لم يكُن أمراً بسيطاً، أقصد في ذلك المكان، لم يكن أمراً بسيطاً أن أخادع الوقت، كُنت متأكداً أنَّه لم يكن يمر، يستحيل ذلك؟ نعم، عند الذين يرون الشمس، القمر، النجوم، يشعرون بتغير الجو، بدخول الشتاء والصيف، عند الذين يملكون ساعاتٍ في أيديهم، يمرُّ الوقت..
أمَّا هناك لا يوجد ساعات، بل لم يكن هُناك وقت، ولا زمن، توقف الزمن منذ اللحظة الأولى، وتوقفت أيضاً عن الشعور، آه.. ليتني توقفت، ليتني لم أكن أشعر بشيء، ليتني لم أكن أحنُّ كثيراً، وليتني لم أبكي بين الحِين والآخر، لم أكن أقوى على العيش مُحمَّلاً بعبء من أُحِب، ومحمِّلاً إياه عبء الغِياب، لشدَّ ما أوهنني الغيابُ والبُعد، أحرقَا قلبي وفتتا كبدِي، كُنت أُجابهُ الفراغ، بدّد روحي، لاشاها ومزقها، غيَّبها، جعلها رُكاماً، كيف يمكن لشخص واحد أن يعيش تحت وطأة الفراغ، كيف يقوى على العيش في غبش الوحدة، أعيانِي الغبشُ الذي أرى فيهِ طيفاً على الدَّوام، طيفٌ لا تمسُّه يدي ولا تحتوُي تفاصيلهُ روحي، أبصرهُ حينما أبصر، وأبصرهُ حينما لا أبصر، طيفٌ كمثلِ الغياب، لا أراهُ كاملاً فأشتفي، ولا يتركني لوحدتي فأكتفي، طيفٌ ليسَ كالحُلم، لأن الحلمَ هناك وهمٌ يزول، مثلمَا أنني كُنتُ أزول .
- نوّاف