كتابات وروايات فكرية شحرة @fekryaa Channel on Telegram

كتابات وروايات فكرية شحرة

@fekryaa


كاتبة وروائية

كتابات وروايات فكرية شحرة (Arabic)

تحتوي قناة 'كتابات وروايات فكرية شحرة' على محتوى غني بالأفكار والإبداع، حيث تقدم الكاتبة والروائية الموهوبة خلود أحمد قصصًا وروايات فكرية تأسر القلوب وتثري العقول. تعتبر خلود أحمد واحدة من أبرز الكتاب والروائيين في الوطن العربي، حيث تمتاز بأسلوب سلس وعميق يجعل قراءاتها تجربة ممتعة ومثرية. تتنوع كتاباتها بين الروايات الطويلة والقصص القصيرة، وتتميز بقدرتها على استعراض القضايا الاجتماعية والثقافية بشكل مبتكر وملهم. عبر انضمامك لهذه القناة، ستحظى بفرصة لاكتشاف عوالم جديدة مفعمة بالإبداع والعمق، وستكون على موعد مع كتابات تثير التفكير وتنير العقول. إذا كنت من عشاق الأدب والكتب الروائية، فإن هذه القناة هي الوجهة المثالية لك للاستمتاع بأفضل القصص والروايات الفكرية.

كتابات وروايات فكرية شحرة

08 Nov, 11:25


ضد النقاب
 
"صديقتي الحبيبة:
اليوم وأنا أخطو أولى خطواتي نحو هذا المبنى العظيم أخذتني الرهبة وأنا أراه فاتحاً جناحيه المهيبين لاعتناقي وبوابته الواسعة تفتح فاها مبتسمة لي ابتسامة مرحبة, بادلت هذا المكان الابتسام وشعرت أني سأضمه بين جوانحي يوماً كأغلى مكان, وأنه سيصبح بيتي الثاني وسكني لخمس سنوات طويلة فيجب على مزاجي أن يعقد مع كل أركانه صداقة طويلة حتى لا يضيق أحدنا بالآخر.
وأنا أتجول خلف مشرفة القسم مع عدد  من الزميلات ترشدنا بحنان مؤقت لمواقعنا في معركة التعايش مع أنماط مختلفة من الطبائع والأخلاق، شعرت أنني لست الوحيدة التي تفكر بالعودة من حيث جاءت, وأيضاً تتمسك بالبقاء حيث يجب أن تكون.
مرت الأسابيع الأولى في رحلة الاكتشاف والتعرف كأنني طفلة في عامها الأول تتعلم كيف تتذوق ما حولها وتبلع ما يجب بلعه وتلفظ الآخر, لقد تعرفت على زميلتيّ في الغرفة، فقد كنا ثلاثا نشترك في سقف واحد تخترقه أفكارنا المختلفة وقت الشرود لتعود أوقات المذاكرة وتناول الوجبات أو إعدادها..
زميلتي "حنان" فتاة مهذبة جدا وخجولة و محتشمة ومن عائلة معروفة وعريقة, لقد جاءت لتتعلم وتصبح شيئاً ذا بال يدعو للفخر.
أما "مايسة" الجريئة اللعوب فقد جاءت كي تتعلم فن الاستمتاع بالحياة كما تقول.
لم يكن يجمعنا سوى مظهرنا الخارجي، فكل واحدة منا ترتدي الحجاب اليمني مع النقاب والجلباب، وهذا في نظري يكفي، فكل واحدة لها عالمها الخاص واهتمامها السريّ..
أنت تعرفينني.. لقد كنت أعشق مراقبة الناس وفتح صدري خزانة لأسرارهم ومشاكلهم، وكنت أجعل محبة من حولي أكبر اهتماماتي، فكانت كل صديقة تبثني همومها وهي تثق في صدق حفظي لها.
وهنا بدأت معاناتي وانقلبت هوايتي إلى محنة, ولأنني أعرف أن لكل شخص قلبا يحتوي قلبه، وأنك القلب الذي يحتويني، وصديقتي التي أثق برأيها وصدق محبتها، فسأشكو إليك وأطلب النصح منك.  دمت لي أبداً, هند..
                                         
 
                                    ****
"عزيزتي: أنا سعيدة أنك وجدث في ذلك المكان الموحش أصدقاء غيري وأن الوحشة لم تسكن قلبك الجميل بعدي, كما أعرف أنك ستتغلبين على كل الأزمات التي قد تواجهك كطالبة في سكن داخلي وستمارسين هوايتك العجيبة في احتضان هموم الغير حتى تثقلي قلبك الجميل، ولأنك لم تخبريني بما ألمّ بك فأنا أرجوك أن تحاولي الاهتمام بك وحدك وتتركي الآخرين يهتموا بشئونهم.
دمت لي أبدا، نوال..
                                        ***
"غاليتي: تعرفينني! لو تركت العصافير الأشجار يوماً فإن الهموم ستتركني, إنني أبدو كقوة جذب طبيعية لها وكأنني مصدر ضوء لا تطير حوله سوى المشاكل التي تشبه الحشرات الكبيرة البشعة, فلا يمكنني وصف ما أنا فيه بحقل الفراشات. ولكن دعيني أقول لك كيف تحولت هوايتي بدور الأم الروحية للجميع إلى محنة لا أدري كيف أتصرف حيالها, إنهما رفيقتا الحجرة حنان ومايسة.
كما أخبرتك، هما متناقضتان في كل طباعهما واهتماماتهما، وهذا الأمر لا ضير فيه، فكل الناس تختلف وتعيش على اختلاف, لكن ما يؤلمني في هذا الأمر هو تصرف كل منهما نحو الأخرى، فحنان الخجولة المحتشمة ترى في مايسة الفجور والفسق وقلة الحياء والدونية, خاصة حين رأينا علاقاتها المريبة عبر الهاتف واتصالاتها مع أكثر من شاب من خارج الجامعة وتفاخرها بما تفعله مجاهرة دون حياء, يبدو الأمر منفراً لي أنا أيضاً, خاصة مع تعدد علاقاتها، فلو أنها أحبت شاباً حباً نظيفاً وارتبطت به روحياً لساعدتها في مداراة هذا الحب والحفاظ عليه من اللغط والكلام حين تأتي كل ليلة تقص علي مغامراتها الكريهة كأنها على كرسي اعتراف أمام الكاهنة الأم. في أحدى الليالي سألتها عاجزة عن الفهم:
_كيف ترتبطين بعلاقة حب مع أكثر من شخص؟
فأجابتني بسخرية عجيبة:
_ليس حباً، هي علاقات عابرة.
صدقيني لم أعد أفهم ماذا تقصد بالعلاقات العابرة؟ وكيف يتم عبورها من القلب هكذا وتنفذ منه دون أن تترك أثراً كما تترك الحروق؟ يبدو فيها الأشخاص وقد التقوا في حافلة في طريق ما, وتبادلوا أحاديث تافهة عن الطقس وأسعار البقالة، وقد يبدي أحدهم إعجابه بطلة الآخر وملابسه الأنيقة ثم ينزلون في أول محطة ويقول كل للآخر وداعاً, وتكون هذه علاقة عابرة.
تبدو مايسة عابثة بلا أخلاق، وكنت أضيق بحكاياتها، وأتمنى لو تعتقني من سماعها كل ليلة، لكن هذه ليست المصيبة الفعلية، بل المصيبة أن مايسة لا تسيء لنفسها فقط, بل لحنان أيضا، سأخبرك بالمصيبة في الرسالة القادمة فأنا لدي الأن محاضرة.. محبتك هند.
                                       ****
عزيزتي هند: لقد أثرت قلقي عليك فكيف لم تكملي القصة؟ وكيف تفتحين أذنيك وقلبك لمريضة القلب هذه؟ أي نوع عابث من الفتيات هي؟ أرى أن تؤدي واجب النصح لها فلربما تعتقد أنها مرغوبة من الشباب بهذه الطريقة ولا تدرك أنها ستبقى مجرد فتاة وضيعة سهلة في نظرهم.. محبتك نوال.

كتابات وروايات فكرية شحرة

08 Nov, 11:25


حنان أيضاً تأمل نتيجة جيدة للامتحانات، ففي الإجازة ستتم خطبتها لهشام. أما مايسة فهي تلك الطائشة كعادتها، وأشك أنها تبالي كيف تكون نتيجتها.. محبتك هند.
                                    ****
عزيزتي نوال: أكتب لك رسالتي هذه بالدموع قبل الحروف، فما حدث أعجزني عن الدراسة وعن الكتابة وعن التفاؤل بشيء.. لعلك تذكرين ما أخبرتك به من فعل مايسة وانتحالها لشخصية حنان في مواعيدها الغرامية بسبب ارتدائهما النقاب, ولم أكن أتخيل أن تنتهي القصة على هذا النحو المأساوي الذي آلت إليه.. لقد دخلت علي حنان هذا الصباح وهي تكابد سكرات وجع لم أشعر بمثيل له, كانت تبكي بحرقة يكاد دمعها يسلخ وجهها لتدفقه المحرق كالحمم, لم تكن قادرة على الكلام.. فقط البكاء بذهول وصدمة آلمتني حتى الموت..
حاولت تهدئتها كثيراً كي أعلم ما فعل بها هشام هذا، فأنا على يقين أنه هو سبب وجعها كما كان سبباً في فرحها وسعادتها, فأخبرتني من بين الدموع والدوار الذي ألم بها أنه نعتها بالساقطة وأنه لن يربط اسمه بفتاة مثلها.. لقد كانت كلمة تسقط لها النجوم من السماء.. كلمة مزقتها أشلاء كما تفعل القنابل في مدن جميلة, لقد قتلت حنان بكلمة.
نامت حنان، أو غابت عن الوعي, فقد كان الذهول والعجز يشل حركتي وتفكيري, فكرت أن أذهب إليه وأخبره بحقيقة الأمر، وقد فعلت..
استقبلني بابتسامة عريضة، وقد كنت أعرف أن الرجال لا قلوب لهم.. ربما يحبون النساء بعقولهم أو حتى بشهواتهم, أما قلوبهم فهي معطلة عن خدمة كهذه.. لم يكن وقوفي أمامه سهلاً وأنا أسرد قصص عام جامعي طويل عن زميلتا الحجرة عن حنان البريئة وعن مايسة وأفعالها، ولكم أصبت بالذهول وهو يقول:
_مع هذا يا أخت هند لا فائدة, لن آخذ كل شاب أخبرني قصته مع زوجتي لأحكي له عن الفتاة التي انتحلت شخصيتها.. لقد تلوث اسمها كثيراً، وهذا يكفي.
صديقتي نوال: لا أدري.. يبدو أن الرجال أيضاً لا عقول لهم.. لقد تركته بعد أن وعدني أنه سيعتذر إلى حنان ويطلب من إدارة الجامعة فصل مايسة, لكنه طلب مني إخبارها عن عدم رغبته بمواصلة العلاقة..
حين عدت إلى حنان أخبرها عن ذهابي لهشام كانت تبدو كزجاجة تناثرت على أرض الحجرة, كانت تلملم كتبها وأوراقها وملابسها في الحقيبة وهي ذاهلة كمن هبط إلى أرض لا يعرفها بعد أن حلق مطولاً في السماء.. وأنا أحدثها أحسست أنها لا تسمع أو ترى ما حولها, لكنها قالت بهمس خفيض كمن يحتضر:
_لا أريد اعتذارا يا هند.. لا أريد أن أرى هذا الذي قتلني مرتين.. حرمني منه وحرمني من نفسي, سأرحل الآن, أخي في الطريق لأخذي.
عزيزتي نوال: لقد رحلت حنان أو بقايا حنان، وفصلت مايسة من الجامعة.
لقد تغيرت كثيراً.. لم أعد أثق في أحد, لم أعد أسمع شكوى لأحد.. لم أعد أحترم الرجال، ولقد نزعت نقابي، وأعلنت حرباً ضد النقاب .
 
 
 
             
 

كتابات وروايات فكرية شحرة

08 Nov, 11:25


                                        ***
عزيزتي نوال: أنت لن تصدقي أن هذا لا شيء جوار جرمها الآخر, فكل مغامراتها مع الشباب تنتحل صفة واسم حنان وعائلتها المعروفة, خاصة وقد غدت تعرف عن عائلتها كل شيء.. تستغل النقاب الذي يغطي وجوهنا جميعاً فلا نُعرف إلا كلون أسود جماعي للناظر من بعيد.. تستفيد من هذا الرداء التنكري الذي يحولنا إلى مرتادي حفلة تنكرية في الظلام لا تُعرف شخصياتنا ولا يميزها الآخرون إلا عن قرب.. لقد كرهت هذا النقاب.. تمنيت أن أسير سافرة الوجه كي لا تنتحل أخرى ملامحي واسمى وتلهو بشرفي وتعود لا يعرف غيرها أنها ليست أنا.
لا أدري كيف أتصرف وقد عرفت بالأمر, فليتني لم أعرف حتى لا يتناوشني ضميري بكل هذا القلق والحزن. إنني كلما هممت أن أخبر حنان المسكينة وجدتني أشفق عليها من همها الآخر, فهي رقيقة القلب مغرقة في المثالية والملائكية ولقد أوقعها حظها الحاثر في مأزق قلب ومطب حبّ يكاد يهوى بها عن براءة..
لكن قبل ذلك دعيني أحدثك عن ذلك الأستاذ المعيد في جامعتنا والذي يجمع قلوب الطالبات بين أصابعه كأنها قطع سكاكر يتذوق ما شاء منها.. إنه هشام، شاب لا تنقصه الجاذبية الرجولية الساحقة، أو هكذا تراه أكثر الطالبات, أما هو فقد كان من الذكاء لكي يبدو بشخص الرجل المهذب المحترم الذي لا يقع في الزلل مطلقاً مهما كانت سبل الإغراء, فكانت سمعته في الجامعة محط شهادة الجميع بالنزاهة والشرف.
وعلى هذا أحبته حنان ذلك الحبّ الشاعري المسرف في البراءة, وما كانت تعي من حكايات البنات سوى عذاب الغيرة المحرق الذي تكتوي منه بصمت يثير شفقتي, فكيف أخبرها عن أفعال مايسة فوق ذلك؟
لعلك استنتجت أنني لا أظلم "هشام" هذا، فقد سبق وأن عرفت كعادتي قصة أو اثنتين تجعلني أثق أن لا نزاهة في الرجال فيما يخص النساء.. محبتك هند.
                                       ***
صديقتي نوال: انتظرت رداً منك أو تعليقا على ما أرسلت، لكنك ولأول مرة لم تسعفيني بنصائحك المنقذة, حتى إنني كدت أستنطق البريد وكأني لا أصدق أنه لم يأت برسالة منك, فلعل الذي منعك خير أو انشغال غير ذي بال, أما أنا فغارقة في هموم الغير ولا أريد أن أستوقف نفسي كي أسألها لماذا؟ في الحقيقة وجدت أن قلبي يترعرع في صدري حين أسقيه بالاهتمام بالآخرين وحل مشاكلهم, لكنني اليوم أجد نفسي عاجزة عن إيصال فهمي للحياة لمخيلة زميلتي حنان, هذه الفتاة الشفافة الروح كم يصعب اختراق روحها بقناعات تخالف واقع الحلم لديها, فلقد أصبحت ترى في هشام ذلك الرجل النبيل المترفع عن سفالات الرجال, وتأبى مني أي تقريب لها من حقيقة الواقع وأنه ليس هناك رجل شريف في هذا الزمن.
لا تقولي إنني أبالغ يا عزيزتي، فهنا –فقط- في مجتمع نسوي صغير كسكننا الداخلي تعرفين أن الذئاب في كل مكان تنتظر فقط إشارة من فريسة, أقول إشارة لأن هذا هو الفرق بين ذئاب البشر وذئاب الحيوان, هنا لا يأتي المفترس إلا برضوخ الضحية، ولا يقتل سوى قلبها ومشاعرها في مجزرة حب موجعة.
ربما لكثرة القصص الحزينة حولي كرهت كائن الرجل, كرهت كل فنون الكذب التي يجيدها ببراعة كي يسلب قلب الأنثى, ربما سأعاني كثيراً حين أفكر يوماً بالارتباط.. محبتك هند.
                                   ****
غاليتي هند: أنا الآن غاضبة من إسرافك أنت بسوء الظن بالرجال، وأخشى أن تفسدي عقل المسكينة حنان, لذا لا تتدخلي في قصتها, ولتتركي أفكارك المسبقة عن الرجل, ولا تنصبي له المشانق لهفوة أو هفوتين، إن هو إلا رجل.. ربما يجد الحب الصادق طريقه إلى قلب هشام فيكون مع حنان ثنائيا جميلا يستحق السعادة, لربما يرى فيها كل جمال الروح فتغنيه عن كل النزوات والهفوات، فالرجل دائما يبحث عن أنثاه هو وليس إناث الغير. محبتك نوال..
                                       ****
عزيزتي نوال: لا أدري ماذا أقول لك أيتها المنقذة الرائعة, ففي الأيام التي لحقت رسالتك الأخيرة استمعت لنصحك بشأن أفكاري الخاصة حول الرجال ولم ألقنها لزميلتي حنان، واكتفيت بالمراقبة فقط لتطور سير علاقتهما الرائعة.
وها هي حنان تحكي لي شطراً مما يقوله هذا "الهشام" الذي وجد فعلا في حنان ما لم يجده في أي فتاة أخرى, لقد ربط الحب بينهما ولم يتبق سوى الرباط الشرعي الذي يتوج جمال الحب, إنني أراها في الحجرة معنا ولا أراها بيننا فروحها محلقة في سماء أخرى، فما أجمل الحب يا صديقتي كيف يضفي على النفس جمالاً وإشراقا يكاد يضيء ألقه في النفوس, إنه شمس صغيرة يحويها صدر نابض بالعشق.. محبتك هند..
                                         ***
صديقتي نوال: أعتقد أن الأيام القادمة ستكون عصيبة علي، فستقل مراسلتي لك بسبب الامتحانات النهائية.. لا أريد في أول عام أن أتحصل على مجموع ضعيف, حتى إنني سأتوقف عن هوايتي في فتح خزائن قلبي لكل شاكية باكية لأتفرغ للدراسة فقط.

