اقتِباسات مِن كُتب ورِوايات " ادبيات "

-

‏﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ 🫂🦋.

• يَوْم ساحِر وخفيف جِدّاً وأكثر من رائِع فِي شارع المُتنبي ومَدينة الطب.
• ١٧ - يَنايِر - ٢٠٢٥ - يَوْم الجُمْعَة.

-

-

-

-

1:03 م.

"وفِي الدُّنيا لو جالس شخص أُناس صالحين لأقتبس منهم خَيْراً، وإِذا جالس أشخاصاً مُنحرفين فَهو يضل معهم، أمّا فِي الآخرة، فَمهما جالست الصالحين فَأنّك لن ترتفع إِلَىٰ مقامهم، ولو جالست الفاسقين فَلن تنحدر إِلَىٰ قرارهم فَالمُجالسة هُناك غير مؤثرة، وأي شيء لا يترك أثراً فِي أي شيء آخر ومشاعر الصداقة والاحقاد هُناك لا تنتقل من صَدر إِلَىٰ صَدر، وهُناك لا تكسب مُجالسة بائِع العنبر أحداً رائِحة العنبر، ولا مُجالسة بائِع الفحم تُعرض الشخص لغبار الفحم لأن هذِه الدار لا مُبادلة فيها، لا مُبادلة طبيعية ولا مُبادلة اعتبارية، والمُبادلة والأخذ والعطاء من مُميزات هذا العالم. وليس معنىٰ ذلِكَ أَنَّ كُلّ شخص هُناك يعيش بمُفرده ولا يرىٰ غير نفسه وليس له أتصال بغيره، وإنّما المقصود أَنَّ الترابط والتأثير والتأثر والتعاون والتضّاد والأقتراب والأفات الروحية والأخلاقية والمعنوية الموجودة فِي هذِه الدُّنيا ومُجتمعاتها، هذِه كُلها لا وجود لها فِي ذلِكَ العالم، وإلّا فَفي الجنة وفِي جهنم توجد حَياة إجتماعية بمعنىٰ التجمع، مَع اختلاف تجمُع الصالحين الّذين يشملهم الأُنس والأُلفة والصفاء والإخلاص، وبتعبير القُرآن الكريم: ‏﴿ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾. مَع تجمع الفاسقين الّذين تُفرقهم الاحقاد والضغائِن والنفور، وبتعبير القُرآن الكريم: ‏﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ ﴾. ‏﴿ إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"أمّا فِي الآخرة فانّه يستحيل أَن يكون لشخص سهم فِي عمل الآخر، وليس هُناك إنسان يتعذب بسبب ذنوب لَم يُشارك فِي اضرام نارها، فَالأخرة دار الفصل بين الصالح والفاسد، بين الأخيار والمُنحرفين، والمُذنبون يُعرفون: ‏﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾. وينفصل الأب عَن ولده، وكُلّ ينال جزاء ما عمل: ‏﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ﴾.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"وقد نادىٰ الأنبياء والأولياء بالنَّاس للعمل الصالح والادّخار لأنفسهم زاداً إِلَىٰ آخرتهم لأن زمن العمل محدود فَإذا مات استحالت إعادته، وما أجمل ما قَاله الرسول "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ)). وما قَاله أمير المؤمنين "عَليه السَّلام": ((وإِنَّ اليَوْم عملٌ ولا حسابَ وغداً حسابٌ ولا عملَ))، وقَوله "عَليه السَّلام": ((عباد اللّٰه الآن فَاعملوا والألسن مُطلقة، والأبدان صحيحة، والأعضاء لَدُنة والمُتقلب فسيح،)).
فَعِندما تصل المُهلة إِلَىٰ نهايتها وينفصل الروح عَن البدن بأمر منه تعالىٰ، وعِندما يُنادي الإنسان: ‏﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ ﴾. لَم يسمع جواباً سوىٰ (كلا) لأن قانون الحَياة يأبىٰ ذلِكَ.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ حَياة العالم الآخر خالصة وليست مُشوبة بالمَوْت، فَهي لا قدَم فيها ولا خواء ولا مَوْت ولا فناء، بل الأبدية والخلود هي المُسيطرة عَليه.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"عدم وجود حد محدود لمُشتهيات الإنسان.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"فَكما أَنَّ البدن بلا روح لا قيمة له، فَكذلك العبادة بلا روح لا شأن لها أيضاً، فَالّذي يُصلي بِمُجرّد حركات الصلاة فقط دون الالتفات إِلَىٰ روح وحقيقة الصلاة، فَإن هذِه الصلاة إِذا لَم تكُن سبباً للبُعد، فَانها يقيناً لن تكون سبباً للقرب من اللّٰه تعالىٰ، وكذلك الدُعاء، فَإن كان مُقتصراً علىٰ مُجرّد انشغال اللسان بالقراءة، فَإن فائِدته سَتكون قليلة جِدّاً.
والخلاصة: أَنَّ عامل الطاعات لا يستطيع تحقيق مرتبة الحضور المُساوية لمرتبة المُجاهد فِي سبيل اللّٰه، إلّا بعد مُجاهدات نفسية شاقة، وبعد آلاف المرات والمُحاولات لمُجاهدات النفس والشيطان، وهذِه حالات عزيزة المنال.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"قَالَ رسول اللّٰه"صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((قد رجعنا من الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر)). والّذي عرّفه النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": بانّه، جهاد النفس.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

‏"اللَّهُمَ عامَاً لايَخلو مِن زِِيَارَة عَلِيِّ بْنَ مُوسَىٰ الرِّضَا".

2025.

حسين ولو حل مَوْتي.. لا تترك تابوتي
لو هالوا ترابي عَليه ..... أريدك ♥️.

- فقه الرضا: قَالَ "عَليه السَّلام": ((عَليك بالصلاة فِي الليل، فإن رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" أوصىٰ بها علياً «فَقال فِي وصيته: عَليك بصلاة الليل، قَالها ثلاثاً» وصلاة الليل تزيد فِي الرزق وبهاء الوجه، وتحسن الخلق)).

- الشفاعة وشروطها:
• إِنَّ للشفاعة أهمية كُبرىٰ ومنزلة عظيمة، فَهي الأولىٰ من مراتب الكمالات الإنسانية، وأوسع باب من أبواب الجنة الإلهية، يرغب كُلّ فرد إليها ويرجوها فِي الدُّنيا والآخرة، ولكن لا يُمكن أَن ينالها كُل أحد إلّا إِذا توفرت فيه شروط خاصة، لأن الشفاعة لا تخلوا عَن كونها توسط الأسباب، ولا يُمكن أَن تكون مُطلقة.
• روي عَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" :((أعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّٰه أحد من خلقه شيئاً، لا ملك مُقرب، ولا نبي مُرسل، ولا من دون ذلِك، فَمن سره أَن تنفعه شفاعة الشافعين عِند اللّٰه فَليطلب إِلَىٰ اللّٰه أَن يرضىٰ عَنه)).
• عَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي)).
• روي عَن الإمام الكاظم "عَليه السَّلام"، عَن أبيه، عَن أبائه "عَليهم السَّلام"، عَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" قَال: ((إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي فَأما المُحسنون منهم فَما عَليهم من سبيل قَال ابن أبي عُمير فَقُلت له: يا أبن رسول اللّٰه فَيكف تكون الشفاعة لأهل الكبائر واللّٰه تعالىٰ ذكره يقول: ‏﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾، ومن يرتكب الكبائر لا يكون مُرتضىٰ!، فَقَال: يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلّا ساءه ذلِكَ وندم عَليه وقد قَال النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": «كفىٰ بالندم توبة» وقَالَ "عَليه السَّلام": من سرته حسنته وساءته سيئته فَهو مؤمن فَمن لَم يندم علىٰ ذنب يرتكبه فَليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً واللّٰه تعالىٰ ذكره يقول: ‏﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾، فَقُلت له: يا ابن رسول اللّٰه وكيف لا يكون مؤمناً من لم يندم علىٰ ذنب يرتكبه؟! فَقَال: يا أبا مُحَمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سَيُعاقب عَليها إلّا ندم علىٰ ما ارتكب ومتىٰ ندم كان تائباً مُستحقاً للشفاعة ومتىٰ لَم يندم عَليها كان مُصراً والمُصر لا يغفر له لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما أرتكب ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم وقد قَالَ النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": «لا كبيرة مَع الاستغفار ولا صغيرة مَع الاصرار» وأما قول اللّٰه عز وجل: ‏﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ﴾، فَإنهم لا يشفعون إلّا لمن ارتضىٰ اللّٰه دينه والدين الاقرار بالجزاء علىٰ الحسنات والسيئات فَمن ارتضىٰ اللّٰه دينه ندم علىٰ ما أرتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- الشفاعة ودورها يَوْم القيامة:
• فَلا اثر للشفاعة فِي ما لا قابلية له أصلاً كالشفاعة لفرد أمي لا يعرف شيئاً أَن يحوز منصباً علمّياً كبيراً، أو الشفاعة للمُشرك أَن يدخل الجنة.
• فَالعطش يرتفع بشرب الماء، والجوع بالأكل، والمرض بالدواء، والحر بالوسائل المُناسبة، والبرد باللبس، وغير ذلِكَ من الأُمُور الطبيعية ولا أثر للشفاعة فيها.
• تكون الشفاعة لغير اللّٰه بإذن اللّٰه ورضاه.
• الشفاعة رزق معنوي يكون النَّاس أحوج إليها.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"ومن أهوال يَوْم القيامة ما وردّ فِي الخبر: أَنَّ النَّاس يمشون فِي ظُلمات كقطع الليل، ولكن اللّٰه يعطي المؤمنون نوراً يمشون به فِي تلك الظُلمات علىٰ قدر أعمالهم، فَمنهم من يكون نوره مقدار خمسة فراسخ، ومنهم أقل، حتّىٰ أَنَّ منهم من يكون نوره علىٰ قدر ما يرىٰ به موضع أقدامه، فَهولاء الّذين يقولون: ‏﴿ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ﴾ كما ورد عَن أحدهم "عَليهم السَّلام".
وقيل: أَنَّ مطالع هذِه الأنوار، هي أعضاء الوضوء. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ الفرد من الإنسان يُمكن أَن ينال فِي الدُّنيا ألذ الغذاء وأوفق النكاح وأنظر المسكن ولا يكون مَع ذلِكَ سعيداً فِي حَياته لما ينكب عَليه من الظلم والفجور، أو أَن يُحيط به جماع المحن والشدائد والبلايا وهو سعيد فِي حَياته مُبتهج بكمال الإنسانية ونُور العبودية.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- وقَالَ الإمام الصادق "عَليه السَّلام": ((ليس من شيعتنا من لَم يُصل صلاة الليل)).

