د. محمد محمد أبو موسى

@drabomosa


🔄 هذه القناة خاصة بنشر كل ما يتعلق بفضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد محمد أبو موسى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بالقاهرة.

📬 لمراسة إدارة القناة: @taha1812

د. محمد محمد أبو موسى

19 Oct, 11:10


https://youtube.com/@drabomosa

د. محمد محمد أبو موسى

18 Oct, 12:37


صانِعُ النَّظْم في أيِّ لُغةٍ من اللُّغات.
• لن يَصنعَ إنسانٌ بيانًا في لغةٍ من اللُّغات إلَّا إذا زاول عملية النَّظْم التي يشرحها عبدُ القاهر، ولذلك كان علمُ البلاغة من العلوم الغريبة جدًّا؛ لأن معظمَ مادَّته إنسانية، وليست خاصَّةً بلُغةٍ ولا جِنسٍ ولا عِرْق.
• تَوخِّي معاني النَّحو فيما بين الكَلِم على وَفْق الأغراض (النَّظْمُ) إنَّما يكون بالفِطْرة لا بالاكتساب: أختارُ الألفاظَ وتَركيبَ الألفاظ حتى أُبِينَ لك عن المعنى الذي أريده، وأنت كذلك، والطفلُ الذي يتكلَّم ويقول: «اسقني يا بابا، اسقيني يا ماما» هو يتوخَّى معاني النَّحو وإن كان لا يعرف شيئًا في النَّحو، امرؤ القيس حين قال: «قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنزِلِ» توخَّى معانِيَ النَّحو وهو لا يعرف كلمةً واحدةً في النَّحو؛ لأن النَّحو لم يكن قد وُجِد.
• أنا أشرحُ لك ويقيني أن الذي لم أشرحْه في الكتاب أضعافُ الذي شرحتُه، ولكني لا أستطيع أن أشرحَ إلَّا ما شرحتُه، وأنت عليك أن تتجاوزَ ما تَسمَعُه مني وأن تَمُدَّ يدَك، إنْ كنتَ تريد أن تكون شيئًا مُدَّ يدَك للَّذي لم تَنَلْهُ يَدِي.
• العلمُ لا يَقِفُ عندي، العلمُ لا بُدَّ أن يتحرَّك بك خُطوةً إلى الأمام، ولن يتحرَّك بك العلمُ خُطوةً إلى الأمام إلَّا إذا نالتْ يَدُك ما لم تَنلْهُ يَدُ مَن سبقك.
• عَجْزُنا عن الإضافة إلى المعرفة مِن أبرز عوامل التخلُّف.
• لن تتقدَّم البلادُ خُطوةً إلى الأمام إلَّا إذا كان فيها علماء يَصنعون ما لم يَصِلْ إليه الآخرون.
• يا سيِّدنا «الدُّهُلّ»، لا تفتخرْ علينا بأن رجالَنا يَعلَمُون أحدثَ ما وصلَ إليه الناسُ في العِلمِ الفُلاني!، يا سيِّدنا، قل لنا إن علماءنا أحدثوا في العلم ما لم يَصِلْ إليه الناس، ولن تقومَ لنا قائمةٌ إلَّا بهذا.
• كلُّ دَرسِ عِلمٍ قيمتُه ليست ما فيه مِن مادَّة علمية، وإنَّما قيمتُه ما فيه من إفاقةٍ وتَنبيهٍ وبَعْثٍ للعقول.
• يا سيِّدنا، علماؤنا ليسوا شُرَّاحَ عِلْم، وإنَّما هم صُنَّاعُ رِجال، وفَرقٌ شاسعٌ بين شُرَّاحِ العِلمِ وصُنَّاع الرِّجال.
• العالِمُ إذا وَجدَ حقيقةً علميةً وَقَفَ وأصرَّ على زَرعِها في قلوب أبناء قومه حتى تؤتِيَ أُكُلَها؛ لأنه يَعْنِيه أن يصنع إنسانًا حيًّا؛ لأن الإنسانَ الحيَّ هو الذي يَحمِي الأرضَ التي يَقِفُ عليها، ويَحمِي ديارَه، ويَحمِي قومَه.
• ممَّا أَذْكُرُ به مَن علَّمونا، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يَغفِرَ لهم وأن يرحمَهم، أنه كان لنا شيخٌ يقول لنا: في مسألة العلاقات والرَّوابط بين الكلمات، لا تَقِفُ عند كلِّ علاقةٍ وتسألُ عن سِرٍّ فتَجِدُه إلَّا في القرآن الكريم، ولن تَقِفَ عند كلِّ رِباطٍ بين كلمتين وتَبحث عن معنًى في هذا الرِّباط فتَجِده إلَّا في القرآن الكريم، أمَّا في الشِّعر فقد تَجِدُ وقد لا تَجِد، والإعجازُ أنك كلَّما تساءلت عن سِرٍّ أجابك القرآن، وقد تَجِدُ سِرًّا في الشِّعْر وتَجِدُ مِثلَه في القرآن، ولكنَّ الفَرْقَ أن وَفْرةَ المعاني في الشِّعر لا يمكن أن تكون كوَفْرة المعاني في القرآن، وهذا الكلامُ أفادني كثيرًا جدًّا في تحليل القرآن.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/240
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

18 Oct, 12:37


• أعداءُ المسلمين يَطلبون أن تكون جماعةُ المسلمين جماعةً بُلْدًا مُغفَّلين، وحُكَّامُ الظُّلم يَطلبون أن تكون الشُّعوبُ بُلَهَاء لِتظلَّ تُصفِّق للفاشل وتَهتِف بنجاحِه، وهناك جهاتٌ كثيرةٌ في الحياة تُريد منك أن تكون «أَبْلَهَ»، منها الأعداءُ أوَّلًا، ومنها مَن ليسوا أعداء لكنْ مصلحتُهم أن تكون «أَبْلَهَ»؛ لأنه لن يكون لهم قيمةٌ إلَّا إذا كُنتَ أنت لا قيمةَ لك، وإذا كُنتَ أنت لك قيمةٌ فلن يكون لهم قيمة.
• كرَّرتُ عبارةً، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يَتقبَّلها مني، وهي: «أَيقِظُوا عُقولَ أقوامِكم تَنْفِ أقوامُكم خَبَثَها»؛ لا تُحاوِلْ أنت أن تَنفِيَ الخَبَث لأنك لن تستطيعَ أن تَنفِيَ الخَبَث، وسيَقتُلُك الخَبَث.
• عبدُ القاهر بالخُطوات العقلية المَحْضَة انتهى إلى أن الشيءَ الذي تَجدَّد بالقرآن حتى أعجزَ العربَ ليس هو معاني المفردات، ولا الحَرَكات والسَّكَنات، ولا الفَواصِل، وإنَّما هو النَّظمُ والتأليفُ والتَّركيب.
• تَنبَّهْ إلى أن الكلامَ يدعو بعضُه بعضًا، والذي لا يَفهَم السَّابقَ لن يَفهمَ اللَّاحِق، تَنبَّهْ إلى أن الكلامَ والعلمَ والفكرَ يُبنَى ثانيه على أوَّلِه، ويُبنَى ثالثُه على ثانيه، والذي لم يَفهمْ أوَّلَه لن يَفهمَ ثانيَه، والذي لم يَفهمْ ثانيَه لن يَفهمَ ثالثَه.
• «النَّظْمُ» كلمةٌ قديمةٌ قبلَ عبد القاهر، وموجودةٌ في اللُّغة منذ وُجِدَت اللُّغة، ومعناها «طريقةُ بناء الكلام»، وهذه حقيقةٌ رائعةٌ جدًّا، ولو كنتَ مِن الذين فتح الله عليهم، وكنتَ تقرأ القرآن، وكنتَ تتأمَّل بعضَ التأمُّل، ستجد هذه الحقيقة بين يدَيْك في كلِّ ما تقرأ.
• القرآنُ فيه إعجازان؛ قال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»: لا يُمكِنُ أن يَعلَمَ أحدٌ ما تُوسْوِسُ به نَفسُ الإنسان إلَّا الله، وهذا إعجازٌ في الخَلْق، والإبانةُ عن هذا إعجاز.
• في كلِّ القرآن أجدُ هذا الأمرَ العجيبَ: فِعلٌ لا يكون إلَّا مِن الله، وإبانةٌ عن هذا الفِعل لا تكون إلَّا من الله، ولو رُمْتُ الكُفرَ لحاصرَني هذا البرهانُ وهذا الإعجاز، إلَّا إذا كَفَرْتُ به جُحودًا مع استيقاني أنه الحقُّ.
• اقرأ القرآن حتى تَعرِفَ الله، أنت مُتوهِّمٌ أنك تَعرِفُ الله، ولكنك إذا قرأتَ القرآن وجدتَ «الله» غيرَ الذي تظنُّ أنك تَعرِفُه.
• مِن خِزْيِ الجهلِ أننا نَعُدُّ المُشرِكَ أكثرَ تنويرًا وأكثرَ عقلانيةً.
• في القرآن تَجِدُ أشدَّ النَّاس كُفرًا إذا أصابه البَلاءُ رأيتَ الفِطْرةَ تدعوه إلى أن يَدعوَ الله، وبإخلاص: «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ»، في هذه اللَّحظة الحاسمة، وهُم مِن أشدِّ الناس كُفرًا، الفِطرةُ تقول لهم: ادعوا الله مُخلِصين.
• السَّاكنُ في قَلب الفِطْرة هو الإيمانُ بخالقِها؛ لأن كلَّ ما خلقَه الله سكنَ فيه الإيمانُ بالله، حتى الجِبالُ والطَّير: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».
• لمَّا أصرَّ عبدُ القاهر على أن الإعجازَ لا يكون إلَّا في «النَّظْم» اعتُرِضَ عليه بأن هناك إعجازًا لا شكَّ فيه في الاستعارة والكناية والتمثيل وصُورِ البيان العليا، فأجاب إجابةً حَفِظْتُها أنا مِن قَبلِ أن يَخُطَّ شَارِبي وتَنْبُتَ لِحْيتي؛ هي أن هذه الاستعارة وهذه الكناية وهذا التمثيل عَن النَّظْم تَحْدُثُ وبه تَكون، واللهمَّ ارحمْ الشيخَ الحَجَّار الذي حفَّظَنا هذه الكلمةَ ونحن طلاب.
• أُذكِّر بأن النَّظْم الذي انتهى إليه عبدُ القاهر انتهى إليه كثيرٌ من العلماء قبلَه، وأن الجاهليين أدركوا أن إعجازَ القرآن في النَّظْم والتأليف والتَّركيب، فكأن عبدَ القاهر لم يأتِ بجديد، ولكنَّ الجديدَ الذي أتى به عبدُ القاهر هو الخُطوةُ التي تُبيِّن على أيِّ أساسٍ يكون النَّظْم: أنا الآن أؤلِّفُ كلامًا وأُركِّبه ليدلَّ على المعنى الذي أريد أن يَصِلَ إليك؛ فما الطريقةُ التي ألَّفتُ بها الكلام وركَّبتُه حتى يَصِلَ إليك معناه.. هذا هو الذي لم يَسبقْ أحدٌ عبدَ القاهر إليه.
• لو أنك مُتنبِّهٌ ستُدرِك أن عبدَ القاهر لا يتكلَّم عن العربيِّ الذي يَصنَعُ نَظمًا، وإنما يتكلَّم عن كلِّ ذي بيان - مهما اختلفت الأعراقُ والأجناسُ واللُّغات - كيف يَصنعُ نَظمَه؛ لأن صانِعَ النَّظْم في العربية هو صانِعُ النَّظْم في التركية، هو صانِعُ النَّظْم في اليابانية، هو صانِعُ النَّظْم في اليونانية، هو