كتابات وروايات فكرية شحرة

01 Nov, 14:21


https://youtu.be/aJ5yKURxR1Q?si=yLRs_gir5dqmducr

كتابات وروايات فكرية شحرة

01 Nov, 07:46


https://youtu.be/OtNcgiI7NB8?si=zYWyYJBFJaEpRm91

كتابات وروايات فكرية شحرة

24 Oct, 18:22


قناتي على اليوتيوب

https://youtube.com/channel/UC-e_7YRYBcbn2jfJRtmRt0Q?si=K-_wETzRipLzWWW_

كتابات وروايات فكرية شحرة

01 Mar, 14:46


رواية قلب حاف - فكرية شحرة ط02.pdf

كتابات وروايات فكرية شحرة

06 Sep, 14:10


فأنا مرتبطة بعمل جيد في المدينة التي أقطنها حصلت عليه بمشقة كبيرة وهو كذلك يعمل في مدينته بوظيفة جيدة تتيح له مساعدة عائلته في الوطن.
ورغم شعوري أنه يكنّ في نفسه ذات الرغبة في الارتباط إلا أنه متردد لسبب لا أفهمه!
وكان عليّ كأنثى أن أشجعه لفتح الحديث حول علاقتنا كي ينهي تردده؛ لقد سيطرت عليّ فكرة الزواج التي كنت أستبعدها لسنوات من عمري.
أصبحت أرى شهادتي العليا ووظيفتي المرموقة إنجازا عاديا في وحدتي هذه وأرى النجاح الكبير أن يكون لي كل هذا ويكون لي عائلة أجتمع بها حول مائدة صاخبة بالضحكات وليس صوت ملعقتي الوحيدة في طبقي الوحيد.
نعم كبرت وصرت أثق الآن أن النجاح الذي يستحق الإشادة هو وصول الفتاة إلى أحلامها الشخصية ونجاحاتها مع تكوين عائلة تؤازرها وتمنحها حبها وتجعلها أولوية في اهتماماتها.
لا أستطيع أن أحترم سيدة تضحي بعائلتها من أجل طموحها أو فتاة تتنكر لواجباتها من أجل نفسها.
تحقيق النجاح علو يحتاج إلى جناحين تحلق بها المرأة هما عائلتها وطموحها.
المجد لتلك التي لا تضحي بأحدهما من أجل الآخر؛ المجد لتلك التي توازن التحليق بكلا الجناحين معا. من أجل نفسها أولا كي لا تمضي بين الناس مكسورة الجناح.
وكان لي ما أتمنى أخبرني "منير" عن رغبته في زواجنا لكن علينا أن نرتب وضعا يناسبنا معا دون تضحية قد تؤثر مستقبلا على زواجنا.
وفي أول إجازة سنحت سافرنا معا إلى الوطن وتقدم لخطبتي وصنعنا زفافا جميلا بحضور عائلته وعائلتي التي أسعدها تحليق عصفورة جديدة من فتيات الأسرة إلى عشها الجديد وكأنني لم أغب عنهم سنوات الدراسة وكأني أغادرهم الآن فقط.
وعدنا إلى الوطن البديل عقب الزفاف؛ وصار هناك طبقين للطعام وملقتين لكن الأجمل هو وجود شخصين معا يتحدثان طوال الوقت عن كل ما مرّ في حياتهما حتى التقيا شخصا واحدا.
وكانت المهمة الأصعب هي ترتيب وضع يناسبنا معا؛ بادرت أنا بطلب إجازة دون مرتب كي أنتقل معه إلى مدينته وفي شقته الصغيرة التي تشبه شقتي قضينا عاما من أجمل أعوام العمر فقد حل علينا في نهايتها عضوا جديد هو ابنتي " وئام"
في العام التالي أصبح الوضع صعبا مع ازدياد نفقاتنا وتخصيص جزء من راتبه لوالديه في الوطن.
حاولت البحث عن عمل في نفس المدينة فلم أجد عملا مناسبا وكأن الغربة تأبى إلا أن تخلص في تعاملها تلقيت رسالة حول إمكانية عودتي إلى عملي السابق وسافرت مع ابنتي على أن نلتقي بزوجي نهاية كل أسبوع حتى نجد حلا لهذا الشتات داخل الشتات.
سافرت مدينتي الأولى وعدت لشقتي الضيقة التي اتسعت في عيوني مع صوت "وئام" وهي تفرش ألعابها فلا تترك لي موطئ قدم.
رغم كل متاعبي وأنا أذهب بوئام إلى الحضانة في طريقي إلى العمل إلا أن عودتي مساء صارت مختلفة صرت أتحدث مع صغيرتي ماذا سنفعل حين يأتي والدها نهاية كل أسبوع وكم هو جميل أن يملأ البيت بوجوده.
في كل غربتي لم أشعر بعظمة أي نجاح كنجاحي في صنع عائلة                                        
 
 

