استقبل النبي صلى الله عليه وسلم وفد {{ ثقيف }} استقبالاً طيباً يليق بنبي كريم
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تضرب لهم خيمة في المسجد، حتى يكون ذلك أرق لقلوبهم، ويستمعوا الى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ،ويشاهدوا أحوال المسلمين، ويتعلموا الإسلام، ويسمعوا القرآن
فكانوا يمكثون في المسجد، ثم يذهبون الى رحالهم للقيلولة أو غير ذلك
_
جاء الوفد بعد ذلك ليسلم على يدي النبي صلى الله عليه وسلم
ولكنهم أرادوا الإسلام بشروط معينة، فتحدث زعيمهم
{{ كنانة بن عبد ياليل }}
وقال: _أفرأيت الزنى ، فإنا قوم نغترب ولا بد لنا منه ؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_هو عليكم حرام ، فإن الله عز وجل يقول {{ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا }}
قال:_ أفرأيت الربا فإنه أموالنا كلها ؟
قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ لكم رءوس أموالكم إن الله تعالى يقول {{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين }}
قال: _ أفرأيت الخمر ، فإنه عصير أرضنا لا بد لنا منها ؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إن الله قد حرمها ، وقرأ عليه قوله تعالى {{ ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون }}
____
ثم طلبوا طلبا أخيرا غريبا، وهو أن يتم اعفائهم من الصلاة، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم طلبهم
وقال :_ لا خير في دين لا صلاة فيه [[ ليت أمتنا تفهم ذلك لا خير في دين لا صلاة فيه ]]
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حزينا وهو يستمع الى هذه المناقشة
لأن هذه المساومات كانت تدل على أن هذا الوفد لم يأت مقتنعا بالإسلام
وانما جاءوا خوفا من الدولة الإسلامية، وأن هذه الأيام التي قضوها في المدينة وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لم تؤثر فيهم
_
ثم خلا القوم بعضهم ببعض للتشاور
وقالوا : _ويحكم إنا نخاف إن خالفناه يوما كيوم مكة ، انطلقوا نكاتبه على ما سألناه
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقال زعيمهم {{كنانة بن عبد ياليل }}
قال للنبي :_ نعم ، لك ما سألت
ثم قال:_ أرأيت الربة ماذا نصنع فيها ؟
[[ والربة هي صنم اللات وقد ذكرنا أنها كانت من أعظم أصنام العرب، وكان يقسم بها ويهدي اليها ويذبح عندها ]]
فرد النبي صلى الله عليه وسلم بمنتهى الحزم
وقال: _ اهدموها
ففزع الوفد وقال كنانة : _ هيهات ، لو تعلم الربة أنك تريد هدمها ، لقتلت أهلها
فقال عمر بن الخطاب : _ يا ابن عبد ياليل ، ما أجهلك ، إنما الربة حجر
فلما رأى الوفد حزم النبي صلى الله عليه وسلم واصراره بدؤا يساومون في توقيت هدم صنم اللات
فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك اللات
{{ ٣ سنوات }} قبل أن يهدمها
فرفض النبي صلى الله عليه وسلم
فطلبوا أن يتركها سنتين
فرفض النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا:_ سنة
فرفض النبي صلى الله عليه وسلم
فطلبوا شهراً واحدا
فرفض النبي صلى الله عليه وسلم
___
فلما أسقط في أيديهم قالوا:_ تول أنت هدمها ، فأما نحن ، فإنا لا نهدمها أبدا
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك وقال:_ سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها
فقالوا:_ ائذن لنا أن نرحل قبل رسولك ونخبر قومنا ، فإنا أعلم بقومنا
[[ يعني لا ترسل من يهدم اللات فورا، ولكن دعنا نمهد لثقيف هذا الأمر ]]
فوافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
ثم قالوا:_ يا رسول الله ! أمر علينا رجلا يؤمنا من قومنا
فأمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم {{ عثمان بن ابي العاص }}
مع أنه كان أصغرهم سنا وهو الذي كانوا يتركونه في رحالهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجده أحرص القوم على تعلم الإسلام، ووجد فيه كفاءة قيادية
__
انطلق الوفد، ولكن بقي عندهم مشكلة ، وهي مواجهة قومهم بكل هذا، وكانوا يعلمون أن غالبية {{ ثقيف }} لا تزال ترفض الإسلام
يتبع بإذن الله ...