يفقد الواحد منا ذاته عندما يجعل من نفسه (طواعيةً) مسرحًا يضمّ على خشبتهِ رغبات الآخرين، رغبةً منه في إرضائهم وسعيًا وراء شعوره أنّه مقبول، ومن تحوّله من شخصيةٍ إلى غيرها ومن أسلوبٍ إلى آخر؛ يُصبح كائنًا متناثرةٌ أجزاؤه في جهات شتّى، لا يكاد يجتمع بكلّه ساعة متذوقًا طعم السكينة، ثمّ هو مع رقّة طبعه يُجرح كثيرًا، ويندم كثيرًا، ويلوم نفسه الّتي انفلتت من بين جنبيه كثيرًا كثيرًا.. ربّما لأنّه طمح ورغب في أمكانٍ لم تكن يومًا تشبهه فتشكّل وتميّز ليصبح لائقًا بها، ويا ليته ما فعل، وربّما لأنه لم يعد يعرف هويةً واحدةً له يرتكن إليها وقت ضعفه، فاضطرب عنه سكونه وذهب.. وربّما لأنه وضع نفسه محطّ أحكام الآخرين وأهوائهم، فنسي حقيقة نفسه وضاع بين طيّات الشّتات..