وبهذا المقياس فلا شك أن المحتل الصهيوني فشل في فرض إرادته في التهجير أو إنهاء المقاومة أو تحرير أسراه بالقوة، وأن المقاومة فرضت عملية #طوفان_الأقصى ابتداء وانتقلت للهجوم لتعود إلى الوقائع السابقة رغم مبادرتها للهجوم، وهذا يجيب على التساؤل المفرغ الذي يجري ترديده "إن كنا عدنا للحالة السابقة فما فائدة طوفان الأقصى؟".
أما تعبير أطراف الحرب عن وعيها بأدوات الحرب واستعدادها لدفع ثمن فرض إرادتها فيها فلا يكون بما تكتبه على "السوشال ميديا"، فوسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة مستجدة في الفضاء الإنساني، بل هي تعبر بما تختاره في الحرب أمام تحدي النار والموت والدم، وأمام الاستفتاء بالدم فإن استفتاء اللفظ يمسي فائضاً عن الحاجة.
وفي حالة أهل غزة فإن ما عبر عنه أهلها من تشبث بالبقاء في شمال #غزة بداية الحرب، وتطبيقهم العملي لمقولة "غزة أو الجنة"، ثم الصمود أمام عملية الحصار والتجويع الثانية في الشهور الأولى من عام 2024، وأخيراً ما دفعوه من دم أمام حملة ختام الحرب التي طاولت المائة يوم وأرادت أن تحول شمال غزة إلى أمثولة مصغرة في التهجير...
اختار عشرات الآلاف البقاء تحت النار رجالاً ونساء كباراً وصغاراً ومن خرج منهم لم يخرج إلا مجبراً بقوة برية أخرجته من بيته ووضعت البندقية في رأسه... وبقيت معهم مقاومتهم تخوض معركتها حتى الأيام الأخيرة قبل إعلان اتفاق وقف الحرب، لم تنفصل خيارات المدنيين عن مقاومتهم، ولم يتركوها عارية في جباليا وبيت حانون بيت لاهيا، وحاولوا بآلاف الشهداء أن يتشبثوا بأرضهم وأن يحافظوا على القتال حياً فيها، فهل يبقى لسؤال رضاهم بهذا الخيار مكانٌ؟
أخيراً، فإن السؤال المفروض على كل من هو خارج غزة كان وسيبقى عن دوره وموقعه من غزة ومقاومتها وأهلها حين تقدمت الصف، وإثارة سؤال صوابية قرار المقاومة عوضاً عن سؤال الواجب تجاهها هو تجرؤ على نقد الغير وجبن عن نقد الذات، فأي إضافة يمكن أن يشكلها مثل هذا النقد؟ إن حرية النقد التي لا بد من الحرص عليها هي الحرية في نقد الذات؛ أن ينقد كل فرد وجماعة خياراتهم من مواقعهم أولاً، ومن ثم يجري الالتفات لنقد المحيط...وهذا الترتيب هو ما يسمح لأي نقدٍ أن يكتسب مصداقيته.