة العلم أن يتبينوا من الجارح ويطلبوا منه الدليل، فإذا قدم الدليل فيجب عليهم التسليم بهذا الدليل والتسليم بهذه الحجة.
فإذا عارض المعدل أو غيره فإنه يسقط,-هذا الذي يرد الحجة يسقط على أم رأسه- وتسقط عدالته ولا يؤتمن على دين الله, لو أن عالما واحدا جاء بالحجة والبرهان وخالفه العشرات بالباطل وبالكذب وبالحيل فلا يسمع لهم
هذه قواعد الجرح والتعديل المقعدة في الجرح والتعديل التي تلزمنا في مثل هذه الفتن، فإنسان يجرحه عشرات العلماء ويسوقون الحجج الواضحة على باطله وآظاليله وفتنته، ثم لا يسمع لهم بعض الناس بحجة أنه ما تبين الحق,هذا أمر لا يجوز, لا يجوز في دين الله.
إذا فلنأتي إلى كتب الجرح والتعديل ونقف عند كل ترجمة ونقول: "والله ما تبين لي".
ونقف عند كل عقيدة ونقول: "والله ما تبينت لي" .
الخلاف بين الروافض والسلفيين، أو بين الروافض والجهمية، أو بين السلفيين والمعتزلة، أوبين السلفيين والخوارج، أو بين السلفيين والمرجئة، أو بين السلفيين والصوفية, يقول الواحد:" والله ما تبين لي" ما يقبل منه هذا الأسلوب,
وإذا اختلف اثنان من السلفيين: والحجة مع أحدهما فيجب الوقوف إلى جانب صاحب الحجة.
فأوصيكم بتقوى الله، وأوصيكم بالعدل والإنصاف والبعد عن التعصبات العمياء واتباع الهوى {ومن أضل ممن اتبع هواه}، ورد الصدق جريمة {ومن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه}.
التكذيب بالحق من شأن أهل الضلال من شأن الكفار من شأن الروافض, يقول شيخ الإسلام في وصف الروافض: "ليس هناك طائفة ترد الصدق، وتصدق الكذب مثل الروافض"
فالآن يجب على من ينتهج المنهج السلفي: أن يربأ بنفسه عن سلوك هذه المذاهب الفاسدة، التعصب الأعمى التعصب الجاهلي ورد الحق من أجل فلان وفلان، والله لو كان من كبار العلماء ومن كبار أئمة السنة وأخطأ لما يجوز لك أن ترد الحق, كيف بالجهلاء والمعروفين بالكذب والمعروفين بالفتن, كيف تقف إلى جانبهم؟ هذا ما لا يليق بمسلم فضلا عن السلفي, وما معنى الدعوة السلفية إذا كنت تتعصب بالجهل والهوى؟ما معنى هذا؟
بارك الله فيكم دعوها فإنها منتنة, وابحثوا عن الحق وخذوا به واشهدوا به ولو على أنفسكم أو الوالدين أوالأقربين،
قال الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أوالوالدين والأقربين}
فإذا جاءك علماء يا أخي ولو عالم واحد ولو عالمين لو ثلاثة جاءك بالحق فلا يجوز لك أن تردد في قبوله، جاءك بالحق المقرون بالحجة والبرهان, إذا جاءك بس بمجرد ادعاءات فلا تقبل, لكن إذا جاءك بالحق المقرون بالحجة والبرهان فإن ردك له رد للصدق وتكذيب بالصدق وتكذيب بالحق, ولا أظلم ولا أجهل ممن هذا حاله.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم جميع لاتباع الحق، وأن يبعد عنا الفتن وأن يؤلف بين القلوب على الحق , أسأل الله أن يحقق ذلك, إن ربنا لسميع الدعاء,
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
●الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية.
@