"حضور الشهود علىٰ ذلِكَ الإنسان، وهو أُم المصائب وأدهىٰ الدواهي، فَهُناك وأين ما يلتفت يجد شاهداً حاضراً لأثبات إدانته، أو براءته.
فَالجوارح -من أيدي وأرجل وحتّىٰ الجلود- تشهد علىٰ صاحبها علىٰ كُلّ واردة وشاردة صدرت منه.
والملائكة الموكلين بإحصاء وكتابة وحفظ أعماله، يشهدون، وشهادتهم صادقة مُصدّقة لا تقبل الردّ والطعن.
وحتّىٰ الأرض الّتي عاش علىٰ ظهرها. تُستدعىٰ كُلّ بقعة أو قطعة وطئها أثناء مسيرة الحَياة الدنيوية. وقام عَليها بأي عمل كان، فَقد جاء فِي الحَديث عَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" بصدد قَوله تعالىٰ: ‏﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، قَال: ((أتدرون ما أخبارها؟! قَالوا: اللّٰه ورسوله أعلم، قَال: أخبارها أَن تشهد علىٰ كُلّ عبد، وانّه بما عمل علىٰ ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا، يَوْم كذا وكذا، قَال فَهذِه أخبارها)).
قَالَ رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((حافظوا علىٰ الوضوء وخَيْر أعمالكم الصلاة، وتَحفَظوا من الأرض، فَانّها أُمكم وليس فيها أحد يعمل خَيْراً أو شراً إلّا وهي مُخبرة به)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- ومن أهوال يَوْم النشر والحشر أُمُور أُخرىٰ:
• منها: أَنَّ الحشر يشمل الجميع، من الأولين والأخرين منذ أول خلق إِلَىٰ نهايته وهو قوله تعالىٰ: ‏﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾، وقَوله تعالىٰ: ‏﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَىٰ الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾.
• ‏﴿ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ ﴾، ضُعفاء، فُقراء، عاجزين، فِي الموضع الّذي لا يملك فيه الحكم غيرنا. كما كنتم فِي أبتداء الخلق لا تملكون شيئاً، وقيل: ليس معكم شيء من أموالكم وأولادكم والخدم فَتنتفعون به.
• أَنَّ النَّاس يُحشرون ذلِكَ اليَوْم أشتاتاً. لقَوله تعالىٰ: ‏﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾. وقد قيل فِي ذلِك اليَوْم الرهيب يجد كُلّ إنسان أعماله الّتي عملها فِي الدُّنيا، صالحها وطالحها، حاضرة، وقد تكون مُجسمة وبأشكال وصور شتىٰ، منها الجميل الّذي يُسر صاحبه، ومنها القبيح الّذي يُحزن صاحبه.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

يُريد أَن يصير صَالحاً من دون أَن يضبط نفسَه!.
فَأذهب وتعلّم كيف تقف بوجه رغباتك.

- وسأل الإمام الصادق "عَليه السَّلام" عبد اللّٰه بن سنان، عَن قول اللّٰه عز وجل: ‏﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ﴾. قَال: ((هو السهر فِي الصلاة)).

- ثُمّ قَالَ "عَليه السَّلام": ((إِنَّ البيوت الّتي يُصلىٰ فيها بالليل يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض)).

"إِنَّ الآخرة هي دار الحيوان، وإِنَّ كُلّ شيء فيها حي وناطق من أيدي وأرجل وجلود وغير ذلِك، فَهم عندهم (أي الكافرين) هذِه الجوارح، ألّا انّهم لا يستفادون منها كغيرهم، وكأنها عُدمت وغير موجودة لديهم، وذلِكَ مما يُضاعف آلامهم وحسراتهم، وهو جزاءً وفاقاً. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"قَال تعالىٰ: ‏﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾.
فَهؤلاء يُحشرون والملائكة تسحبهم علىٰ وجوههم، زيادة فِي اذلالهم وتحقيرهم جزاء ما أقترفوه فِي دُّنياهم من جرائم وتكّبُر وتعالي علىٰ العباد، فَتصبح تلك الوجوه أرجلاً لهم، لانّهم كانّوا ضالين. وكفروا بآيات اللّٰه، وكانّوا لا يعتقدون بالبعث والحشر.
• روىٰ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: ((يَا نَبِيَّ اللهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَىٰ وَجْهِهِ؟! قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَىٰ الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَىٰ أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"قَالَ النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((كما تنامون تموتون، وكما تستيقضون تُبعثون)).
لانعدام الزمن لديهم كما عُدم عند أصحاب الكهف، لأن النوم -كما يقول العُلماء- تعطيل نسبي للحَياة، وفِي النوم يفقد الإنسان نفسه لتعطل الفكر والذاكرة فيه.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"سَيكون مصير الإنسان فِي ذلِكَ اليَوْم بحسب ما كان عَليه فِي الدُّنيا من عقيدة ومقصد ومسير، وما قام به من الأفعال والأعمال السابقة المُتمثلة بصُوْرة ملكات وروحّيات مُكتسبة علىٰ نحوٍ واسع وشديد جِدّاً. وعلىٰ طبيعة الحالة الّتي أعتمدها فِي تنظيم نفسه واستكماله، إِذ سَيكون ذلِكَ كُله ميراثاً يرجع إليه مُجدداً وفِي مثل هذا اليَوْم سَتحّل حالة (التمايز والانفصال) حيث تُحدثنا الآيات أَنَّ البشر يقسمون إِلَىٰ ثلاثة أقسام: ‏﴿ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦) ﴾.
فَالمقربين: كأنّهم حازوا أعلىٰ درجات السعادة، وهم فِي روح وريحان، والريحان فِي الدُّنيا علامة علىٰ باقة من الورد المُعّطر، أمّا فِي الآخرة فَهو مجهول لنا. وتقديم الريحان يُعتبر من مُقدمات التكريم والضيافة الإلهية.
وأصحاب اليمين: وهم المُتوسطون فِي السعادة، وأَن كان حالهم غير مفصّل، إلّا انّه يُطمئن إِلَىٰ انّهم فِي راحة وأمان فَقوله تعالىٰ: ‏﴿ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ يدل علىٰ ذلِكَ تماماً كقولنا لمن يسأل عَن حال أحدنا: هو بخير، يُسلم عَليك، كناية عَن وضعه الحسن.
والمُكذبين الضالين: فَهم الفريق الثالث وهؤلاء يستقبلون بوجبة من ((الماء المغلي)) ثُمّ يُساقون بعدئذ إِلَىٰ حيث يكون جزائهم فِي الجحيم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• عَن لب اللباب للقطب الراوندي قَال:
((وفِي الخبر كان الموتىٰ يأتون فِي كُلّ جُمعة من شهر رمضان فَيقفون، ويُنادي كُلّ واحد منهم بصوت حزين باكياً: يا أهلاه! يا ولداه! ويا قرابتاه! أعطفوا عَلينا بشيء يرحمكم اللّٰه، وأذكرونا ولا تنسونا بالدُعاء وأرحموا عَلينا وعلىٰ غربتنا، فَإنا قد بقينا فِي سجن ضيق، وغم طويل وشدّة، فَأرحمونا، ولا تبخلوا بالدُعاء والصدقة لنا لعل اللّٰه يرحمنا قبل أَن تكونوا مثلنا. فَواحسرتاه قد كنا قادرين مثل ما أنتم قادرون. فَيا عباد اللّٰه: أسمعوا كلامنا ولا تنسونا فَإنكم ستعلمون غداً فَإن الفضول الّتي فِي أيديكم كانت فِي أيدينا فكنا لا ننفق فِي طاعة اللّٰه، ومنعنا عَن الحق، فَصار وبالاً عَلينا ومنفعة لغيرنا. أعطفوا عَلينا بدرهم أو رغيف أو بكسرة. ثُم يُنادون ما أسرع ما تبكون علىٰ أنفسكم ولا ينفعكم كما نحن نبكي ولا ينفعنا فَاجتهدوا قبل أَن تكونوا مثلنا)).
• عَن بعض الصحابة انّه قَال: قَال رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((أهدوا لموتاكم. فَقلنا: يا رسول اللّٰه! وما هدية الأموات؟! قَال "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": الصدقة والدُعاء. وقَال: إِنَّ أرواح المؤمنين تأتي كُلّ جُمعة إِلَىٰ السماء الدّنيا بحذاء دورهم وبيوتهم يُنادي كُلّ واحد منهم بصوت حزين باكين: يا أهلي ويا ولدي ويا أبي ويا أُمي ويا أقربائي! أعطفوا عَلينا يرحمكم اللّٰه بالّذي كان فِي أيدينا والويل والحساب عَلينا والمنفعة لغيرنا. ويُنادي كُلّ واحد منهم إِلَىٰ أقربائه: أعطفوا عَلينا بدرهم، أو برغيف، أو بكسوة يكسوكم اللّٰه من لباس الجنة.
ثُمّ بكىٰ النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" وبكينا معه، فَلَم يستطع النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" أَن يتكلم من كثرة بُكائه. ثُمّ قَال: أولئك إخوانكم فِي الدين، فَصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم، فَينادون بالويل والثبور علىٰ أنفسهم، يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان فِي أيدينا فِي طاعة اللّٰه ورضائه ما كنا نحتاج إليكم. فَيرجعون بحسرة وندامة، ويُنادون: "أسرعوا صدقة الأموات")).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- تصرف الأرواح فِي عالم البرزخ.
• ورد عَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" انّه قَال: ((من سلم علي عند قبري سمعته، ومن سلم علي من بعيد بلغته، سلام اللّٰه عَليه ورحمة اللّٰه وبركاته)).
• عَن حبة العرني قَال: ((خرجت مَع أمير المؤمنين "عَليه السَّلام" إِلَىٰ الظَهَر، فَوقف بوادي السلام كأنّه مُخاطب لأقوام، فَقمت بقيامه حتّىٰ أعييت، ثُمّ جلست حتّىٰ مللت، ثُمّ قمت حتّىٰ نالني مثل ما نالني أولاً، ثُمّ جلست حتّىٰ مللت، ثُم قمت وجمعت ردائي فَقلت: يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فَراحة ساعة، ثُمّ طرحت الرداء ليجلس عَليه، فَقَال لي: يا حبة إِن هو إلا مُحادثة مؤمن أو مؤانسته، قَال: قلت: يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك، قَال: نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً محتبين يتحادثون، فَقلت: أجسام أم أرواح؟! فَقال: أرواح)).
• عن عبد اللّٰه بن سليمان، عَن الباقر "عَليه السَّلام" قَال: سألته عَن زيارة القبور، قَال: ((إِذا كان يَوْم الجُمعة فَزرهم فَإنه من كان منهم فِي ضيق وسع عَليه ما بين طلوع الفجر إِلَىٰ طلوع الشمس يعلمون بمن أتاهم فِي كُلّ يَوْم، فَإذا طلعت الشمس كانّوا سدى، قلت: فَيعلمون بمن أتاهم فَيفرحون به؟! قَال: نعم ويستوحشون له إِذا انصرف عنهم)).
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((إِنَّ المؤمن ليزور أهله فَيرىٰ ما يحب ويستر عَنه ما يكره وإِنَّ الكافر ليزور أهله فَيرىٰ ما يكره ويستر عَنه ما يحب، قَال: ومنهم من يزور كُلّ جُمعة ومنهم من يزور علىٰ قدر عمله)).
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((ما من مؤمن ولا كافر إلّا وهو يأتي أهله عند زوال الشمس فَإذا رأىٰ أهله يعملون بالصالحات حمد اللّٰه علىٰ ذلك وإِذا رأىٰ الكافر أهله يعملون بالصالحات كانت عَليه حسرة)).
• عَن إسحاق بن عمار، عَن أبي الحسن الأول "عَليه السَّلام" قَال: ((سألته عَن الميت يزور أهله؟! قَال: نعم، فقلت: فِي كم يزور؟! قَال: فِي الجُمعة وفِي الشهر وفِي السنة علىٰ قدر منزلته، فَقلت: فِي أي صورة يأتيهم؟! قَال: فِي صورة طائر لطيف يسقط علىٰ جدرهم ويشرف عَليهم فَإن رآهم بخير فرح وإِن رآهم بشر وحاجة حزن واغتم)).
• عَن عبد الرحيم القصير، قَال: ((-يعني أحدهم "عَليهم السَّلام" قلت له: المؤمن يزور أهله؟! فَقال: نعم يستأذن ربه فَيأذن له فَيبعث معه ملكين فَيأتيهم فِي بعض صور الطير يقع فِي داره ينظر إليهم ويسمع كلامهم)).
• عَن إسحاق بن عمار، قَال: ((قلت لأبي الحسن الأول "عَليه السَّلام": يزور المؤمن أهله؟! فَقَال: نعم، فَقلت: فِي كم؟! قَال علىٰ قدر فضائلهم، منهم من يزور فِي كُلّ يَوْم، ومنهم من يزور فِي كُلّ يَوْمين، ومنهم من يزور فِي كُلّ ثلاثة أيام، قَال: ثُمّ رأيت فِي مجرىٰ كلامه يقول: أدناهم منزلة يزور كُلّ جُمعة، قَال: قلت: فِي أي ساعة؟! قَال: عند زوال الشمس ومثل ذلك، قَال: قلت: فِي أي صورة؟! قَال: فِي صورة العصفور أو أصغر من ذلك، يبعث اللّٰه عزو جل معه ملكاً فَيريه ما يسره، ويستر عَنه ما يكره، فَيرىٰ ما يسره ويرجع إِلَىٰ قرة عين)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- إلهَ الحَقِّ آمِينَ.