كتابات وروايات فكرية شحرة

06 Sep, 14:10


عائلة
 
لشهور طويلة تعبت من عدّها لم أكن أسمع صوتي.
حتى أنه في يعض الأحيان كان يصدر مني صوت مرتفع كانفعال نحو أمر ما ألبث أن أقف له مفزوعة من مقعدي حين يصدم سمعي بشكل مباغت في صمت الحجرة الضيقة التي أسكنها.
أتناول وجبتي الوحيدة فيكبر في أذني صوت مضغي للطعام وخشخشة الملعقة في الطبق وأتذكر وجبات الطعام في منزل العائلة الكبير الذي لا يشبه هذه المساحة المربعة التي أسكنها.
الوجبات التي لا يمكن خلالها أن تسمع صوتك بين كل الأصوات المتحدثة في ذات الوقت بهدوء صاخب لن يفهمه من لم يعش في عائلة كبيرة.
أنا الآن أملأ منزلي الذي يتكون من حجرة صغيرة في ركن منها حاجز قصير كمطبخ وفي الركن الآخر حمام ضيق وأفتح نافذة المكان إلى شرفه صغيرة بعرض الحجرة؛ كانت الشرفة هي المتنفس الوحيد في هذه المساحة المخنوقة.
هناك ضيق فعلا لكن في غربة واسعة. وكنت أهرع إلى كتبي وأبحاثي كي أنسى أني وحيدة في زحام مدينة أوربية لا تتعرف على أحد.
يبدو أنني هربت أكثر مما ينبغي!
نعم هربت من قيود العائلة التي لا تنتهي؛ عائلة كبيرة لها تقاليدها الخاصة والعامة تنتزعك من خصوصيتك وتؤخر انجازاتك وأعمالك بمراسمها وأحداثها المتجددة وتفرض عليك نمط حياة لا تريده في قرارة نفسك.
كم أتعبني هذا الحال وكم أرهقني هذا الزحام لأسرتنا الكبيرة المتشعبة في ضجيج الإجازات والمناسبات والواجبات العائلية التي تبدأ من حيث تنتهي.
يمتلئ بيتنا الكبير بالصغار المزعجين والكبار المتطلبين فأنسى نفسي وطموحاتي وأحلامي الشخصية لذا قررت الهرب بعيدا.
كنت أحتاج إلى مساحة من الخصوصية ومسافة تفصلني عن تدخلات الجميع في كل شيء ابتداء بماذا أرتدي في المناسبة الفلانية وماذا أفعل في اليوم العلاني وانتهاء باختياري لشكل مستقبلي وماذا سأصبح.
كنت أحتاج لأخذ قرارات بمفردي؛ لإنجاز عمل وحدي مهما كان تافها!
أحتاج إلى مكان أرتب فيه نفسي كيف أشاء وأرتب أولوياتي أنا وليس اقتراحات الجميع.
وهاجرت للدراسة والتخصص تلاحقني الدعوات بالتوفيق والعودة إلى أحضان العائلة.
لكنني في قرارة نفسي كنت أتوق للانفصال والحياة بشكل مختلف دون ارتباطات الأسرة التي ملأت وقتي فلم تترك لي شيئا.
في بداية وصولي إلى هنا كنت استمتع بكل لحظة حرية دون التزام بواجبات أسرية فلا ضيوف ولا مناسبات ولا آراء في شؤوني الخاصة.
كنت أخرج وقت أشاء أطوف الشوارع منفردة استكشف ما حولي بلهفة.
في سبيل هذه الحرية رفضت زيجات اقترحتها الأسرة من رجال يعدون أحلاما لفتيات أخريات.
لقد رفضت لأنني بقبول هذا الزواج كنت سأضع حجر أساس حياة راكدة لا تختلف عن حياة أخواتي وعماتي وخالاتي وستكون الاجتماعات العائلية هي أجمل ما يحدث لي مثلهن تماما.
استمر هذا النعيم من الحرية شهورا فقط شهورا معدودة ثم زحفت الرتابة إلى حياتي ومعها غول الوحدة المخيفة.
وفي أول وعكة صحية عرفت ماذا يعني أن تكون وحيدا في غربتك بعيدا عن الأشخاص الذين يهتمون لأمرك فعلا.
ماذا يعني أن تمرض وتعرف أن لا أم ولا أخت ولا أخ سيطرق باب حجرتك ويسهر معك ليل مرضك. لا أحد سيعد لك الشوربة الساخنة أو يحكم الغطاء حول جسدك المرتجف.
لا أحد يدري بك أو أين أنت مهما حاول البعض فعل ذلك. لا أحد سوى قلوب أفراد عائلتك البعيدة المشتاقة الملتاعة لسماع صوتك المتعب.
كنت أشعر أن أبناء بلدي في غربتهم جزر نائية عن بعضها وأن ما نسمعه عن تلاحم أبناء الوطن الواحد هو مثل كل الشعارات المعلنة خال من الصحة. تعرفت على أصدقاء كثر لكنه تعارف لا يتجاوز زمالة عمل أو دراسة لا يمكن أن تتحول إلى رغبة في المشاركة لاهتمامات بعضنا البعض كما يفعل أبناء الأسرة الواحدة.
بقيت هكذا كما كانت تصور لي خيالات أمنياتي حرة دون ارتباطات أو التزامات لسنوات دراستي وكل علاقاتي سطحية لا أشارك سوى نفسي في غربتي.
حتى أرهقتني هذه الوحدة الطاغية واشتقت لزحام الأهل الذين يتحدثون لغتي ويهتمون لشؤوني.
كنت أهرع إلى أي تجمع لجالية بلدي كأني أعود إلى بيتنا الكبير وألتقي أسرتي الحقيقية. 
وفي وقفة احتجاجية ضد الحرب تقاطر لها أبناء الوطن من كل مدن المهجر. تعرفت على "منير".
أدركت أنه الشخص الذي أرغب أن نتشارك الحياة معا وكنت أخشى أنه لا يشعر نحوي هكذا خاصة أنه يعمل في مدينة أخرى غير التي أقطنها أنا.
لقد كان اهتمامه بي ذلك اليوم صادقا نابعا من حرص حقيقي كأننا نعرف بعضنا منذ الصغر أو أن علاقة أقوى تربطنا. كأننا من عائلة واحدة؛ هكذا شعرت.
ظل تواصلنا معا لشهور مغلف باهتمام ومحبة نقية من أي مآرب أخرى وفي أعماقي تتعالى رغبة ملحة أن نكون معا كعائلة فعلا.
لكن أمورا كثيرة تصّعب هذه الأمنية التي سيطرت على كل عقلي واهتمامي.

كتابات وروايات فكرية شحرة

09 Aug, 06:00


صارت روحي جدارا شاهقا في وجه التفاصيل الصغيرة للحياة؛
تقيد رضاها بالمستحيل في كل شيء؛ ترفض قبول القليل من أي شيء ..
كجدار زنزانة روحي هذه ..
أكتب عليها تأملاتي وانشرها على ذات الجدار كثوب لا تجف دموعه .
أشخبط عليه توقعاتي الحسابية لمتى ينقض جدار روحي الشاهق و ينهار على ذاتي المتأملة ؟

كتابات وروايات فكرية شحرة

18 Jul, 20:10


قال المسنون الذين خافوا كثيرا في حياتهم: أن الجن لا تملك الصبر الذي يملكون.
وقال الرجال من أبناء الأرض الذين يكابدون النصيب الأوفر من التعب: أن هذا سيمزق البلاد التي وحدها أبناء الرفعة بدماء الأهالي وستذهب دماء الأهالي بلا قيمة.
وقالت النسوة في البيوت: إن هذا جزاء عادل فلقد مات الكثير من أبنائهن على أيدي أبناء الرفعة ومن الجيد أن يذوقوا من نفس الكأس المرّة التي يذيقونها للأهالي في أصقاع البلاد.
قلق التجار على تجارتهم التي تمضي في طرق لا سُرج فيها وهم مثقلون بالضرائب لمجلس الرفعة. فقد يضطر الجن للسير فيها.
 وتأهب الجند لمعركة محتملة ضد عدو مجهول فقد اعتادوا قتال بعضهم البعض. وحدهم أبناء الفلاحين يحصدون الزرع بصمت وهم يبتسمون في وجوه الأهالي المرتبكين.
أصبحت الحوادث أكثر دموية ورعب وتطاير غضب أبناء الرفعة فكل يوم تقريبا يسقط أحد أعضاء المجلس أو العاملين فيه قتيلا بطريقة توحي بحقد دفين من قبل القتلة الذين لا بد يملكون قوة بدنية هائلة كي يضعوا رأس القتيل في بركة الوحل والروث بعد قتله.
لقد وقع في أيدي أبناء الرفعة كان الخوف فكرتهم المسيطرة لكنها ارتدت عليهم بقوة؛ والفكرة تسحق بالفكرة.
تناقل الناس حديث الرجل الذي تعمّر خمسة أجيال ورأى الموت مرات لا تحصى حتى أصبح له دراية في الموت وأسبابه قال: إن أبناء الرفعة توضع رؤوسهم وهم أحياء في الوحل والروث حتى الموت.
وأضاف بصوت لم يسمعه غيره: إنهم قلة مكروهة سينتهي نسلهم عما قريب فهم يتوارثون ذات الصفات الممقوتة منذ زمن طويل.
 
