من الصلح وأنواعه التي ذكرها الله عز وجل؛ الصلحُ بين المسلمين والكفار، وهذا من خصائِص وصلاحيات ولاة أمور المسلمين وحكامهم و ملوكهم، ليس من شأن الأفراد ولا الأحزاب ولا المليشيات ولا غيرها.
فالله قد أمرَ ولاة الأمور بالنظر في مصالح المسلمين، فَبِيَدِهم و إليهم يُرجع في مسألة الحرب والسِّلم والصلح والمعاهدات وغير ذلك.
ولهذا النبي ﷺ صالحَ أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وصالح المشركين كما في قصة صلح الحديبية، وهذا مذكور في القرآن والأحاديث الصحاح وسيرة النبي ﷺ.
وكلُّ مَلكٍ أو رئيسٍ لدولة مسلمة ينظر في مصلحة شعبه ورعيّته، فإذا رأى المصلحة في عقد صلح مع الكفار من يهود أو نصارى أو غيرهم سواءً كان هذا الصلح مُوَقَّتًا بمدة أو كان مطلقا غير مُوَقَّتٍ، سواء كانوا من اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار؛ فمرجع هذا الأمر إلى وليِّ الأمر المسلم، إلى الحاكم.
وهنا أنبّه على مسألة مهمة:
كل سنِّي في بلد مسلمٍ؛ فإن موقفَه موقف ولاة أمره.
فإذا كنت -وأنت رجلٌ متمسِّك بالسنة في دولة إسلامية- وليُّ أمركَ رأى إقامةَ الصلح والمعاهدات مع الكفار -من يهود أو نصارى أو غيرهم-؛ فأنت لا تُنازع وليَّ أمرك في هذا.
أخوك السنّي في دولة أخرى وحاكمه ووليُّ أمره لم يَقُم بتلك المصالحات ولا المعاهدات؛ فالواجب عليه -في اعتِقاده وفي السنة- أن لا يُنازِع وليَّ أمرِه في ذلك، و أن يكون موقفه هو موقف ولي أمره.
وبهذا نعلم أنَّ من يقول: (نُوَحِّد موقف السلفيين في العالم من القضايا السياسية): هذا قول حَرَكِيٌّ بدعيٌّ باطل، كالصلح وعدمه، والهُدنة، والحرب؛ لأن أهل السنة ليسوا حزبا وتنظيمًا عالميا يُصدر موقفا مُوحدًا.
أضرب لذلك مثالا حتى تفهموا:
لأفترض في المثال أن وليَّ أمري أنا عقدَ صلحًا و معاهدات مع أي دولة كافرة؛ فأنا موقفِي في هذا موقف ولي أمري، ولا أنازعه في ذلك وأرى أن ما عمله من الصلح و المعاهدات حقّ شرعي له، لكني لا أُعمِّم ما فعلَه ولي أمري على أهل السنة في العالم كله.
بينما أخي حسن ولي أمره لا يَرى المعاهدة والمصالحة مع هذه الدولة، وقطعَ علاقاتِه بتلك الدولة الكافرة؛ فالواجب على أخي حسن في السنة أن لا يُنًازع وليَّ أمره، ولا يقول إن الحاكم المسلم الفلاني بينه وبين هذه الدولة مصالحة ومعاهدة فنحن معه.
انتبهوا لهذا، هذا أمر مهم، فأنا سنّي موقفي موقف ولي أمري لا أنازعه، و أخي حسن سُنِّي وموقفه موقف ولي أمره لا ينازعه.
لستُ أنا أدعو جميع السلفيين في العالم ليكونَ موقفهم موقف ولي أمري.
ولا حسن يدعو السلفيين في العالم أهل السنة في العالم ليكونَ موقفهم موقف ولي أمره.
لأن لكل بلدٍ وليَّ أمرٍ شرعي، موقِفُهم موقف ولي أمرهم.
فعَقْدُ المعاهدات والمصالحات بين المسلمين والكفار إنما هو بيَدِ ولي الأمر، وكُلُّ ولي أمرِ بلدٍ مسلمٍ يفعلُ ما يراه مصلحةً لبلده وشعبه.
وهذا الذي لخّصته لكم هو مجمل فتاوى شيخ الإسلام في هذا العصر الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله.
وهو العمل بأصول السنة]
[من محاضرة: الصلح والاجتماع على مِنهاج السَّلف ١٧.ربيع الآخر. ١٤٤٦]
▪️▪️▪️
📍الصفحة الرسمية للشيخ أبي العباس عادل بن منصور على الفيسبوك.
https://www.facebook.com/Abualabbasadel/
📍القناة الرسمية للشيخ أبي العباس عادل بن منصور على التلجرام:
https://t.me/abulAbbasAdel
بإشراف أحد طلابه .