أنتِ وَردُ قلبي وعِطرُ روحي، مَنفايَ وسَلامي، أنتِ أولُ النُورِ في عَيني، وآخرُ الدِفءِ في قلبي، أنتِ الوَطنُ الذي لا مَنفى بعدَه، والمَأوى الذي لا تَشردَ بعده، أنتِ الرِفقُ إذا قسَت الدنيا، والسَكينةُ إذا ضجَّت الأحزان، أنتِ كُلُّ الأشياءِ الجميلةِ التي عَرفها الوجود، وكُلُّ السَعادةِ التي لم يَعرفها بعد.
أنتِ؟ أنتِ الجَمالُ في أبهى صُوره، والكَمالُ حين يُقالُ أنه لا يُوجد، أنتِ الشِعرُ حين يَبحثُ عن مَعناه، واللَحنُ حين يَفتقدُ وَتَره، والنُورُ حين تَضيعُ الطُرق، واليقينُ حين يَرتبكُ القلب. كيف لكِ أن تَكوني كُلَّ هذا؟ كيف لامرأةٍ واحدةٍ أن تُصبحَ نَجمةً وقَمرًا في آنٍ واحد، أن تُصبحَ حُلمًا وصَحوة، نَدىً ونَارًا، رِفقًا وجُنونًا، أن تُصبحَ دُنيا كاملةً لقلبٍ كان ضائعًا؟
أنا؟ أنا عاشِقُكِ بجُنوني، بهُدوئي، بضَعفي، بقُوتي، عاشِقُكِ كَيفما كُنتِ، وأينما كُنتِ، وفي أيِّ زَمانٍ يَكُون، أنا الذي يَخشى العَيشَ في دُنيا لا تَحملُ ضَحكتَكِ، ويُرهقهُ التَنفسُ في هَواءٍ لم يَمرَّ بعِطرِكِ، أنا الذي يُغمضُ عَينيه كلَّ لَيلةٍ على ذِكرى صوتِكِ، ويَستيقظُ كُلَّ صَباحٍ على شَوقٍ لا يَهدأ، وعلى أُمنيةٍ واحدة: أن أراكِ.
أنتِ لي؟ بل أنتِ أنا، أنتِ نَبضي الذي لا أَملكُ سِواه، أنتِ النَجمةُ التي لا يُرشدني في العُتمةِ غيرها، أنتِ الحُلمُ الذي لا يُوقظني مِنْهُ شيء، ولا يُنسيهِ لي الزمان.
أنتِ يا مَن في حُضنِها أَشعُرُ أن العالمَ مُغلقٌ بأبوابِه، وأنني أَملكُ المفاتيحَ كُلَّها، أنتِ يا مَن في قُربِها أُحِسُّ أن السَعادةَ لا يُمكنُها أن تَكونَ أكثرَ مِنْ هذا، وأن الأمانَ لا يُمكنُهُ أن يَكونَ إلا حيثُ أنتِ، أنتِ يا مَن يَطمئنُ القلبُ بها، وتَهدأُ الروحُ لها، وتَرتاحُ العينُ حين تَراها.
أحبُّكِ؟ لا، بل أُؤمِنُ بكِ، أَتَنَفَّسُكِ، أُصَلِّي في حُبِّكِ، أَعيشُ بكِ ولَكِ، أَنتمي إليكِ كَمَا تَنتمي الرُوحُ للجَسد، وكما تَنتمي القُلوبُ لأقدارِها، وكما تَنتمي النَجمةُ للسماء، وكما تَنتمي يَدايَ لحُضنكِ.
كُوني معي كما أنتِ، كُوني سَكينتي وسَلامي،
كُوني العُمرَ الذي لا أُريدُ أن يَنتهي، كُوني الحُبَّ الذي لا يُشبهُهُ أيُّ حُب، كُوني دُنياي، فقد كُنتِ دائمًا كُلَّشيء، وسَتبقينَ كُلَّ شيء."