"إِنَّ المؤمنين -الّذين محضوا الإيمان محضاً- الموجودين فِي عالم البرزخ يكون لهم أتصال مَع آل مُحَمَّد "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" وذلك بعد اجتيازهم عقبات البرزخ وتصفيتهم من أدران وخبائث الذنوب والخطايا طبعاً، ويبقون معهم إِلَىٰ أَن يأذن اللّٰه بخروج قائم آل مُحَمَّد "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" اْرواحنا فداه، فَعندها، وبعد الأذن الإلهي، يلتحقون معه لمُجاهدة أعداء اللّٰه وأعداء رسوله، وأعداء آل مُحَمَّد "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" وأخذ الثأر لهم، ولكل مظلوم من الظالمين، حتّىٰ تسود كلمة التوحيد، وتُرفع راية لا إله إلّا اللّٰه، ويظهر دين اللّٰه فِي أرض اللّٰه علىٰ عباد اللّٰه. واللّٰه العالم.
ونحن نسأل اللّٰه القدير بأحب خلقه إليه مُحَمَّد وٓاله الطاهرين "عَليهم السَّلام" أَن يجعلنا مَع أولئك المؤمنين المُلتحقين بالقائم المنتظر "عجل اللّٰه تعالىٰ فرجه" بعد مماتنا إِن لم نوفق لإدراكه فِي حَياتنا، إنّه مُجيب للدُعاء -آمِينَ-.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ أغلب أنواع النيران المذكورة فِي القُرآن الكريم هي فِي عالم البرزخ، (جهنم، لظىٰ، الحُطَمة، صقر، الجحيم، الهاوية، السعير وجُبّ الحوىٰ، أو جُبّ الحزن) كما ورد ذكر شراب وطعام أهل النار من (غسلين والصديد والحميم وطينة الخبال.....).
أما نار يَوْم القيامة، فَهي نار الخلد، وقد تكون لطبقاتها نفس أسماء نيران البرزخ. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"عَن أبي بصير قَال: سمعت أبا عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" يقول: ‏﴿ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ﴾. قَال: فِي قبره. ‏﴿ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾. قَال: فِي الآخرة. ‏﴿ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ ﴾. فِي قبره. ‏﴿ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾. فِي الآخرة.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"قَال علي بن أبي طالب "عَليه السَّلام": ((من قوىٰ مسكيناً فِي دينه، ضعيفاً فِي معرفته علىٰ ناصب مُخالف، فَأفحمه، لقنه اللّٰه تعالىٰ يَوْم يدلىٰ فِي قبره أَن يقول:
اللّٰه ربي، ومُحَمَّد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقُرآن بهجتي وعدتي والمؤمنون إخواني. فَيقول اللّٰه: أدليت بالحجة، فوجبت لك أعالي درجات الجنة.
فَعند ذلك يتحول عَليه قبره أنزه رياض الجنة)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"عَن زيد الشحام، عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((إِنَّ أرواح المؤمنين يرون آل مُحَمَّد "عَليهم السَّلام" فِي جبال رضوي فَتأكل من طعامهم، وتشرب من شرابهم، وتحدث معهم فِي مجالسهم حتّىٰ يقوم قائمنا أهل البيت "عَليه السَّلام" فَإذا قام قائمنا بعثهم اللّٰه وأقبلوا معه يلبون زمراً فَزمرا، فَعند ذلك يرتاب المُبطلون، ويضمحل المُنتحلون، وينجو المقربون)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"عَن الحسن أبن بشار، عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((سألته عَن جنة آدم، أمن جنان الدُّنيا كانت أم من جنان الآخرة؟! فَقَال: جنة من جنان الدُّنيا يطلع عَليها الشمس والقمر، ولو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبداً)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ الحَياة فِي عالم البرزخ، هي حَياة علىٰ الحقيقة وليست مجازاً، لان الروح موجود والجسم المثالي موجود، والمؤمنون من أهل البرزخ يأكلون ويشربون، ويلتذون ويتأملون كُلّ حسب جزاءه، فَهي حَياة فيها نعيم وفيها عذاب، ألّا أَنَّ هذه الحَياة محدودة، إِذ تبدأ من بعد المَوْت إِلَىٰ قيام الساعة، فَهي محدودة المُدة والزمن، كما أَنَّ نعيم الآخرة يفوق نعيمها بكثير، وكذلك عذابها، إِذ هُناك (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر علىٰ بال) فَهي محدودة اللّذات والآلام من هذا الجانب أيضاً. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- وفِي كيفية اعداد البدن للنشور والحساب والثواب والعقاب، روايات وأقوال للمعصومين "عَليهم السَّلام" نذكر منها:
• الأول: ما روي عَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" فِي رده علىٰ مسائل الزنديق بهذا الصدد:
((..... إِنَّ الروح مُقيمة فِي مكانها، روح المُحسن فِي ضياء وفسحة، وروح المُسيء فِي ضيق وظلمة، والبدن يصير تراباً، منه خلق. وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كُلّ ذلِك من التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة فِي ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وأَنَّ تراب الروحانيين بمنزلة الذهب فِي التراب. فَإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربو أي تنمو الأرض ثُمّ تمخض مخض السقاء فَيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إِذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إِذا مخض، فَيجتمع تراب كُلّ قالب فَينقل بإذن اللّٰه تعالىٰ إِلَىٰ حيث الروح فَتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها وتلج الروح فيها فَإذا قد استوىٰ لا ينكر من نفسه شيئاً.....إِلَىٰ أخر الحديث)).
• الثاني: عَن الصادق جعفر أبن مُحَمد "عَليه السَّلام"، قَال: ((إِذا أراد اللّٰه عز وجل أَن يبعث الخلق أمطر السماء علىٰ الأرض أربعين صباحاً، فَاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"ثُمّ هل تدبرت حالك حين تتلو سُورَةُ من القُرآن؟! تحفظها فِي نفسك وتستقر فِي خاطرك من دون أَن تُحرك لسانك أو يظهر صوتك وأَنْتَ فِي تمام السكوت والسكون، وقد تكون مُغمض العينين، كأن فِي داخلك شخصاً يقرأ ويتلو عَليك بغير صوت، ولا لسان، فَقد تقرأ سُورَةُ من الطوال، أو قصيدة ساحبة الأذيال، مُرتلاً لها ومُسترسلاً فيها واللسان صامت، تقرأها كلمة كلمة، وتتلوها حرفاً حرفاً، فَمن ذا الّذي أملاها عَليك؟! وأين كانت مخزونة ومُجتمعة، ثُم جاءت واحدة بعد واحدة مُتقطعة.
حقاً أَنَّ التفكر فِي هذه السلسلة، سلسلة الفكر والذكر والحفظ والنسيان والتصور والتفكر، والتصديق والشك واليقين، وكُلّ ما هو خارج عَن المادة الجسمانية والأعضاء الحسية حقاً أَنَّ معرفة كُلّ ما هو من هذا النطاق أمر لا يُطاق، ولكنه يدل دلالة واضحة علىٰ أَنَّ فِي الإنسان جوهر مُفيض غير هذا الهيكل الفاني.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- ما هو الروح؟!.
لو تمعنا فِي مضامين الدُعاء الثالث من الصحيفة السجادية الّذي بعنوان ((من دعائه "عَليه السَّلام" في الصلاة علىٰ حملةِ العرشِ وكُلِّ ملك مقرّب)). نجد أَنَّ الإمام السجاد "عَليه السَّلام" قسم الملائكة بهذا الدُعاء حسب واجباتهم الكونية:
فَصلىٰ أولاً علىٰ حملة العرش، بقوله: اللَّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ إسْرافِيْلُ - صَاحِبُ الصُّوْرِ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ مِيكَآئِيلُ - ذُوالْجَاهِ، وَالْمَكَانِ الرَّفِيعِ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ جِبْريلُ - الامِينُ عَلَىٰ وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ الرُّوحُ - الَّذِي هُوَ عَلَىٰ مَلائِكَةِ الْحُجُبِ،
ثُمّ صلىٰ علىٰ الرُّوحُ - الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ.
ثُمّ قَال: فَصَلِّ عَليهم وَعَلَىٰ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِمْ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ - الرَّوْحَانِيِّينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ - أهْلِ الزُّلْفَةِ.
ثُمّ صلىٰ علىٰ - حُمَّالِ الْغَيْبِ إِلَىٰ رُسُلِكَ،