 

كتابات وروايات فكرية شحرة

18 Jul, 20:10


ثورة الجن
 
صاح الحكم بصوته الجهوري: الفتى الملقب بالوعل هو الفائز.
_الفوز لمن يملك إرادة أقوى مهما بدا لك ضعيفا يا ربيب النعم. حدث "وعل" نفسه وهو يرفع ذراعه علامة النصر متوسطا الحلبة التي امتلأت بالبشر والغبار الكثيف. لم يهتم لنظرات السخرية التي انطلقت كالسهام من عيني الوارد نحو المشجعين وأكف القائمين على المسابقة تتهافت على نفض الغبار عن ثيابه تاركين الوعل المعفر بالتراب.
السواعد التي حملت وعل فائزا حملت الوارد كأحد أبناء الرفعة.
حتى الاحتفالات التي توجت "وعل" توجت الوراد ليس لأنه في المرتبة التي تلي الوعل في السباق فقط بل لأنه من أبناء الرفعة والأول مكانة.
 في ديوان الحكم جلس الوارد على كراسي الرفيعين العالية فيما وقف الوعل يتلقى التكريم بين الجموع المحتشدة في الأسفل.
حدق الوارد في عيني وعل بابتسامة صفراء كأنه يقول له:
_مهما حاولت التفوق علي سأظل في مجلس الرفعة وأنت في جموع المحكومين.
وانفض الاحتفال المعتاد ليعود الناس إلى منازلهم بفخر النصر.
_ لماذا تركتني أتعب كل هذا التعب مادام الخاسر أفضل حالا ومكانة يا أبي. صرخ وعل في وجه والده عقب عودتهما إلى البيت. أجابه والده بحسرة:
_ لم يكن لك من حيلة إلا أن تفوز وما الفوز هذا إلا خسارة حقيقية لنا رغم التغني به. مقدرتك على جر الثور لا يعني إلا أنك ثور مثله.  
صرخ الوعل مجددا: لماذا تقول لي هذا؟
_ لأن هذا ما قرره الرفيعون منذ زمن طويل؛ هذه المسابقة تقام بين الأتراب منذ مئات السنين لتعلن أن كل شاب في هذه القبيلة أصبح مؤهلا للعمل في أحد مستويات القبيلة في الزراعة أو الرعي أو التجارة أو الحرف أو مجلس الحكم.  لهذا صار شعبنا عظيما منذ وحده الجد الأكبر للرفيعين وصارت القبائل المتناحرة قبيلة واحدة.
صاح الوعل مجددا: بل جدهم هم يا أبي جد الرفيعين من يشكلون مجلس الرفعة الذي يسن القوانين الظالمة أو التي في مصلحتهم فقط هو من نأى بهم عن أي عمل مرهق أو وضيع ليصبحوا عالة علينا وحكاما في مجلس الرفعة هم وحدهم. فهل جرب أحد منا أن يزاحمهم في المجلس هل فيه أحدا من غير أبناء الرفعة؟ كزّ الأب من بين أسنانه هامسا: كف عن هذا الكلام فجن أبناء الرفعة ينقلون حتى أنفاسنا إلى مجلس الحكم. أصر "وعل" على كلامه صارخا:
_ جاوبني يا أبي هل تصدر أحد الرعاة أو المزارعين أو الصيادين ليكون عضوا في مجلس الرفعة هل وصلت إحدى هيئات العاملين إلى المجلس؟
أجاب والده بهدوء:
_ كثيرا ما حاولت جماعات ذلك لكنهم قتلوا جميعا في إعدامات قانونية بسبب إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار. سبق وحاولت تجمعات كثيرة الاعتراض على نظام حكم أبناء الرفعة لكن ثوراتهم انتهت بعد مجازر لا معنى لها. وما الفائدة يا ولدي فحتى من تولى تسيير الأمور منا بأمر من أبناء الرفعة يصبح مجرد يد متسخة بظلم أخوته. ضحك الوعل مغتاظا:
_ لا تقل إعدامات قانونية إذا؛ لقد تم قتلهم ظلما حتى يكونوا عبرة لمن تسول لهم أنفسهم التفكير في هذا المجلس. يظن الرفيعون أنهم يملكون مصائر الناس لأن جدهم قام بتوحيد القبائل كلها لتكون قبيلة واحدة يملكونها هم. لست أفهم حتى الآن كيف نكون قبيلة عظيمة وأرض مترامية الأطراف وتطلق علينا تسمية جدهم " أرض الرفعة"! كأننا ملك عائلة الرفيع وهي تملك أرضنا وتملك مصائرنا؟
صاح الأب بهلع وهو يشيح بكلتا يديه:
_لا تقل هذا عن رفيع الشأن لقد كان أصلح أهل زمانه وأكثرهم عدلا وخيرا ولقد صنع الأعاجيب كي يوحد الأجداد في قبضة قوية كما نحن الآن. لولاه لتخطفتنا الشعوب حولنا قتلا واستعبادا. كل خير الآن بفضل الرفيع الأكبر يا ولدي.
لوى الوعل عنقه منصرفا وهو يردد: وهل هؤلاء الفجار هم ذريته يا أبي؟ لا يمكن أن يلد الصالح أبناء ملاعين وأنجاس كهؤلاء؟ ولا تخفني بالجن فحتى الجن كانوا سيرغبون في قيام ثورة ضد استعبادهم.
انصرف يهمهم والغضب يتصاعد داخله كالبراكين فيما والده يردد لنفسه قائلا: "نعم قد يحدث ذلك وقد ينجب أيضا الرجل الضعيف شابا قويا مثلك يا ولدي.
 