د. محمد محمد أبو موسى

18 Oct, 12:37


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 10 من ربيع الآخر 1446هـ = 13 من أكتوبر 2024م)
• لا شكَّ أن أفضلَ علمٍ من علوم المسلمين، أو مِن أفضلِ علوم المسلمين، هو علم الإعجاز.
• لا يجوز لمُسلمٍ أن يَدَعَ قراءة القرآن؛ لأنها هي التي تُبيِّن له دِينَ الله، وتُبيِّن له الآخرةَ وما يَجِدُه فيها مِن أوَّل لحظة، وقد فرضَ الله علينا قراءة القرآن في الصَّلاة؛ فلا بُدَّ أنْ نُعاوِدَ قراءة القرآن.
• الشيءُ الذي أريد أن أبدأ به، واللهُ سبحانه وتعالى يُعينُنا ويَتقبَّل منَّا، هو أنه لمَّا أَذِنَ الله سبحانه وتعالى أن يكون القرآنُ معجزًا - وليس كتابٌ مِن كُتبِ الله التي سبقت القرآنَ مُعجزًا - هيَّأ الله سبحانه وتعالى لهذا الإعجاز بأشياء؛ منها:
- أولًا: أن الجِيلَ الذي نزل فيه القرآنُ المُعجِزُ هو أقْدَرُ أجيال العرب في بيان الكلام العالي، وعَجْزُ هذا الجيل يترتَّب عليه قطعًا أنه ليس من كلام البشر «فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ»، ولو كان في عِلْم الله أنه سيأتي جيلٌ أفضلُ من هذا الجِيل لَمَا صَحَّ هذا الترتيبُ؛ لأنه إذا عَجَز الجاهليون فقد يستطيع ذلك من يأتي بعدهم، ولكنَّ الله بَتَّ الأمرَ وقَطَعَه، وقال: «فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ»، وهذا دليلٌ قاطعٌ على أنه لن يأتِيَ جِيلٌ من أجيال العرب أَبْيَنُ في البيان مِن هذا الجِيل.
- ثانيًا: أن الذي نَزَلَ عليه القرآنُ شاء الله أن يكون أفصحَ مَنْ نَطَق بهذا اللِّسان.
- ثالثًا: أن اللُّغةَ التي نَزَلَ بها هذا الإعجاز كانت قد بلغتْ نهايةَ ما تَبْلُغُه اللُّغاتُ في طرائق البيان.. وهذه الثلاثةُ مِن توابع الإعجاز.
• إعجازُ القرآن له جُملةُ توابع لا بُدَّ لنا مِن معرفتِها، وكلُّها الأدلَّةُ عليها قائمةٌ: الجِيلُ الذي نَزلَ فيه القرآنُ شِعرُه بين أيدينا، ولن تَجِدَ شِعرًا أفضلَ منه، الذي نَزلَ عليه القرآنُ كلامُه بين أيدينا، ولن تَجِدَ كلامًا أبْيَنَ من كلامِه، اللُّغةُ التي نَزلَ بها القرآنُ بين أيدينا، ولم يَتغيَّر منها شيءٌ.. وتاريخُ بقية اللُّغات ليس كذلك.
• اللُّغةُ التي نَزلَ بها القرآنُ كانت قد بَلغَت النِّهايةَ في الطاقة البيانية التي تتهيَّأ للُّغات في الإبانة عن المعاني التي في النُّفوس، بدليلِ - لأن مثلَ هذه المسائل قد يتحرَّش بها البعضُ ويقول إنها مُتعصِّبةٌ لـ«العربية»، وهو دليلٌ قاطعٌ يَلمَسُه الصغيرُ والكبير - أنَّ الطَّرائقَ التي نَزلَ بها القرآنُ لا تزال هي طرائقَنا في البيان: نُقدِّمُ لمعنًى ونؤخِّرُ لمعنى، نُعرِّفُ لمعنًى ونُنكِّرُ لمعنى، ونَذكُرُ لمعنًى ونَحذِفُ لمعنى، طريقُ القَصْر الذي في القرآن هو طريقُ القَصْر الذي تتكلَّم به أنت وأتكلَّم به أنا، أسرارُ التعريف والتنكير والتقديم والتأخير في القرآن هي أسرارُ التعريف والتنكير والتقديم والتأخير التي في كلامنا.
• كلامي ليس له قيمةٌ إلَّا بمقدار وَعْيِك له، والكِتابُ ليس له قيمةٌ إلَّا بمقدار وَعْيِك لِمَا فيه؛ فالقضيةُ هي أنت، لك أن تستوعبَ ولك أن تجلس مُهمَلًا ليس لك قيمة؛ فأنت الذي تختار: تَختارُ أنْ تكونَ هَمَلًا مُهمَلًا أو إنسانًا آخرَ واعيًا وفاهمًا وله بصيرة.
• «قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنزِلِ» لن يقول شاعرٌ أفضلَ منها إلى أن تقوم السَّاعة، بدليل أنَّ بيننا وبين امرئ القيس أكثرَ مِن ألفَيْ سنة ولم تأتِ في هذه القُرون والسِّنين قصيدةٌ يُمكن لعاقلٍ أن يقول إنها أفضلُ مِن «قِفَا نَبْكِ».
• أحيانًا بعضُ الكُتَّاب غيرُ المُتمكِّنين يَصِفُونَ بلاغة النُّبوَّة بالإعجاز، والإعجازُ لا يُوصَفُ به إلَّا كلامُ الله؛ لأن كلامَ سيِّدنا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإن كان أفضلَ بيانٍ فإنه مِن كلام البَشَر، والمُعجِزُ لا يَدخُل في طاقة البَشَر، ولم يُسمَّ مُعجِزًا إلَّا لأنه أعجزَ الطاقةَ البشرية.
• هناك عالِمٌ مُعاصِرٌ بحثَ عن الشيء الذي أعجزَ في القرآن، تمامًا مثلما بحثَ عبد القاهر عن الشيء الذي تجدَّد بالقرآن حتى أعجزَ العربَ، واتَّخذَ نفسَ خُطوات عبد القاهر وهو لا يَقصِد؛ لأني أقطعْ بأنه لم يُحْسِنْ قراءةَ عبد القاهر، هو لم يُقلِّد عبدَ القاهر، وإنَّما القضية واحدة، ولكنَّ النتائج مختلفة، وأنا أريد أن أُبيِّنَ لك كيف تتَّفق الأهداف وكيف تَتشابَه الخُطوات ثمَّ تَختلف النتائج، ولا بُدَّ لعقلِك أن يَفهمَ هذا، ولن يُربَّى فيك عقلٌ حيٌّ إلَّا إذا عَرَفْتَ هذا: عَرَفْتَ كيف تتَّفق الأهداف وتَتشابَه الخُطوات وتَختلف النتائج.

د. محمد محمد أبو موسى

11 Oct, 18:54


• عبدُ القاهر أوَّلَ ما كَتبَ كَتبَ «أسرار البلاغة»؛ لمعرفة فَضْلِ كلامٍ على كلام، ثم كَتبَ في نهاية حياته «دلائل الإعجاز»؛ لمعرفة فَضْلِ كلامِ الله على كلِّ كلام، وكَتبَ بين الكتابَيْن رسالةً عن الصَّرْفة؛ لأنه ما دام قد نَوَى على الدُّخول في «دلائل الإعجاز» فلا بُدَّ أن يَنفِيَ القولَ بالصَّرْفة؛ لأن القولَ بالصَّرْفة يُلغِي كتاب «دلائل الإعجاز»، وهكذا يكون ترتيبُ الأفكار والكُتُب.
• العِلمُ لا تَقبَلُه العقولُ النَّائمة؛ العِلمُ بُعِثَ ليُخرِجَ العقلَ من النَّوم.
• الجَهلُ خِزيٌ وعارٌ وشَناعة، ولذلك أحرارُ الأُمَم لا يتصالحون مع الجَهلِ وخرابِ التعليم، والذين يتصالحون مع الجَهلِ وخرابِ التعليم ليسوا هم أحرارَ الأُمَم.
• لو لم يُقدِّم الخليلُ بنُ أحمد للأمَّة إلا سيبويه لكان ذلك كافيًا، ولو لم يُقدِّم أبو عليٍّ الفارسيُّ للأمَّة إلا أبا الفتح بن جنِّي لكان ذلك كافيًا، ولو لم يُقدِّم «النَّظَّامُ» للأمَّة إلا الجاحظ لكان ذلك كافيًا.
• يا أيها «النَّظَّامُ» الرَّائع، الذي كان من تلامذتك الجاحظ، كلامُك بالصَّرْفة خارجٌ عن المعقول؛ لأن الله لو صَرَفَهم لكان إعجابُهم مِن صَرْفِ الله لهم هو مَثارَ حديثهم، لا أن يكون حديثُهم عن عُلُوِّ القرآن ومنزلتِه في الفصاحة، ولا أن يَقولوا: «إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطُلاوة، وإنَّ أسفلَه لمُعْذِق، وإن أعلاه لمُثمر»!
• حين تَجِدُ العالِمَ الجليلَ أخطأ فيما لا يخطئ فيه العقلُ البشريُّ فهذا يُعلِّمك أنك لا بُدَّ أن تقرأ بعقلك.. لو أخذتَ كلامَ الكبار لأنهم كبارٌ فخُذِ الصَّرْفةَ عن «النَّظَّام»؛ لأن «النَّظَّام» كبيرٌ، لا شكَّ في أنه كبير، إنَّما جعل الله لك عقلًا هو الذي يَهدِيك، وفَرَضَ عليك في كلِّ ركعةٍ أن تَدعُوَه وتقول: «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ»؛ لأن الخطأ يُحيط بك، واحتمال الخطأ قائمٌ فيك.
• العِلمُ فيه دقائقُ ورقائقُ لا أستطيع أن أُوصِّلَها لكم، إنما عليكم أنتم أنْ تَفْهَمُوها.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/237
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

11 Oct, 18:54


• رَحِمَ الله «مالِكًا»؛ حين قال: «كلٌّ يؤخَذُ من كلامِه ويُترَكُ إلا صاحبَ هذا القبر» لم يكن يريد فقط أن كلامَ الناس فيه الصَّوابُ وفيه الخطأُ إلا كلامَ صاحبِ القبر - صلواتُ الله وسلامُه عليه - وإنَّما كان يريد أيضًا أن يقول لك: اقرأ وأنت في قمَّة اليَقَظة؛ لأن كلام الناس منه ما يؤخَذ ومنه ما يُترَك، ولن يَهدِيَك إلى ما يؤخَذُ وما يُترَك إلا العقلُ بالغُ اليَقَظة.
• لا تظنَّ أنك بمجلسك عند الشيخ ستكون عالِمًا؛ لا تَجلِسْ عند الشيخ وحَرِّكْ عقلَك ولو كنتَ في سِردابٍ من الأرض.
• المُدهِشُ في اللغة ليس أن اللفظَ المذكورَ يُفيد معنًى، المُدهِشُ أن اللفظَ المَعدومَ غيرَ المذكور يُفيد معنًى، المُدهِشُ ليس أنَّ «الواو» إذا وُجِدتْ أفادتْ، وإنما المُدهِشُ أن «الواو» إذا غابتْ أفادتْ.
• السَّكاكيُّ مِن الذين يُحاولون أنْ يُحدِّدوا لكلِّ شيء قيمةً؛ يَضَعُ كلَّ شيء في قاعدة، ثم جاء عند القرآن وقال: «ومُدْرِكُ الإعجاز عندي هو الذَّوْق».. يا أيُّها الرَّائع، تُعوِّل في أعظمِ قضية على الذَّوق وأنت طول حياتك تَعملُ فيما تُسمِّيه ضَبْط المَعاقِد ووَضْع اللَّمَحات في قاعدة.
• تعليقًا على كلام الإمام عبد القاهر حول الموازنة بين قوله تعالى: «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ» وقولِهم: «قَتْلُ البعضِ إحياءٌ للجميع»، قال شيخُنا: العَجَبُ أن كلامَ العربِ العالي والشِّعرَ العالي إذا وُضِعَ بإزاء آيةٍ ذَهَب عُلوُّه.
• مع تقديري الشَّديد لما يقوله الشيخُ عبدُ القاهر فإني أجِدُ أن التلاؤم الصَّوتي في الكتاب العزيز شيءٌ واقعٌ لا كلامَ فيه؛ تلاؤم أصوات الحروف في الكلمة يُعطيها عُذوبة، وتلاؤم أصوات الكلمات في الآية يُعطيها عُذوبة، وتلاؤم أصوات الكلمات في السُّورة يُعطيها عُذوبة، إلَّا أن العلماء قالوا إن هذا التلاؤم ليس هو أصلَ الإعجاز.
• لا أقبل موضوع «الصَّرْفة» ولكنِّي أعذر القائلين به؛ لأن أوَّل من قال به هو إبراهيم بن إسحاق النَّظَّام، وإبراهيم بن إسحاق النَّظَّام كان كهفًا من كُهوف العلم - كما قال عنه الجاحظ - وكان شاعرًا، وكان ذوَّاقةً لكلام العرب، والجاحظُ وَصَفَه بأنَّ الله نجَّى به كثيرًا من عباده مِن الهَلَكَة، أي إنه صحَّح مفاهيمَ كثيرٍ من الناس، ولو بَقِيتْ هذه المفاهيمُ لكانوا بها من الهالكين؛ «النَّظَّامُ» قيمة كبيرة.. أعذر الذين قالوا بـ«الصَّرْفة» لأني حين أقرأ «الفاتحة» أو «البقرة» أو «آل عمران» أجِدُ الإعجازَ، لا شكَّ في ذلك، ولكن حين أقرأ في القرآن نِصْفَ صفحةٍ من كلام قُريش: «وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا...»؛ فكيف كان مُعجِزًا؟ ولماذا لم تَقُلْ قريشٌ: يا محمَّد، أتُعْجِزُنا بكلامنا؟ وإذا كان القرآن قد غيَّر في كلامِ قريش فهل قالتْ قريشٌ لرسول الله: إننا لم نَقُلْ هذا الذي تَنْسُبه إلينا، وإنك غيَّرتَ في هذا الذي قُلناه وعَدَّلتَ. لم يقولوا هذا، وسلَّموا بأن ما جاء في القرآن على لسانهم هو مِن كلامهم؛ فأيُّ شيءٍ أعجزَ في هذا؟ كيف صار كلامُ قريشٍ مُعجِزًا لقريش؟ فأنا أجِدُ في الإعجاز أمورًا غريبةً جدًّا - ولا شكَّ في أنه إعجاز - تُغْرِي بأن الله صَرَفَهم عن أن يأتوا بمثله، وهذا هو الذي قاله «النَّظَّام»، وكلامي هذا ليس دفاعًا عن كلام «النَّظَّام»؛ لأن «النَّظَّام» مخطئٌ مائةً في المائة.
• جَهْلُنا نحن، وعَجْزُنا نحن، وضَعْفُنا نحن = يَهدِمُ عِلمَ العالِم لو وقعَ منه على خطأ، مع أن «مَالِكًا» قال: «كلٌّ يؤخَذ مِن كلامِه ويُترَك»، وأنا حين أرى قامةً كقامةِ «النَّظَّام» أخطأتْ لا يُدهشِني ذلك؛ لأن كلَّ ابنِ آدمَ خطَّاء؛ فارحموا الناس حين يُخطِئون، ولا تُذهِبُوا حسناتِهم بسيئاتهم، وإنما أَذْهِبُوا السَّيئاتِ بالحَسَنات.
• ابنُ سِنانٍ الخَفَاجِيُّ، المِسْكِين؛ زَهِدَ الناسُ في كتابه «سِرُّ الفصاحة» بسبب حديثه عن «الصَّرْفَة»؛ لمَّا رأيناه قال إن القرآنَ مُعجِزٌ بالصَّرْفة أدركْنا أنه لا حِسَّ له في فَهْم كلام العرب.
• «النَّظَّامُ» كان أستاذًا لـ«الجاحظ»، وأوَّلُ مَن رَدَّ على «النَّظَّام» في مسألة الصَّرْفة هو الجاحظ؛ لأن الحقيقةَ العلميةَ ليس فيها كبيرٌ أو صغير، أنتَ شيخي نَعَمْ، ولكنَّك أخطأتَ؛ فتِلميذُ «زَيدٍ» البَرُّ هو من يتحدَّث عن أخطاء «زيد»، وكان الشَّيخُ قديمًا يكون في غاية السُّرور حين يَنقدُه تلميذُه، لأن الشَّيخَ لا يقولُ ليُقالَ: «قال»، وإنما يقول ابتغاءَ وجهِ الله، ومَن يُنبِّهُه إلى خطئه في الذي يقولُه ابتغاءَ وجهِ الله يَصيرُ عزيزًا عليه جدًّا.