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"من كتاب زيد النرسي: عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: سمعته يقول: إِذا كان يَوْم الجُمعة، ويوما العيدين، أمر اللّٰه رضوان خازن الجنان أَن يُنادي فِي أرواح المؤمنين وهم فِي عرصات الجنان: إِنَّ اللّٰه قد أذن لكم الجُمعة بالزيارة إِلَىٰ أهاليكم وأحبائكم من أهل الدُّنيا،

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"دلت الأخبار والروايات علىٰ إِنَّ حساب القبر وما يجري فيه من ضغطة وغيرها، كُله يحدث فِي أول أوقات الدفن، وفِي يَوْم واحد وفي ساعة واحدة، وإِن الروح ينتقل بعد ذلِكَ إِلَىٰ عالم البرزخ.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• قَال تعالىٰ ‏﴿ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾. البرزخ هو أمر بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدُّنيا والآخرة، وهو رد علىٰ من أنكر عذاب القبر والثواب والعقاب قبل يَوْم القيامة، وهو قول الصادق "عَليه السَّلام": ((واللّٰه ما أخاف عَليكُم إلّا البرزخ، فَأما إِذا صار الأمر إلينا فَنحن أولىٰ بكم)).
• وقول جده السجاد "عَليه السَّلام" فِي قوله تعالىٰ ‏﴿ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾. قَال: ((هو القبر، وإِنَّ لهم فيه لمعيشة ضنكا، واللّٰه إِنَّ القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- ضغطة القبر، ومن المشمول بها؟!.
• سأل أبو بصير الإمام الصادق "عَليه السَّلام" قائِلاً: أيفلت من ضغطة القبر أحد؟! فَقَال "عَليه السَّلام": ((نعوذ باللّٰه منها، ما أقلّ من يفلت من ضغطة القبر)).
• عَن الصادق "عَليه السَّلام"، عَن أبائه "عَليهم السَّلام"، عَن رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النعم)).
• وقَال الصادق "عَليه السَّلام: ((من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إِلَىٰ زوال الشمس من يَوْم الجُمعة أمن من ضغطة القبر)).
• وقَال أبو جعفر "عَليه السَّلام": ((بلغني أَنَّ النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" قَال: ((من مات يَوْم الجُمعة أو ليلة الجُمعة رفع عَنه عذاب القبر)).
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((من مات يَوْم الجُمعة كُتب له براءة من ضغطة القبر)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ الميت بعد دفنه تُعاد له نوع من الحَياة يستطيع بها سماع ما يدور حوله حتّىٰ إنّه يسمع أقوال ووقع أقدام مُشيعيه، ونفض أيديهم من التراب بعد اهالة التراب عَليه، وإِذا كان كافراً وعذب فِي قبره يسمع جميع الخلق -عدا الإنس والجنّ- عذابه وصراخه واستغاثته، وتذعر لذلك الحيوانات وغيرها.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- من يحضر مَع الميت فِي القبر، وماذا يسمع الميت فِي قبره؟!
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((إِذا دخل المؤمن فِي قبره كانت الصلاة عَن يمينه والزكاة عَن يساره والبر مطل عَليه ويتنحىٰ الصبر ناحية، فَإذا دخل عَليه الملكان اللذان يليان مساءلته، قَال: الصبر للصلاة والزكاة والبر: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عَنه فَأنا دونه)).
• عَن أبي بصير، عَن أحدهما "عَليهما السَّلام" قَال: ((إِذا مات العبد المؤمن دخل معه فِي قبره ستة صور، فيهن صورة أحسنهن وجهاً، وأبهاهن هيئة، وأطيبهن ريحاً، وأنظفهن صورة، قَال: فَيقف صورة عَن يمينه، وأُخرىٰ عَن يساره، وأُخرىٰ بين يديه، وأُخرىٰ خلفه، وأُخرىٰ عند رجله، وتقف الّتي هي أحسنهن فوق رأسه، فَإن اتي عَن يمينه منعته الّتي عَن يمينه، ثُمّ كذلك إِلَىٰ أَن يؤتىٰ من الجهات الست، قَال: فَتقول أحسنهن صورة: ومن أنتم جزاكم اللّٰه عني خيرا؟! فَتقول الّتي عَن يمين العبد: أنا الصلاة، وتقول الّتي عَن يساره: أنا الزكاة، وتقول الّتي بين يديه: أنا الصيام، وتقول الّتي خلفه: أنا الحج والعمرة، وتقول الّتي عند رجليه: أنا بر من وصلت من إخوانك، ثُمّ يقلن: من أَنْتَ؟! فَأنْتَ أحسننا وجهاً، وأطيبنا ريحاً، وأبهانا هيئة، فَتقول: أنا الولاية لآل مُحَمد صلوات اللّٰه عَليهم أجمعين)).
• وعَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" أيضاً، قَال: ((إِذا وضع الميت فِي قبره مثل له شخص فَقَال له: يا هذا كنا ثلاثة: كان رزقك فَأنقطع بأنقطاع أجلك، وكان أهلك فَخلفوك وانصرفوا عَنك، وكُنت عملك فَبقيت معك، أما إني كُنت أهون الثلاثة عليك)).
• وعَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" أيضاً، قَال: ((يُسأل الميت فِي قبره عَن خمس: عَن صلاته، وزكاته، وحجه، وصيامه، وولايته إيانا أهل البيت، فَتقول الولاية من جانب القبر للأربع: ما دخل فَيكن من نقص فعلي تمامه)).
• وفِي خبر طويل عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام":..... إِلَىٰ أَن قَال: ((-بالنسبة للفاشل فِي امتحان القبر-، ويُسلِّط اللّٰه عَليه فِي قبره الحيّات تنهشه نهشاً، والشيطان يغمّه غمّاً، قَال: ويسمع عذابه مَنْ خلق اللّٰه إلاّ الجنّ والإنس، قَال: وإنّه -أي الميت- ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم -عَن مُشيعيه ودافنيه-، وهو قول الله عزَّ وجلَّ: ‏﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

🦋..

