تاريخ الإسلام (الجديدة)

#فتاوى_السيرة
314) مَن هم الذين خَلَّفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن غزوة بدر، وما أسباب تخليفه لهم؟
الجواب: لا خلاف بين أهل العلم بالسيرة النبوية أنّهم ثمانية، وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لهم بسهامهم وأجورهم في تلك الغزوة المجيدة الخالدة، وهم: ثلاثة مِن المهاجرين:
الأول: عثمان بن عفان خلَّفه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على امرأته رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة فأقام عليها ممرضًا حتى ماتت.
الثاني والثالث: طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحسسان خبر العير.
وخمسةٌ مِن الأنصار وهم:
الأول: أبو ‌لُبابة بن عبد المنذر الأنصاري، أحد النقباء ليلة بيعة العقبة الثانية المجيدة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف عبد الله بن أم مكتوم يُصلى بالناس في المسجد النبوي، فلمّا وصل صلى الله عليه وسلم بجند الإسلام إلى الرَّوحاء وبلغه خروج جيش النفير من مكة؛ لإنقاذ العير، وبدأت تلوح في الأفق إفلات قافلة العير التي كانت الهدف الأول لخروجه صلى الله عليه وسلم بجند الإسلام؛ لأخذ الثأر من كفرة قريش الذين سلبوا المهاجرين أموالهم... وبدأت تلوح طلائع اللقاء العسكري بين جند الله وبين أعداء الله.. هنا ردَّ سيد الحكماء صلى الله عليه وسلم أبا لبابة أميرًا على المدينة؛ لأهمية ضبط شؤون الناس في عاصمة جند الإسلام، ولأن المسافة به صلى الله عليه وسلم وبمن معه ستبعد من المدينة، والمدة ستطول، وهذا ما كان بعد ذلك، فقد كان اللقاء بجيش النفير في بدر التي تبعد عن المدينة مئة وخمسة وخمسة كيلًا.
وحاشا لأفعاله صلى الله عليه وسلم أنْ تخلوا عن حِكمه.
الثاني: عاصم بن عدي العجلاني استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرًا على أهل العالية في المدينة.
الثالث: الحارث بن حاطب العمري رَدّه صلى الله عليه وسلم مِن ‌الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم.
وهذا مِن بالغ حرصه صلى الله عليه وسلم على ضبط الأمن وتمام السكينة في عاصمة جند الإسلام المدينة المنورة، وغالبًا ما تدب الخلافات في غياب القائد الأكبر، ويستغل أهل الشر ذلك الغياب لبث الخلاف في صفوف الناس، والله غالب على أمره، وصلى الله على سيد الحكماء بكرة وعشيًا.
الرابع: الحارث بن الصمة كُسِرَ بالرّوحاء.
الخامس: خوات بن جبير كُسِر أيضًا.
أمّا بقية الصحب الكرام رضي الله عنهم فلم يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج لهذه العير كل جند الإسلام، وإلا لاستجابوا رضوان الله عليهم، وإنما اقتصر على من كانت راحلته حاضرة!
قال صلى الله عليه وسلم: «إن لنا طلبة، ‌فمن ‌كان ‌ظهره حاضرًا، فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهر لهم في علو المدينة قال: لا إلا من كان ظهره حاضرا» أخرجه مسلم.
ولذلك لم يعاتب صلى الله عليه وسلم أحدًا تخلف عن غزوة بدر، وعليه: فلا يذكر من تخلف عنها من الصحب الكرام إلا بالجميل.
قال كعب بن مالك رضي الله عنه: «لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب أحد ‌تخلف ‌عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد»أخرجه البخاري ومسلم.
ولله در السيد الشريف المطاع دوحة المكارم سعد بن معاذ حين اعتذر لمن لم يخرج في غزوة بدر فقال: «يا نبي الله. ألا نبني لك عريشًا، فتكون فيه، وننيخ لك ركائبك ونلقى عدونا، فإن أظهرنا الله عليهم فذاك، وإن تكن الأخرى فتجلس على ركائبك وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام ‌ما ‌نحن ‌بأشد ‌لك ‌حبًا ‌منهم، ولو علموا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، ويوادونك وينصرونك».
فتدبر كيف أنصف الغائبين، واعتذر لهم بحسن نية وطهارة طوية، ولم يستأثر بالنصرة والجهاد دونهم، ويستغل غيبتهم، فيتحطط عليهم، ويتهضمهم حقهم، ويغمطهم فضلهم.
رضي الله عن الصحابة الذين نثروا دماءهم الزكية تحت لواء خير البرية صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته كانت حياته امتدادًا لحياته صلى الله عليه وسلم.. فساحوا في الأرض يبلغون رسالته، بألسنتهم الهادية وأسيافهم الناصرة.

من فتاوى الأسدي.

مقطع صوتي

قال العلّامة محمود شكري الآلوسي عن ابن قيم الجوزية:

«وقد كان من أجلّ تلامذة الشيخ وأصحابه، وأدرى من غيره بشؤونه وأحواله، ودرجته من علم اليقين وبلوغه مقام المجتهدين الأعلام.
وبالجملة: إن ابن القيم نفسه كان حسنة من حسنات ابن تيمية وهو ذلك العالم الذي سارت بذكر فضائله الركبان».

(غاية الأماني في الرد على النبهاني ٢/‏١٧٣)📚

[في شرف نيسابور ومكانتها العلمية]


"وقد كانت نيسابور من أجل البلاد وأعظمها لم يكن بعد بغداد مثلها، وقد عمل لها الحافظ أبو عبد الله الحاكم تاريخا تخضع له جهابذة الحفاظ وهو عندي سيد التواريخ"

التاج السبكي