***
_لقد قضيت كل وقتي في السابق مع أبناء الرعاة والمزارعين والتجار وحتى الجند وأعرف جيدا كيف يفكرون وكم يكرهوننا لأننا أفضل منهم فقط.
لقد سمعت بأذني همهمات النقمة من بعض من تناسوا أن حب أبناء الرفعة واجب على أهالي هذه الأرض من أقصاها إلى أقصاها؛ كيف يتناسون فضل جدنا الأكبر الذي وحد القبائل على كلمة واحدة وقاد جيوش الجن والإنس ليصنع لهم مجدا. كيف تناسوا كرامات نسله من بعده لست أفهم يا أبي.
 لقد صنع لنا هوية عظيمة بين القبائل والأمم تؤمن بهذا الحق وأصبحت القبائل التي كانت متناحرة يضمها مسمى واحد. لكن هناك من يجحد فضلنا هذا يا أبي بل ويسعى لانقلاب على مجلس الحكم الذي ارتضاه الله للشعوب كلها. أعرف هؤلاء المنافقين كيف تسول لهم نفوسهم بث الاحتجاج والاعتراض على قوانين أرض الرفعة وينبغي أن يقطع أثرهم حتى لا يستفحل أمرهم.

كتابات وروايات فكرية شحرة

18 Jul, 20:10


تبسم رئيس المجلس برضى وهو يرى قوة ولده "الوارد" وشدته في الحفاظ على ملكهم.
قال بيقين كبير: أنا أطلق يدك يا ولدي في شئون الحكم الخفية لتفعل ما تراه صوابا فهذا ملكك أولا وملك أبناء الرفعة جميعا.
أطلق الوارد ضحكة انتصار وهو يقول:
_لا تقلق من شيء يا أبي سأعرف كيف آتي بهم جميعا بوسائل لا تخطر على بالهم ولا تثير سوى الرعب الصامت في قلوب الآخرين لا تنسى أن من كرامات أبناء الرفعة سلطتهم على الجن.
***
تحلق الرفاق الثلاثة حول نار أشعلوها لشي الجراد الذي يشكل وجبة لذيذة لدى الرعاة والمزارعين من صغار السن. ضحك "القبس" مستفزا الرابض:
_ لولا قانون إطفاء سرج الطرقات مساء ما حظينا بقدوم الرابض وإشعاله النار مبكرا قبل مجيئنا كل ليلة. زمجر الرابض بغضب:
_ هل تظن الرابض مثلك يخاف الجن وهم أشد ضعفا من الأنس؟
أجابه القبس هازئا: وكيف عرفت أنهم أضعف من الإنس يا ضخم الجثة؟
رد الرابض بثقة: ما داموا يخافون أن نراهم فتطفأ السرج من أجلهم فهم أضعف منا.
وما دام أبناء الرفعة يتحكمون بهم فيرسلونهم جندا على العصاة فهم أسوأ منا.
رفع القبس حاجبيه دهشة لتبريرات الرابض قائلا:
_تتحدث وكأنك رأيت كتائب الجن في معارك الرفعة. فهمس الرابض قائلا بقلق:
_ رأينا أفعالهم في المتمردين بعد أن يزورهم الجن في الظلام. امتعض القبس من الرعشة المنبعثة في صوت الرابض وأشاح بوجهه.
ظل "وعل" صامتا مستلقيا على شقه أمام النار ومتأملا في اللهب الذي انعكس في عينيه فقال صديقه الرابض بأسى:
_لا فائدة الليلة من المرح أو مجاذبة الحديث فوعل مستاء وغاضب من ذهاب الوارد إلى مجلس الحكم كأحد أبناء الرفعة فيما هو ذاهب في الغد لحمل المحراث. ضحك القبس وهو يقول من بين أسنانه مستفزا وعل:
_ كان الأولى أن يذهب وعل إلى مجلس الحكم وابن الرفعة يكون هنا بيننا كالعادة. انتفض وعل قائلا:
_ نعم ولمه لا؛ أليس مثلنا وتربى بيننا وكنا نلهو ونلعب ونأكل سويا فلماذا علينا أن نكون تحت حكمه وخدمته الآن وما الميزات التي تفوق بها علينا سوى أنه أكثركم كسلا؟ رد عليه الرابض بثقة كبيرة:
_ لقد اختار الله أبناء الرفعة للحكم فهم أصحاب فضل على كل القبائل الأخرى. صرخ الوعل من بين أسنانه غاضبا:
_ أي فضل لهؤلاء اللصوص وهم يسرقون جزء من رزق كل فرد في القبائل كلها؟ ماذا فعلوا كي يكون لهم الفضل؟ لا تقل الجد الأكبر وحد القبائل وأعلى شأنها لو كان هنا لتبرأ منهم ولسلخ جلودهم على صلفهم وفجورهم. إنهم يعتاشون على ظهورنا ونحن أشبه بعبيد لهم؛ لا يتركوننا نختار حياتنا أو نقرر ماذا نكون. لماذا يحرم علينا أن نصبح في مجلس الحكم؟ ولماذا لا يثور الناس على جور حكمهم. قال القبس بصوت مكبوت:
_لقد تعب الناس من الفوضى وإراقة الدماء؛ لقد ذهب من أبناء الأرض الألوف والمئات من أجل توسع سلطة أبناء الرفعة وضم الأراضي والقبائل. تعب الناس حربا وجوعا وأصبح مخرج السلام تحت حكمهم حلا لوضع يبدو أسوأ.
ضحك الوعل قائلا: ومن قال لك أنهم سيكتفون من أحلام التوسع والسلطة؟ لعلنا نأخذ أنفاسنا بضع سنوات بعد استتباب الأمر لهم على أراضينا في هذه البقعة وسيبدؤون قتالا جديدا بنا وبأرواحنا. ألا ترى كم يهتمون بتجنيد الشباب من مختلف القبائل؟ قال الرابض وهو ينكش النار التي أوشكت أن تنطفئ:
_ وماذا عسانا نفعل نحن وأمثالنا ممن يكره أفعال أبناء الرفعة إن أي معترض ستتخطفه الجن ليصبح مصيره الموت شنقا أو الدفن حيا في السجون؛ إن أخبار أي تمرد أو اعتراض تصل مجلس الرفعة قبل قيام المعترض من مجلسه. _قال ذلك وهو يتلفت يسارا ويمينا فقال القبس وهو يستوي جالسا في مواجهة نظرات الوعل:
_وهل يستحق العبيد من أبناء القبائل أن نضحي برؤوسنا من أجلهم في ثورة؟
انتفض وعل وقفا وهو يقول:
_ لا فائدة من أي انتفاضة ضدهم فنحن نعرف مصيرها لكن هناك طريقة لتقويضهم وإدخال الرعب في قلوبهم؛ والخلاص منهم أيضا؛ سنجابهم بذات الفكرة التي هيمنوا بها على الناس. بحلق فيه الاثنين معا وهما يسألان في ذات اللحظة:
_ وماهي؟ همس "وعل" مبتسما:
_ الجن.
****
 في لجة الظلام الحالك حين تطفئ السُرُج بأمر مجلس الرفعة تحصل الأحداث الدامية التي بدأت بحادث عرضي ثم تحولت إلى حوادث منظمة تقشعر لها الأبدان دون أن يرى أحدا فاعلها!
الآن عمم المجلس قرارا ببقاء سُرُج الطرق التي يسير فيها أبناء الرفعة مضاءة فلا تنطفئ حتى تشرق الشمس ومع هذا ما زالت تحدث تلك الجرائم الغامضة المرعبة التي ظهر أنها تستهدف أبناء الرفعة خاصة وعمالهم المخلصين.
تهامس الناس في فائدة مثل هذه الأعمال التي تثير البلبلة والفوضى وتمزقت آراءهم في كل منحى رغم أنهم جميعا في قرارة قلوبهم يبتسمون في تشفي صادق وملامحهم تظهر الحزن والقلق من المصير المظلم لأرض الرفعة.