د. محمد محمد أبو موسى

11 Oct, 18:54


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 26 من ربيع الأول 1446هـ = 29 من سبتمبر 2024م)
• أحيانًا أُراجع ما شرحتُه فأجد فيه دقائقَ ورقائقَ لم أشرحها؛ فأردتُ أن أقول لكم: إن الذي يَجعل الكتابَ له قيمةٌ هو أنت؛ بوَعْيك، ويَقَظتك، وحِدَّةِ ذهنك، وكلمة «حِدَّةُ الذِّهن» هذه من كلام العلماء وليست من كلامي أنا.
• قد يقرأ غيرُك الكتابَ ولا يَجِدُ له قيمة؛ لأنه لم يكن يقرأ بكامل اليَقَظة وكاملِ الجِدِّ، وكذلك سَماعُ الدَّرس؛ يَقَظتُك وحِدَّةُ ذهنك تجعلان لِما تَسمعُه قيمة، وغفلتُك تجعل لِمَا تَسمعُه لا قيمة له؛ فالمسألةُ ترجع إليك أنت، وعليك أن تكون شديدَ اليَقَظة في أمركَ كلِّه، ليس في الدَّرس فقط ولا في القراءة فقط، وإنما في حياتك كلِّها.
• مِقدارُ بَذْلِكَ لمجهودِك هو الذي يُحدِّد قيمتَك.
• موضوعُ اليوم قد يبدو سهلًا، ولكنَّه له قيمةٌ علميةٌ في تكويني أنا القارئَ؛ لأن المسألةَ هي أنَّ القرآن مُعجِز، وأن الذي أنزله هو الذي خَلَقنا، وهو الذي قال لنا إنه مُعجِز، ثم جاء هذا العالِمُ الجليلُ (عبدُ القاهر) - الذي هو مِن نِعَم الله على الأمَّة - وأخذ يُفتِّش في القرآن عن الشيء الذي أعجزَهم: هل هو في المفردات؟ هل هو في الحَرَكات والسَّكَنات؟ هل هو في الفَواصِل؟.. إلخ؛ لينتهيَ إلى أنه في التأليف والتركيب، ثم يبدأ من هذه النهاية - وعَجَبٌ للعُقول التي تبدأ من النِّهايات!! - ويتحدَّث عن مفهوم النَّظْم.
• ليس كلُّ كتابٍ اسمُه «كتاب»، ولا كلُّ متكلمٍ اسمُه «متكلِّم»، وإنَّما القضيةُ هي القدرةُ الرَّائعةُ على أن تُقنِعَ العقولَ بما تستيقنُ أنت من أنه حقٌّ وأنه صواب.
• حين أبذلُ أقصى مجهودي لأقفَ على ما أَدرَكَه الكرامُ ثم لا أَقِفُ = أكونُ راضيًا؛ لأنني بذلتُ أقصى ما عندي.. ومُبْلِغُ نَفْسٍ عُذْرَها مِثْلُ مُنْجِحِ.
• أُذنُك أنت هي التي تُعطي للعلم قيمةً.
• تعليقًا على قول الجاحظ: «ولو أنَّ رجلًا قرأ على رجلٍ مِن خُطبَائهم وبُلغَائهم سُورةً واحدةً لَتَبيَّن له في نِظامِها ومَخْرَجِها مِن لَفظِها وطابَعِها أنه عاجزٌ عن مِثْلها، لو تُحُدِّيَ بها أبلغُ العربِ لأظهرَ عَجزَه عنها»، قال شيخُنا: لاحِظْ أن الجاحظ حين قال: «لَتَبيَّن له» إنما يَضَعُ إصبعَه على موضِع الإعجاز، الجاحظُ لم يَجعلِ الإعجازَ في معاني المفردات، ولا في الحَرَكات والسَّكَنات، ولا في الفواصل، الجاحظُ لخَّص الإعجازَ في: النِّظَام، ومَخْرَج المعنى من اللفظ، والطَّابَع.
• وأنا في سِنِّكم وقفتُ عند عبارة الجاحظ، ثم قلتُ: أفهمُ أن النِّظَام هو التأليف والتركيب، لكنْ ما معنى «مَخْرَجها مِن لفظِها»؟، وما معنى «طابَعها»؟. «مَخْرَجها مِن لفظِها» معناه: خروجُ المعاني من الصِّيغ، معناه الوَعْي باستخراج المعنى من المبنى، معناه نَسَقُ الكلام وبناءُ اللُّغة. أمَّا «الطَّابَع» فهذا هو الذي لا أعرفُ له معنًى إلا الذَّائقة البيانية، التي تَجِدُ لشِعْر زُهيرٍ طابَعًا، ولشِعْر النَّابغة طابَعًا، ولكلامِ فُلانٍ طابَعًا؛ لأن المُدْرِك للطَّابَع هو الطَّبْع، ولذلك هذا الطَّبْعُ هو الذي عوَّل عليه السَّكاكيُّ في آخر زمانه لإدراك الإعجاز، وهذا هو ما فَهِمْتُه، ولا أقول لك إن هذا هو الصَّواب.
• لاحِظْ أن الجاحظ يُكلِّم بعبارتِه هذه جيلًا منه المُبرِّد، ومنه الأئمَّة الذين كانوا في زمانه، وأنَّ مِثلَ هذا في كلام الجاحظ هؤلاء يُدركون مَغْزَاه ومَرْمَاه، وأنا إذا كلَّمتُ جيلي بما كلَّم به الجاحظُ جيلَه أكون مُزوِّرًا؛ لأن الجاحظ كلَّم جيلًا يُدرِك مَغْزَى كلامِه ومَرْمَاه، وجيلي أنا لا يُدرِك مَغْزَى كلام الجاحظ ومَرْمَاه.
• كنتُ دائمًا أجمعُ تعليقَ العلماء على شِعْرٍ مُعيَّن، هذا الشِّعرُ علَّق عليه الجاحظُ في القرن الثاني وقال كذا وكذا، ثم علَّق عليه فلانٌ الذي كان في القرن الرَّابع أو الخامس وقال كذا وكذا، وهناك اختلافٌ في المستوى الثقافي والعلمي بين القرن الثاني والقرن الرَّابع والخامس، فأجدُ أن تعليقَ المتأخِّر مختلفٌ عن كلام المتقدِّم؛ لأنه يُخاطِب جيلًا مختلفًا؛ فلا بُدَّ أن يكون كلامُه فيه مَزيدٌ من البيان ومَزيدٌ من الشَّرح.. وهكذا.
• الطَّامَّةُ أن تُخاطِبَ هذا الجيلَ بما خاطبَ به العلماءُ أجيالَهم؛ لأن هذا الجيلَ لن يستطيع الفَهْم؛ فكلُّ عالِمٍ يُخاطِب الجيلَ الذي يُخاطِبه على مستوى وَعْي الجيلِ ويَقَظتِه وفَهْمِه.
• لا أريد أن أقول لك ما قاله الناس، أنا أريد أن أقول لك ما يَنفعُك، ولا بأس أن أقول لك ما يقوله الناسُ إذا شَرَحْتُه لك وبَيَّنتُه لك؛ لأن غاية الناس الأوائل أن يصنعوا الإنسانَ الأفضل، وغايتي أنا أن أصنع الإنسان الأفضل، وغاية علماء كلِّ جيلٍ أن يصنعوا الإنسان الأفضل، ولن يَصنعوا الإنسانَ الأفضلَ إلَّا بالعِلم الظَّاهر البَيِّن.

