ابتسمت:
-اتطلقت.
-يعني عملتي اللي في دماغك برضوا.
-اه.
قالت بعصبيه:
-طالق وأنتِ في السن ده!
-مش فاهمه؟ إيه المشكله في إني أطلق وأنا عندي في السن ده؟
صوتها علي:
-عارفه يعني إيه أصلاً بقيتي مطلقه؟ أنتِ مش مستوعبه اللي أنتِ فيه يا جميلة.. مش مستوعبه اللي جاي هيكون عامل إزاي.
قعدت، بصيت لماما بهدوء، وابتسمت:
-يعني إيه بقيت مطلقه؟ خايفه علي شكلك قدام الناس وإن إزاي بنتك اللي لسه مكمله ال ٢٥ واللي لسه متجوزه بقالها سنه ترجعلك مطلقه،صح؟
بصتلي ومعملتش أي رد فعل،كملت:
-المطلقه دي ست عاديه جدًا مفيهاش أي عيب خالص دخلت تجربه ولقت إنها مش شبها، تجربه فشلت فيها وبس فَـ قررت تطلق، والمطلقه مينفعش توقف حياتها خالص من حقها تعيش وتكمل حياتها عادي وندعمها ونشجها ونقف جمبها وتكمل عادي كأن مفيش شئ حصل.. أنا مبقتش منبوذه ولا بقيت عـ ـار علي المجتمع خالص، هاخد بريك من كل اللي حصل ده وهقوم من تاني أشوف حياتي وأكمـل، هتعلم من تجربتي وبس.
قمت وقفت، مسكت شنطه هدومي اللي جيت بيها، ابتسمت لماما:
-هدخل اغير وأنام شويه، ونرجع نتكلم في كام حاجه كده.
هزت دماغها بهزيمـه وسرحت في اللاشئ، كملت مشي لأوضتي، وقفت عليا باب الأوضه وبصيت ليها بصه سريعه مع ابتسامه هاديه سبت الشنطه علي الباب وبدأت أمشي بإيدي علي الحيطه وعلي المكتب وعلي الديكور اللطيف اللي كُنت عامله قبل ما أمشي من هنـا، قربت فتحت باب البلكونه واتنفست بهدوء مع نسمه الهوا اللي زارت قلبي.. قلبي اللي هدي بوجودي هنـا.. وروحي اللي حست بالسلام وإنها أخيرًا هترتاح، بصيت للزرع اللي دبـل بسبب إهمالي له الفتـره الأخيـره، خدت نفس قوي وأنا بدخل من البلكونه وبقفلها، مشيت بخطوات بطيئه ناحيه المرايه فـَكيت حجابي ومسكت منديل بدأت أمسـح الأثر الخفيف بتاع الميكب وظهرت أثار الجروح والكدمات، بصيت لملامحي بحـزن علي اللي وصلتله بسبب جوازي.
-لقيت شغل، هنزل اعمل انترڤيو وهشوف الدنيا هترسي علي إيه.
حولت نظراها من التلفزيون ليا:
-بالسرعه دي قررتي هتعملي إيه؟
-مش سرعه ولا حاجه يا ماما أنا داخله في الخمس شهور وأنا بتعافي وبحاول ارجع طبعيه زي الأول، ومتقلقيش الناس مش هتتكلم ولو اتكلمه يعني يتكلمه عادي كلامهم مش مهم عندي ولازم عندك يا ماما يكون كده، ليه نعمل حاسب لكلامهم طول ما إحنا مبنعملش حاجه غلط وتغضب ربنا، ومن إمتا والناس بيسكتوا يعني يا ماما، هيشاوره عليا ويقوله شوفوا اللي اتطلقت وكملت حياتها عادي اهي يقولوا عادي معنديش مشكله، بس أنا هكمل حياتي عادي جدًا يا ماما.
طبطبت علي كتفي:
-اللي يريحك اعمليه يا جميلة، وخلي بالك علي نفسك أهم حاجه، وربنا يوفقك.
-ماما وأنا داخله العماره شوفت مصطفي خارج منها، هو في إيه؟
--مصطفي كان هنا وطالب فرصه تانيـه، بيقول إنه ندمان جدًا و...
قاطعت كلام ماما وأنا بضحك بصوت، بصتلي باستغراب وفضلت مثبته عينها عليا، بطلت ضحك:
-ندمان! وفرصه تانيه!
رجعت خطوتين لورا، وبصيت لماما:
-وأنتِ رأيك إيه ياماما؟
حطت السلطه في التلاجه ورجعت بصتلي تاني:
-هو ندمان وطالب فرصه تانيه إيدهالوه، يمكن فعلاً يكون اتغير وحس بقيمتك.
-والله! أرجع لمصطفي تاني ده أنا مصدقت عرفت ابعد عنه وأطلق منه هروح لسجني تاني بإيدي، ياماما انتِ متعرفيش حاجه عن اللي كنت بعيشه هناك، إهانات وضرب وحجات بشعه خالص يا ماما.
جسمي بدأ يرتعش، وأنا بجمع ذكريات وحشه أوي:
-أنا داخله الأوضه، ومفيش رجوع لمصطفي يا ماما، ولا سيرته هتتفتح تاني أبدًا في البيت ده.
دخلت أوضتي وأنا بخبط الباب بعصبيه، قعدت علي أول حاجه قبلتني، خدت بوق مايـه، وحضنت نفسي وأنا حاسه بالهزيمه وأحاسيس وحشه خالص.
-أنتِ مجنونه صوتك بيعلي عليا أنا؟
اتنفسدت بهدوء:
-مصطفي أنتَ شايف تصرفاتك معايا عامله إزاي؟ جاي تعلق علي صوتي العالي ما طبيعي يأخي صوتي يبقي عالي طبيعي أبقي كده.
قربت منه ورفعت عيني في عينه، ووقفت بكل ثبات:
-ضرب وشتيمه وإهانات ونقول نِدي فرصه، واعاتب وتقولي مش عارف إيه وتقول مبررات متدخلش دماغ عيل صغير وأكبر وأعدي بدماغي علشان؛ أناعايزه اعدي وأخلي الدنيا تمشي، بس لأ لحد هنا وكفايه طاقتي خلصت معاك خالص ومعنديش زرة طاقه ليك تاني خالص يامصطفي، طبيعي الرُز يطلع مش مظبوط لو مره،طبعيي أنسيٰ أكوي قميص،طبيعي تروح عليا نومي، إيه مش أنا بشر فـَ البشر طبيعي يغلط.
حطيت إيدي علي خدي مكان القلم اللي لسه نازل علي وشي منـه:
-فاكر إنك كده راجل ومفيش منك اتنين علشان؛ بتمد إيدك عليا؟
رجعت خطوتين لورا وأنا في زره خوف زارت قلبي من شكـل عينه، تجاهلته وكملت: