قناة الإمام السيد الرواس قدس الله سره

جاء في كتاب (إحياء علوم الدين) (6/ 153) للإمام الغزالي رحمه الله تعالى ما نصه:

(استغنِ عَمَّنْ شَئتَ فأنت نظيره
واحتج إلى مَنْ شئتَ فأنتَ أسيرُه
وأحسن إلى مَنْ شئتَ .. فأنتَ أميره).

من بركات أنفاس الإمام المربّي النّاصح العارف بالله السيد محمـــــــد أبو الهدى الصّيّـــــادي قدّس سرّه ناصحاً وموجّهاً:

بلى يَلزَمُ عليكَ أن تعمل بقوله عليه الصلاة والسلام: «احفظ الله يحفظك». وأن تُجرِّدَ كلّ شيء عنك، وأن تسلك طريق النّاجين، وأن تتأدّب بآداب العارفين، ( أولئك أهل الله والسادة الأولى)، وأن تأخذ عنهم قانون الأدب مع الله والخلق، وأن تغنم منهم نتيجة السلوك والخُلق، فإنهم والله أهل الهمم العلية، والآداب القدسية، والمدارك الناجحة؟ والتّجارة الرّابحة، عرَفوا حَدَّ البشرية، وما تجاوزوا مقام العبودية، ولا حجَبَتهُم الحجب المستعارة الفانية، عما وراءها من الشؤونات الصحيحة الباقية، فألجَموا الألسن عن الكلام بغير الحق، وصرعوا شوكة النّفوس أن تعلو على الخَلق، وأني تبرُّكاً بآثارهم، وتشبُّثاً بغبارهم، وتشبّهاً بأتباعهم (إن التشبه بالكرام فلاح)؛ أدُلُّك على الطّريقة التي تلحقكَ بأعتابهم، وتُقرِّبُكَ من أبوابهم، بقصيدة قصيرة، طويلة الذّيل عند أهل البصيرة، وهي:

عمّن تَشا استغنِ تكُن نظيرَهْ
                  واحتَج لمَن شئتَ تكُن أسيرَهْ
ولا ترى نفسك شيئاً إنّهـــــا
                  مهمــــــــا تعاظَمْتَ بها حقيرهْ
صغيرةٌ بل هي لا شيءٌ وكَم
                   صغيرةً تَجني وكَـــــم كبيرهْ!
فبِعظام نُخِرَت أقصابُهـــــــا
                  إنْ فخَرَت فاذكُـر لها الخميرهْ
بقيّــــــة من المَبال انتظمَت
                  ومِن مَبالٍ خرجَت فقيـــــــرهْ
يُذلُّها الجوعُ ويُضنيها العُري
                 ولـــــــم تــــزَل بينهمــا كسيرهْ
قليلــةُ العزم ضعيفٌ حزمُها
                 لكنّما عيوبُهــــــــــــا كثيــــــرهْ
بالمستعار لم تـــزَل مغرورةً
                جهــــلاً وهل تَعظُمُ مستعيره؟!
تَدَّخِــــرُ الفاني على رغمٍ لها
                والموتُ لم يُبقِ لها ذخيــــــــرهْ
وتجهَلُ الحـــــدَّ الذي حُدّ لها
                تفاخراً بالأهــــــــــــل والعشيره
و ما دَرَتْ أنَّ الفنـــــاءَ شاملٌ
               وكلُّ شخصٍ راكــــــــبٌ سريرهْ
وجَمعةُ النّاس إذا ما فُرِّقَت
                كُلاً ترى إلى الفنــــــــــا مَسِيرَهْ
حتّى إذا ما ساعة الموت أتَت
                عَزَّ رَجـــــــــــاهُ أن يَرى نصيرَهْ
فَقُلْ لِمَن أوهمَـــــهُ هيكلُـــــه
               وجَهِل المحضَـــــــر والحضيرهْ:
إنْ كنتَ مِن آل ملوك سلَفوا
               وعُظِّموا بدولــــــــــــــة شهيرهْ
فاذكُر بغير المستعار شرفاً
               واذكُــــــر لهم غير الزّوال سِيرَهْ
وبعدها إنْ عَدَلوا قد أفلَحوا
                أو عَدَلـــــــــوا كلٌّ يرى مصيرَهْ
وإنْ تكُن من آل قومٍ بالغنى
                علَت بهم مراتبٌ خطيـــــــــرهْ
فاذكُر لنا سوى التّراب حُجّةً
                حين تَوَسَّدوا ثرى الحفيـــــرهْ
وإنْ تكُن من آل ساداتٍ علَوا
                 بالدّينِ والمناقب الوفيـــــــرهْ
فاذكُر لنا سوى الذي نذكُرُه
                 مِن قصدِنا أهــــلٌ لهم سريرهْ
قد تركوا الأغيار تركَ همّةٍ
                 هذي البرايـــــا عندهم يسيرهْ
فوصلوا وأُلحِقــــوا بربّهم
                 ودخلوا حضرتَــــــــــه الكبيرهْ
ولو تَدَنّسوا بغيـــــرٍ رَدَّهُم
                 عن بابه المعمــور رهطَ الغِيرهْ
فإنْ عملتَ مثلَهم فُزتَ كما
                  فازوا وضاءت عينُك القريرهْ
وإنْ قَطعتَ (اعملي يا فاطمه)
                  حديثُهــــا يبدي لك الضّميرهْ
يا عاجـــــزاً بنفسه عن نفسه
                  وغائباً عن عينـــــــه الضّريره
لازم رحابَ القوم واكسَب خُلقَهُم
                 واعرِف حدود نفسكَ القصيره
فأنتَ لو صرتَ سليمانَ الورى
                  فالمنتهى لحفــــرةٍ صغيـــــرهْ
وإنْ بذلتَ الجُهد في ما تشتهي
                   ما تَمَّ قبل أن ترى تقديـــــرهْ
واعلم بأن ما قَضاه كائــــــنٌ
                   وإن رأى مدبِّـــــــــــرٌ تدبيرهْ
فنَم على حصيرة التّسليم إن
                  عَقِلتَ فهي نعمت الحصيـــرهْ
حقائــــــقٌ بيِّنـــــة لعاقــــــلٍ
                   واضحـــــةٌ لصاحبِ البصيرهْ

نظم العارف بالله الإمام المجدد السيد
محمد أبو الهدى الصيــــــادي الرفاعي
رضي الله عنه.

