عقيدة أهل السنة

[حربنا بعد حربهم]

قال مالك بن دينار:

قرأت في كتب الله المنزلة: إن الله تعالى قال: أفني أعدائي بأعدائي ثم أفنيهم بأوليائي.

[تفسير الثعلبي ١٩١/٤]


ولا زالت حتى الآن كل تلك الحروب تهيئة لما بعدها ، وإعداد المسلمين لما هو آتٍ ، فالمرحلة القادمة لا يثبت فيها إلا من كانت لديه عقيدة راسخة وإيمان ثابت وعقل راجح ذلك (وكل ذلك بفضل الله وتثبيته لمن ثبت) .

أما الغثاء ف هم مع كل سيل ينجرفون ، ومع كل فتنة يخوضون ويتساقطون واحداً تلو الآخر.

‏
إن الله يبتلي ليمحّص، والعارف بالله يدرك أن المسألة ما هي إلا امتحان من الله جل وعلا فيزداد ثباتًا...


{ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ }

قال مجاهد : يمحص : يبتلي

وقال الحسن البصري : يمحص المؤمن حتى يصدق
ويمحص الكافر حتى يكذبه

وقال ابن إسحاق : أي يختبر الذين آمنوا حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم
وكيف صبرهم ويقينهم
وقال ( ويمحق الكافرين ) أي يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به منكم

وقال قتادة : فكان تمحيصاً للمؤمنين ومحقاً للكافرين ( يعني القتال يوم أحد )

[ تفسير ابن أبي حاتم 3 / 774 - 775 ]


وما نرى هذه المرحلة إلا ابتلاءاً للذين آمنوا ، ويليها مراحل التمكين والفتح لمن ثبت على المنهج ، ولا نرى الفتح إلا قاب قوسين أو أدنى...

وعسى أن يفني الله أعداءه بأعداءه ، ويفتح على أولياءه بعد ذلك ويمكنهم ممن بقي من أعداء الله...

نسأل الله الثبات على طريق الحق حتى نلقاه ونحن على ذلك .

[الكفر بالطاغوت]

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - :
اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} .

فأما صفة الكفر بالطاغوت فهو أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم.

وأما معنى الإيمان بالله فهو أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.

وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} .

والطاغوت عام، فكل ما عُبد من دون الله، ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت.
والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة:

(الأول) : الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله، والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} .

(الثاني) : الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} .

(الثالث) : الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ...

(الرابع) : الذي يدعي علم الغيب من دون الله، والدليل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} . وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} .

(الخامس) : الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} .

واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .

الرشد دين محمد صلى الله عليه وسلم، والغي دين أبي جهل، والعروة الوثقى شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات؛ تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.

مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان

[حال السلف مع القرآن في رمضان]

أخبرنا محمد، قال: وسمعت الربيع، يقول: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة.

[فوائد أبي بكر الزبيري ص ٦٨]

عن مجاهد عن علي الأزدي قال: كان يختم القرآن في رمضان كل ليلة.

[مصنف ابن أبي شيبة ٢٤٣/٢]
قال عبد الملك بن أبي سليمان: كان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.

[تذهيب تهذيب الكمال ٤٢٣/٣]

عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين.

[فضائل القرآن لأبي عبيد ص١٨٠]

[‏السُّنَّة]

قال عبد العزيز  (غُلام الخلال) - رحمه الله - :

‏« أَولَى النــــاسِ بــالصحَبةِ مَن وافَقَكَ فِي السُّنّة ، ولا تَصحَب مَن خَـــــالَفَكَ في السُّنَّة وإِن كان قريبًـــا …».

‏[زاد المسافر ( ١/ ٢٨٥)]