عن البرامج الشرعيّة والدعويّة والفكريّة الموجّهة للشباب
وصلتني في الفترة الماضية عشرات الرسائل من شباب يسألون عن بعض البرامج الموجهة للشباب والتي تهدف لبنائه في المجال الشرعي والدعوي والفكري والثقافي، وهل أنصح بها أم لا؟
وفي الإجابة عن هذا السؤال سأذكر ثلّة من الكرام الذين يبذلون جهودًا طيبة في ميادين توعية الشباب وبنائهم وتربيتهم وتزكيتهم في برامج شبابيّة أو لقاءات منهجيّة وما ذكري لهم إلا على سبيل المثال لا الحصر وليس فيه أي انتقاص لأي جهد آخر من جهود غيرهم الذين ربما نسيتهم أو لم أطلع على برامجهم، وليس للترتيب بين الأسماء دلالة في التفضيل بينها.
فما يقدمه الأخوة الفضلاء الكرام الشيخ أحمد السيد ومؤسسته من برامج مختلفة، والدكتور محمد العوضي ومؤسسة رواسخ، والأستاذ أحمد دعدوش، والدكتور فاضل سليمان، والدكتور أحمد خيري العمري، والدكتور رضا الحديثي، ومؤسسة سيكرز عربية للعلوم الشرعية، والبرامج العلميّة لمركز معراج للدراسات والبحوث، وجمعيّة همة الشبابية ونادي الطالبات فيها، وجمعية بصيرة الشبابية، والشيخ أدهم العاسمي، والدكتور يحيى الغوثاني، والدكتور محمد سعيد بكر، والدكتور وائل الشيخ أمين، والدكتور عبدالله العجيري، والأستاذ قصي العسيلي، والشيخ فايز الكندري، والدكتور طارق السويدان، والدكتور رضا الحديثي، والأستاذ عبد الرحمن السروجي، والأستاذة نور الأشقر، والدكتورة كفاح أبو هنود، والدكتور أمجد قورشة، وفتيات على الثغور للأستاذة شيماء مازن، والأستاذة رنا شحادات، والأستاذة رنا بكورة، ومجتمع درة للفتيات للأستاذة يمان اللّو، والأستاذة نور الشيخ، وغير هذه الأسماء من العاملين في مجال بناء الشباب؛ ودعوني هنا بعد هذا السرد أؤكد لكم الآتي:
أولًا: كل هؤلاء الأفاضل الكرام يقفون على ثغور عظيمة والساحة بحاجتهم جميعا وبحاجة أضعاف مثلهم وتتسع لأضعاف أضعافهم، وهم بالطبع ليسوا معصومين بل كل واحد منهم عنده أخطاء وصواب في أفكاره وبرامجه ــ وأنا أوّلهم تلبّسًا بالأخطاء ــ لكن الوقوع في الأخطاء لا يجيز إلغاء الشخص أو شطبه أو إقصاءه بحال من الأحوال.
ثانيًا: كلّ جهدٍ تبذله مؤسّسةٌ أو مركزٌ أو شخصيّةٌ دعويّة أو فكريّةٌ في بناء الشباب شرعيًّا ودعويًّا وفكريًّا وإيمانيًّا عبر البرامج الواقعيّة أو الافتراضيّة ــ من الأسماء المذكورة أو غيرها ــ هو جهدٌ مبرور وعمل مبارك والقائمون عليه مشكورون ودعمهم واجب، والحاجةُ المطلوبة هي أضعاف ما هو قائمٌ من برامج وجهود لبناء وتأهيل الشّباب.
ثالثًا: نصيحتي لكم أيّها الشّباب أن تعدّدوا مصادرَ التعلم التي تنهلون منها ولا تقتصروا على مصدرٍ واحد سواءً كان هذا المصدر برنامجًا أم داعيةً أم عالمًا أم مفكّرًا، وليكن تلقّيكم من أكثر من مصدر ومن أكثر من برنامج ومن أكثر من مشرب فكريّ ومن أكثر من اتّجاه دعويّ، فتعدُّد مصادر التلقّي يتيح سعةً في الأفق الفكريّ والشرعيّ وقدرةً أعلى على قبول المخالف واحترامه.
رابعًا: وأنتم تبحثون عن البرامج والدّعاة الذين يفيدونكم في بناء أنفسكم وعقولكم وقلوبكم؛ ليكن همّكم كيف تعملون على بناء أنفسكم وتعليمها وتزكيتها، ولذا فلا تكونوا جزءًا أو طرفًا في أيّة حالة عراكٍ فكريّ أو معركةٍ بين التّوجهات المختلفة أو الأشخاص المؤثرين، وكونوا على يقين أنّ العراك في وسائل التواصل الاجتماعي أو الواقع الحقيقيّ هو استنزاف لطاقاتكم وتضييع لأوقاتكم ولا يغرّنكم أنّه يلبس ثوب الانتصار للحقيقة، فانشغلوا بأنفسكم ولأنفسكم وعلى أنفسكم.
خامسًا: وطّنوا أنفسكم على احترام الجميع وتقدير من يفيدكم خيرًا ولو اختلفتم معه، ووطّنوا أنفسكم على عدم الانبهار العاجل بأحدٍ أو تقديسه مؤسسة كان أو فردًا، ووطّنوا أنفسكم أيضًا على عدم شيطنة أحدٍ مؤسسة كان أو فردًا بناءً على محض تكهّنات تقلّدون بها الآخرين وتتلقّفونها في مجلسٍ هنا أو مجلسٍ هناك، ووطّنوا أنفسكم على أنّ كلّ أحدٍ يؤخذُ منه ويردّ عليه إلّا رسول الله صلى الله عليه وسلّم
سادسًا: قبل البدء بالتلقّي وفي أثنائه وجهوا نيّاتكم إلى الله تعالى وحده، وأخلصوا له، وليكن همّكم أن يرضى الله تعالى، ولتكن غايتكم أن تبنوا أنفسكم وتؤثّروا في الواقع إصلاحًا وتغييرًا إيجابيًّا، ولا يكونن همّكم تقييمُ الآخرين وإطلاق الأحكام عليهم، بل ليكن تفكيركم كيف ننتقلُ بهذا الواقع من الظّلمة إلى النّور الصّافي، وكيف نأخذ بأيدي الأجيال إلى طريق رضوان الله تعالى بكلّ حبٍّ وعطفٍ وإشفاق.