- من هم المسؤولون فِي القبر.
• عَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" قَال: ((إنّما يُسأل فِي قبره من محض الإيمان محضاً أو محض الكفر محضاً، فَأما ما سوىٰ هذين فَإنه يُلهىٰ عَنه. وقَال فِي الرجعة: إنّما يرجع إِلَىٰ الدُّنيا عِند قيام القائم من محض الإيمان أو محض الكفر محضاً، فَأما ما سوىٰ هذين فَلا رجوع لهم إِلَىٰ يَوْم المآب)).
"إِنَّ نزول الملكين لا يكون إلّا علىٰ حي، ولا يسألان إلّا من يفهم المسألة ويعرف معناها، وهذا يدل بوضوح علىٰ أَنَّ اللّٰه تعالىٰ يُحيي العبد بعد موته للمسائلة ويُديم حَياته بنعيم أو عذاب كُلّ حسب ما يستحق.
• إِنَّ الإنسان لا يبطل بعد المَوْت ولا ينعدم بالكلية، بل لهو نوع من الحَياة غير الحَياة الحسية الّتي يفقدها بالمَوْت، بدليل قَول نبينا الأكرم "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((وإنّما تنقلون من دار إِلَىٰ دار)).
• ليس يُسأل فِي القبر كُلّ ميت، وإنّما الّذين يُسألون صنفان: من محض الإيمان محضاً ومن محض الكفر محضاً، وأما ما عدا هذين الصنفين فَإنّه يُلهى عنهم، وهؤلاء هم المُستضعفون المُتوسطون بين الإيمان والكفر وغيرهم وليس اللهو عنهم بمعناه الحقيقي، بل هو كناية عَن عدم التعرض لهم بسؤال أو ثواب وعقاب. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"إِنَّ هُناك فرقاً بين الرؤيا والحلم، فَالرؤيا من اللّٰه، ويغلب لفظها علىٰ ما يراه النائم من الخير والشيء الحسن، أما الأحلام فَمن الشيطان، ويأتي لفظها علىٰ ما يراه النائم من الشر والشيء القبيح، فَتكون نومة المؤمن هادئة مُطمئنة بدون أحلام مُزعجة.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• عَن أبي الحسن موسىٰ "عَليه السَّلام" قَال: ((يُقال للمؤمن فِي قبره: من ربك؟! قَال: فَيقول: اللّٰه، فَيقال له: ما دينك؟! فَيقول: الإسلام، فَيقال له: من نبيك؟! فَيقول: مُحَمَّد، فَيقال: من إمامك؟! فَيقول: فُلان، فَيقال: كيف علمت بذلك؟! فَيقول: أمر هداني اللّٰه له وثبتني عَليه، فَيقال له: نم نومة لا حلم فيها، نومة العروس، ثُمّ يُفتح له باب إِلَىٰ الجنة فَيدخل عَليه من روحها وريحانها، فَيقول: يا رَب عجل قيام الساعة لعلي أرجع إِلَىٰ أهلي ومالي، ويُقال:
للكافر: من ربك؟! فَيقول: اللّٰه، فَيقال: من نبيك؟! فَيقول: مُحَمَّد، فَيقال: ما دينك؟! فَيقول: الإسلام، فَيقال: من أين علمت ذلك؟! فَيقول: سمعت النَّاس يقولون فقلته، فَيضربانه بمرزبة لو اجتمع عَليها الثقلان الإنس والجن لَم يطيقوها، قَال: فَيذوب كما يذوب الرصاص ثُمّ يعيدان فيه الروح فَيوضع قلبه بين لوحين من نار، فَيقول: يا رَب أخر قيام الساعة)).
• قَال أبو عبد اللّٰه "عَليه السَّلام": ((يسأل الميت فِي قبره عَن خمس، عَن صلاته وزكاته وحجه وصيامه وولايته إيانا أهل البيت)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- القبر وأحواله.
إِنَّ القبر مرحلة جديدة يُلاقيها الإنسان بعد المَوْت، وانّه أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فَما بعده أيسر منه، وأَن لَم ينج فَما بعده ليس أقل منه -كما قَال النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله":((وهو أمّا روضة من رياض الجنان، أو حفرة من حفر النيران))-، وفِي القبر أهوال وأحوال، ومن هذِه الأهوال والأحوال ما يلي:
١- إعادة الروح للبدن.
• قَال تعالىٰ ‏﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ﴾. فَقد فسر هذِه الآية كثير من المُفسرين بقولهم: أَنَّ الأماتة الأولىٰ فِي الدُّنيا بعد الحَياة، والثانية فِي القبر قبل البعث، والأحياء الأولي فِي القبر للمسألة، والثاني فِي الحشر، والدليل قولهم ‏﴿ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ﴾ أي بالذنوب الّتي حصلت بسبب انكار الحشر لانّهم عندما كانوا أحياء فِي الدُّنيا لَم يكونوا فيه مُعترفين بذنوبهم ومما تقدم يظهر: أَنَّ الروح يرّد إِلَىٰ البدن فِي القبر وتُعاد للبدن الحَياة، إمّا بشكل كامل أو بشكل جزئي، ثُمّ تخرج الأرواح إِلَىٰ عالم البرزخ، وتبقىٰ الأبدان المادية ومادتها الأولىٰ فِي الأرض. واللّٰه العالم.
٢- حضور النبي وآله عند المؤمن.
٣- حساب القبر وسؤال الملكين.
• قَال الإمام الصادق جعفر بن مُحَمد "عَليه السَّلام": ((من أنكر ثلاثة أشياء فَليس من شيعتنا: المعراج، والمسألة فِي القبر، والشفاعة)).
• وأمّا واجبهما -أي الملكين- فَقد ورد فِي الروايات: أنهما مُكلفان من قبل اللّٰه تعالىٰ بمسائلة الميت فِي الامتحان الأولي، وهذا الامتحان، هو أهم الامتحانات، وقد يكون عسيراً، فَفيه يُكرم المرء أو يُهان، فَهو وإِن كان امتحان أولي إلّا انّه بمثابة الامتحان النهائي، فَبعد أَن مر الإنسان بمرحلة التحضير له طيلة مسيرة حَياته فِي الدُّنيا، فإن مصيره يتوقف علىٰ نتيجة هذا الامتحان، فإن كان مؤمناً تقياً، عارفاً بدينه، مُتبعاً للصادقين، مُوالياً لأولياء اللّٰه، لقاه اللّٰه حجته، وأنطق لسانه بالصواب، فَأحسن الجواب، عندها يُبشر بالنجاح، وبعد النجاح الجنة والرضوان، والخَيْرات الحسان، وإِن لَم يكن كذلك، وتلجلج لسانه، ودحضت حجته، وعيي عَن الجواب، كانت نتيجته الفشل، وبعدها يُنذر ويُبشر بعذاب النار وبنزل من حميم وتصلية جحيم -والعياذ باللّٰه- فَمن نجا ونجح هنا، كان ما بعده أيسر، ومن فشل هنا، كان ما بعده أشد وأعسر.
• ونسأل اللّٰه لنا ولجميع المؤمنين النجاح فِي هذا الامتحان والبشرىٰ بالرضوان، فَهو الرؤوف المُستعان.
٤- الامتحان.
الأسئلة المحدودة لهذا الامتحان:
• من ربك؟! • ما دينك؟! • من نبيك؟! • ما كتابك؟! • ما قبلتك؟! • من وليك وإمامك؟! • من هو الحجة القائم؟!.
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال: ((يجيئ الملكان منكر و نكير إِلَىٰ الميت حين يُدفن، أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يخطان الأرض بأنيابهما ويطأن فِي شعورهما فَيسألان الميت من ربك؟! وما دينك؟! قَال: فَإذا كان مؤمناً قَال: اللّٰه ربي وديني الإسلام، فَيقولان له: ما تقول فِي هذا الرجل الّذي خرج بين ظهرانيكم؟! فَيقول: أعَن مُحَمَّد رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" تسألاني! فَيقولان له: تشهد أنّه رسول اللّٰه، فَيقول: أشهد أنّه رسول اللّٰه، فَيقولان له: نم نومة لا حلم فيها، ويُفسح له فِي قبره تسعة أذرع ويُفتح له باب إِلَىٰ الجنة ويرىٰ مقعده فيها.
وإِذا كان الرجل كافراً دخلا عَليه وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس فَيقولان له: من ربك؟! وما دينك؟! وما تقول فِي هذا الرجل الّذي قد خرج من بين ظهرانيكم؟! فَيقول: لا أدري، فَيخليان بينه وبين الشيطان فَيسلط عَليه فِي قبره تسعة وتسعين تنيناً لو أَنَّ تنيناً واحداً منها نفخ فِي الأرض ما أنبتت شجراً أبداً ويفتح له باب إِلَىٰ النار ويرىٰ مقعده فيها)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• قَال سيد الخلق أجمعين رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله": ((والّذي نفس مُحَمَّداً بيده، لمعاينة ملك المَوْت أشد من ألف ضربة بالسيف، إِنَّ الملائكة تكتف العبد عند المَوْت وتحبسه، ولولا ذلك لهام علىٰ وجهه فِي الصحاري والقفار من شدة سكرات المَوْت)).
• وقول سيد الأوصياء أمير المؤمنين "عَليه السَّلام": ((والّذي نفس علي بيده، لألف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة علىٰ الفراش)).
• ونسأل اللّٰه سُبحانه، وبوجهه الكريم، ومُتوسلين إليه بأحب خلقه إليه، مُحَمَّد وآله الطاهرين، أَن ينجينا والمؤمنين والمؤمنات من شدائد سكرات المَوْت والاحتضار، ومن عقبات شدائد ما بعد المَوْت، ويشملنا برحمته الواسعة، آمِينَ.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• انّه لا يموت أحد من جميع الأديان حتّىٰ يعرف أَنَّ مُحَمَّد "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" هو رسول اللّٰه الخاتم، ويؤمنون بهذه الحقيقة.
• أَنَّ رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" وأهل بيته "عَليهم السَّلام" يُشاركون فِي تغسيل المؤمن، ويا لها من فضيلة ومنقبة لا يساويها شيء أبداً، فَما ظنك بمن يُشارك الرسول وعلي والآل فِي ذلك، أين يكون مصيره ومُستقره؟! انّه لا بد أَن يكون إِلَىٰ النعيم الّذي لا يُفنىٰ، والحَمدُ للّٰه علىٰ هذه النعم وعلىٰ جميع نعمه باطنة وظاهرة.
• أَنَّ اللّٰه تعالىٰ يأمر ملائكة بتشييع المؤمن صفوفاً، وهؤلاء غير الملائكة الموكلين بقبض الأرواح. وهذه إحدىٰ مكارم الباري لعبده المؤمن وما بعدها فَفيها -لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علىٰ بال- والحَمدُ للّٰه.
• الظاهر من الأخبار والروايات أَنَّ روح المتوفىٰ -مؤمناً كان أو كافراً- يصعد بها الملائكة أولاً إِلَىٰ السماء الدُّنيا ثُمّ تُعاد إِلَىٰ الأرض- أي إِلَىٰ القبور الّتي فِي الأرض- حيث هي النافذة لدخول العالم الجديد. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- خروج الروح من البدن.
- إِن خروج الروح من البدن، هي آخر مُقدمة من مُقدمات المَوْت، حيث بعدها يُواجه الإنسان عالم آخر، فَتعال نرىٰ ما يجري للروح مُنذ مُفارقة بدنه إِلَىٰ حين وضعه فِي قبره.
• عَن أبو عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" فِي حديث طويل نقتبس منه ما يخص المقام قَال: ((فَإذا خرجت النفس من الجسد فَيعرض عَليها كما عرض عَليه وهي فِي الجسد -أي أَنَّ رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" يقول للمُتوفي أنذاك: فَأن شئت رددناك إِلَىٰ الدُّنيا ولك فيها ذهب وفضة، فَيقول لا حاجة لي فِي الدُّنيا- فيختار الآخرة، فيغسله -أي رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" فيمن يغسله ويقلبه فيمن يقلبه، فَإذا أدرج فِي أكفانه ووضع علىٰ سريره خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قدماً وتلقاه أرواح المؤمنين يُسلمون عَليه ويبشرونه بما أعد اللّٰه له -جل ثناؤه- من النعيم، فَإذا وضع فِي قبره رد إليه الروح إِلَىٰ وركيه،..... إِلَىٰ نهاية الحديث)).
• عَن الصادق "عَليه السَّلام" عَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" قَال: ((فَإذا حُمل سريره حملت نعشه الملائكة واندفعوا به اندفاعاً والشياطين سماطين ينظرون من بعيد ليس لهم عَليه سلطان ولا سبيل،..... إِلَىٰ نهاية الحديث)).
• ومن كلام لأمير المؤمنين علي "عَليه السَّلام" قَال: ((يا عباد اللّٰه ما بعد المَوْت لمن لا يغفر له أشد من المَوْت، القبر فَأحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إِنَّ القبر يقول كُلّ يَوْم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، إِنَّ العبد المؤمن إِذا دفن قَالت له الأرض: مرحباً وأهلاً، قد كُنتَ ممن أحب أَن تمشي علىٰ ظهري، فَإذا وليتك فَستعلم كيف صنيعي بك، فَيتسع له مد البصر. وإِنَّ الكافر إِذا دفن قالت له الأرض: لا مرحباً بك ولا أهلاً، لقد كُنتَ من أبغض من يمشي علىٰ ظهري، فَإذا وليتك فَستعلم كيف صنيعي بك، فَتضمه حتّىٰ تلتقي أضلاعه، وإِنَّ المعيشة الضنك الّتي حذر اللّٰه منها عدوه عذاب القبر، إنّه يسلط علىٰ الكافر فِي قبره تسعة وتسعين تنيناً فَينهشن لحمه ويكسرن عظمه، يترددن عَليه كذلك إِلَىٰ يَوْم يبعث، لو أَنَّ تنيناً منها تنفخ فِي الأرض لَم تنبت زرعاً أبداً. يا عباد اللّٰه إِنَّ أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة الّتي يكفيها اليسير، تضعف عَن هذا فإن استطعتم أَن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عَليه فَأعملوا بما أحب اللّٰه، وأتركوا ما كره اللّٰه)).
• ولعل تخصيص عدد الحيات بقدر عدد الصفات والأعمال المذمومة، من الكبر والرياء والحسد والحقد وسائر الأخلاق والملكات الرديئة، فَأنّها بعينها تنقلب إِلَىٰ حيات فِي تلك النشأة نظراً لتجسد الأعمال. واللّٰه العالم.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- الحَمْدُ للّٰهِ حُباً، وامتِناناً.

