" ... الهجرُ التَّأديبيُّ ـ كما تمَّ تقريرُه ـ مشروعٌ على مَنْ أَظهرَ المُنكَراتِ والحوادِثَ، وهذا يختلِفُ باختلافِ الأمكِنةِ الَّتي ظهرتْ فيها البِدَعُ والمُنكَراتُ، ويختلِفُ باختلافِ حالِ المُبتدِعِ ككونه مِنَ الأئمَّةِ المُطاعِينَ أو مِنْ غيرِهم، وبحالِ الهاجرِينَ قوَّةً وضعفًا، ويُنظَر فيهِ إلى المصلَحَةِ الشرعيَّة الرَّاجحةِ المتمثِّلةِ في تحقُّقِ ارتداعِ المُبتدِعِ وغيرِه بالهجرِ عن البِدعةِ، ووقايةِ الهاجرِ وغيرِه منها، وتقليلِ الشَّرِّ وتضيِيقِ مجراه، فإِنْ تَحقَّقَ مقصودُهُ غلَّبَ أَمْرَ الهجرِ في ردعِ المهجورِ وزجرِهِ وتأديبِهِ ورجوعِ المتأثِّرينَ بمِثلِ حالِهِ مِنْ عامَّةِ النَّاسِ.
وأمَّا إِنْ كانت مفسدَةُ الهجرِ راجحةً ولا تَزيدُ الشَّرَّ إلَّا اتِّساعًا ولا البدعةَ إلَّا انتشارًا، ويبعُدُ معها حصولُ المقصودِ مِنْ زجرِ المهجورِ وتأديبِهِ، كانَ التَّأليفُ أَوْلى مَقامًا وأنفعَ مصلحَةً مِنَ الهجرِ، على نحوِ ما جاءَ في المقاصِدِ المذكورَةِ مِنْ رسالتي: «ضوابطُ هجرِ المُبتدعِ»، ولا بُدَّ مِنْ مراعاةِ هذه المقاصِدِ لئلَّا يُفضِيَ الأمرُ إلى حظوظِ النَّفسِ والانتصارِ لها أو تركِها تسرح في أعراضِ الناسِ على هواهَا، أو تميِّع الثوابتَ وتُداهِنُ دون خِطامٍ ولا زِمامٍ، أو تَكيلُ بمِكيالَيْن مكيالٍ للموافق ومكيالٍ للمخالف "
الجواب عن الاعتراض على مراعاة المقاصد الشَّرعيَّةِ للهجرِ.
https://t.me/ferkous_06