من كتابه «قلادة الجواهر» ص (٣- ٤)

التكية الصيادية في حلب
سلام الله على ساكنيها

الموشح السابق بصوت المنشد المداح محمد يحيى الدرة جعله الله ووالديه ومحبيه لعين الحبيب قرة

لصيّاد الرّجال الأحمديّـــــــة
                    خذوا أبهى الثّنا منّي هديّة

                        (لازمة)

خذوا أبهى الثّنا منّي وسيروا
                  وإن شئتم رُبى متكين طيروا

فعزُّ الدِّيـــن فيها كم يُديـــــرُ
                  على النّدمان كاساتٍ هنيّـــــة!
                                          
                       ✿دور✿

على النّدمان صفّاها بكوبي
                       ودارت بين أرباب القلوبِ

بذوق محَّصَتهم عن ذنوبِ
                     وشمّوا بالتّقى عرفاً شجيّا

                       ✿دور✿

فشموا نفحة من خير داع
               هُداهم من هدى الغوث الرفاعي

فكم تخشاه مجموع الأفاعي!
               وتخشاه الظّبا والسمهريـــــــــة!

نظم الشيخ القارئ المنشد المداح السيد عثمان ملا الموصلي رحمه الله تعالى. وهو أحد خلفاء العارف بالله الإمام السيد محمد أبو الهدى الصيادي قدس سره.

والإنشاد بصوت سيد أحمد الموصلي رحمه الله تعالى وقد تم تسجيله سنة ١٩٢٣ م
.
والموشح من مقام البيات
في مدح ساكن متكين مولانا السيد عزالدين

تذييل للناظم على قصيدته السابقة:

السّيما طرز معنوي منشور على الهياكل الإنسانية، لكل عضو وجارحة من الأعضاء والجوارح نصيب منه، وأكثر الأعضاء والجوارح وأجزاء الوجود نصيباً منه الوجه، فالصّالحون يُعرَفون بالسِّيما، والمجرمون يُعرَفون بها، وبما أحكمَته يد القدرة بطراز السّيما من الأسرار الخَلقيّة يَعرِفُ القائفُ الحكيم شأنَ الرجل بمجرّد رؤيته له، وتَدَبَّر قول الله تعالى في أصحاب نبيه ﷺ : {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم} [الفتح: 29]، وفي المجرمين: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: 41] ، وفي مقام الإطلاق المخصص: {تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273]، وقول النبي ﷺ: «إن الله جميل يُحبُّ الجَمال» والجمال الذي يحبّه الله : هو الجمال المصفّى من شوائب الأخلاق، المنزّه عن كدورات النسج النوعي، سواء كان ذلك في الإنسان أو في غيره، كمائَيْنِ راق لونهما، وحَسُن منظرهما، غير أن الواحد عذب لذيذ سائغ للشاربين، والثّاني مُرٌّ ثقيل مُضِرّ، فالأحَبُّ إلى الله من المائين الماء النافع، المنزه في نسيج نوعه الخَلقي عن الكدورات، وحكمة خَلق النوعين إنما هي ليَميز الخبيث عن الطيب؛ (وبضدها
تتميز الاشياء)، فالجمال المُطْلَق فيه سيما منسوجة عليه، يعرفُها العارفون، ويجهلها
الجاهلون، وقد يُبصَرُ في مشهد واحد البَرُّ والفاجر؛ لخفاء سِرّ النَّسج المطويّ في الرّجلين، ولكنَّ أهل الفراسة الذين ينظرون بنور الله يستكشفون ذلك السّرّ المطويّ، فلا تَكذِب فراستُهم، ولا تُخطئُ أفهامُهم، وقد ادّعى رجل أنه من قريش، فأمَرَه سيدنا عمر الفاروق الأعظم رضي الله عنه أن أقبِل فأقبَل، ثم قال له؛ أدبِر فأدبَر، فقال حضرة الفاروق أعزَّ الله مقامه: ليست هذه الأعطاف بأعطاف قريش، وظهر صدق مقاله رضي الله عنه، ومما يناسب هذا المقام قولُ القائل في الآل الكرام، على جدهم الأعظم وعليهم أزكى التحية والصلاة والسلام:

جعلوا لأبناء الرسول علامــــــةً
          إنّ العلامــــــــة شأنُ مَن لم يُشهَرِ
نورُ النّبوّة في وسيم وجوهِهم
          يُغني الشِريف عن الطِّراز الأخضرِ

وفي «قاموس العاشقين» للعلامة العاني - قدس الله روحه - بيتان لبعضهم، ينطبق
معناهما على هذا الأسلوب، وهما:

للأصلِ أخلاقُ الرّجال علائمٌ
               وعلى الوجوه وثائقُ الأنسابِ
في الخُلْقِ من أثر النّبيّ بقيّةٌ
             والخَلقُ يُظهِرُ غامض الأسبابِ

«روضة العرفان» ص (٦٣ - ٦٤)

