هناك فرق كبير بين العشوائية والفوضى.
فالحدث العشوائي هو ذلك الحدث الذي يفتقد إلى أي نمط واضح أو تسلسل معلوم، بحيث لا توجد طريقة تُمكننا من التنبؤ به، فهو غير قابل للتوقع.
أما الحدث الفوضوي، فهو ذلك الذي يبدو عشوائياً لأننا ببساطة لا نملك جميع المعلومات اللازمة للتنبؤ به. الأحداث العشوائية لا تحكمها قوانين، في حين أن الأحداث الفوضوية تحكمها قوانين، لكنها قوانين معقدة ومركبة يصعب تفسيرها.
على سبيل المثال، تدفق الماء في الأنهار قد يبدو عشوائياً، لكنه في الحقيقة حدث فوضوي. فمجرى الأنهار ليس مستقيماً، وبالتالي تتعرض المياه أثناء سريانها لانحرافات تحكمها معادلات فيزيائية معقدة، يمكننا من خلالها، إذا ما تم حسابها بدقة، استخراج نتائج مستقبلية متوقعة. كذلك الأمر بالنسبة للعبة "قلب العملة" أو "ملك وكتابة" أو "طرة ونقش" كما نسميها في سورية. قد تبدو عملية رمي العملة عشوائية، لكنها في الحقيقة فوضوية. فهناك قوانين تحكم هذه العملية، وإذا قمنا بحساب مجموعة من العوامل مثل قطر العملة، والمقاومة الهوائية، وأدخلنا هذه المعطيات في خوارزمية معينة، يمكننا التنبؤ بالنتيجة بنسبة عالية من النجاح. إذًا، رمي العملة هو حدث حتمي، والعشوائية لا تتوافر فيها صفة الحتمية.
وبناءً على هذا المفهوم، الفوضى هي نظام محدد وحتمي، بمعنى أنه إذا عرفنا كل شيء عن الظروف الأولية، يمكننا التنبؤ بما سيحدث في المستقبل.
أما العشوائية فهي غير قابلة للتوقع بأي شكل من الأشكال. هذا هو الحال بالضبط في البورصة؛ قد تبدو في البداية وكأنها عشوائية، حيث تتصارع القوى الشرائية مع القوى البيعية، مما يؤدي إلى ارتفاعات وانخفاضات قد تبدو غير متوقعة للبعض. لكن عند التدقيق، نجد أن ما يحدث في جلسات التداول ليس عشوائياً، بل هو حدث فوضوي تحكمه قوانين متشابكة ومعقدة. يمكن تفسير هذه القوانين إذا ما اتبعنا مجموعة من الأسس المرنة مثل حساب التدفقات المالية، ومعرفة مدى التشبع الشرائي والتشبع البيعي، وغيرها من العوامل التي لا تخضع لمعادلات ثابتة.