د. محمد محمد أبو موسى

29 Sep, 11:47


• عبد القاهر يرى أنه لا إعجاز في النَّغَم والتلاؤم الصَّوتي، والرُّمَّاني يرى التلاؤمَ الصَّوتيَّ وجهًا مِن وجوه الإعجاز، والرَّافعيُّ يرى ما يراه الرُّمَّانيُّ، وأنا مع الرُّمَّانيِّ والرَّافعيِّ، وربما يكون نَفْيُ عبد القاهر للتلاؤم الصَّوتي مُتوجهًا إلى أن يكون هو أساسَ الإعجاز وأصلَه؛ لأنه ذَكرَ في النهاية الوجهَ الذي يراه أساسًا وأصلًا في الإعجاز.
• ابنُ الأثير لم يَكتب «المَثَل السَّائر» إلَّا لمَّا قرأ كلَّ شِعرِ العرب، وحَفِظَ شِعرَ شُعراءَ ثلاثةٍ: أبي تمَّام والبحتري والمُتنبِّي، فكوَّن عقليتَه، ثم بعد ذلك أمسكَ القلمَ وبدأ يَعمل؛ فأعدُّوا عقولَكم واجتهِدوا في ذلك حتى تَفهموا كلامَ العلماء.
• إذا حَفِظتَ شِعرَ العرب، إذا حَفِظتَ ما حَفِظَه ابنُ الأثير مِن شِعرِ شُعراءَ ثلاثةٍ، ستدرك أن في «عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلْأَرْضَ مِهَٰدًا وَٱلْجِبَالَ أَوْتَادًا وَخَلَقْنَٰكُمْ أَزْوَٰجًا» تلاؤمًا صوتيًّا لا تَجِدُه في شِعرٍ ولا نَثر، وليس عندي مانعٌ مِن أن يكون هذا مِن إعجازه، وليس أصلَ إعجازه.
• أقرأُ كلامَ عبد القاهر، وأُقدِّر هذه العقليةَ الفذَّةَ الرائعة؛ لأنني حين أقتنع بعالِم لا آخُذُ كلامَه قضيةً مُسلَّمة؛ لأني أراه هو اعترضَ على مَن هم أفضلُ منه، وما دام اعترضَ على مَن هم أفضلُ منه فقد أعطاني حقًّا في أن أعترضَ عليه.
• كما أن الله يَختلف عن خَلْقِه فيما لا حُدودَ له فكذلك كلامُه يَختلف عن كلام خَلْقِه فيما لا حُدودَ له.
• لمَّا وجدتُ أن الله وَصَفَ القرآنَ بأنه «كريم» أردتُ أن أتعرَّف على كَرَم القرآن، أردتُ أن أفهمَ كلام الله، ولم أُرِدْ أن أتأكَّد مِن أنه صوابٌ أو خطأٌ؛ لأن كلامَ الله حقٌّ لا يأتيه باطل، وأنا أمامَ كلامِ الله وكلامِ رسولِه ليس لي إلَّا كلمةٌ واحدةٌ، هي: «سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا»، فأحببتُ أن أَختبِرَ كلمةَ «كريم» فوجدتُ أن الكلمةَ القرآنيةَ - سُبحانَ الله - كلَّما أمعنتَ فيها النظرَ أعطتَك مَعنًى، أقرأُ الآياتِ وأتدبَّرُها وأكتبُ ما فيها، ثم تَعودُ الآيةُ أمامي وأتدبَّرها فأجِدُ شيئًا غيرَ الذي كتبتُه.
• ما تَدبَّرتُ آيةً بعد تَدبُّراتٍ إلَّا أعطتْني.
• لمَّا أقرأ في الكُتُب، في أيِّ كتابٍ من الكُتُب، وتأتيني شَواهدُ من التَّشبيه في الشِّعر العالي، وشواهدُ من التَّشبيه في كلامِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وشواهدُ من التَّشبيه في القرآن الكريم = أحفظُ الشَّواهدَ وأتدبَّرُها، وأقول لنفسي: يا وَلَد، هذه فرصةٌ وَضَعَها بين يديك المؤلِّفُ؛ القاعدةُ أن كلامَ سيِّد الخَلْق أفضلُ كلامٍ نطقَ به لِسانٌ بَشَري، وأن كلامَ خالِقِ الخَلْق بينه وبين أفضلِ كلامٍ نطقَ به لِسانٌ بَشَريٌّ بَينونةٌ تَقطعُ الأطماعَ وتَقْهَرُ القُوى والقُدَر، والآن بين يديك الكلامُ (كلامُ الله، وكلامُ الرسول، وكلامُ نوابغ الشعراء) فتدبَّرْ وتَبيَّنْ؛ لأن الحقائقَ أمامَك، ماذا تُريد أكثرَ مِن ذلك؟ إذا قلتَ إن هنا تَشبيهًا وهنا تَشبيهًا ومَضيتَ فأنتَ مُغفلٌ لا قِيمةَ لك، ولو عَلِمُوا أن مِثلَك سيقرأ كتابَهم ما كَتبوه، وإنما هم وَضعوا أمامَك الأنواعَ الثلاثةَ لتَتبصَّرَ وتُدرِكَ حقيقةَ أنَّ كلامَ الشَّاعر مهما بلغَ فكلامُ سيِّد الخَلْق يَفْضُلُ كلامَ الشَّاعر بمقدار فَضْلِ سيِّد الخَلْق على الشَّاعر.
• وأنا في سِنِّكم كنتُ أقرأ في كُتب الإعجاز مسألة «الخُلُوّ مِن العُيوب» فأقول: يا ربّ، أيُّ إعجاز؟! كلُّ كلامِ الناسِ خالٍ من العيوب، ثم لمَّا كَبرتُ قليلًا تنبَّهتُ إلى أن الخُلُوَّ من العيوب قاطعٌ في أنه لم يَصْدُرْ عن نَفْسٍ بشرية؛ لأنه ليس هناك نَفْسٌ بشريةٌ صَدَرَ عنها كلامٌ يَخلُو كلُّه مِن العيوب؛ قُدوةُ الشُّعراء قالوا فيه: «قال كذا، ولو قال كذا لكان أفضل»، وكأن خُلُوَّ القرآنِ من العيوب قاطعٌ في أنه لم يَكنْ مِن الناس، لأنه لو كان مِن الناس لمَا سَلِمَ كلُّه مِن العيوب، وما دام قد سَلِمَ مِن العيوب فليس مِن كلام الناس، وما دام ليس مِن كلام الناس فهو مِن كلام خَالِق الناس.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/236
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

29 Sep, 11:47


• وجدتُ أن الشِّعرَ الجاهليَّ مُغيَّب؛ لأنه مَدروسٌ بغير منهجه، فقلتُ لنفسي: هل تَركْنا الجيلَ لهؤلاء المُتفلِّتين؟! إنَّ مِن حقِّ الجيلِ أن نَعرِضَ عليه منهج «العربيَّة» في دراسةِ شِعرِها، ثم يَقرأُ الجِيلُ أو لا يَقرأ؛ فكتبتُ كتابَ «الشِّعرُ الجاهليُّ - دراسة في مَنازِع الشعراء» وأنا واثقٌ بأن الكتابَ لن يُقرأ؛ لأنه مُخالِفٌ مُخالفةً كاملةً للذي يَجري على السَّاحة؛ لأنه دراسةٌ تحليليةٌ للشِّعر الجاهليِّ في ضوء طرائق «العربيَّة» في الإبانة، ثم أُفاجأُ بأن الكتابَ طُبِعَ طَبَعاتٍ، فعَرَفْتُ أن الجِيلَ مُحِبٌّ لأن يتعرَّفَ على علوم أمَّته بالطريقة الصَّواب.
• حين أَدْرُسُ النَّابغةَ الذُّبيانيَّ فلا بُدَّ أن أَدْرُسَه في ضوء طرائقِ لِسانِه في الإبانة.
• يا سيِّدنا، «العِبريَّة» لها مناهج، وأصحابُها لا يَقبلون أن يَدْرُسوها بغير مناهجها، «الفرنسية» لها طرائقُ لا تُدْرَسُ إلَّا بها، الأدبُ في كلِّ لغةٍ يُدرَس في ضوء طرائق اللغة التي جاء بها.
• في الخراب الذِّهنيِّ الذي نحن فيه، اصْنَعْ زَوبعةً تُعرَفْ في النَّاس؛ لأن الجَهلَ جَعَل الناسَ لا يتعرَّفون إلَّا على صانعي الزَّوابع، أمَّا لو كانت الشعوبُ قارئةً فستَتَّبِع طريقَ العلم والبحث.
• القرآنُ يُخبِرُ الله بأنه مُعجِز: «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا»، كان يَكفي إخبارُ الله بأن الجِنَّ والإنسَ لو اجتمعوا ودَعَوا شُهداءهم مِن دون الله ليأتوا بسُورة مِن مِثلِه فلن يستطيعوا، ولكنَّ أهلَ العلم أرادوا أن يبحثوا عن الشيء الذي يَعجِزُ عنه الناس، وقالوا إن الله لا يُطالِبهم بأن يأتوا بمِثْلِه إلَّا إذا كانوا يَعرفون هذا المِثلَ؛ فما هو هذا المِثلُ؟
• تعليقًا على القَولِ المَنسُوب لمُسَيلمة الكذَّاب في معارضة القرآن: «إنَّا أعطيناك الجَمَاهِرَ، فصَلِّ لرَبِّك وجَاهِرْ»، قال شيخُنا: لا أهتمُّ بهذه الأشياء؛ لأنني على يقينٍ مِن أن سَليقَةَ مُسَيلمة الكذَّاب أعلى مِن أن تقول هذا.
• الجاهليون لمَّا فَتَحَ اللهُ أقفالَ قلوبهم كانوا خيرَ أجيال الأرض، وكانوا هم الفاتحين، وكانوا هم المُبلِّغين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• الرَّافعيُّ - رحمه الله رحمةً واسعة - كان يقول: لم أَعرفْ أن العربَ قاتلوا قِتالًا بضَعْفٍ كما قاتلوا مُحمَّدًا؛ لأنهم قاتَلوه وهم يَعلمون أنه على حقٍّ، فلمَّا قاتلوا معه كانوا من أفضلِ المُجاهدين في سبيل الله.
• أُحِبُّ أن أخطوَ مع العلماء خُطوةً خُطوة، وأشعرُ أن العَالِم آخِذٌ بيدي، يَعْنِي وأنا أقرأُ خُطوات عبد القاهر كأنَّ عبد القاهر الذي تُوفِّي في القرن الخامس حَيٌّ، ويَصْحَبُني معه ليُعلِّمَني كيف أُفكِّر.
• قرأتُ كتابَ «الفُصُول والغَايات» لأبي العلاء المعري، لُغتُه ونِهايات فِقَرِه هي نِهاياتُ آيات القرآن، ولذلك بعضُهم لم يقرأ الكتاب واتَّهم أبا العلاء بأنه يُحاول أن يأتِيَ بمِثلِ القرآن، وأنا حين قرأتُ هذا الكتابَ وجدتُ هذا الكلامَ الذي يَنتهي بما تَنتهي به الآياتُ فيه رِقَّةٌ ومُناجاةٌ لله وخَوفٌ من الله ودُعاءٌ إلى الله وضَراعةٌ إلى الله، بما يَنفي عن أبي العلاء نفيًا قاطعًا أن يكونَ قد فعلَ ذلك ليأتِيَ بمِثلِ القرآن.
• كثيرٌ من الناس «الطيِّبين الخائبين الذين لم يَقرأوا» إذا ذُكِرَ الزمخشريُّ استعاذوا بالله؛ لأنه مُعتزِلِي، وأنا قرأتُ للزمخشريِّ مَخطوطاتٍ فيها مِن التوجُّه إلى الله والضَّراعة إلى الله ما يَجعل مِن المستحيل - لو قرأتَها - الإصغاءَ إلى هؤلاء الذين يَستعيذون من الزمخشري.
• الزَّمخشريُّ مُعتزليٌّ، وأنا لا أرضى ببعض ما قاله، مع يَقيني بأن الاعتزالَ مِن دِين الله، وأن خلافَ المعتزلة مع أهل السُّنة ينحصر في خمس قضايا لو مُتَّ ودخلتَ القبر وأنت لم تَعرفْ عنها شيئًا فلن تُسألَ عنها بين يَدَي الله، مثلًا مسألة «هل يُريد اللهُ القَبيحُ؟»: أهل السُّنة - وأنا قلبي وعقلي معهم - يقولون إنه لا يَقعُ في مُلكِ الله إلَّا ما يُريده الله، نَعَمْ، لن يكون مالكًا لهذا الوجود إلَّا إذا كان كلُّ ما يَقعُ في هذا الوجود داخلًا في إرادتِه، المُعتزلِةُ فكَّروا تفكيرًا آخرَ فقالوا إن إرادةَ القَبيحِ قَبيحَةٌ، واللهُ مُنزَّهٌ عن كلِّ قبيح؛ فلا يُريدُ القَبيحَ، المعتزلِة يُريدون تنزيه الله وأهلُ السُّنة يُريدون تَحقيق سُلطان الله على أرضه وسمائه؛ فهما في الجنَّة؛ لأن مِن فَضلِ الله أنك إنْ طلبتَ الحقَّ بنِيةٍ صادقةٍ وأخطأك الحقُّ فلك أجرٌ وإنْ أصبتَ الحقَّ فلك أجران.

