هناك أشخاص كثيرون وجدتهم في حوزة النجف الأشرف يحملون ثقافة جميلة تتجاوز الوضع السائد، كما وجدت كثيرا منهم لديهم حسّ أخلاقي عال، ويقومون بخدمات انسانية، لكن لا أحد يعرفهم.
قبل أشهر التقيت بأحد طلبة العلم من أهالي السماوة، وهو شاب لطيف المعشر وإن كان يبدو عليه التعب والجدية وهما متلازمان. تفاجأت عندما علمت بأنه مهتم بالآثار وأنه يقوم بجولات في محافظات عراقية ليوثق اهم المعالم التاريخية والاثارية في كل محافظة، ويكتب عنها ويصورها، وأن الأمر كما قال يحتاج سنوات كثيرة من العمل. سألته عن عدد المواقع التي حددها وصورها في محافظات العراق، فقال لي: أقل محافظة في العراق من حيث الآثار هي محافظة واسط، قلت له: كم موقع أثري فيها؟ قال: 500 موقع!! استغربت مما قال وسألته: أقل محافظة فيها هذا التراث، إذن كم المواقع في محافظة ذي قار؟ فأجابني: أكثر ما يوجد في ايطاليا وفرنسا مجتمعتين!!
الاعلام العراقي اعلام يحتاج الى الكثير لينضج، وهو في العادة يسلط الضوء على أسوأ النماذج. لا يوجد مجتمع لا توجد فيه نماذج تافهة او فاشلة، لكن العجيب ان يتحول التافه الى رمز وشخصية عامة تجد من يعجب بها ويحترمها. بل وصل الامر الى ان تتم استضافته في لقاءات اعلامية ويسأل عن آرائه في الفقه والعقيدة والمجتمع، وغير ذلك. وواقعا فإن الاعلام يرتكب جريمة اخلاقية ومهنية معا عندما يروج لأشخاص تافهين، ويدعم دجلهم وكذبهم، وكان يفترص ان تتم محاسبتهم على المحتوى الهابط او المحتوى الطائفي بدل تحويلهم إلى نجوم مجتمع يحتضر.
عز الدين البغدادي