الْحَمْدُ للهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لاَ رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ومُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُ. أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تَقْوَاهُ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (الْإِكْثَارُ مِنْ الدُّعَاءِ)، قَالَ تَعَالَى:﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. فَـ (حَسَنَةُ الدُّنْيَا) تَشْمَلُ كُلَّ مَا يَحْسُنُ وَقْعُهُ عِنْدَ الْعَبْدِ مِنْ رِزْقٍ، وَزَوْجَةٍ، وَوَلَدٍ، وَرَاحَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَطَالِبِ الْمَحْبُوبَةِ.
وَ(حَسَنَةُ الْآخِرَةِ) تَشْمَلُ السَّلَامَةَ مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ، وَالْفَوْزَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَحُصُولَ الرِّضَا وَالْقُرْبِ مِنَ الرَّبِّ الرَّحِيمِ.
فَصَارَ هَذَا الدُّعَاءُ أَجْمَعَ دُعَاءٍ وَأَوْلَاهُ وَأَكْمَلَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (تَذَكُّرُ الْآخِرَةِ)، قَالَ تَعَالَى فِي خِتَامِ آيَاتِ الْحَجِّ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
فَجَمْعُ الْخَلَائِقِ فِي عَرَفَةَ وَيَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، يُذَكِّرُ التَّقِيَّ بِجَمْعِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَحْشَرِ، والْعَبْدُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِلَى رَبِّهِ سَيُحْشَرُ، فَإِنَّهُ سَيَتَّقِي اللهَ سَائِرَ الْعُمُرِ، إِذِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِالْقَبْرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.
فَمَا أَكْثَرَ دُرُوسَ الْحَجِّ ! وَمَا أَعْظَمَ بَرَكَاتِهِ ! فَلْيَكُنْ لَنَا فِي ذَلِكَ أَوْفَرَ الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ؛ لِنَفُوزَ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَلِنَكُونَ مِنْ حِزْبِ اللهِ الْمُفْلِحِينَ، وَمِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَاخْتِمْ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ مَعَ الْمُتَّقِينَ.
عِبَادَ اللهِ : قَالَ اللهُ جَلَّ في عُلَاهُ : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَأَتْبَاعِهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ. اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُم، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ الْطُفْ بِإِخْوَانِنَا فِي فِلِسْطِينَ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا وَعَقِيْدَتَنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيراً عَلَيْهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيْزُ.
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.