مَا آَنَ وَصلُكَ سَيِّدِي مَا آَنَا؟!
                   هَذَا هَوَاكَ وَجَدتُ فِيهِ هَوَانَا
أَجَّجتَ مِن هَجرٍ رَسَمتَ بِكَونِهِ
                     فِي قَلبِ عَبدِكَ دَائِماً نِيرَانَا
مَاذَا لَعَمرِي أَشتَكِيهِ مِنَ النَّوَى؟!
                    يَا لَيتَ يَا حِبُّ النَّوَى لَا كَانَا
لَمَّا رَصَعتَ مِنَ العِذَارِ زُمُرُّداً
                 سَلسَلتُ فِيكَ مَدَامِعِي مَرجَانَا
آَهٍ لِأَيَّامِ الوِصَـــــــــالِ فَإِنَّهَا
                      حُلُمٌ قَطَعتُ زَمَانَهَا يَقظَانَا!
عَبَثَت بِقَلبِي الآَنَ أَيَّامُ الجَفَا
                   فَغَدَوتُ مِن صَدَمَاتِهَا حَيرَانَا
أَبكِي لِأَجلِكَ طُولَ لِيلِي سَاهراً
            مَا شَأنُ مَن يَقضِي الدُّجَى سَهرَانَا
والنَّازِلَاتُ عَلَى المُحَصَّبِ مِن مِنَى
                    والرَّوضُ يُزهِرُ رَوضُهُ أَلوَانَا
وتَظُنُّ قَاعَ الحَيِّ حَاناً مُترَعاً
                   وتَظُنُّ غَلغَالَ الدُّجَى سَكرَانَا
والطَّيرُ رَاحَ عَلَى الغُصُونِ مُبَرقِماً
                    فَأَمَالِ فِي تَغرِيدِهِ الأَغصَانَا
والرَّوضُ تَضحَكُ بَهجَةً وكَأَنَّهَا
                     مُلِئَت بِقَاعُ المُنحَنَى غِزلَانَا
هِمنَا بِهَاتِيكَ الأَبَاطِحِ والهَوَى
                      أَهدَى سَلِيمَ قُلُوبِنَا خَفَقَانَا
طَفَحَ الغَرَامُ عَلَى صُفُوفِ صُنُوفِنَا
                       وسَطَا وأَترَعَ لُبَّنَا أَشجَانَا
والحِبُّ عَامَلَ بِالصُّدُودِ تَعَزُّزاً
                     والصَّدُّ يُكسِبُ أَهلَهُ أَحزَانَا
اللهَ يَا حُلوَ الشَّمَائِلِ بِامرِئٍ
               يَرجُو مِنَ الطَّرفِ الكَحِيلِ أَمَانَا
وارفُق بِسَهَّارِ الدُّجَى بِكَ لَهفَةً
                    ذِي لَوعَةٍ لَم يُطبِقِ الأَجفَانَا
يَبكِي تَئِنُّ لَهُ الحِجَارَةُ رَحمَةً
                 ولِرَكبِ وَجدِكَ يَبعَثُ الغِدرَانَا
فَالعَينُ تُمطِرُ بِالسَّحَابِ وقَلبُهُ
                   يُملِي إِلَى كَبِدِ السَّمَاءِ دُخَانَا
قَد ذَلَّلَتهُ مِنَ الغَرَامِ بَوَاعِثٌ
                       إِنَّ الغَرَامَ يُذَلِّلُ الشُّجعَانَا
وتَرَاهُ يَرقُبُ بِالخُضُوعِ مُوَلَّهاً
                   هَذَا الجَبِينُ وطَرفَكَ الطَّعَّانَا
أَعطَاكَ بَارِئُكَ المُهَيمِنُ سِيمَةً
                        زَادَت فُؤَادَ مُحِبِّهَا إِيمَانَا
ولِبَأسِ سُلطَانِ الجَمَالِ جَلَالَةٌ
                كَم أَخضَعَت بِالصَّولَةِ التِّيجَانَا!
بِاللهِ يَا مَن حُبُّهُ مَلَكَ الحَشَا
                     وأَقَامَ فِي مَجمُوعِهِ دِيوَانَا
أَنَا عَبدُكَ المُضنَى الَّذِي طَوَّقتَهُ
                       مِنَناً مِنَ البِرِّ العَمِيمِ ثُمَانَا
عَوَّدتَهُ المَعرُوفَ مِنكَ تَرَحُّماً
                  فَأَعِد لَهُ المَعرُوفَ والإحسَانَا

نظم العارف بالله الإمام المجدد السيد محمد أبو الهدى الصيــــــادي الرفاعي رضي الله عنه.

من ديوانه :
«روضة العرفان» ص (٦٢ - ٦٣)

تذييل المؤلف على قصيدته السابقة 🔻

قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، وقد أنعَم الله تعالى علي بسابق فضله؛ فجعلني من أمة نبيه الأعظم سيد الوجودات محمد ﷺ، وأكمل نعمتَه فخَلَقني من ذريّته الطّاهرة النّبويّة، وسلالته الزّاهرة المصطفويّة، وتَفضَّل بتحفة العِلم والفهم واليقين، وبطالع السّعد الوضّاح المبين، وأخزى بشأني الحاسدين، وأعَزَّ بي المحبّين، وجمَع لي وله الحمد بين محبّة القرابة والصّحابة، وأكرمني بالصّدق لتلك العصابة، وألحَقَني بخدمة إمام الوقت، أمير المؤمنين، وخليفة نبيّه الأمين في العالمين، وصيَّرني - والشكر العميم إليه - من البطانة الصّالحة في خدمة الخلافة العظمى، أعني التي تُقَدِّمُ الدِّينَ في كلِّ حال على الدنيا، فلم أنقُض للإمام عهدًا، ولم أخُن له وُدًّا، كيف لا؟! وقد قال سيّدُ بني عبد المطلب : «كل خَلّة يُطبَع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب»، ولا يكون الخائن كامل الإيمان، ولا يُنظَر بنظر الحُرمة من عظماء نوع الإنسان، وحفِظني الله جَلَّت قدرته من وصمة الإنحراف عن الأحباب، وخَلَّقني بأخلاق السادة الأنجاب:

وإني فتى من آل هاشم لم أحُل
                 عن الوُدِّ ما دام الخليل ودودا
تُنَزِّهُني عن وصمة النّقصِ شِيمتي
              وحاشايَ مثلي لا يَخون عهودا¹

وتَفضَّلَ علَيَّ بالنّسب القصير السّاطع في بني النّبيّ الكريم سطوع القمر المنير.

( تحفة ):
قال الامام السهيلي: قال بعضهم:

أُحِبُّ من النّسوان كلّ طويلة
                لها نسبٌ في الصّالحين قصيرُ

ومما ينسب إلى الطائي:

أنتم بنو النّسب القصير وطَولُكُم
                     بادٍ على الأشراف والكُبراءِ

والنّسبُ القصير أن يقول الرجل: أنا ابن فلان؛ فبمجرَّد ذكرِ أبيه تعرف غاية نسبه، خلافًا لمن إذا ذَکَرَ أباه احتاج إلى ذكر بيت، ثم إلى فصيلة، ثم إلى بطن، وإلى قبيلة، وهلم جرا.