"إِنَّ مجيء وقت سكرات المَوْت معناه مجيء عالم آخر مِن سلسلة عوالم الروح الإنسانية، وفِي هذا العالم أشد الأهوال. وأرعب المشاهد، فَبمُجرّد أَن نسمع بذكر (سكرة المَوْت) فَذلِك كفيل باحداث رجفة تدب فِي الأوصال: ‏﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾. فَلكُلّ لفظ منها عالم، فَعِند سماعها يدق فِي أذاننا الصاغية. وأسماعنا الواعية، انّها بدايه الانتقال مِن عالم الحَياة الدُّنيا إِلَىٰ عالم ثانٍ، أي المَوْت، وحيث المَوْت مهول ومُفزع، فَهُناك المجهول، وهُناك حَياة أُخرىٰ، وهُناك خوف مِنَ الحساب، ومقام طويل غير معروف النتائِج، وهُناك أيضاً حُب للحَياة الدُّنيا وخوف فراقها، خوف مِن كُلّ ما تقدم وغيره.
سكره المَوْت: أولىٰ اماراته صعوبة، فَهي غمره المَوْت تأخذ الإنسان عِند نزع روحه، فَيصير بمنزله السكران، وهي شدته الذاهبة بالعقل، وهي شدته الّتي تغشي الإنسان وتغلب علىٰ عقله، إِذ يشتغل حينها فِي نفسه، وينقطع عَن النَّاس كالسكران الّذي لا يدري ما يقول وما يُقال له.
وشدة سكره المَوْت ليس مُجرّد عذاب نفسي أو خوف يعتري المُحتضر، لأن قسم مِنَ العباد ليس لديه شعور بالخوف مِنَ المَوْت مُطلقاً لما يتميز به مِن إيمان قوي وتقوىٰ عالية، وآخرون يفهمون المَوْت فهماً ساذجاً، أو العكس، بحيث يتصور مِنَ المَوْت مُجرّد مرحلة انتقالية إِلَىٰ عالم ازلي سرمدي، يعيش خلاله ويرتع ويلعب بلا بؤس ولا شقاء ولا رجاء ولا خوف، بل أمان ولذة دائِمة، وحُرية مُطلقة فِي جو عامر بالبهجة وفردوس وسلام، وانّما سكرة المَوْت أمر عظيم لمعاني عظيمة، فَاخراج الروح مِنَ الجسد يستلزم المُقاومة الجسمية كرد فعل للقضية الأولية الصادرة فِي المُقابل أو قد يكون آلاماً تصاحب المَوْت مبعثها الموجد الأول -اللّٰه تعالىٰ- فَانّه يشدد فِي هذا المجال أو يخفف بالعذاب الجسمي لأمر يراه هو جلت قدرته.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• عَن جابر بن يزيد الجعفي، عَن أبي جعفر "عَليه السَّلام" قَال: ((إِذا أراد اللّٰه قبض روح الكافر قَال: يا ملك المَوْت انطلق أَنْتَ و أعوانك إِلَىٰ عدوي، فَإني قد ابتليته فَأحسنت البلاء، ودعوته إِلَىٰ دار السلام فأبىٰ إلّا أَن يشتمني، وكفر بي وبنعمتي، وشتمني علىٰ عرشي فَاقبض روحه حتّىٰ تكبه فِي النار، قَال: فَيجيئه ملك المَوْت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المُظلم، نفسه كلهب النار رأسه فِي السماء الدُّنيا ورجل فِي المشرق ورجل فِي المغرب، وقدماه فِي الهواء معه سفود كثير الشعب، معه خمسمائة ملك معهم سياط مِن قلب جهنم، تلتهب تلك السياط وهي مِن لهب جهنم، ومعهم مسح أسود وجمرة مِن جمر جهنم، ثُمّ يدخل عليه ملك مِن خزان جهنم يُقال له: سحقطائيل فَيسقيه شربة مِنَ النار، لا يزال منها عطشاناً حتّىٰ يدخل النار، فَإذا نظر إِلَىٰ ملك المَوْت شخص بصره وطار عقله، قَال: يا ملك المَوْت ارجعون، قَال: فَيقول ملك المَوْت: ‏﴿ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ ﴾. قَال: فَيقول: يا ملك المَوْت فَإلىٰ مَن أدع مالي وأهلي وولدي وعشيرتي وما كُنت فيه مِنَ الدُّنيا؟! فَيقول: دعهم لغيرك واخرج إِلَىٰ النار، وقَال: فَيضربه بالسفود ضربة فلا يبقىٰ منه شعبة إلّا أنشبها فِي كُلّ عرق ومفصل، ثُمّ يجذبه جذبة فَيسل روحه مِن قدميه بسطاً فَإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عَليه بالسياط ضرباً، ثُمّ يرفعه عَنه فَيذيقه سكراته وغمراته قبل خروجها، كأنما ضرب بألف سيف، فَلو كان له قوّة الجن والإنس لاشتكىٰ كُلّ عرق منه علىٰ حياله بمنزلة سفود كثير الشعب ألقي علىٰ صوف مبتل، ثُمّ يطوقه فَلم يأت علىٰ شيء إلّا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر مِن عرق وعضو ومفصل وشعرة، فَإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائِكة وجهه ودبره)).
• عَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" أنّه قَال: ((ما يخرج مؤمن مِنَ الدُّنيا إلّا برضاً منه، وذلِكَ أَنَّ اللّٰه يكشف له الغطاء حتّىٰ ينظر إِلَىٰ مكانه مِنَ الجنة وما أعد اللّٰه له فيها وتنصب له الدُّنيا كأحسن ما كانت له، ثُمّ يخير فَيختار ما عِند اللّٰه ويقول: ما أصنع بالدُّنيا وبلائِها، "فلقنوا موتاكم كلمات الفرج")).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• قَالَ رسولنا الأعظم مُحَمَّد "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" فِي دُعاءه : ((اَللّهُمَّ فَأعني علىٰ المَوْت وهونه عليّ)) ومِن دُعاء للإمام السجاد "عَليه السَّلام" : ((مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ، أَيَّ ٱلأَهْوَالِ أَتَذَكَّرُ وَأَيُّهَا أَنْسَىٰ؟! وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ الْمَوْتُ لَكَفَىٰ، كَيْفَ وَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ وَأَدْهَىٰ؟!)).
• وروي أَنَّ أمير المؤمنين "عَليه السَّلام" كان يقول فِي لحظاته الأخيرة : ((اَللّهُمَّ حبب لي لقاءك، رفقاً بيّ ملائِكة ربي)).
• وكان الإمام الحُسين "عَليه السَّلام" عِندما أثخن بالجراحات : ((صبراً علىٰ قضائك يا رب، وعِندما سقط إِلَىٰ الأرض كان يقبض يميناً ويفتح شمالاً)).
• عَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" قَال : ((إِذا رأيت المؤمن قد شخص ببصره وسالت عينه اليسرىٰ، ورشح جبينه، وتقلصت شفتاه، وانتشر منخراه، فأي ذلِكَ رأيت فحسبك به)).
• وعَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" قَال : ((فِي الميت تدمع عيناه عِند المَوْت وإِنَّ ذلِك عند مُعاينة رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله" فيرىٰ ما يسره، ثُمّ قَال : أمّا ترىٰ الرجل يرىٰ ما يسره وما يحب فَتدمع عيناه ويضحك)).
• وعَن النبي "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" أنّه قَال : ((ارقبوا الميت عِند ثلاث : إِذا رشح جبينه ودمعت عيناه ويبست شفتاه، فَهي مِن رحمة اللّٰه قد نزلت به، وإِذا غط غطيط المخنوق واحمر لونه واربدت شفتاه، فَهو مِن عذاب اللّٰه قد نزل به)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• عَن حنان بن سدير، عَن أبيه، قَال : كُنتُ عِند أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" فَذكر عِنده المؤمن وما يجب مِن حقه، فَالتفت إلي أبو عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" فَقَال لي : يا أبا الفضل ألّا احدثك بحال المؤمن عِند اللّٰه؟! فَقُلت : بلىٰ فَحدثني جعلت فداك، فَقَال : إِذا قبض اللّٰه روح المؤمن صعد ملكاه إِلَىٰ السماء فقالا : يارب عبدك ونعم العبد، كان سريعاً إِلَىٰ طاعتك، بطيئاً عَن معصيتك، وقد قبضته إليك فَما تأمرنا مِن بعده؟! فَيقول الجليل الجبار : اهبطا إِلَىٰ الدُّنيا وكونا عِند قبر عبدي ومجداني وسبحاني وهللاني وكبراني واكتبا ذلِكَ لعبدي حتّىٰ أبعثه مِن قبره.
• وقيل : ما مِن ميت يموت حتّىٰ يتراءىٰ له ملكان الكاتبان عمله فإن كان مُطيعاً قالا له : جزاك اللّٰه عنا خيرا، فرب مجلس صدق أجلستنا، وعمل صالح قد أحضرتنا، وإِن كان فاجراً قالا : لا جزاك اللّٰه عنا خيرا، فرب مجلس سوء قد أجلستنا، وعمل غير صالح قد أحضرتنا، وكلام قبيح قد أسمعتنا.
• وروي أيضاً، أَنَّ موسىٰ "عَليه السَّلام" لما صار روحه إِلَىٰ الحلقوم، قَال له ربه : يا موسىٰ كيف وجدت المَوْت؟! قَال : وجدت نفسي كالعصفور الحي حين يقلىٰ علىٰ المقلىٰ، لا يموت فَيستريح، ولا ينجو فَيطير. وروىٰ عنه أنّه قَال : وجدت نفسي كشاة تسلخ بيد القصاب وهي حية.
• قال عيسىٰ "عَليه السَّلام" للحوارين : يا معشر الحواريين ادعوا اللّٰه تعالىٰ أَن يهون علي هذِه السكرة يعني المَوْت فَقد خفت المَوْت مخافة أوقفني خوفي مِنَ المَوْت علىٰ المَوْت.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

هكذا سَيكون حالنا يَوْماً ما.
نسألك يا اللّٰه حُسن العمل وحُسن الأثر والخاتمة 🙏🏻.

"وخرجت الروح مِن جسده، فَصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا مِن جانبه، وتباعدوا مِن قربه. لا يُسعد باكياً، ولا يُجيب داعياً. ثُمّ حملوه إِلَىٰ مخط فِي الأرض، وأسلموه فيه إِلَىٰ عمله، وانقطعوا عن زورته."

- كَلام قَاسِي جِدّاً يا اللّٰه...