كتابات وروايات فكرية شحرة

18 Jul, 13:35


في قلوبنا زوايا معتمة ..تضيئها الكلمة الصادقة ..
الكلمات مفاتيح القلوب مغاليقها؛
رب كلمة عابرة فتحت قلبا على مصراعيه وأخرى موجعة اوصدته إلى الأبد .
أي عطاء بشري بلا مقابل ينفذ؛ حتى المشاعر الجياشة تموت من طرف واحد .
لا تتركوا قلوب أحبتكم أرض جرداء تتصخر قسوة وازرعوا كلمات الحب والاهتمام فيها فإنها تثمر حبا متبادلا ..
تقايضوا حبا واهتماما نقيا ..
فالحب نبت يسقى لينمو ..احسنوا لأبنائكم يبروكم ..وأطيعوا آباؤكم يرضون عنكم ..وقولوا لمن تحبون عن حبكم .
لا تتركوا حصي الكلمات القاسية تتراكم جبالا تعزلكم عن بعضكم
وتذكروا حين يعجز العشاق عن تبادل القبلات فأنهم يتبادلون الصفعات ..
إنما لا تغرسوا كلماتكم في الصخر؛ إن الصخور لا تنبض كالأرض ..
ولا تزرعوها في قلوب سطحية فيجرفها النسيان ..
وأحبوا أنفسكم وكبريائكم أولا ..فمن لا يحب نفسه لن يجدها جديرة بجمال الحب الصادق .

كتابات وروايات فكرية شحرة

11 Jun, 12:13


نص من كتابي الرجل بعيون أنثى بصوت المبدعة ملاك أمين..

كتابات وروايات فكرية شحرة

06 Jun, 07:16


حين تنكسر صورة شخص أمامك لا تحاول إصلاحها في خيالك أبدا..
سنتنج صورة مشوهة لكائن يورق خيالك فقط!!
صباح الخيرات.

كتابات وروايات فكرية شحرة

25 May, 14:07


لعل أكبر مشكلة نواجهها في هذا العصر، ولا نلقي لها بالًا، أو اهتماما كافيا، رغم أنها تجتاح مختلف الأعمار، وآثارها تتفاقم كل يوم؛ هي معضلة "الإدمان"؛ وتكمن خطورتها من كونها تصبح أمرا اعتياديا!!..

ليس إدمان الأشياء والعلاقات، كما في الزمن الجميل؛ بل إدمان المواقع والإنترنت، وإدمان المشاكل والأزمات، وأخبار العاجل فيها!..

وكأي إدمان، تحدث الأضرار التي تفتك بالصحة النفسية والبدنية والمالية، وتفسد الحياة، وأسلوب التعامل مع الأسرة والمجتمع من حولك..

أصبحنا كأنما نختفي داخل فقاعات نفسية خاصة بنا؛ هي روابط صفحاتنا ومواقعنا، أو أجهزتنا الشخصية، دون أن نختلط بالآخرين فعليا. وعند أي صدام، يفسد جو هذه الهالة، يحدث الانفجار..!!

إدمان الأجهزة ومواقع التواصل، أصبح حالة مرضية تكتسح كل فئات العمر. فحتى الأطفال أصبحوا يدمنون مشاهدة الأنمي، وألعاب الفيديو، إلى درجة تعجز معها حلول الأهل لإحلال بديل، أو إحداث توازن طبيعي..!

ولا يعد الوقت، الذي تقضيه على الانترنت، قياسا لإدمانك؛ بل مدى أهمية وجوده في حياتك؟؛ وهل أنت قادر على الاستغناء عنه دون الشعور بهلع الاحتياج؟!

ما تكفله منصات التواصل، من التقدير النفسي للأقوال والآراء، يعد إدمانًا، من أجله تنحرف البوصلة لدى الكثير، أو ينحرف الشخص بأكمله كي يلفت الانتباه لوجوده؛ سواء بادعاء المثالية المفرطة، أم الانزلاق لمخالفة العقل!.

فهرمونات السعادة المعروفة، كـ"الدوبامين" و "السيروتونين" و"الإندروفين"، يحفزها هذا السباق نحو الإعجاب، وتقدير الآخرين، والثقة بالنفس التي تنتج عن ذلك.

من جهة أخرى، أصبحت مواقع التواصل تعمل على تغذية الشذوذ النفسي، وتفسح المجال لحدوث كثير من الممارسات النفسية الغريبة والشاذة، تحت رعايتها ومظلتها.

أصبحت مواقع التواصل عالم قائم بذاته، على بعدٍ افتراضي تحولت فيه كثير من الأخلاق إلى صفات افتراضية فقط، وأصبح الأحمق يُداري فيها حماقته، والفاسق يُداري فجوره..!!

وكثير من القامات المعرفية، والمواقع الهادفة، تتوارى خلف ركام التفاهات، وسطوع مواقع لمرضى الفضول اللفظي والمرئي..

كل هذا، لا يلغي الجانب المهم والخطير، الذي تشكله مواقع التواصل والانترنت، بشكل عام، في تشكيل العالم مستقبلا. ومراوحته بين كفة التفاهة، والسمو، هو نزال طبيعي حاصل في كل مناحي الحياة.

وفكرة وضع الحلول لمعالجة حالة الإدمان، لا تقتصر على التقليل، أو البعد عن هذه المواقع؛ بل محاربة مواقع التفاهة بالتجاهل والمقاطعة..

ولعل هذا هو الجانب الأصعب عند من يعانون الفضول المفرط نحو كل عبارة تصطادهم.