د. محمد محمد أبو موسى

29 Sep, 11:47


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 19 من ربيع الأول 1446هـ = 22 من سبتمبر 2024م)
• درسُ اليوم في إعجاز القرآن، ونحن ليس عندنا شيءٌ أفضلُ من القرآن، وإعجاز القرآن، وتفسير القرآن.
• قبل أن أبدأ الدرسَ - والدرسُ في غاية الأهمية - كان قد سألني سائلٌ الأسبوع الماضي عن إمكانية دراسة القرآن الكريم في ضوء المناهج الأدبية الحديثة، فقلت له: أَرجئ إجابةَ هذا السؤال للدرس المقبل؛ حتى أُسمِعَها لبقية الطلاب، وهذه المسألة لا تحتاج إلى أن تسألني، المسألة تحتاج إلى أن تُعمِلَ عقلَك؛ القرآنُ بلِسانٍ عربيٍّ مُبِين وأسرارُ اللِّسان العربي هي أن تبحث في الكلمات القرآنية؛ لماذا قُدِّمتْ هذه الكلمةُ؟ لماذا عُرِّفَتْ؟ لماذا نُكِّرتْ.. إلى آخره، وستجد وراءَ كلِّ حالةٍ من أحوال اللفظ وأحوال التركيب دلالةً قرآنيةً، وكلُّ كُتب التفسير قائمةٌ على ذلك، وهذا هو الطريق الوحيد لفَهْم القرآن؛ فلا يجوز أن نَحِيدَ عنه. إن كنتم تريدون فَهْم كلام الله فقد أنزل الله كتابَه بلِسانٍ عربيٍّ مُبِين، وذكر ذلك - سبحانه – وقالوا: إن الله لمَّا قال: «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» لم يكن هذا وصفًا للقرآن، ولا مدحًا له، ولا ثناءً عليه؛ لأن القرآن لا يُمدَحُ ولا يُثنَى عليه بأفضلَ مِن أنه كلامُ الله، وإنما كان هذا ثناءً على هذا اللِّسان العربيِّ المُبِين.
• لمَّا وَقفَ العلماء عند القول بأن القرآنَ كلامُ الله، والتوراةَ كلامُ الله، والإنجيلَ كلامُ الله، والزَّبورُ كلامُ الله = بحثوا: لماذا كان كلامُ الله في القرآن مُعجِزًا ولم يكن مُعجِزًا في التَّوراة ولا في الإنجيل ولا في الزَّبُور، لاحِظْ أنه لو كان كلامُ الله مُعجِزًا في التوراة والإنجيل لما استطاعوا تغييرَ التوراة ولا تغيير الإنجيل، وأجاب العلماءُ مِن لَدُن الباقلاني ولَدُن ابن خلدون بأن كلَّ اللُّغات التي نزلتْ بها هذه الكتبُ لم تكن أُعدَّت وتهيَّأتْ لأن يُقال بها كلامٌ مُعجِز، وذكر ابنُ خلدون أن «العربيَّة» التقديمُ فيها له معنى، والتعريفُ فيها له معنى، والذِّكرُ فيها له معنى، والحذفُ فيها له معنى؛ فطاقة «العربيَّة» في الإبانة بَلغتْ غايتَها واتَّسعتْ لأن يُقالَ بها كلامٌ معجزٌ، واللُّغاتُ الأخرى لم تكن كذلك، وابنُ جنِّي يقول إن الله أعدَّ لهذه العربيَّة في الأزمان الأقدم عقلياتٍ أكثرَ منا بصيرةً؛ وَضَعَتْها وهيَّأتْها لنُزول القرآن الكريم، فلا يُفهَمُ القرآنُ الكريمُ إلَّا بفَهْم اللِّسان العربي المُبين، تَحِيدُ هنا أو هناك فأنت تُغمِضُ القرآنَ أو تُفسِدُ معانِيَ القرآن.
• منذ زمنٍ كتب أحدُهم دراسةً عن سورة «الحُجُرات» وَفْقَ المناهج الأدبية الحديثة، فرَفضتُ هذا رفضًا قاطعًا؛ لأن هذا بابٌ يَجِبُ أن يُغلق، إلَّا إذا أردتُم العبثَ بكتاب الله، ولا تَدخُلْ فيه لتَدفَعه عنه؛ لأنه لا يَحتاج لأحدٍ أن يَدفعَه عن كتاب الله؛ لأنه مُخالِفٌ للسان كتاب الله.
• علماؤنا وضعوا علومًا تُسمَّى «علوم القرآن»، أي لا يُفهَمُ القرآنُ إلَّا في ضوء هذه العلوم.
• إذا أردتَ أن تَكتُبَ عن سورة «البقرة» دراسةً بِنْيويةً فاكتب!، إذا أردتَ أن تشهد بأن هناك آلهةً ثلاثةً فاشهد!، إذا أردتَ أن تقول إن محمدًا ليس رسولًا فقُلْ!، قُلْ ما شئتَ!، أردتَ أن تكون حُرَّ الرأي فكُنْ، لكن يا مولانا حريةُ الرأي أنْ تَفهَمَ دقائق المعرفة، حريةُ الرأي في أن تتكلَّم بما تَرى وليس بما يرى غيرُك، حريةُ الرأي ليست أن تُدخِلَ على القرآن مناهجَ تُفسِدُ معناه.
• الشِّعرُ الجاهليُّ مع ما فيه من أكاذيب رَفعَ الله عنَّا الحَرَجَ في روايته؛ لأنه يَدلُّ ويُعِينُ على فَهْم طرائق الإبانة في اللِّسان العربيِّ المُبين، طرائقُ الإبانة هذه هي التي نَدخُلُ بها على كتاب الله، هذا هو الصَّواب، وإذا لم يُعجِبْك كلامي لأني رجلٌ متخلِّف فتَفضَّلْ!، تريد أن تكون مُتنوِّرًا وتَكتبَ في كلام الله فتفضَّلْ!
• قال شيخُنا بعد أن استشعرَ التَّعبَ لإطالته الجواب عن السؤال آنِفِ الذِّكر: الطاقة محدودة، وحين أُضيِّعُ منها شيئًا في غير الدَّرس يكون على حساب الدَّرس.
• قال شيخُنا لموظَّف الجامع الأزهر (الأستاذ عاكف) وقد جاء ليُسلِّمَ عليه = قال له: اختارَ الله لك الخيرَ يا عاكف، اختارَ الله لك الجامعَ الأزهرَ لتَعمَلَ فيه فقد اختارَ لك الجنة، وأظنُّ أن هذا المكانَ تُستجَابُ فيه الدَّعواتُ؛ لأنه لم يَعِشْ فيه إلَّا عُلماء مُخلِصون.
• كنتُ أقرأ الشِّعرَ الجاهليَّ فأفهمُه، وأقرأ الشِّعرَ الجاهليَّ في ضوء الدِّراسات العصرية فلا أفهمُه.

د. محمد محمد أبو موسى

14 Sep, 12:04


• تدبُّرًا لقوله تعالى: «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ»، قال شيخنا: فَهِمْتُ أنه ذِكرٌ لرسول الله لأنه أنزلَه عليه، لكنْ كيف يكون ذِكرًا لقومِه؟ فوجدتُ أن الله - سبحانَه وتعالى - الذي قال للسَّماوات والأرضِ كُونا فكانتا استعمل كتابُه اللغةَ على الأصولِ التي وضعها العربُ الذين كانوا يَبولون على أقدامهم.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/234
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

14 Sep, 12:04


• لاحِظْ شيئًا - حتى أبرِّئ نفسِي بين يَدَي الله - أني أقول لك نصف الحقيقة، وعليك أنت أن تُدرِكَ النِّصفَ الآخر، وإذا كنتَ حاضرًا في مجلسي هذا لأُبيِّنَ لك كلَّ شيء أو لتَسمعَ الحقيقةَ فأنت مُخطئ؛ لأني لا أملكها، ولا أملك أن أُبِينَ إلَّا عمَّا أستطيع الإبانةَ عنه.
• أحسستُ أن الله - جلَّ وتقدَّس - أحيانًا يقول لنا نصف الحقيقة ويترك لنا نصفَها الآخر، أتعرفُ أين؟ في قوله تعالى: «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا»؛ فهل هناك أحدٌ في الدُّنيا يتعلَّم الأسماءَ مِن غير أن يتعلَّم المُسمَّيات؛ فالله قال: «الأسماء» وترك للعقل الذي غرسَه فينا أن يُدرِك المُسمَّيات.
• قيمةُ المعرفة أنَّ العالِم مهما جلَّ إنَّما يقول نصفَ الحقيقة، وقد وجدتُ ذلك عند الباقلانيِّ وغيرِه من علمائنا، وقلت لكم إن الباقلانيَّ يَسير معك شيئًا، ثم يَضعُ قلمَه في يدِك ويقول لك: الآن أتركك؛ فامضِ على الطريق الذي عَرَّفْتُك سبيلَه.
• لا طبقيَّةَ في العِلْم.
• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «ثم إن هذا الوصفَ ينبغي أن يكون وصفًا قد تجدَّد بالقرآن»، قال شيخُنا: جيِّدةٌ جدًّا هذه الكلمة، وناهيك عن كتابٍ فيه جديدٌ في البيان ينزل على أمَّةٍ لا شاغِلَ لها إلَّا البيان؛ أمَّة بلغتْ في البيان أقصى ما تَبْلغُه ألسنة البشر فجاءها الإعجاز في البيان.
• قرأتُ وسَمعْتُ أن بعضَ الباحثين يهاجمون الشِّعرَ الجاهليَّ، ويقولون إنه شِعرٌ ليس فيه إلَّا غرائبُ الألفاظ، وإنه شِعرٌ شَبَقِيٌّ، شِعرٌ جِنْسيٌّ، شِعرٌ حِسِّيٌّ، مهاجمةٌ شديدةٌ جدًّا!؛ فدعوتُ إلى حوارٍ علميِّ، وقلتُ لهم إني أجد في سورة «هود» آيةً تدلُّ على أن العربَ في مستقبل أيَّامهم إلى أن تقومَ السَّاعة لن يكونوا في بيانهم أفضلَ من الشعر الجاهلي، فقالوا: وما هذه الآية؟ فقرأتُ لهم قولَه تعالى: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ»، ولو عَلِمَ الله أنه سيأتي جيلٌ أقوى منهم لَمَا قال: «فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ»؛ لأنهم إن لم يَستجيبوا فقد يأتي جيلٌ آخرُ يَستجيب، ولكنَّه - سبحانه - لمَّا رتَّب على عدم استجابتِهم وجوبَ العلم بأنه ليس من كلام البشر، دلَّ ذلك على أنَّ عِلمَ العليم ليس فيه جيلٌ أقوى من هذا الجيل.
• كان الشيخ شاكر - رحمه الله تعالى - يقول إن دراسة الشِّعر الجاهليِّ بمَعزِلٍ عن قضية الإعجاز هي دراسةٌ للعصر الجاهليِّ بمَعزِلٍ عن العصر الجاهلي نفسِه.
• لا أشكُّ في أن الأُذنَ تَسمعُ في نغم القرآن نغمًا لا تَسمعُه في بيانٍ ولا في شِعْر، وهذا هو الذي تنبَّه إليه الرُّمَّانيُّ في الزمن القديم، وذكر أن التلاؤم الصوتيَّ في الكتاب العزيز وَجهٌ من وجوه الإعجاز، ثم رأيتُ الرافعيَّ يُعوِّل على ذلك.
• يا عزيزي، إذا أنتَ قرأتَ العلمَ مِن غير أن تتذوَّقه فقد ظلمتَ نفسَك؛ لأن تَذوُّقَه شيءٌ حُلوٌ جدًّا، ورائعٌ جدًّا، ويُذهِبُ عنك المللَ، ويُحبِّبه إليك، ويُحبِّبك إليه.
• طالبُ العلم يُحبُّ العلمَ، والمُخلِصُ في طلب العلم يُحبُّه العلمُ، وهذا ليس كلامي وإنما هو كلام الأئمَّة الكبار.
• مِن عطاء العلم أنه يَبعثُ في النَّفس علمًا جديدًا، والمبدعون في العلم ليس لهم شيءٌ إلَّا أنَّ ما حصَّلوه مِن العلم بعث في نفوسهم علمًا جديدًا؛ فالعِلمُ في النفس يَصنعُ فيها علمًا.
• أحيانًا أجدُ الكلمةَ القرآنيةَ تدلُّ على هَولٍ يُفزِعُ القلوب، ومع ذلك سهلة وسَلِسة وحُلْوة، والمفروض أن الكلماتِ في الشِّعر إذا كانت تدلُّ على أهوالٍ تكون صعبةً على النَّفس؛ يقول تعالى: «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ»، أرأيتَ السَّلاسةَ والسُّهولةَ والعذوبةَ مع فظاعة المعنى ومع أهوال المعنى؟!
• تدبُّرًا لقوله تعالى: «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا»، قال شيخُنا: الذي عَقَرَ الناقةَ واحدٌ، ولكنَّ الله أهلك قومَه معه لأنهم سكتوا على ظُلم الظَّالم، مَنْ يَسكُتْ على ظُلمِ الظالم ظَالمٌ، ويُعاقَبْ مُعاقبةَ الظالم، فكأنه يقول لهم: الذي يَجْلِبُ الخرابَ وأنتم تنظرون إليه وأنتم ساكتون = عوقبتم بعقوبته.
• خَبرُ الله إعجازٌ، والإبانةُ عن خبر الله إعجاز؛ فأنتَ أمام إعجازَيْن: إعجازٍ في الفعل، وإعجازٍ في الإبانة عن الفعل.
• التزم القرآنُ في كلِّ كلمة منه بالمعنى الذي وَضَعه لها العربُ، أرأيتَ الإكرامَ للعرب؟! والقرآنُ لا يُوصَفُ بشيءٍ أفضلَ من أنه كلامُ الله، ولكنَّ الله وَصَفَه بقوله: «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ» ثَناءً على هذا اللِّسان العربيِّ؛ فالله - سبحانَه وتعالى - لا يَمدَحُ القرآنَ بأنه بلسانٍ عربيٍّ مُبين، وإنَّما مَدَح اللسانَ العربيَّ المبينَ بأن القرآن أنزله الله به.

