برنامج هداية الطلاب

تَعَبُك، قلّة نومك، جهدك، مكابَدَتُك، صِدقُك، عَثرَتك، دمعتك، دعوتك، سجدتك، محاولتك، وحدتك، انفِرادُك، قِيامك، إنجازك، تقصيرك، عودتك، توبتك، غَرسُك، سِرَّك..

كُلّها لحظات تشفع لك ما دُمتَ صادقًا، والله يا فتَىٰ، لأجل الغاية يَهون التَّعَب.

يا طالب العلم، احذر أن تفوت منك الساعات وتنقضي الأيام، تجر خلفها الأسابيع والشهور والأعوام، وأنت تلهو، تقول: غدًا أجد وبعد غد أشتد، وإذا جاء أول الأسبوع وأول الشهر!
واعلم أن المجلس الذي تضيع منك فائدته لا يعوض والوقت الذي يمر لا يعود.
فعود نفسك سبل أهل المعالي في المحافظة على العمر ورعاية الوقت.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما تصنع؟
فقال لنا يومًا بعد ستة عشر يومًا: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما، فاعرضا علي ما كتبتما.
فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر القلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه.
ثم قال: أترون أني أختلف هدرًا، وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد".

«القَلب وعَاء العِلم؛ فإذا كان القلب سليمًا تشرّب العِلم».

مما ينبغي أن يستغله طالب العلم استغلالاً جيدا: علاقاته مع إخوانه وأقرانه من طلاب العلم، فيحرص أشد الحرص على أن تكون لقاءآته معهم مليئة بالفوائد، و يرتب المواعيد مع إخوانه على أساس القراءة والمذاكرة، وإنجاز قراءة الكتب التي تُنجَز في جلسة أو جلسات يسيرة.

إذا استَقَام القَلبُ عَلىٰ التّوحِيد
استقَامَتْ الجَوارِح عَلىٰ الطّاعَة .

-
«واجعلنا ممّن فضّلتَهم بالعِلم،ومكّنتَهم بالمَعرِفة،وخصّيتَهم بالرِّفعة،واستعملتَهم بأكملِ الطّاعة،وجمَعتَ لهم خَيري الدُّنيا والآخرة -ياربّ-».

على طالب العلم ألا يُراقب في أقواله وأفعاله إلا الله تعالى
وأن يكون مُتحررًا من ربقة التحزّب ليكون كالشمس المُشرقة على المجتمع دعوةً ونُصحًا وتوجيهًا.
فإن لم يتحرّر من ذلك تقولب بقالِب حزبه وانحرفت بوصلته إليه لا إلى ربّه تعالى!
فيراقب بشرًا مثله بكلامه لينال رضاهم لا رضى الله!
الشيخ د. مطلق الجاسر

إياك والفراغ، وأن تألف الرّاحة، فتترك الميدان لغيرك خوفًا وضَعفًا، إياك والبحث عن سفاسف الأمور في ظلِّ مرحلةٍ أنت أحوج ما يمكن لأن تُصقَلَ جيدًا و تَثبُتَ كشجرةٍ لا تموت، وانتبه أن تُضِع نَفسك!

ستمُرّ عليك أيّامٌ عجاف، ستُحبس بعض أفكارك، سيذبل فيكَ غرسًا أحببته، سينبت مجددًا إن قُمت، ليس وقت الحَزَن، ولا الضعف، ولا الخضوع، ولا التفاهة والفراغ .. بل هذا زمن إعداد وإمداد، كن بخير ما استطعت"

«إنّ أصحاب الهِمم العالية إذا هبطوا من جانب قاموا يحاولون صُعوده من الجانب الآخر، لأنهم لا يُطيقون البقاء في الحَضيض؛ بل يبتغون المعالي أبدًا!»

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وفقهاً يا رب العالمين.