( عود حسن إن شاء الله ):
وقد حققني الله بالتوكل عليه، وأعزني به، فلَم يُفرِغ في قلبي الميل إلى الاعتزاز بالفانيات، ولم يُلفِت زِمام سِرّي إلى الإشتغال بالمستعارات، نعَم! لَمّا كان الوقوفُ مع الحقِّ صعبُ الموقف في هذه الأزمنة التي هي من آخر الزمان؛ وقد تغيّرت الأخلاق، وكَثُرَ في الناس الاختلاف للأغراض والشقاق، وأوقَفَني الحقُّ مع الحقّ، وقد قال سيدنا الفاروق الجليل الأكبر: 《ما ترَكَ الحقُّ صاحبا لِعُمر》. وخَدمتُ الخلافة المقدّسة بالصّدق الوافر، والقلب الطّاهر، وعارضتُ أرباب الأطماع بالأعراض الفانية، وصَدَعتُ أهل الأمراض المُصدَّعةِ القلوب بالأغراض الفاسدة الواهية؛ فانفَلَت عليَّ طِغامُهُم، وتَجرَّدَ لأذيّتي لئامُهُم، فوجَّهوا إليَّ سهامَهم، وأفرَغوا بزعمِهم على رداء مَجدي كلامَهم، والحالُ: أن الحقَّ وليُّ المتقين، وهو مع الصّابرين، وهو الموعد وإليه المصير، وهو نِعم المولى ونعم النصير، فلَهُ الشكر! كم تَفضَّلَ بغارة إلهية فمَحَق منهم أصناماً! وأصلَتَ فيهم من البأس الإلهي حساماً! فراح هذا مقطوعَ اللسان، وراح الآخر محروقَ الجنان، وهذا كئيب وهذا شارد، وفئة منهم تحت شراع القهر الإلهي، وستظهر فيهم براهين الحَكَم العَدل الشاهد، وسيبدو من مطويِّ السّرّ الصمداني نشرٌ لهذا الضّمير المكنون، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } [الشعراء : 227].
وفي كل هذه المعامع فما من تلك الفئام إلا أذية الوعاوع، وقد قيل:

إذا الكلبُ لا يؤذيك إلا نباحُه
                  فدَعهُ إلى يوم القيامة يَنبَحُ

وفي هذه الأساجيف المنشورة والأعاجيب المذكورة، فالذي يَثقُل على الخاطر تَهجُّم الكلاب على الأسود، وتطاوُل الحاسد اللّئيم بغير حقٍّ على الكريم المحسود، على منوال قول القائل:

ولو أني بُليتُ بهاشمــيٍّ
                    خؤولتُـــــهُ بنو عبدِ المُدانِ
صبَرتُ على أذيّتهِ ولكِنْ
                   تعالي وانظُري بمن ابتلاني

و بعد هذا وهذا فالمظاهر تُطوى، والبارز يَخفى، والأمر لله في الآخرة والأولى، وسيقول قائل الحُكْم عند انمِحاق جميع هذه الآثار: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر : 16].

حاشية:

¹ البيتين من نظم المؤلف. راجع ديوانه «الدر المنتظم» ص (101)

☀️ حرف الزاي ☀️

كَشَفتُ يَقِيناً لِأَهلِ الفُهُومِ
                     بِعَزمِ العُلُومِ مِنَ الحُبِّ رَمزَا
فَتَمَّ فَخَارِي وصَحَّ القَبُولُ
                     وقَد زَادَنِي اللهُ مَجداً وعِزَّا
وسَعدِي تَعَالَى وحِبِّي استَنَارَ
                ومِن مُضمَرِ الفَضلِ أَبرَزتُ كَنزَا
وقَد صَارَ لِي حُبُّ طَهَ الحَبِيبِ
                    وأَبنَائِهِ الغُرِّ والصَّحبِ حِرزَا
ولَمَّا جَعَلتُ اليَقِينَ¹ السِّلَاحَ
                  فَأَلفَيتُ نَصراً وقَد فُزتُ فَوزَا
وقَد رُحتُ طَوراً أَهُزُّ القُلُوبَ
                    إِلَى اللهِ بِالحَالِ والشَّرعِ هَزَّا
وقُلتُ ولَم يَسمَعِ العَارِفُونَ
              لِأَهلِ الدَّعَاوِي أُولِي الوَهمِ رِكزَا:
جَعَلتُ لِرَبِّي عَنِ الحَادِثَاتِ
                     ومَن  عَزَّ  بِاللهِ  يَا  عَزُّ  عَزَّا
ولَم  أَتَطَلَّب  مِنَ  الفَانِيَاتِ
                     عُيُوناً مِرَاضاً ورَمشاً وغَمزَا
يُرجِّي القُوَى بِالضَّعِيفِ الضَّعِيفُ
                    فَمَا  زَادَ  إِلَّا  انهِزَالاً  وعَجزَا
تَثَاقَل  أُخَيَّ  بِسُوءٍ  أَرَدتَ
                 وفِي نَفعِكَ النَّاسَ كُن مُستَفَزَّا
فَكَم  وَخَزَ  السُّوءُ  أَصحَابَهُ
                    بِشَرِّ حِرَابٍ مِنَ السُّوءِ وَخزَا
سَتُطوَى المَظَاهِرُ بَعدَ البُرُوزِ
                وعَن فِعلِهِ المَرءُ بِالسُّوءِ يُجزَى
أَفِي القَبرِ يُفرَقُ أَهلُ الخُرُوقِ
                 ومَن  كَانَ  يَلبَسُ  خَزّاً  وبَزَّا ؟
إِلَى اللهِ حَقّاً تَصِيرُ الأُمُورُ
                  وفِيهَا   التَّصَرُّفُ   للهِ   يُعزَى

نظم العارف بالله الإمام المجدد السيد
محمد أبو الهدى الصيــــــادي الرفاعي
رضي الله عنه.