د. محمد محمد أبو موسى

14 Sep, 12:04


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 5 من ربيع الأول 1446هـ = 8 من سبتمبر 2024م)
• التحدِّي يُوجِب أن يكون المُتحدَّى عالمًا بالشيء الذي يُتحدَّى به، وأن يتَّجِهَ بعقله وقلبه إليه، وأن يَعجِزَ عن أن يأتيَ بمِثْله.
• عبد القاهر يقول إن الشيء الذي أعجزَ به القرآنُ لا بُدَّ أن يكون قد تَجدَّد بالقرآن، ولا يجوز أن يكون في الكلام قبل القرآن؛ لأنه ما دام القرآنُ أعجزَ به - وليس هناك مُعجِزٌ إلَّا القرآن - فلا يجوز أن يكون في غير القرآن، وهذا كلامٌ قد يبدو لك أنه قريب، فإذا قرأتَ بعُمقٍ ستجد أن عبدَ القاهر هنا يتغلغل في القضية ويبحث عن أصولها.
• أُحِبُّ العلم، وأُحِبُّ مسائل العلم، وأُحِبُّ المعرفة، وأُحِبُّ الفكرةَ التي في المعرفة كحُبِّي للمعرفة.
• هناك أشياءُ - باعتبار ملازمتي للمعرفة عُمرًا أطولَ منكم - تؤثِّر في نفسي وربما لا تؤثِّر في نفوسكم: حين يُورِدُ عبد القاهر تساؤلًا ثم يقول في الجواب عنه: «لا بُدَّ مِن لا» هذا جيدٌ جدًّا؛ لأنك لن تجد أحدًا إلَّا وهو يقول فيها: «لا»، ولأنك لن تجد عاقلًا يقول غيرَ «لا»، أرأيتَ الثقةَ بالمعرفة.
• يا عزيزي، تَعلَّمْ، ثم تَعلَّمْ كيف تُعلِّم؛ لأنك لو تَعلَّمْتَ ولم تُعلِّم كان عِلمُك لا قيمة له.
• عِلمُ المسلم عِلمٌ يُوجِبُ عليه أن يُعلِّمَه لأهل الإسلام.
• العلمُ إذا احتفظتَ به في ذات نفسِك تكون قد مَسَخْتَ المعرفة وأدخلْتَها في باب الأثَرَة والأنانية، وكما أنك تحتفظ بدِرْهمِك لنفسك كذلك تحتفظ بعلمِك لنفسك؛ فأنت لا تُفرِّق بين العِلم والدِّرْهم، والأمرُ ليس كذلك، وإنما ما تَعلَّمْنا إلَّا لنُعلِّم.
• ما تَعلَّمْنا إلَّا لنُعلِّم؛ حتى يَشيعَ العلمُ في الأمَّة، ويَشيعَ التقدُّم، وتَشيعَ القوَّة؛ لأن القوَّة مع العلم، الخِصْب مع العلم، الحرية مع العلم، الازدهار مع العلم، العدل مع العلم، كلُّ طيِّبٍ في حياة الأمَّة إنَّما هو مع العلم.
• الاستبدادُ جَهْل، ولذلك لا تجد عالِمًا يَستبِدُّ، إذا وجدتَ مُستبدًّا فاحلف على المصحف واحلف بالطلاق أنه جاهلٌ وغبيٌّ وأنت لا يَقعُ عليك لا يَمِينُ المصحف ولا يَمِينُ الطلاق.
• العلمُ يرتقي بالنَّفس الإنسانية، والاستبدادُ انحطاطٌ بها؛ فلا يَستبدُّ ويَنحطُّ بنفسه إلَّا جاهل.
• العقل الواعي يحترم الإنسان، واحترامي للإنسان هو فَضْلُ احترامي لنفسي، وبمقدار احترامي لنفسي أحترم الإنسان.
• حُبِّي للقراءة في الفكر كحُبِّي للقراءة في العلم.
• لا تُعلِّم إلَّا الذي لا يُعارِضُ فيه مُعارض، ولا يَشكُّ فيه شاكٌّ، فضلًا عن أن يُنكرَه مُنكِر؛ لأن هذه العقول التي أمامك أمانة؛ فلا تَزرَعْ فيها إلَّا الزَّرعَ الصَّالح، واعلم أن الله سائِلُك عن كل نَبْتةٍ غرسَتْها يدُك في قلوب أبناء المسلمين، وأبناء غير المسلمين؛ لأن الكلَّ عبادُ الله.
• أَعجَبُ كلَّ العَجَب من الذين بين أيديهم القرآن ولا يقرؤونه؛ لأنك لو كان بين يديك القرآن، ولن أقول: «لو كان بين يديك القرآنُ وفَهِمْتَه»؛ لأنه لا أحدَ فَهِمَ القرآنَ إلَّا سيدُنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإنما أقول: لو كان بين يديك القرآنُ وفَهِمْتَ منه ما تستطيع، ثم تركتَه، كان بين يديك نعمةٌ جليلةٌ أغمضتَ عينَك عنها.
• حين يُطالِب اللهُ أهلَ الجاهلية بأن يأتوا بسورة من مِثْل القرآن فكأنه يُطالبهم بخَلْق شمسٍ كهذه الشمس، وخَلْق سماءٍ كهذه السماء، وخَلْق أرضٍ كهذه الأرض؛ لأن المُعجِزَ واحدٌ؛ قَليلُه ككثيره، المُعجِزُ في بناء جملة قرآنية واحدة كالمُعجِز في خَلْق السماوات والأرض.
• إذا لم تَعْرِف الشيءَ الذي أعجزَ به القرآنُ تكون قد أبطلتَ الإعجازَ؛ لأن الإعجاز يعني وجودَ شيءٍ عجز الناسُ عنه، فإذا لم تُحدِّد في القرآن الشيءَ الذي عَجَز الناسُ عنه تكون قد أبطلتَ الإعجاز.
• يَقِيني أن «اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» = يَقِيني أن هذا مُعجِزٌ للجنِّ والإنس، ليس لأن الله قال ذلك، وإنما إحساسي به وبغيره من الكلام، لو لم يَقُل الله إنه مُعجِزٌ لأدركتِ الفطرةُ البيانيةُ التي خلقها الله فينا أنه مُعجِز.. لا شكَّ في هذا.

د. محمد محمد أبو موسى

12 Sep, 18:04


تنبيه:
نُنبِّه إلى عدم انعقاد درس فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في الجامع الأزهر الشريف الأحد القادم (١٢ ربيع الأول ١٤٤٦هـ - ١٥ سبتمبر ٢٠٢٤م)؛ لموافقته إجازةً رسميةً داخل جمهورية مصر العربية.

د. محمد محمد أبو موسى

07 Sep, 16:01


• تَوافُقُ الغربِ مع بني إسرائيل في مُعاداة دِين الله هو الذي جعلهم يَبْلَعُون منهم قَتلَ الفلسطينيين، ويَقبَلُون منهم هَدْمَ البيوت على رؤوس ساكنيها.
• مُصيبةٌ أنْ تألفَ الغفلة، ومُصيبتان أنْ تألفَك الغفلة؛ لقد أصبحتَ مُحبًّا للغفلة حتى أحبَّتْك الغفلة.
• تعليقًا على قول عبد القاهر: «أيجوزُ أن يكون تعالى قد أمر نبيَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – بأن يَتحدَّى العربَ إلى أن يُعارِضُوا القرآن بمِثْلِه من غير أن يكونوا قد عَرَفوا الوصفَ الذي إذا أَتَوْا بكلامٍ على ذلك الوصفِ كانوا قد أَتَوْا بمِثْلِه؟»، قال شيخُنا: هذا السؤالُ هو قُطْبُ رَحَى الدَّرس؛ فاحفظْه، انسَ اسمَك ولا تَنْسَه؛ لأن هذا هو مِفتاحُ علم البلاغة، وإذا دَرَسْتَ علمَ البلاغة ومِفتاحُ علم البلاغةِ ليس في يدِك فإن الله تعالى يكونُ قد أكرمَك بالضَّلال، وأكرمَك بأن تُضِلَّ مَن تُعلِّم، وبئس هذا الإكرام.
• النبوَّةُ عطاءٌ من الله، «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ»، وإرثُ النبوَّة عطاءٌ من الله، لا يمكن أن تكون النبوَّةُ عطاءً من الله وأن يكون إرثُها اكتسابًا من الناس، وإنما هو عطاءٌ واكتساب.
• قال شيخُنا، مُثنِيًا على قارئ درسه الأستاذ إبراهيم الجاكي، ومُوصِيًا إيَّاه: الولد إبراهيم سيكونُ من أهل العلم لو ابتعدَ عن المناصب، وربُّنا أكرمَنا بشيء؛ هو أننا وَجدْنا أهل المناصب سُلوكُهم لا يُغرِيك بأن تتمنَّى أن تكون واحدًا منهم؛ فزَهَّدُونا في المناصب ليَزدادَ انقطاعُنا للعلم، فلو أن الله أكرمَ هذا الولدَ ووَجدَ زمانًا يُزهِّدُه أصحابُ المناصب في المناصب؛ فيَزْهَد فيها وينقطع للعلم، سيكون من العلماء، ولكنِّي ليس عندي أملٌ فيه؛ لأنه كان عندي مَن هُم أحسنُ منه، ولما تَولَّوا المناصبَ كان ما كان، وانتهت المسألة.
• الذي يُكرِمُه ربُّنا بالعقلِ وحُبِّ العلم يُكرِمُه بنعمةٍ أخرى؛ هي حُبُّ الانقطاع للعلم.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/233
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

07 Sep, 16:01


• كلمةُ «وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ» التي في سورة «القَصَص» كلمةٌ عجيبةٌ جدًّا؛ «وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ» أي: جعلنا الكلامَ موصولًا بعضُه ببعض؛ فذَكَرْنا لهم الآخرة وكأنهم يَروْنَها، وذَكَرْنا لهم النارَ وكأنهم يَجِدُون لَفْحَها، وذَكَرْنا لهم الجنةَ وكأنهم يَجِدُون رِيحَها، ماذا تريد أكثر من ذلك؟!! اللهُ أطلعك على الآخرة بكل دقائقها؛ مِن لحظة أن تَدخُلَ القبر، وأطلعك على الجحيم بكلِّ أهوالِه، وأطلعك على الجنة بكلِّ نعيمها، كلُّ هذا في الكتاب العزيز.
• الأُمَّةُ إذا قرأتِ القرآنَ عادتْ إلى رُشْدِها.
• الظلمُ والاستبدادُ أنواع: هناك ظالمٌ مستبدٌّ ناجح، وهذا يمكن أن نَقبلَ ظُلمَه واستبدادَه مع نجاحِه، وهناك ظالمٌ مستبدٌّ فاشل؛ فلأيِّ شيءٍ نَقبَلُه، ليس هناك حسنةٌ من الحسنات تَجعلُنا نبتلع هذه السيئات.
• وجدتُ في كلام رسول الله النهيَّ القاطعَ عن الخروج على الحاكم ما لم يكن منه كُفرٌ بَواحٌ، وأنا تتبَّعتُ السُّنَّة واجتهدتُ - يَعلَمُ الله - لكي أجد حديثًا يُجيزُ الخروجَ على الحاكم فلم أجد، وكتبتُ هذا في بعض كُتُبي، ومَن يَجِدْ حديثًا صحيحًا يُجيزُ الخروجَ على الحاكم فليُحدِّثني عنه، ثم قلتُ في نفسي: وما الحلُّ يا ربِّ مع الظالم الفاسد الفاشل؟! ثم قرأتُ أن سيدنا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال إن أوَّلَ مَن يَدخلُ جهنَّم حُكَّامُ الجَوْر؛ فقلتُ إنَّ من لا يَرْدَعُه هذا الحديثُ لن يَرْدَعَه الخروجُ، وفي سُنَّةِ سيدنا رسولِ الله أن الإمامَ العادلَ يُظلُّه الله في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه؛ فالذي لا يُغْرِيه ظِلُّ الله فيَعْدِل، ولا يُخِيفُه الجحيمُ فيَظْلِم، عنده استعدادٌ لأن يَقتُلَ نصفَ الشَّعب ليظلَّ حاكمًا على النِّصف الآخر؛ فمِثْلُ هذا اتَّقُوا شرَّه بالصمت؛ فأحسستُ أن الله نهانا عن الخروج ليس دفاعًا عن الحاكم الظَّالم، وإنَّما دفاعًا عن الجماعة؛ لأن هذا الظالم ممكن أن يقتل نصفَ الناس ليظلَّ حاكمًا على النِّصف الآخر، ويكون الناسُ بعد قَتْلِ نِصفِهم أسوأَ حالًا ممَّا كانوا عليه يوم أن خرجوا عليه.
• ليس هناك دِين، ولا تَديُّنٌ بدِين، ولا معرفةٌ بدِين مِن غير قراءة الكتاب والسُّنة؛ لأن الدِّينَ هو الكتابُ والسُّنَّة، ولا يُعبَدُ الله إلَّا بما أُمِرَ أن يُعبَدَ به، ولا يُحرِّمُ أحدٌ إلَّا الله، ولا يُحِلُّ أحدٌ إلَّا الله.
• إعجازُ القرآن لا يَجوز لمسلمٍ أن يتردَّدَ فيه؛ لأن الله هو الذي حكم بذلك، «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»، لن تستطيعوا أيها الناسُ من هذا اليوم الذي حدَّثتُكم فيه إلى أن تقوم السَّاعةُ أن تأتوا بسورةٍ مِن مثله، ولو دعوتُم كلَّ شهدائكم؛ فالإعجاز أمرٌ مفروغٌ منه؛ لأنه خبرُ مَن لا خلافَ في خبره.
• العلماءُ درَسوا وجوهَ الإعجاز، ولم يَدرُسْ أحدٌ الإعجاز؛ لأن الإعجازَ مقطوعٌ به، وما دام الإعجازُ مقطوعًا به، وهذا المُعجِزُ هو الكتابُ الذي في أيدينا؛ فالمطلوب - مِنْ بِرِّي بنفسي - أن أجد في نفسي إعجازَه وإحساسي أنا بأنه مُعجِز.
• عبد القاهر يُعلِّمك أنك إذا اقتنعتَ ببابٍ من أبواب العلم، ووجدتَ الناسَ يَسْلُكون غيرَ طريقه، فعليك أن تجتهدَ في أن تُنادِيَ الناسَ حتى يتركوا الطريقَ الذي سلكوه ويَسْلُكوا الطريقَ الذي هُدِيتَ إليه؛ فالقضية ليست أن تَعْلَمَ؛ القضيةُ أن تُنادِيَ مَن لا يَعْلَمُ حتى يَعْلَمَ، أرأيتَ الأمَّة ونسيجها وبناءها؟!!
• أهلُ الله حين يتكلَّمون في العلم تَعتريهم نَشْوة، وتَعتريهم طُرْبة، تَجِدُ هذه النَّشوةَ وهذه الطُّربةَ في نَغَمِ بيانهم.
• السَّجعُ مُهمٌّ جدًّا، السَّجعُ ليس زينةً لفظية، السَّجعُ استجابةٌ في نَغَم الألفاظ إلى نَغَمٍ جرى في القلوب.
• نحن قتلنا علم البديع لمَّا قلنا إنه مُحسِّناتٌ لفظية ومُحسِّناتٌ معنوية، جيد جدًّا، لكنَّ الذي قال ذلك واحدٌ، وتَبِعَه مَن تَبِعَه، إنَّما حين تُراجع ستجد أمرًا آخر، وأنه ليس مُحسِّناتٌ لفظية ومُحسِّناتٌ معنوية.
• تعليقًا على طريقة عبد القاهر في شَرْح العلم، قال شيخُنا: أرأيتَ كيف كان الناسُ يشرحون العلم، ونحن أسأنا إليهم وأسأنا إلى أنفسنا حين نَشرحُ بالطريقة التي رُبِّينا عليها ورُبِّيتُم عليها.
• العقلُ العلميُّ يُحدِّد مناطَ الحديث وموضوعَه قبل أن تَدخُلَ عليه: قبل أن تَدخُلَ على الإعجاز لا بُدَّ أن تتبيَّن الذي أعجزَ، والذي أعجزَ ليس في أصوات الكلمات، ولا في معاني الكلمات، ولا في نَغَم الكلمات، ولا في فواصل الكلمات، وإنَّما الذي أعجزَ هو طريقةُ بناء الكلام، وارتباطُ الكلمات بعضِها ببعض.

