إذا آلمتك بطنك فسوف تبحث عن أفضل الأطباء، وتبذل في طلب ذلك الآلاف من الأموال؛ لأن صحتك غالية عندك.
لكن إذا حصل للإنسان شي في دينه فإنه ربما يسأل كل من هبّ ودبّ، كمن يسأل شيخًا في وسيلة إعلامية فيسأله مع أنه لا يعرفه؛ فلماذا تبحث عن أفضل الأطباء إذا مرضت، ولا تبحث عن أفضل العلماء إذا احتجت للفتوى؟!
لذلك : لا يجوز للإنسان أن يكون دينه عرضة لكل من هَبَّ ودب، والواجب أن تعرف من تسأل، فلا يجوز لك أن تسأل إلا أهل الذكر من العلماء الراسخين من أئمة الهدى فإنهم حجة بينك وبين الله، فهؤلاء يوقِّعون عن الله ويخبرونك بحكم الله، وهو واسطة بينك وبين الله في تبليغ الأحكام؛ فاتق الله في اختيار هذه الواسطة، فلا تسأل كل أحد، ولا تسأل الجهال، بل اسأل أفضل أهل زمانك دينًا وعلمًا ورسوخًا ممن اتفقت الأمة على جلالته، وفضله وعلمه ودرايته لأن هذا دين، والدين أغلى جوهرة يملكها الإنسان، فإن الخطأ في تشخيص حالتك الصحية قد تموت منه، لكن لا تجب لك النار، وأما إذا استفتيت جاهلًا وأفتاك في شي مخالفًا للدين، أوقعك في التهلكة.
وللأسف : فإن أغلب الناس الآن يتتبعون الرخص فغالبًا لا يسألون المشايخ إلا في المسائل التي يعلمون أن الشيخ يتساهل فيها، فتجده يسأله عن بعض المعاملات لأنه يعلم أنه يتساهل فيها، ولا يسأله عن الحجاب لأنه يعلم برأيه الشديد فيه - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- .
وقد أجمع العلماء على حرمة تتبع الرخص، وأن من تتبع الرخص فقد جمع الشر كله وقد يكون مآله إلى التزندق - والعياذ بالله -.
وقد عقد الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين فصلًا كاملًا في حرمة تتبع الرخص؛ فليراجع.
واحذر من أن تقسم المشايخ على حسب علمك بهم، فلأنك تعلم أن هذا يفتي بكذا وهذا يفتي بكذا على حسب هواك فتسأله، فإياك من تتبع شهواتك، ولتسأل أهل الذكر من العلماء الراسخين الذين اتفقت الأمة على جلالتهم وعلمهم ودرايتهم ورسوخهم في العلم.
الشيخ : وليد السعيدان 🖊️