«روضة العرفان» ص (٣٢)

حاشية:

¹ قال الإمام محمد مهدي الرواس قدس سره في كتابه «مراحل السالكين» ما نصه: (فببركة الطَّاعة الخالصة المطابقة لأمر الله تعالى ولأمر رسوله ﷺ يُفاضُ العلمُ اللَّدُنِّيُّ للعبد، ويورثُه الله من العلوم الرَّبَّانيَّة ما لم يكن يعلم، قال اللهُ تعالى: ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾ [ البقرة:282 ].
ولهذا السِّرِّ قال رسول الله ﷺ: «تَعَلَّمُوْا اليَقِيْنَ وَإِنِّيْ مُتَعَلِّمٌ مَعَكُمْ». واليقينُ - أي: بذات الله تعالى وصفاته - بحيثُ يفتح بالطَّاعة الخالصة كنوز حقائق الملكوت.
ومجموع هذه النُّعوت التي نعَتْنا بها هذا العلم إذا اجتمعت وصارت جملةً أو كلمةً فقل: هي علم التَّصوُّف الذي هو علمُ طريق الآخرة، وهو الذي فصَّلناه، ومعراجُه الزُّهد والإخلاص).
انتهى منقولا بحروفه ص (٦٨) بتحقيق الشيخ أحمد جحا.

تذييل على القصيدة السابقة بقلم ناظمها رضي الله عنه 👆:

كتب ما نصه:
محاضراتُ الحِبِّ تَهُزُّ القلب؛ فيموج فيه معنى رقيق الإشارة، لطيف العبارة، يُكتَب في الخاطر فيُلقِيه إلى اللّسان، فالنّاثر يَنثُر عنه، والنّاظم يَنظِم منه، والحُبُّ يرتقي إلى العشق والوله والتّتيُّم، وروح المحبّة الصّدق والاستقامة والعفاف، وفي الحديث الشريف: «مَن عشِقَ فعفَّ فكَتَم فمات؛ ماتَ شهيدًا»، وقد انطلقت ألسن الفضلاء والعظماء والنّجباء من الأدباء، فنظموا رقيق الشعر ودقيقه، في ذكر أساليب المحبة، وطارحوا الخيال في ذلك المقام، وكل أتى بنَسَق؛ فمنهم من نسج بدائع معاني الشكوى، ومنهم من حن حنين من أمرَضَته البلوى، ومنهم من تغزّل فتلطّف، ومنهم من تَذلّل فأسرَف، ومنهم من جمع في أساليبه بين هذه المقاصد اللطيفة وتطرَّف، ولِكلٍّ مشربٌ وطريقٌ في المحبّة ومذهَب، والصدقُ رَونقُ أهل الكمال، والاستقامةُ طريقُ أولي الفضل من الرجال، ولا يُحَبُّ دنِيُّ طِراز، ولا يصادَق سفيلٌ يَجعلُ لِخِسّتِه الحقيقةَ كالمَجاز، كيف لا؟! والصّديق الذي يُحَبُّ له علامات، والوقوع على الصّديق الصّادق من النِّعَم الجَلِيَّات :

صديقُكَ الذي بأمرَيْكَ معَكْ
                  ومَن يضـــــرُّ نفسَه لينفعَكْ
ومَن إذا رَيْبُ الزّمان صَرَعَك
                  شتَّتَ شمل نفسِه ليجمَعَكْ

وأين الأصدقاء؟! كانوا فبانوا، كاد أن يُفقَدَ ركبُهم، ويُجهَلَ دربُهم، والله المستعان.

«روضة العرفان» ص (٢٩ - ٣٠)

إِلَيكَ  يَطِيرُ  الفُـــؤَادُ  الوَلُوهُ
                     بِرِيشِ الهَوَى يَا زَكِيَّ الشَّذَا
تُمِيتُ وتُحيِي وحَالُ المُحِبِّ
                     فَإِمَّــــا  لِهَـــــذَا وإِمَّـــــا لِذَا
بِقُربِكَ حَقِّق حَيَــاةَ الشَّجِي
                     ولَا  تَترُكَنـــــــهُ أَسِيرَ الأَذَى
شُهُودُكَ  كَالنُّـــورِ  لِلمُقلَتَينِ
                     وإِنَّ جَفَــــاكَ لِعَينِي  قَـــــذَا
فَإِن قُلتَ: مُضنىً فَإِنِّي لِذَاكَ
                     وإِن قُلتَ فَــــــانٍ فَإِنِّي كَذَا
وإِن قُلتَ: تَرحَمُ بَعدَ البِعَــادِ
                      بِبَذلِ  الفُـــــــؤَادِ فَيَا حَبَّذَا
مَتَى لُحتَ حِيناً لِعَينِ المُهَامِ
                      جَلَوتَ  لَهُ رَونَقـــــــاً مُفلَذَا
يَسِيرُ  إِلَيكَ  مَسِيرَ  النِّيَاقِ
                       يَوَدُّ لَوَ ٱنَّ العُيُــــونَ الحِذَا
يَقُـــــولُ عَذُولِيَ كَاتَمتُـــــهُ
                      بِهَجرِي فَبِاللهِ هَل كَانَ ذَا؟

الإمام السيد محمد أبو الهدى الصيادي قدس سره.