د. محمد محمد أبو موسى

07 Sep, 16:01


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 27 من صفر 1446هـ = 1 من سبتمبر 2024م)
• يجب أن تَعلمَ علمًا قاطعًا أن العلماء لا يُعلِّمون العلم فقط، وإنما يصنعون عقولًا، ويُربُّون عقولًا؛ لأن العلمَ في النهاية هو تنميةُ عقل، ويَرفعُ الله الذين أوتوا العلم درجاتٍ لأن عقولَهم أعلى.
• المُحِبُّ لقومه هو الذي يَجعل كلَّ هَمِّه ترقيةَ عقول شعبه، ولا يَجعلُ كلَّ هَمِّه ترقيةَ عقول شعبه إلَّا من ارتقى عقلُه بالعلم، فإذا لم يكن عقلُه قد ارتقى بالعلم فلن يُفكِّر في أن يَرتقِيَ بعقول الناس الذين هو منهم بالعلم.
• الجنةُ لمن يرتقي بعقول قومه بالعلم، والنَّارُ لمن يَهدِم عقولَ قومه.
• الطريقُ الأولُ والأخير لارتقاء عقول الناس بالعلم هو التعليم، ولذلك تَجِدُ المُحِبَّ لقومه هو المُحِبَّ للتعليم، وللارتقاء بالتعليم، وللعناية بالتعليم.
• الإنسانُ إذا ارتقى صَنَع كلَّ رُقِيٍّ على أرضه، والإنسانُ الجاهلُ لن يصنع شيئًا على أرضه، وهذه مسائلُ أساسياتٌ معروفةٌ من التاريخ.
• أوَّل نِعمة أنعمها الله على آدم بعد خَلْقه هي أنه علَّمه الأسماء.
• الذين يُدمِّرون التعليم يُدمِّرون البلاد؛ لأنك ما دمتَ دمَّرتَ الإنسان فلن تُبقِيَ شيئًا على الأرض إلَّا دمَّرتَه.
• الإعجازُ نحن اكتفينا فيه بأنه برهانُ نُبوَّة محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذا جيدٌ جدًّا وعَالٍ جدًّا، مع أن سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم له معجزاتٌ لا تُحصى، ولكنَّ القرآن هو المعجزةُ الخالدةُ والباقية - ولكنْ هناك شيءٌ آخر؛ هو أنه لو لم يكن القرآنُ معجزًا لتَغيَّر الدِّين كما تَغيَّرت اليهوديةُ والمسيحيةُ؛ فالإعجازُ حَفِظَ الدِّينَ إلى يوم يُبعثون؛ لأنك لو أدخلتَ كلمةً واحدةً في القرآن مِن خارجه لكان إعجازُ القرآن فاضحًا لها؛ فالإعجاز هو الحامي والمحامي والمدافع عن بقاء القرآن كما أُنزِلَ إلى يوم القيامة.
• الإعجازُ لم يكن بُرهانَ نُبوَّةٍ فحسب، وإنَّما هو ضرورةٌ لبقاء هذا الدِّين بدون تغيير. الأديان غُيِّرتْ، وليس ممكنًا أن يُغيَّرَ الإسلام؛ لأن كتابَه - كما قلتُ - لا يُقبَلُ فيه أي تغيير.
• تندهش الآن حين تجد اليهودَ المتشدِّدين في التوراة يقولون كلامًا ليس له صِلَةٌ بالتوراة؛ فالذين يقولون: «سنقتل الفلسطينيين بالنابالم» لا صِلَةَ لهم بالتوراة؛ لأن التوراة وصفها ربنا بأنها هدًى ورحمة، وليس من الهُدى وليس من الرحمة أن تَهدِمَ البيوتَ على رؤوس ساكنيها.
• كلُّ الذي يجري في فلسطين باسم «اليهودي المتديِّن» لا صِلَةَ له بالتوراة؛ لأن التوراة تغيَّرت، ربما يكون له صِلَةٌ بالتوراة عنده، لكنَّ التوراة التي تدعوه إلى هذا ليست هي التوراة التي أنزلها الله على موسى.
• لا اليهودية يهودية؛ لأنها تغيَّرت؛ لأن كتابها غير مُعجِز، وغيرُ المُعجِز ممكن تغييره، ولا المسيحية مسيحية؛ لأنها تغيَّرت؛ لأن الإنجيل غير مُعجِز، وغيرُ المُعجِز ممكن تغييره.
• ليس على وجه الأرض كتابٌ أُنزل منذ خمسة عشر قرنًا وليس فيه غُنَّةٌ زائدة، وليس فيه غُنَّةٌ ناقصة، إلَّا هذا الذي بين أيدينا؛ فوجودُ القرآن في الأمة أمرٌ كبير، ووجودُ الإعجاز أمرٌ كبير.
• سمعتُ ممَّن سمعتُ منهم العلم أنه لا يجوز دراسة العصر الجاهلي بمَعْزِلٍ عن دراسة الإعجاز؛ لأن الإعجاز هو القضيةُ الكبرى والحَدَث الأعظمُ الذي حدث في حياة العرب في الجاهلية، ودراسةُ العصر الجاهلي والشعر الجاهلي بمَعْزِلٍ عن الحدث الأعظم دراسةٌ فارغةٌ، وكان مولانا الشيخ محمود شاكر - رحمه الله - كثيرًا ما يُكرِّر هذا.
• الإعجاز هو قضيةُ الأمَّة الأولى، نعم هو برهان النبوَّة، وأَنْعِمْ ببرهان النبوَّة، ولكنه مع ذلك له إضاءاتٌ وله عطايا أخرى؛ فلا يجوز أن نُشغَلَ فقط ببرهان النبوَّة عن هذه العطايا، وعطاؤه الأعظم هو حمايةُ هذا الدِّين.
• يُدهشني أن أرى مسلمًا لا يقرأ القرآن؛ القرآن هو الإسلام، والمسلمُ الذي لا يقرأ القرآن هو المسلمُ البعيدُ عن الإسلام، «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا»، هذه شكوى مؤلمة؛ فاحذر، ثم احذر، ثم احذر، أن تكون من الذين اتخذوا هذا القرآنَ مهجورًا.
• أعرابيٌّ رفيعُ العقل جيِّدٌ جدًّا كان يُسمِّي سورةَ «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ»: «نَسَبُ الله»؛ فإذا أردتَ أن تعرف الله فاقرأ القرآن، إذا أردتَ أن تعرف الآخرة فاقرأ القرآن، إذا أردتَ أن تعرف الذي يُرضِي الله فاقرأ القرآن، إن أردتَ أن تعرف الذي يُغضِبُ الله فاقرأ القرآن، إن أردتَ أن تَنجُوَ من العذاب فاقرأ القرآن.. إلخ.

د. محمد محمد أبو موسى

30 Aug, 16:14


يَنفِيها، وعليه أن يَعقِلَ وَجهَ مَن أثبتَ، وأن يَعقِلَ وَجهَ مَن نَفَى، وأن يَختار = تكون هذه هي لحظة تربية العقل، ولحظة تعليم العقل، ولحظة تكوين الإنسان الأفضل.
• الكلامُ الذي فيه تكوينُ عقلٍ حَظُّه من تكوين العقل أكثرُ بكثيرٍ مِن حظِّه في تكوين المعرفة.
• علماؤنا من زمن بعيد حذَّروا من أن تكون المعرفةُ أوسعَ من العقل، وأوجبوا أن يكون العقلُ أوسعَ من المعرفة؛ لأن العقلَ هو الذي يُسيطر على المعرفة، فإذا سيطرت المعرفةُ على العقل دَخلَها الزَّيْغُ والفسادُ والعقلُ لا يَدرِي، فلا بُدَّ أن يكون العقلُ هو المسيطر على المعرفة؛ حتى يَنفِيَ ضَعْفَها ويُقوِّم عِوَجَها.
• آيةُ «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ» آيةٌ عجيبةٌ جدًّا، وجُملةٌ مُذهلة، نَعْم؛ فينا رسولُ الله ونحن في المسجد، وفينا رسولُ الله ونحن في المصنع، وفينا رسولُ الله ونحن نَذكُر الله، وفينا رسولُ الله ونحن نَكِذب، ونحن نُفسِد، ونحن نأكل حرامًا، فينا رسولُ الله بسُنَّتِه وشَرْعِه وكتابِه الذي أنزلَه الله عليه.
• سقراط وأفلاطون وأرسطو.. لا يستطيع أحدٌ أن يُنكِرَ قيمةَ هؤلاء الناس؛ لأنك حين تُنكِرُ قيمةَ القِمَم لن يسمعَك أحد.
• سقراط الذي هو شيخ أفلاطون وأرسطو في نهاية حياته كَتبَ جملةً عجيبة جدًّا؛ قال: «العلمُ مُتَّسعٌ جدًّا، وكلَّما زِدتَ فيه معرفةً زادتْ عندك مساحةُ اتِّساعه، والذي عندي الآن مِن العلم لا يزيد على مَحْو أمِّية الجهل، أنا الآن أعددتُ عقلي لطلب العلم».
• مِن فضلِ الله عليَّ أنني طول حياتي لم أُشغَلْ إلَّا بالكِتاب، وزهَّدنِي الله في كلِّ شيء إلَّا في القراءة والكتابة، وهذه حقيقةٌ لا أقولُها لك لكي تَمدحَنِي؛ لأن مدحَك لي لا يساوي ذرَّةً عندي؛ لأني ذاهبٌ إلى ربِّي وسيُحاسبني بما يَعْلَمُه مِن سريرة نفسي، ولن يحاسبَني بمدحِك ولن يؤاخذَني بذمِّك. لماذا قلتُ ذلك؟ لأني عشتُ حياتي كلَّها أقرأ، والآن وأنا مقبلٌ على التسعين أجدُ مسائلَ في العلمِ من الصعوبة بمكانٍ أن أَفهمَها، فأقول: يا رب، كم سنةً أعيشُ حتى لا أجد صعوبةً في مسألةٍ أحاول فَهْمَها، فأذكر كلمة سقراط، وأن كلَّ الذي عاشه، وكلَّ الذي عَلِمَه - ومِن بعضِه وُجِدَ أفلاطون، ومِن بعضِه وُجِدَ أرسطو، اللذان هما أئمَّةُ الفكر - إنَّما تهيَّأ به عقلُه لطلب العلم.
• ظَنُّك في فلانٍ أنه عالِمٌ بمقدار جَهْلِك؛ لأنك لو كنتَ عالِمًا لما اعتقدتَ أنه عالِمٌ؛ لأن الكلَّ طالبُ عِلم.
• عبارةٌ عجيبةٌ قرأتُها لكنِّي نَسيتُ مصدرَها؛ هي أن أجيالَ الأرض مِن يوم أن نزلَ القرآنُ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهي تأخذ من القرآن؛ كلُّ جِيلٍ يأخذ ما يستطيع، ثم يعود القرآن يوم القيامة إلى ربِّه بِكْرًا كأنه لم يؤخَذْ منه شيء، كلُّ علومنا من القرآن، وعلومُ الأجيال التي قبلَنا من القرآن، وعلومُ الأجيال التي بعدنا إلى يوم القيامة من القرآن، كلٌّ يأخذ منه ثم يعود إلى ربِّه كأنه لم يؤخَذْ منه شيءٌ، وصادفَ قراءتي لهذه العبارة العجيبة أنَّ «زويل» - الله يرحمه - كان يقول إن تقدُّم العِلم في البشرية وما اكتشفه لا يزيد على 5% من أسرار الله في هذا الكون، وإن الأجيال التي ستأتي ستكتشف مزيدًا من أسرار الكون، ثم يعود الكون إلى ربِّه بِكْرًا كأن لم يُكتشف منه شيء.
• كلُّ كلمةٍ في المصحف تَفِيضُ عليَّ معنًى جديدًا، وتُغرِقُ عقلي وقلبي بمعنَى غير المعنى الذي أفاضتْ به الكلمةُ التي قبلها.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/231
#مما_قال_شيخ_البلاغيين

