بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأخواتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد
هذه شواهد من القرآن الكريم على ( جميعًا ) و (أجمعين وأجمعون ) من ألفاظ التوكيد المعنوي ، والفرق بينها ، مبتدئة بتوضيح هذا الفرق من خلال هذه الآية العظيمة ، وكلام الله كله عظيم لا يفضل بعضه على بعض ، سبحانه عز من قائل .
نسأله سبحانه أن يجعلنا ممن يتدبر آياته فيعلم ويعمل فيدخل جناته بإذنه اللهم آمين
( وما قدروا اللهَ حقَّ قدرهِ والأرضُ جميعًا قبضتهُ يومَ القيامةِ والسمواتُ مطوياتٍ بيمينهِ سبحانهُ وتعالى عما يشركونَ ) (الزمر 67)
إعراب جميعًا : حال منصوبة من الأرض
لماذا لم أقل إنها توكيد ؟
أولا : لأن كلمة ( جميعًا ) نكرة فهي هنا لم تضف إلى ضمير ومن شروط إعمال ( جميع ) لكي تكون توكيدا أن يتصل بها ضمير يطابق المؤكَّد في الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث
بينما الحال تكون نكرة ، ولا يصح أن تكون معرفة إلا إذا صح تأويلها بنكرة
ثانيا : ( جميعًا منصوبة ) و ( الأرضُ مرفوعة ) ولا يجوز في المؤكِّد أن يخالف المؤكَّد في حركات الإعراب
بينما الحال دائما تكون منصوبة ولا يشترط في صاحب الحال أن يوافقها في هذه الحركة ( والأرضُ جميعًا )
إذن عندما كانت النظرة إلى ذات هذه الكلمة (جميعًا ) استطعت التفريق بين كونها توكيدًا أو حالًا
حسنًا هناك سؤال يترتب على هذا الكلام وهو
هل أستطيع التفريق بين هذين الإعرابين للكلمة عن طريق النظر إلى المؤكَد وصاحب الحال ؟
لو نظرنا إلى الكلمة السابقة لها ( الأرضُ ) لوجدنا أنها معرفة (جاءت هنا مُعرَّفة بأل )
فكوننا أعربنا ( جميعًا ) حالا وكان صاحب الحال معرفة نهتدي بذلك - بإذن الله- أن صاحب الحال يكون معرفة
حسنا هل هذا الأمر على الإطلاق ؟ أم من الممكن أن يأتي صاحب الحال نكرة ؟
نقول الأصل في صاحب الحال أن يكون معرفة محضة ؛ لأن الجمل بعد النكرات صفات ، وبعد المعارف أحوال
(الأرض ) معرفة محضة
أما إن لم يكن صاحب الحال معرفة محضة فقد يعرب ما بعده حالا أو صفة
وكما أن لصاحب الحال مواضع قليلة يأتي فيها نكرة
وكذلك التوكيد : فهو خاص بالمعارف فلا يجوز في الفاظ التوكيد أن تتبع نكرة إلا ما ندر أو كان محدودا ، لحصول الفائدة بذلك ، بشرط أن يكون التوكيد من الفاظ الإحاطة والشمول
إذن بما أنَّ ( صاحب الحال والمؤكَّد ) يكونان معرفة فعلى ذلك لا استطيع أن أهتدي إلى التفريق بين الحال والتوكيد بالنظر إلى هذه الجزئية على سبيل الجزم وذلك للاشتراك والله أعلم
وكذلك حركة الإعراب قد تتوافق في الحال وصاحبه وذلك عندما يكون صاحب الحال منصوبًا فيكون بهذه الموافقة قد اشترك مع التوكيد في موافقته متبوعة في حركات الإعراب فلا استطيع التفريق بينهما لأجل ذلك .
الشواهد القرآنية
أولا: شواهد على ( جميعًا )
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ )( البقرة 165)
جميعا : حال من الضمير المستكن في خبر إنَّ
إذن صاحب الحال يأتي ضميرأ مستترا
( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) ( الرعد 31)
جميعًا في الموضع الأول : حال من الأمر منصوبة
إذن صاحب الحال يأتي مبتدأ لأن ( الأمر) مبتدأ
جميعًا في الموضع الثاني : حال من الناس منصوبة
إذن صاحب الحال يأتي مفعولا به لأن ( الناس ) مفعول به
( وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ )(إبراهيم 😎
جميعًا : حال منصوبة من ( مَنْ )
إذن صاحب الحال يأتي اسم موصول بمعنى الذي
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( الزمر 53)
جميعًا : حال منصوبة من الذنوب (الذنوب ) مفعول به
( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الزمر 67 )