تصور أن يكون أكثر من أحببت خفيا مستورًا لا يعرفه غيرك ولا يسمعك تذكره!
وتصور لو أنك لا تعرف محبوبك وأوصافه، وما يحب وما يكره، وما يقربك إليه وما يبعدك عنه، أترى أي حب هذا إلا أن يكون ادعاء؟!
أحب الخلق إلى القلب وجوبًا على كل مسلم هو سيدنا الحبيب الصفي النبي الكريم رسول الله محمد ﷺ، حب النبي ﷺ ليس هو اتباعه، لا والله، بل ميل القلب إليه، والشغف بالتعرف عليه، والتقرب إليه في الدنيا والآخرة، وأما اتباعه فعلامة ظاهرة على الحب، ويمكن أن تتخلف بعض ظواهر الاتباع ولا يقدح ذلك في الحب!.
بل جعل العلماء من سنن الزوائد التي يثاب عليها فاعلها بنية الاتباع حب ما أحبه طبعه ﷺ، كحب الحلواء والعسل ولحم الكتف، واتباعه فيما لا حرج من ترك متابعته فيه ﷺ كأنواع اللباس وألوانها.
حب النبي ﷺ يجب أن يزيد على حبك لأبيك، وأمك وبنيك، وأهلك أجمعين، حب ظاهر مسموع بالفم والقلم، وباطن في العقل والقلب، يتعظم به كل ما اتصل به ﷺ من الأشياء الحسية والمعنوية.
حب النبي ﷺ يشغلك عن محبوباتك ومسائلك ودعواتك، فتتركها كلها وتصلي عليه، فتنال مسائلك وتنال مرغوباتك ببركة الصلاة عليه.
حب الحبيب ﷺ يستلزم منك أن تسعى للقرب منه حسًّا، وهو ﷺ بشَّرنا بأن من أقربنا منه مجلسًا يوم القيامة أحاسننا أخلاقًا، فهو يعلم بأننا نرغب في القرب من ذاته الشريفة، التي دارت حولها الرتب المنيفة.
أترى هل تجد نفسك أعرف بأوصاف ابنك من معرفتك بأوصاف سيدك ونبيك الذي أخرجك من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الكبير المتعال؟
هل لك أن تعرف الله ربك وإلهك ومدبر أحوالك إلا به ﷺ؟ هل لأحد من البشر عليك من منة أجل وأعظم من منة رسول الله ﷺ عليك؟ ألا ترى كم أنه مظهر رحمة الله التي شمل بها جميع ما تحت السماوات؟ من جميع المخلوقات والأكوان؟ كيف لا وقد ذكر الرب تعالى ذلك فقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)؟ أترى ما اشتمل عليه لفظ (العالمين) من عموم ما دخل في ربوبية الله (رب العالمين)؟!
هذا هو نبيي، صفيي، حبيبي، الذي تطيب بذكره قلوب المحبين، وتنجبر به خواطر المكلومين، ولا يفقد أحد حبيبًا له فيذكر فقده للنبي ﷺ إلا هان عليه فقده.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم ومحبيهم إلى يوم الجمع، آمين.