التفكُّر المستمر في الرعب المتمخِّض عن السرعة الشديدة التي تَجري بها الحياة كفيلٌ بأن يقضَّ مضجع كل إنسان، سلْ أي أحد تعرفه هل شعرت بعمرك الطويل الذي انقضى منك وحُسِبَ عليك وأَنقَص من عدّادك؟ الإجابة أنه لم يشعر، وكأنَّ عشر سنوات مضت مرة واحدة البارحة، كأنه كان طفلا البارحة، بل كأنه وُلِدَ البارحة! وستجري عليه بقية سنون عمره إلى أن يموت على ذات ذي الشاكلة! إنها حقا لَغمضةُ عين. ذي حقيقة الحال، ولكن كيف للناس أن يستمروا غير آبهين ولا شاعرين ولا متخوفين؟ بالتناسي والتغاضي والاندفاع للحياة أكثر وأكثر، ليس في وسعك إيقاف الزمن بل مجردُّ التفكر المتواصل فيه صعبٌ جدا، إنه لا يسمح لك حتى أن تترقبه أو تطارده أو تراقبه ببطئ، يسرع غير آبه ويطير من غير استئذان. فأيُّ حياة مورثةٍ للرعب هذي؟ أستغرب ممن قد يمضي عليه أسبوع من غير يوم كامل يُقضُّ مضجعه فيه، وعن نفسي أستغرب إذا مر يوم واحد لم يُقض مضجعي فيه بين الفينة والأخرى!