لا يُؤلِم القلبَ شيءٌ بقدرِ مَا يؤلِمُهُ نأيُهُ عن طَريقِ اللّٰه ، أن تُجرّب لذّة القرب ، ثُم ترى نَفسكَ تبتعدُ شيئًا فَشيئًا ، حتّىٰ تَغرَقَ في حُبّ الدّنيا و اتّباعِ الهوىٰ ، فيتفرّق بِكَ عن سبيلِ اللّٰه ، أيّ حسرةٍ بعد هَذه الحَسرة ، و أيّ ألمٍ يَفوق ذلك الألم؟
عُد ، لا تَلِج أبواب الفتنةٍ ، لن تَجدَ المخرج بسهولة!
إنّكَ إن ولجتَ هلَكتَ ، تذكر المَوت و القبر و اليَوم الآخر ، يوم يُحاسبك اللّٰه بمثقالِ الذّرّة ، مَا سَيكون عُذرك ؟ لا مجال و قتئذ للاعتذار أو الندم!
الجِهَاد صعبٌ نعم ، لكن تَذكر:ألا إنّ سِلعَةَ اللّٰه غَالِيَة ، ألَا إنّ سِلعةَ اللّٰه "الجنّة".

نصيحة لطلاب البرامج:
«لا تدخلوا العلم بروح المعركة، سواء المعارك مع الأشخاص أو العلم ذاته أو حتّى أنفسكم.. ادخلوا العلم من باب العبادة والافتقار إلى الله»

- استعينوا بالله ولا تعجزوا..

قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله:
( لفظ الرياضة يُستعمل في ثلاثة أنواع: "رياضة الأبدان" بالحركة والمشي، و "رياضة النفوس" بالأخلاق الحسنة، و"رياضة الأذهان" بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة )
[ الرد على المنطقيين - ص٢٩٩]

متوكِّـليـن عليـكَ فافتـح دربَـنـا
بـالـعـونِ والتـوفـيـقِ يـا فـتَّـاحُ

وانفـع بهذا العلمِ واشكُر سعيَنا
فالخـيـرُ منك عطيَّـةٌ وفـلاحُ!

"العزمُ مركبُ الصّادقِين، ومَن لم تكُن لهُ عزيمَة لم يفرَح بغنِيمة؛ فإنَّ العزائِم جلّابة الغنَائِم، فاعزم تَغنم، وإيّاك وأمانِي البطّالين".

«من أخلص للهِ في الطّلب؛ وجَد حلاوة الطّلب»

العِلم يحتاجُ إلىٰ مُكابدة، وإلى مُثابرة وإلىٰ دأب، وكُلَّما عَوَّد الإنسان نفسَهُ علىٰ ذلك اعتادَه، وصارَ أمرًا سهلًا عليه. أمَّا إذا رَكَن إلىٰ الكسَل والدّعَّة والسُّكون فإنه يصعُب عليه جِدًّا أن يكُون مجتهِدًا، لأنَّ النفس وما تعَوّدت !

- شيخنا العلامة ابن عثيمين.

الخُشُوعُ هُو ثَمَرَة التّدبّر فكلّمَا زَادَت العِنَايَة بِالقُرآنِ فَهمًا زَادَ خُشُوع القَلبِ.


ـ التّبيان شرح أخلاق حملة القرآن.

[ قاعدة نبوية مباركة هادية لطالب العلم ]
قول النبي ﷺ : « من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل » [ رواه مسلم ]
قاعدة نبوية عظيمة، وهي نور للسالك في طريق طلب العلم، فإن العلم كثير لا يمكن إدراكه، فمن وجد في نفسه أهلية ولو كانت نسبية مقيدة في مسألة أو باب أو فن من فنون العلم؛ فلينفع الناس بذلك، ولا ينتظر بلوغ المراقي العالية؛ لأن مراقي العلم قصر عن إدراك غاياتها الفحول!
فمن عرف الخير ينبغي أن يبثّه ولا يبخل به؛ مهتديا بهذه القاعدة النبوية المباركة، ومعتضدا لها بقوله ﷺ « بلغوا عني ولو آية » [ رواه البخاري ].