د. محمد محمد أبو موسى

30 Aug, 16:14


مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 20 من صفر 1446هـ = 25 من أغسطس 2024م)
• طريقة العلماء في عَرْض الأفكار عِلمٌ، يَتعلَّمُه الطلاب: تتعلَّمُ عِلمَهم، وتتعلَّمُ طريقتَهم في عَرْض عِلمِهم.
• العلمُ بابٌ جليلٌ، وطريقةُ عَرْض العلمِ بابٌ جليل، والكاتِب الذي ألَّف لك كتابًا لا بُدَّ أن تدركَ أن قلمَه الذي كَتب به هو نفسُه لسانُه الذي حدَّثك به، وأنه حدَّثك بلسانَيْن: بقلمِه وبلسانه، ومن هنا تبدأ تتشرَّبُ المعرفةَ وتتذوَّقُها، وتَعرِفُ قَدْرَ مَن علَّمونا وكَتَبوا لنا.
• عبد القاهر توفِّي 471 هجرية، ولا يزال الناسُ يقرأون كلامَه وينتفعون به، وهذا هو العملُ الصَّالحُ الباقي لهؤلاء العلماء، إن كانوا مخلصين.
• لمَّا ذكرَ عبدُ القاهر الوجهَ الفاسدَ في تقدير المحذوف في قوله تعالى: «وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ»، ثمَّ بيَّن الوجهَ الصَّحيح، أراد أن يُدقِّق في صحَّة الوجه الصَّحيح، وأن يؤكد سدادَ الإعراب الذي اختاره؛ فافترض أن صاحبَ الوجه الإعرابي الذي حكم عليه بالفساد سيُورِد اعتراضاتٍ على الوجه الذي اختاره هو.
• ليس المهمُّ أن تحفظَ المسألة، المهمُّ أن يكون لديك استعدادٌ للردِّ على كل اعتراضٍ يأتي على هذه المسألة.
• لن تكون المسألةُ عندك عِلمًا إلَّا إذا كنتَ قادرًا على أن تَدفعَ كلَّ شُبهةٍ وكلَّ اعتراضٍ يَرِدُ على هذه المسألة.
• العلمُ الذي لا تستطيع أن تحمِيَه بعقلك ليس علمًا، وإنَّما العلمُ هو الثابتُ الذي يستطيع عقلُك أن يَدفعَ عنه كلَّ شُبهةٍ تَرِدُ عليه، ولو كانت الشُّبَهُ ظالمة، فإذا كانت الاعتراضاتُ تَرِدُ عليه وتَعْجِزُ عن ردِّها فكأنك لا تَحمِل علمًا.
• العلمُ الذي عندي هو العلمُ الذي يَقدِرُ عقلي على حمايته.
• قوَّةُ النَّفْس العالِمة في أنها لا تَعُدُّ ما عندها علمًا إلَّا إذا كانت قادرةً على حمايته، تمامًا مثل الأرض والشُّعوب: لا يُعدُّ الذي عندك ثروةً ما لم تكن قادرًا على حمايتها، فإن كانت عندك ثروةٌ وأنت عاجزٌ عن حمايتها فلا ثروةَ لك.
• أيُّها البلدُ الغنيُّ، لا بُدَّ أن تكون لك قوَّةٌ تَحمِي ثروتَك، فإذا لم تكن لك قوَّةٌ فلا ثروةَ لك.
• مِن أهمِّ الكتب التي أثَّرتْ في نفسي وفي نشأتي العلمية كتابُ «المُطوَّل» لسعد الدِّين التفتازاني، «المُطوَّل» فيه علمٌ جليلٌ جدًّا، وسعدُ الدِّين من الأئمَّة الكبار، ولكنَّ الذي شَغلَني به هو أنه كان يُورِدُ الرأيَ الذي لا يرضاه بأمانةٍ شديدةٍ ودقَّةٍ شديدةٍ، حتى تكونَ - وأنت تقرأ هذا الرأيَ الذي لا يرضاه - على يقينٍ من أنه هو الرأيُ الذي يرضاه، ثمَّ بعد أن يؤكِّدَه ويُثبِّتَه يَجِدُ له منفذًا يَنفُذُ منه فيَهدِمُه؛ فراقني جدًّا، وعَرَفتُ أمانةَ العلم، وعَرَفتُ كيف أن العلمَ يُتابَع بدقَّةٍ شديدة؛ حتى لا تكونَ مِنه مَنافِذُ للاعتراض ودُخول الخطأ.
• قيمةُ العلم في تنمية العقل، والله يَرفَعُ الذين أوتوا العلم درجاتٍ لأن عقولَهم أفضل، وإذا هَدمْتَ التعليمَ فأنت لا تَهدِمُ مدرسة، أنت تَهدِمُ الإنسانَ الذي على الأرض، وإذا هَدمْتَ الإنسانَ الذي على الأرض فقد جعلتَ الأرض كلأً مُباحًا لكل طامعٍ فيها؛ لأن الذي يحميها هو الإنسان، وهذا ليس كلامِي، ولا كلامَ حكيمٍ، ولا كلامَ فيلسوفٍ، وإنَّما هو كلامُ التاريخ.
• الإنسانُ الذي يعيش على الأرض لن يَحمِيَها إلَّا إذا كان إنسانًا عاقلًا، ويُدرِك معنى وجوده على هذه الأرض.
• أنت لم تُوجَدْ على الأرض لتكون «طبَّالًا» لزيدٍ أو لعمرو؛ لأنك وزيدًا وعَمْرًا ذاهبون، وإنما وُجِدتَ على الأرض لتكون حاميًا لها وحارسًا.
• أحبُّ القراءة ليس لأجل العلم فحسب، وإن كان العلمُ شيئًا جليلًا جدًّا، وإنَّما أحبُّ القراءةَ لأنها تَصنعُ العقل، ويقيني أن صناعة العقل هي صناعةُ الإنسان، وأن إهمالَ العقل تدميرٌ للإنسان، وأن صناعة الأوطان هي صناعةُ عقولٍ حيَّةٍ تحمي الأوطان.
• الذين يزعمون أنهم يقومون على حماية أوطانهم بأي صناعةٍ غيرِ صناعة الإنسان الذي يحميها = قومٌ لا يَدْرُونَ ما يقولون.
• تُريد حماية الأوطان اصنع الإنسانَ الذي يحميها، تُريد التقدُّم اصنع الإنسانَ الذي يَصنع التقدُّم، تُريد الرُّقِيَّ والقوَّة اصنع الإنسانَ الذي يصنع الرُّقِيَّ والقوَّة، فإذا كنت مشغولًا بغير الإنسان فأنت مشغولٌ بغير أرضِك.
• القَلمُ الذي يَكتب لك صفحةً هو لسانٌ يُحدِّثك عن هذه الصفحة، والآن أنا لا أقرأ كلام عبد القاهر، وإنَّما أسمعُ لسانَ عبد القاهر: هو معنا في مجلسنا، وهو سيِّد هذا المجلس.
• إذا وجدتَ كلمةً غامضةً في كتابٍ فقِفْ عندَها، وتأكَّدْ أن هذا الكتابَ في عَرْض هذه الكلمةِ الغامضة يُعلِّم عقلَك، ويُوقِفُك ليزيدَك تنبُّهًا وإيقاظًا، ولذلك كان علماؤنا يقولون: «من أراد أن يتعلَّم فعليه بمسائل الخلاف»؛ لأن مسائل الخلاف فيها: «قيل، وقيل، وقيل»، والعقلُ حين يكونُ بين مسائلَ هناك مَن يُثبِتُها وهناك مَن

د. محمد محمد أبو موسى

23 Aug, 19:01


• قرأتُ قديمًا أن مستشرقًا أدهشه أن معظمَ علماء العربية ليسوا عَرَبًا، وهذا نادرٌ في تاريخ اللُّغات؛ لأن معظم علماء الإنجليزية إنجليز، ومعظم علماء الفرنسية فرنسيون، ومعظم علماء العربية غيرُ عَرَب؛ لذلك كان الرَّافعيُّ رائعًا جدًّا حين قال إن كلمة «الجنس العربي» ذهبتْ وحلَّ محلَّها «الجنس الإسلامي».
• اعلمْ أن أجركَ في هذا الدَّرس فوق أجري؛ لأنك جئتَ مُحتشدًا لأن تتعلَّم، وجئتَ مجتهدًا في أن تتعلَّم، وأنت تَعلَمُ أن من اجتهد أخذَ الله بيده، وأنت حين تَقعدُ عن الاجتهاد فكأنك قعدتَ عن أن يأخذَ الله بيدك، وبئس امرؤٌ قَعَدَ عن أن يأخذَ الله بيده.
• نحن لم نُعلِّم الدِّينَ لأجيالنا، وحين أرى في المجتمع أشياءَ غيرَ دينية أقول: يا رب، نحن في حاجة إلى صفحة واحدة نضعها في كُتُب أطفالنا في الابتدائية، نكتب فيها قولَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا التقى المسلمان بسَيْفَيْهِما فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار»، ولا نريد لها شرحًا؛ فلو حَفَّظْنا الأجيالَ الجديدة التي لا تزال في «الرَّوضة» هذه العبارة فلن نَجِدَ شعبًا يتقاتل، والعجيبُ أن الشعوبَ التي تتقاتلُ فيها فريقٌ يقول إنه يُقاتل عن دِين الله! يا سيدنا، إذا عَرَفْتَ أنه إذا التقى المسلمان بسَيْفَيْهِما فالقاتلُ والمقتولُ في النَّار فستَرْمِي سيفَك، ولو حفَّظْنا ذلك للأجيال لما وجدنا الذي في ليبيا في ليبيا، ولا الذي في السودان في السودان، ولا غير ذلك.
• إذا زرعتَ في قلب تلميذ الرَّوضة والابتدائي قولَ سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ حَمَلَ علينا السِّلاحَ فليس منَّا» فلن نَجِدَ في الأمَّةِ طائفةً تَخرُج على المجتمع بالسِّلاح لكي تُقِيمَ الحُكمَ بما أنزلَ الله، يا سيدنا، أنت حين حَمَلْتَ السِّلاحَ على الأمَّة أسقطتَ الحُكمَ بما أنزلَ الله، إنَّما أنت تَعيشُ في جَهَالة، والذين يؤيِّدونك يؤيِّدونك بجهالة؛ لأنك ما دُمتَ حَملْتَ السِّلاحَ على أمَّةِ خيرِ الأنام فلا تَدَّعِ أنك تريد الحكمَ بما أنزلَ الله؛ لأن خير الأنام قال: «مَنْ حَمَلَ علينا السِّلاحَ فليس منَّا».
• لا أعلم أيَّ «مُفَنْكِر» - ولا أقول: «مُفكِّر» - أقنعَهم بأن دراسةَ الدِّين ستُخرِّج لنا متطرفين وإرهابيين!! يا سيدنا، الحاجزُ بين المجتمع وبين الإرهاب هو أن يَعرِفَ دِينَ الله؛ لأن مَن عَرَفَ دينَ الله لا يَقتُل حتى غيرَ المسلم فضلًا عن أن يَقتُل مُسلمًا.
• يا عزيزي، المسألة ليست أن تَحفَظَ المعرفة، المسألةُ أن تتأمَّل المعرفة، وأن تَعرِفَ أبعادَها الرُّوحية.
• تَروقُني الآياتُ مِن مثل قولِه تعالى: «وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ»؛ فأنتَ أيُّها الفاسدُ المُفسِدُ، الظَّالمُ للناس، والقَاهِر للناس، أنت تتوهَّم أنك تَظلِمُ الناس، ولكنَّ الحقيقة أنك ظالِمٌ لنفسِك؛ لأن كلَّ هذا سيُحاسِبُك الله عليه حسابًا شديدًا.
= تلقَّاه وكتبه: تلميذه د. ياسين عطية
= تجدون التسجيل الصوتي للدرس كاملاً تحت هذا الرابط:
https://t.me/sh_abu_musa2/230
#مما_قال_شيخ_البلاغيين