- سكرات المَوْت وشدائِده.
ومِن كلام لأمير المؤمنين "عَليه السَّلام" بِهذا الصدد : ((لا يزدجر مِنَ اللّٰه بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ. وهو يرىٰ المأخوذين علىٰ الغرّة حيث لا إقالة ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم مِن فراق الدُّنيا ما كانوا يأمنون، وقدموا مِنَ الآخرة علىٰ ما كانوا يوعدون. فَغير موصوف ما نزل بهم، اجتمعت عَليهم سكرة المَوْت وحسرة الفوت. فَفترت لها أطرافهم، وتغيرت لها ألوانهم. ثُمّ ازداد المَوْت فيهم ولوجاً. فَحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنّه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بأذنه، علىٰ صحة مِن عقله، وبقاء من لبه. يُفكر فيم أفنىٰ عُمره؟!، وفيم أذهب دهره؟!. ويتذكر أموالاً جمعها أغمض فِي مطالبها، وأخذها مِن مصرحاتها ومشتبهاتها. قد لزمته تبعات جمعها، وأشرف علىٰ فراقها، تبقىٰ لمن وراءه ينعمون فيها ويتمتعون بها. فَيكون المُهنأ لغيره، والعبء علىٰ ظهره. والمرء قد غلقت رهونه بها. فَهو يعض يده ندامة علىٰ ما أصحر له عند المَوْت مِن أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عُمره. ويتمنىٰ أَنَّ الّذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه. فَلَم يزل المَوْت يُبالغ فِي جسده حتّىٰ خالط لسانه سمعه. فَصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولا يسمع بسمعه، يردد طرفه بالنظر فِي وجوههم، يرىٰ حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم. ثُمّ ازداد المَوْت التياطاً به. فَقبض بصره كما قبض سمعه. وخرجت الروح مِن جسده، فَصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا مِن جانبه، وتباعدوا مِن قربه. لا يُسعد باكياً، ولا يُجيب داعياً. ثُمّ حملوه إِلَىٰ مخط فِي الأرض، وأسلموه فيه إِلَىٰ عمله، وانقطعوا عن زورته. حتّىٰ إَذا بلغ الكتاب أجله... إِلَىٰ آخر الخطبة)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- سكرات المَوْت وشدائِده.
عَن أبي بصير قَال : قُلت لأبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" : جعلت فداك يستكره المؤمن علىٰ خروج نفسه؟! قَال : فَقَال : لا واللّٰه، قَال : قُلت : وكيف ذاك؟! قَال : إِنَّ المؤمن إِذا حضرته الوفاة حضر رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" وأهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطِمة والحسن والحُسين وجميع الأئمة "عَليهم الصلاة والسَّلام والتحية والاكرام". ويحضره جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل "عَليهم السلام" قَال : فَيقول أمير المؤمنين : يا رسول اللّٰه إنّه كان ممن يحبنا ويتولانا فأحبه. قَال : فَيقول رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : يا جبرئيل إنّه كان ممن يحُبّ علياً وذريته فأحبه، قَال : فيقول جبرئيل "عَليه السَّلام" لميكائيل وإسرافيل مثل ذلك، قَال : ثُمّ يقولون جميعاً لملك المَوْت : إنّه كان يحُب مُحَمداً وآله ويتولىٰ علياً وذريته فَأرفق به. قَال : فَيقول ملك المَوْت : والّذي اختاركم وكرّمكم وأصطفى مُحَمداً صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" بالنبوة وخصّه بالرسالة لأنا أرفق به مِن والدٍ رفيق واشفق مِن أخٍ شفيق. ثُمّ مال إليه ملك المَوْت فَيقول له : يا عبد اللّٰه أخذت فكاك رقبتك؟! أخذت رهان أمانك؟! فَيقول : نعم. فَيقول : فبماذا؟! فَيقول : بحُبي مُحَمداً وآله وبولايتي علياً وذريته. فَيقول : أمّا ما كُنتَ تحذر فقد آمنك اللّٰه منه وأمّا ما كُنتَ ترجو فقد أتاك اللّٰه به، أفتح عينيك فَأنظر إٕلَىٰ ما عندك. قَال : فَيفتح عينيه فينظر إليهم واحداً واحداً ويفتح له باب إِلَىٰ الجنة فَينظر إليها فَيقول له : هذا ما أعدّ اللّٰه لك وهؤلاء رفقاؤك أفتحب اللحاقّ بهم أو الرجوع إِلَىٰ الدُّنيا؟! قَال : فَقال أبو عبد اللّٰه "عَليه السلام" : أمّا رأيت شخصته ورفع حاجبيه إِلَىٰ فوق مِن قوله : لا حاجة لي إِلَىٰ الدُّنيا ولا الرجوع إليها، ويُناديه منادٍ مِن بطنان العرش يسمعه ويسمع مَن بحضرته : ‏﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ إِلَىٰ مُحَمد ووصيه والأئمة مِن بعده ‏﴿ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً ﴾ بالولاية [بولاية علي] ‏﴿ مَّرْضِيَّةً ﴾ بالثواب فَأدخلي فِي عبادي مَع مُحَمد وأهل بيته "عَليهم السَّلام". ‏﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾. غير مشوبة.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• يَوْم خَالٍ مِن الضَّجيج والجَلَبَة، مُفْعَم بالسَّكينة فِي شارع المُتنبي ومَدينتي "مَدينة الطب".
• ٢٥ - أُكْتُوبَر - يَوْم الجُمْعَة.
• س ٢٠٢٤ ♥️.

-

-

-

-

-

-

-

-

-

3:24 م.

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• وقَالَ الإمام الحُسين "عَليه السَّلام" لأهل بيته وأصحابه يَوْم عاشوراء : صبراً بني الكرام، فَما المَوْت إلّا قنطره يعبر بكم عَن البؤس والضراء إِلَىٰ الجنان الواسعة والنعيم الدائِمة، فَأيكم يكره أَن ينتقل مِن سجن إِلَىٰ قصر؟! وما هو لاعدائِكم إلّا كمن ينقل مِن قصر إِلَىٰ سجن وعذاب. إِنَّ أبي حدثني عَن رسول اللّٰه "صَلىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : إِنَّ الدُّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر. والمَوْت جسر هؤلاء إِلَىٰ جناتهم، وجسر هؤلاء إِلَىٰ جحيمهم، ما كذبت ولا كٌذبت.
• قيل لعلي بن الحُسين "عَليه السَّلام" : ما المَوْت؟! قَال : للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة، وفك قيود وأغلال ثقيلة، الأستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائِح وأوطئ المراكب، وأنس المنازل، وللكافر كخلع ثياب فاخرة، والنقل عَن منازل أنيسة والأستبدال باوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب.
• وسأل الحسن بن علي بن أبي طالب "عَليهما السَّلام" ما المَوْت الّذي جهلوه؟! قَال : أعظم سرور يرد علىٰ المؤمنين إِذا نقلوا عَن دار النكد إِلَىٰ نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد علىٰ الكافرين إِذا نقلوا عَن جنتهم إِلَىٰ نار لا تبيد ولا تنفد.
• وعَن علي بن مُحَمَّد "عَليه السَّلام" قَال : قيل لمُحَمد بن علي بن موسىٰ "صلوات اللّٰه عَليهم" ما بال هؤلاء المُسلمين يكرهون المَوْت؟! قَال : لأنّهم جهلوه فكرهوه ولو عرفوه وكانوا مِن أولياء اللّٰه عزّ وجلّ لأحبوه ولعلموا أَنَّ الأخرة خير لهم مِنَ الدُّنيا. ثُمّ قَال "عَليه السَّلام" يا أبا عبد اللّٰه ما بال الصبي والمجنون يمتنع مِنَ الدواء المُنقي لبدنه والنافي للألم عَنه؟! قَال : لجهلهم بنفع الدواء، قَال : والّذي بعث مُحَمداً بالحق نبيا أَنَّ مَن أستعد للمَوْت حق الأستعداد فَهو أنفع له مِن هذا الدواء لهذا المُتعالج، أمّا انّهم لو عرفوا ما يؤدي إليه المَوْت مِن النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الأفات وأجتلاب السلامة.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• عَن أبي جعفر "عَليه السَّلام" قَال : قَالَ رسول اللّٰه "صَلىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : النَّاس أثنان : واحدٌ أراح، وآخر أستراح، فَأمّا الّذي أستراح فَالمؤمن إِذا مات أستراح مِنَ الدُّنيا وبلائِها، وأمّا الّذي أراح فَالكافر إِذا مات أراح الشجر والدواب وكثيراً مِنَ النَّاس.
• عَن أبي مُحَمد العسكري عَن أبائِه "عَليهم السَّلام" قَال : قيل للصادق "عَليه السَّلام" : صف لنا المَوْت، قَال : للمؤمن كأطيب ريح يشمه فَينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كُله عَنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد. قيل : فَإن قوماً يقولون : انّه أشد مِن نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض أو رضخ بالأحجار أو تدوير قطب الأرحية علىٰ الأحداق، قَال : كذلك هو علىٰ بعض الكافرين والفاجرين ألّا ترون منهم مَن يُعاين تلك الشدائِد فَذلكم الّذي هو أشد مِن هذا لا مِن عذاب الأخرة فانّه أشد مِن عذاب الدُّنيا، قيل : فَما بالنا نرىٰ كافراً يسهل عَليه النزع فَينطفيء وهو يحدثّ ويضحك ويتكلم، وفِي المؤمنين أيضاً مَن يكون كذلك، وفِي المؤمنين والكافرين منهم مَن يُقاسي عِند سكرات المَوْت هذِهِ الشدائِد؟! فَقَال : ما كان مِن راحة للمؤمن هُناك فَهو عاجل ثوابه، وما كان مِن شديدة فَتمحيصه مِن ذنوبه ليرد الأخرة نقياً، نظيفاً، مُستحقاً لثواب الأبد، لا مانع له دونه، وما كان من سهولة هُناك علىٰ الكافر فَاليوفيّ أجر حسناته فِي الدُّنيا ليرد الأخرة وليس له إلّا ما يوجب عَليه العذاب، وما كان مِن شدة علىٰ الكافر هُناك فَهو ابتداء عذاب اللّٰه له بعد نفاد حسناته ذلكم بإن اللّٰه عدل لا يجور.
• عَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" قَال : قَالَ رسول اللّٰه "صَلىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : قَالَ اللّٰه تعالىٰ : ما مِن عبد أُريد أَن أدخله الجنّة إلّا ابتليته فِي جسده، فإن كان ذلِك كفارة لذنوبه وإلّا سلطت عَليه سلطاناً، فإن كان ذلِك كفارة لذنوبه وإلّا ضيقت عَليه فِي رزقه، فإن كان ذلِك كفارة لذنوبه وإلّا شددّت عَليه عِند المَوْت، حتّىٰ يأتيني ولا ذنب له ثُم أدخله الجنّة، وما من عبد أُريد أَن أدخله النار إلّا صححت له جسمه، فإن كان ذلِك تمام طلبته عِندي وإلّا آمنت خوفه مِن سلطانه فإن كان ذلِك تمام طلبته عِندي وإلّا وسعت عَليه رزقه، فإن كان ذلِك تمام طلبته عِندي وإلّا يسرت عَليه عِند المَوْت حتّىٰ يأتيني ولا حسنة له ثُمّ أدخله النار.
• عَن الإمام العسكري "عَليه السَّلام" عَن أبائه "عَليهم السَّلام" قَال : دخل موسىٰ بن جعفر "عَليه السَّلام" علىٰ رجل قد غرق فِي سكرات المَوْت وهو لا يُجيب داعياً فَقالوا له : يا بن رسول اللّٰه وددنا لو عرفنا كيف المَوْت وكيف حال صاحبنا؟! فَقَال : المَوْت هو المصفاة تُصفي المؤمنين مِن ذنوبهم فَيكون آخر ألم يُصيبهم كفارة آخر وزر بقي عَليهم، وتصفي الكافرين مِن حسناتهم فَيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم، وأمّا صاحبكم هذا فَقد نخل مِنَ الذنوب نخلاً وصفي مِنَ الأثام تصفية وخلص حتّىٰ نقي كما ينقىٰ الثوب مِن الوسخ، وصلح لمُعاشرتنا أهل البيت فِي دارنا دار الأبد.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- سكرات المَوْت وشدائِده.
• عَن أبي جعفر الجواد، عَن أبائِه "عَليهم السَّلام" قَال : ((قيل لأمير المؤمنين "عَليه السَّلام" : صف لنا المَوْت فَقَال : علىٰ الخبير سقطتم لهو أحد ثلاثة أمور يرد عَليه : إمّا بشارة بنعيم الأبد، وإمّا بشارة بعذاب الأبد، وإما تخزين وتهويل وأمره مُبهم، لا تدريّ مِن أي الفرق هو، فَأمّا وليّنا المُطيع لأمرنا فَهو المُبشّر بنعيم الأبد، وأمَا عدونا المُخالف علينا فَهو المُبشر بعذاب الأبد، وأمّا المُبهم وأمره الّذي لا يدري ما حاله فَهو المؤمن المُسرف علىٰ نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله يأتيه الخبر مُبهماً مخوفاً، ثُمّ لَن يسيره اللّٰه عزّ وجلّ باعدائِنا لكن يخرجه مِنَ النار بشفاعتنا، فأعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة اللّٰه عزّ وجلّ فإن مِنَ المُسرفين لا تلحقه شفاعتنا إلّا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