«روضة العرفان» ص (٢٩)

مقال عن الإمام السَّيِّد محمد أبي الهدى الصيادي قدس الله سره نُشِر في جريدة (صوت الشعب) الصادرة في بيت لحم القدس السبت 5 كانون الأول 1931م الموافق 22 رجب 1350هـ

نشر مقال عن جدي العارف بالله الإمام  المجدد السيد أبو الهدى بعد انتقاله لأكثر من عقدين في جريدة صوت الشعب الصادرة في بيت لحم القدس السبت 5 كانون الأول 1931م الموافق 22 رجب 1350هـ جاء فيه:

[الحسيب النسيب أبو الهدى الصيادي
كنا مزمعين على كتابة فصل عن تاريخ الحسيب النسيب السيد أبو الهدى الصيادي انصافاً للتاريخ وإقراراً للحقيقة وإشادة بفضل هذا الرجل العربي العظيم، وإذا بالأستاذ الأكبر الشيخ التفتنازي ينشر نبذة هامة من هذا التاريخ المليء بالمفاخر والمجد؛ وهذه نبذة الأستاذ:

وها نحن أمام خان شيخون تلك القرية التي نسي الناس ذكرها، مع أنها أخرجت علماء من أعلام الإسلام آن للتاريخ أن ينصفه، وأن يكشف عن هذه الحجب الكثيفة التي رانت على اسمه دون رحمة أو شفقة، ذلك هو المرحوم السيد أبو الهدى الصيادي الرفاعي، الذي يقترن اسمه باسم الدولة العثمانية طوال العهد الحميدي والذي يرجع إليه خصومه أسباباً عدة لظلمة ذلك العهد.
والآن؛ أما آن للحقائق أن تظهر صريحة، وأن تمحص ما دونته تلك الأقلام الكيدية من ناحية، والأقلام المادحة المأجورة من ناحية أخرى، وأن يعرف المرحوم السيد أبو الهدى الصيادي على حقيقته، وأن يقدر بنتاج فضله نبوغه وذكائه، وقد أصبح الرجل في ذمة التاريخ؛ فهو لا يرغب في خيره ولا يرهب شره.
أما رأي الذي أتحمل تبعته أمام الله والناس والتاريخ، أن السيد أبا الهدى كان عظيماً، وكان خيراً، وإذا طرحنا ما له من السيئات التي يرميه بها خصومه من حسناته التي يحملها الناس في أعناقهم بقي بعد هذه العملية الحسابية للرجل فضل كبير وخلدت له منن في الأعناق.
هذا الرجل العربي المتصوف يستطيع في أيام معدودات، وفي عاصمة تركيا الإمبراطورية وبين جدران دار الخلافة الإسلامية أن يصل إلى إعماق الداهية عبد الحميد، وأن يصبح المحور الذي تدور حوله سياسة هذه المملكة الكبيرة، وأن يظل محتفظاً بهذه العظمة حتى تنزله قوة خصومه المادية عن عرش عظمته، ثم هو لا يعيش في أسار الذل إلا ليلة واحدة فالله سبحانه وتعالى أقصر في أجل مذلته وتقبله في رحابه وجنانه، وفي هذا شيء كثير من معنى الستر، والستر أقصى الطلبات وغاية الغايات.
إن الذي أريد أن أقوله صراحة عن المرحوم السيد أبي الهدى الصيادي هو أنه لولاه لم يتح لعربي واحد أن يتألق نجمه في سماء دار الخلافة، وقد كان العرب يؤلفون في دار الخلافة وحدة يرعاها السيد أبو الهدى بجاهه ونفوذه وعلمه وماله وخبرته، ومن أفراد هذه الجماعة من حمل لواء القضية العربية إلى الآن، ومن أثار هذه الوحدة تلك الأسفار العربية التي أخرجتها للناس مطابع الآستانة، والتي لا تزال مكاتب البلاد العربية تعدها القنية الغالية والأثر المحفوظ.
نعم لقد آن للتاريخ أن ينصف الرجل، وأن يحدد نواحي عظمته، فرحمة الله عليه من عظيم ذكي الفؤاد أفاد واستفاد، وإلى الله مرجعه يوم الفصل والميعاد].

من كتابي (النجم الهادي في سيرة الامام السيد محمد أبي الهدى الصيادي).

منقول من صفحة سليل الدوحة الهدائية المحامي الأستاذ نائل الصيادي حفظه الله من شر كل معادي

تَرجَمَ دَورُ الفَلَكِ المُطَلسَمِ
                    عَن دَورِ سِرِّيَ الخَفِيِّ المُبهَمِ
وانشَقَّ مِن أَسجَافِ غَلغَالِ الخَفَا
                    حُكمُ  ظُهُورِي  بِطِرَازٍ  مُعلَمِ
ولَاحَتِ الشَّمسُ الَّتِي تَحَجَّبَت
                  وَرَاءَ أَموَاجِ العَجَــــاجِ المُعتَمِ
أَضحَت بِسَمكِ القُربِ فِي بُرجِ الضُّحَى
             يَشهَدُهَا حَتَّى أَخُو الطَّرفِ العَمِي
تَنَوَّعَ  المَعنَى  وفِي  اندِمَاجِهِ
                   سِرٌّ  ولَكِن حُكمُــــــهُ لَم يُكتَمِ
قُمتُ  بِهِ  مَعَ  الخَفَاءِ  ظَاهِراً
                   فَخُذ  صَرِيحَ  مَظهَرٍ  بِطَلسَمِ
إِنِّي أَنَا الشَّمسُ الَّتِي صَبَا لَهَا
             قَومِي الأُولَى بِنَصِّ كَشفٍ مُحكَمِ
جَلَا  بِيَ  الجَلِيلُ  جَلَّ  شَأنُهُ
                 مُغلَقَ جِفرِ العِتــــــــرَةِ المُنَمنَمِ
لِي حَضرَةٌ تَطوِي القَبِيلَ نَازِحاً
                 إِذَا القَتِيــــــــلُ رَاحَ نَازِفَ الدَّمِ
يُشِيدُ مَبنَاهــــــــــا بِعِزٍّ نَائِبِي
                عَلَى نِمَـــــــاطِ المَدَدِ المُطَمطَمِ
فَتَحفِلُ الأَقطَابُ فِي أَطرَافِهَا
                وكُلُّ نَدبٍ صَالِــــحٍ مُكَــــــــــرَّمِ
ورَوضَتِي تَنبُعُ بِالنُّـــــورِ  الَّذِي
                يُبدِي الفُتُـــــــوحَ لِلفَتَى المُهَيَّمِ
وتَخضَعُ الرُّكبَانُ فِي رُكنَيهِمَا
                وِبهِمَا لِلصَّالِحَـــــــــــاتِ  تَرتَمِي
يَخدُمُ  فِيهِمَا أُنَاسٌ جُذِبُــوا
               بِنَفحَتِي مِن لُبِّ لَحمِــــي ودَمِي
يَقفُونَ سِيرَةَ الحَبِيبِ المُصطَفَى
                لَا سِيرَةَ المَأمُــــــونِ والمُعتَصِمِ
يَعلُو عَلَى رَغمِ أُولِي الحِقدِ لَهُم
                 شَأنٌ لَهُ المَجـــدُ الرَّفِيعُ يَنتَمِي
قَامَت  لَهُم  بِذَا المَقَامِ  قِسَمٌ
                 فَانظُــــر لِأَسرَارِ شُؤُونِ القِسَمِ
وتَطرُقُ الأَهــــوَالُ كُلَّ طَارِقٍ
                 يَستَرِقُ السَّمــــــعَ بِأَنفٍ مُرغَمِ
وقَد يَسِيرُ  وَاحِــــــدٌ مُشَرِقاً
                 وآَخَـــــرٌ  مُغَرِّبــــــــاً  لِمُلــــــزَمِ
هُنَاكَ غَارَاتُ الرَّسُولِ تُرتَجَى
                 فَهوَ عَمِيــــــدُ الكَوكَبِ المُسَلَّمِ
قَد يَجِبُ الخُضُوعُ للهِ عَلَى
                 كُلِّ امرِئٍ مِنَ الأَنَـــــــامِ مُسلِمِ
لَيَنتَقِي  سِنَّةَ طَــــــهَ مَذهَباً
                كَشَرعِــــــــهِ والعِلـــــمُ  بِالتَّعَلُّمِ
هُنَالِكَ اهزُز قُوَّماً بِحَضرَتِي
                ورَوضَتِي  لِلمَنهَجِ  المُقَـــــــــوَّمِ
وحَرِّضِ القَومِ عَلَى دَربِ التُّقَى
                بِهِمَّــــــــةٍ  رَغمِ  كِلَابِ  الأَعظَمِ
فَالكَربُ بِي يُجلَى ويَعلُو مَظهَرِي
                وافطَن فَأَهــــلُ اللهِ أَهلُ الهِمَمِ
 
نظم بهاء الدنيا والدين العارف بالله السيد
محمد مهدي آل خزام الصيــادي الرفاعي الحسيني الحسني الشّهيـــــــــــر بالرواس والمنعوت في الحضرة بـ غريب الغربـــــاء رضي الله عنه.

كتاب «بشارات ونذارات» ص /٣٧ - ٤٣/

تَجَرَّد عنِ الأغيارِ إن كنتَ عارفاً
             ولا تَرَ للأغيـــــــارِ قَولاً  ولا فِعلَا
ونَم حَولَ بابِ الصِّدقِ للهِ خاشعاً
                  فمَن زَلَّ عنه إي وسُلطانِهِ زَلَّا
وسَلِّم إليه الأمــــــــــرَ واعلَم بِأنَّهُ
     إذا شاءَ أجرى مِن صَميمِ اللَّظى الوَبلَا
وباعِد أُولي الأغراضِ واهجُر فِعالَهُم
         ولا تَتَّخِــــــذ مِنهم على غَـــــرَرٍ خِلَّا

لفتـــــــة:

كان سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه يكنس بيت المال بعد أن ينفق كل ما فيه ثم يقول للدنيا :

" قد طلقتك ثلاثًا لا رجعة فيها "

فقال سيدنا جعفر الصادق أبياتًا في هذا المعنى :

عتبتُ على الدّنيا وقلتُ: إلى متى
          تَجودين بالهمِّ الذي ليس ينجلي؟!

فكُلُّ شريفٍ مِن سلالة هاشمٍ
                  يكون عليه الرزق غير مُسهَّلِ

فقالت: نَعَم يا ابن البتول لأنني
          حقَدتُ عليكم حين طلقني "علي"!

وكذلك الإمام الرفاعي الثاني الشهير بالرواس رضي الله عنه وأرضاه كان يقول: (إنها مطلقة أبينا، لا نواليها ولا توالينا)

وكانوا رضي الله عنهم وأرضاهم يقولون: (مطلّقة أبينا، لا تَحل لنا)

وإلى هذه المعاني الشريفة يشير الإمام الرفاعي الثاني السيد الرواس قدس الله سره في هذه القصيدة التالية فيقول:

تُعارِكُنا الأَيَّامُ يا أُمَّ عَامِـــــــــرٍ
                عِنَادًا ولَيلُ الكَربِ لا بُدَّ يَنجَلي
وتَزعُمُ أَن تَلوي لِغَيرٍ عِنانَنــــــا
            ونَحنُ بَنُو الفَحلِ البَطِينِ المُفَضَّلِ
فَقُولي لِدُنيانا التي قَد تَطاوَلَت
           عَلَينا : احفَظي عَهدَ النَّبِيِّ فَما بُلِي
لَهُ العَزمُ والتَّصريفُ والجاهُ في غَدٍ
            وأَعتابُـــــــــهُ كَنزٌ لِكُلِّ مُؤَمِّـــــــلِ
لَيَالِيكِ بُترٌ كَيفَما طُلنَ إِذ سِوى
            مُكُوِّنِ هذا الكَونِ فَانٍ ، أَلا اخجَلي
وقائِلةٍ لِي : خَلِّ دُنياكَ وَاطوِها
            على جانِبٍ طَيَّ السِّجِـــــلِّ وهَلِّلِ
وكَبِّر وسَبِّحْ وَاحمَدِ اللَّهَ خالِصًا
           وأَكثِر مِنَ الذِّكــــرِ المَجِيدِ وحَوقِلِ
وصَلِّ عَلَى المُختارِ مِن آلِ هاشِمٍ
           إمـــــامِ النَّبِيِّينَ الأُولى خَيرِ مُرسَلِ
فَإِنَّكَ مِن آلِ الوَصِـــــــــيِّ وإِنَّهُم
            شموسُ الهُدى فِي كُلِّ نادٍ ومَحفَلِ
أَلا إِنَّها الدُّنيا صَدِيقَـــــــــةُ جاهِلٍ
          حَبيبَةُ خِبٍّ ناقِصِ الأَصــــــلِ مُغفَلِ
إِذا أَكرَمَت عَن قِسمَةِ الغَيبِ سَيِّدًا
          سَقَتهُ عَلَى كُرهٍ عُصَارَةَ حَنظَـــــــــلِ
رَأَت جَدَّكَ الكَـــــــــرَّارَ خَصمًا وآلَهُ
         وثَارَت عَلَيهِم ثَــــــــورَةَ المُتَخَبِّــــــلِ
فَقِيلَ لَها : أَفرَطتِ والقَــــومُ سَادَةٌ
          أولو شَرَفٍ آلُ الأَغَـــــــرِّ المُحَجَّــــلِ
نْجومُ الهُدى والدِّينِ والعِلمِ والتَّقى
         بَنُو المُرتَضَى الكَـــــرَّارِ حَيدَرَةَ الوَلي
فَقَالَت : لِهَذَا عِثتُ فِيهِم فَإِنَّنِي
          عَقَدتُ عَلَيهِـــــــــم مُنذُ طَلَّقَنِي عَلِي