‏﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾.

"إِنَّ اللّٰه تعالىٰ يُقسم الأرزاق وقت الطلوعين -أي طلوع الفجر الكاذب وطلوع الفجر الصادق- ويُكره النوم فِي هذا الوقت إِلَىٰ شروق الشمس.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- تصوير المُبدع حيدر صَباح . .

- وفِي خبر آخر : أَنَّ الأرواح لا تُفارق جسدها حتىٰ ترىٰ الخمسة : مُحَمدً وعَلياً وفاطِمة وحسناً وحسيناً "عَليهم السَّلام".
- وفِي خبر آخر : أَنَّ كُلّ محتضر مؤمناً كان أم كافراً، يراهم عِند النزع الأخير، ومعهم ملائِكة المَوْت.
- وفِي خبر آخر : اننا نراهم عِند الاحتضار، وفِي القبر، ويَوْم الحساب.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"وبما أَنَّ للنُور المحسوس شروقاً وغروباً، كالشمس والقمر والنجوم وغيرها، تدل علىٰ وجودها وأثارها الخاصة، كذلك للنور المعنوي فإن له أشراق علىٰ القلوب والنفوس يزيل عنها حُبّ المادة والماديات، وقد يغرب النُور عَن القلوب فَتخمد فيه الفطرة ويفسد ويصبح أشد مِنَ الحجارة فَيصير صاحبه مصداقاً للشرور.
فَالنُور أصل الخَيْر، والفرح والسرور، والطاعة للّٰه جل عظمته كما أَنَّ الظلمة يتعقبها الحجاب والشر والجهل والقسوة والضيق والشدة والبعد عَن اللّٰه تعالىٰ.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"النُور الحقيقي هو اللّٰه تعالىٰ، وسمىٰ نفسه به فَقَال تعالىٰ :‏ ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ ﴾ فانّه اللامحدود مِن جميع الجهات. والأنوار كُلها فائِضة مِن بحر جبروته. كما ورد فِي الدُعاء المأثور ((يا نُورَ النُّورِ ، يا مُنَوِّرَ النُّورِ ، يا خالِقَ النُّورِ ، يا مُدَبِّرَ النُّورِ ، يا مُقَدِّرَ النُّورِ ، يا نُورَ كُلِّ نُورٍ ، يا نُوراً قَبْلَ كُلِّ نُورٍ ، يا نُوراً بَعْدَ كُلِّ نُورٍ ، يا نُوراً فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، يا نُوراً لَيْسَ كَمَثْلِهِ نُورٌ... الخ)) فَالكائِنات كُلها رشحة مِن رشحات نوره، وفيض مِ بحار انواره، سُبحانك ((اَللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظيمِ)) وإِنَّ السماوات والأرضين كُلها أنواراً أشرقت مِن نوره العظيم بعدما كانت معدومتين.
وتقتبس النفوس المُستعدة أنوارها مِن مصادرها الكثيرة :
فَمنها الصحف المُطهرة النازله مِنَ السماء علىٰ قلب الرسل والأنبياء "عَليهم السَّلام".
ومنها الرسل والأنبياء "عَليهم السَّلام" حيث يشرق النُور مِن وجودهم، وكذلك الأولياء، بل العلماء العاملين بعلمهم المُتيقن، وقد يشرق النُور مِن جميع المُمكنات الّتي وجدت بالارادة التكوينية الدالة علىٰ خالقها وبارئِها وجاعلها، فَالنفوس تقتبس النُور ولكن بمراتب ودرجات، وفِي كُلّ درجة منازل وفِي كُلّ منزل مراحل وكُلها قابلة للشدة والضعف.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

"العلم بحقائِق الأشياء صعب المنال جِدّاً، ويظهر ذلِكَ أكثر وضوحاً فِي مثل الروح، والعلم، والوحي، والمَوْت، والحَياة، والوجود، وغيرها.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-

"إِنَّ لملك المَوْت وأعوانه الموكلين بتوفي الأرواح -الأنفس- قابليات خاصة فِي تغيير صورهم، فَقد جاء فِي الخبر أَن إبراهيم الخليل "عَليه السَّلام" قَالَ لملك المَوْت : هل تستطيع أَن تُريني صورتك الّتي تقبض فيها روح الفاجر؟! قَال : لا تُطيق ذلِك : قَال : بلىٰ، قَال : فأعرض عَني فأعرض عَنه ثُم التفت فَإذا هو برجل أسود، قائِم الشعر، نتن الريح، أسود الثياب، يخرج مِن فيه ومناخره لهيب النار والدخان، فَغشي علىٰ إبراهيم ثُمّ أفاق، فَقَال : لو لَم يلقّ الفاجر عِند موته إلّا صورة وجهك لكان حسبه.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• أَنَّ اللّٰه تبارك وتعالىٰ جعل مُهمة توفي الأرواح -الأنفس- مُختلفة وقد يكون هذا الاختلاف بسبب ضعف الإيمان وقوته وبموجب ذلِك تتبدل صورة قابض الأرواح مِنَ الملائِكة، فَضعفاء الإيمان يقبض أرواحهم ملك مِن أعوان عزرائيل، أمّا الأفراد الأقوىٰ إيماناً فَيتولاهم ملك أرفع درجه عِند اللّٰه، وهكذا لكُلّ مجموعة مِنَ المؤمنين ملائِكة تتناسب قوتهم مَع قوّة إيمان المؤمنين حتّىٰ يصل إيمان المؤمن إِلَىٰ الحد الّذي يفوق قدوة الملائِكة التابعين لملك المَوْت، عِندها يتولىٰ عزرائيل "عَليه السلام" قبض روحه بلا واسطة الملائِكة، وأمّا الّذين وصلوا درجة الشهداء فإن قبض أرواحهم يكون (بقدرته) كيف يشاء ولا يُسلط علىٰ أرواحهم ملك المَوْت.
• مَن كان مِن أهل الطاعة تتولىٰ قبض روحه ملائِكة الرحمة، ومَن كان مِن أهل المعصية تتولىٰ قبض روحه ملائِكة النقمة.

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

- هَنِيئاً لهُم هذِهِ الكرامة 🦋.

• روي عَن رسول اللّٰه "صَلّىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : ((أكرم اللّٰه تبارك وتعالىٰ الشهداء بخمس كرامات لَم يُكّرم بها أحداً مِنَ الأنبياء ولا أنا، أحدها، إِنَّ جميع الأنبياء قبض أرواحهم ملك المَوْت وهو الّذي سيقبض روحي، وأمّا الشهداء فَاللّٰه هو الّذي يقبض أرواحهم بقدرته، كيف يشاء ولا يُسلط علىٰ أرواحهم ملك المَوْت))...

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

• وعَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" : ((قيل لملك المَوْت "عَليه السَّلام" : كيف تقبض الأرواح وبعضها فِي المغرب وبعضها فِي المشرق فِي ساعة واحدة؟! فَقَال : أدعوها فَتجيبني، قَال : وقَالَ ملك المَوْت "عَليه السَّلام" : إِنَّ الدُّنيا بين يدّي كالقصعة بين يدّي أحدكم، يتناول منها ما يشاء، والدُّنيا عندي كالدرهم فِي كف أحدكم يقلبه كيف شاء)).
• وعَن الإمام الصادق "عَليه السَّلام" أيضاً قَال : ((إِنَّ اللّٰه تبارك وتعالىٰ جعل لملك المَوْت أعواماً مِنَ الملائِكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان مِنَ الأنس يبعثهم فِي حائِجه، فَتتوفاهم الملائِكة ويتوفاهم ملك المَوْت مِنَ الملائِكة مَع ما يقبض هو، ويتوفاهم اللّٰه عز وجل مِن ملك المَوْت... مِن خبر طويل)).
• وعَن أبي عبد اللّٰه "عَليه السَّلام" : سأله أحدهم بقوله : جعلت فداك، يعلم ملك المَوْت بقبض مَن يقبض؟! قَال : ((لا إنّما هي صكاك تنزل مِنَ السماء، أقبض نفس فلان بن فلان)).

رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."

-