🔺️ نظم العارف بالله بهـــاء الدنيا والدين
السيد محمد مهدي الصيــــادي الرفـــاعي
الحسيني الحسني الشيـــوخي الشهيـــــــر
بالرّوّاس رضي الله عنه وأرضاه والمنعوت
في الحضرة بـ غريب الغرباء قدس الله سره.

مجالس أهل الحب

مَحَقنا الورى لَمَّا رَجَعنا إلى المَولى
               وغِبنا عنِ الأشياءِ ما قَلَّ أو جَلَّا

أبيات لمولاي الإمــام أحمد¹ شَمس الدين  المستعجل الرفاعي رضي الله عنه، قالها لأحد النَسَّابة العلويين وقد تحيَّر في نسب قوم مِن الأشراف:

دَعْ كُل فَخر للمُفاخِـــر والْتَزِم
             حُسْن السَريرة والنَّوايا الطَّاهـرة
وَدَع البَنين لأهْلهِم فجدودُهُم
             أدْرَى بهم مِن غَيرهم في الآخرة
وَلأنْتَ مِنهم فَاعتصم بِحبالِهِم
             واهْدأ فأسرارُ الحقائــــقِ ظاهرة

حاشية:
¹ مخطوط «صحاح الأخبار» لمولانا شيخ
الإسلام السيد سراج الدين الصيــــــادي
المخزومي الرفاعي قدّس  سره. ل [13].
في المخطوط (محمد) وهو تصحيف لأن راوي القصة هو السيد محمد تاج الدين يرويها عن أبيه السيد شمس الدين وهو (أحمد) وليس (محمد)، بل محمد جدّه (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).

أبيات لمولاي الإمــام أحمد¹ شَمس الدين  المستعجل الرفاعي رضي الله عنه، قالها لأحد النَسَّابة العلويين وقد تحيَّر في نسب قوم مِن الأشراف:

دَعْ كُل فَخر للمُفاخِـــر والْتَزِم
             حُسْن السَريرة والنَّوايا الطَّاهـرة
وَدَع البَنين لأهْلهِم فجدودُهُم
             أدْرَى بهم مِن غَيرهم في الآخرة
وَلأنْتَ مِنهم فَاعتصم بِحبالِهِم
             واهْدأ فأسرارُ الحقائــــقِ ظاهرة

حاشية:
¹ مخطوط «صحاح الأخبار» لمولانا شيخ
الإسلام السيد سراج الدين الصيــــــادي
المخزومي الرفاعي قدّس  سره. ل [13].
في المخطوط (محمد) وهو تصحيف لأن راوي القصة هو السيد محمد تاج الدين يرويها عن أبيه السيد شمس الدين وهو (أحمد) وليس (محمد)، بل محمد جدّه (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).

🔅 الموشح السابع 🔅

هَبَّ الصَّبا الفيّــاحُ من لعلَعِ
                     ولاحَ يُجلى بارقُ الأجْــــرَعِ
يُقالُ: قل للقلب أن يصطبِر
                     قلتُ: نعم لو كان قلبي معي

                       ❆دور❆

أقسمتُ بالفجر وليلِ الوصالْ
                   وطالِعِ الشّمسِ وذاكَ الجَمالْ
ما التفتَتْ آرام تلك التـــــلالْ
                   إلا وكالسيل جَـــــرَتْ أدمُعي

                       ❆دور❆

يا حَيرة العشّاق لمّا انجلى
                     بدري منيعًا في سماء العُلا
قد لألأت أنــواره في المَلا
                    وسُجُفُ الإجلالِ لم تُرفَـــــعِ

                       ❆دور❆

كم عاشقٍ مُضنى على بابهِ!
                     يُمرِّغُ الوجـــــــــــهَ بأعتابهِ
وكم وَلـــــوهٍ ضمنَ سردابهِ!
                     غيرَ أحاديثِ الهوى لم يَعي

                       ❆دور❆

يا واحدَ الكون بكل الشؤونْ
                تنوَّعَت في الحُبِّ فيكَ الفنونْ
لله كم أجرت عيونًا عيــون!
                عليكَ رغم الغافـــــــلِ المُدّعي

                       ❆دور❆

يا سيّدي والسّترُ شأنُ الحبيبْ
              عيبي صريح بل ودمعي صبيب
استُر عيوب المستهام  الكئيب
               لطفًـــــــــــا وحبلَ الوُدِّ لا تَقطَعِ

                       ❆دور❆

يا راحةَ الرّوح ونور الفؤاد
               أدرِكْ بنَشر القُربِ واطوِ البِعـــاد
عليكَ صلى الله ربُّ العِباد
               ما ضاء فجرُ الصّبحِ في المَطلَعِ

نظم العارف بالله الإمام المجدد السيد
محمد أبو الهدى الصيــــــادي الرفاعي رضي الله عنه.

من ديوانه
 «مرآة الشهود» ص (٢٢٢ - ٢٢٣).