قدم ذات يوم صديق من أعز أصدقائي إلى بيتي قادماً من مدينة أخرى , رحبت به و هللت . .
قال : أريد ضيافة قندهارية و ليست كابولية !! , فلما ظهر على وجهي الإستغراب , قال : سأنظر في ضيافتك و أحكم ..
بعدما أقام عندي ما شاء الله , هم بالمغادرة , فقلت :على رسلك ما نوع ضيافتي ؟ قال : قندهارية , قلت : ما الخبر .. ؟
فحدثني قائلاً : سارت قافلة للحج من أفغانستان (منذ عشرة قرون !!)و كان من ضمن أفرادها رجلين أحدهما من كابول و الآخر من قندهار و لم يرجعا من الحج إلا و بينهما من الود و الصداقة الشيء الكثير ..
و ذات يوم زار القندهاري الكابولي , فأغلق الأخير دكانه و شمر عن ساعديه , و أقام مأدبة عظيمة دعا لها الوجهاء من كابول إكراماً لضيفه.. فلما أراد القندهاري المبيت سأله صديقه عن الضيافة , فقال : لا بأس! و لكن ليست ضيافة قندهارية , و لما كان من الغد أعد الكابولي و ليمة أكبر من السابق و دعا لها و جهاء أكثر .. لكن رد القندهاري لم يتغير , و تكرر الوضع في الليلة الثالثة ..
فأظهر الكابولي الضجر , و قال : ليس لدي أكثر من هذا , فرد عليه القندهاري : إذا أردت ضيافة قندهارية فتعال إلي ..
و مضت الأيام و إذا بالكابولي يحل ضيفاً على صديقه القندهاري , فجاء إليه في دكانه فرحب به و قدم له (شايا بالحليب !)و ظل يعمل في دكانه , فلما حل المساء دعاه إلى بيته , و قدم له كما يذكر (فولاً و تميساً) ..مضت الليلة الأولى و الكابولي ينتظر الضيافة القندهارية , و مضى أسبوعان و القندهاري لم يغير شيئا من نظامه (شاي بالحليب في النهار , و فول و تميس بالليل), عندها واجه الكابولي القندهاري , أين الضيافة القندهارية التي فضلتها على ضيافتي ؟ فرد القندهاري : لا أجادلك أنك قدمت لي الكثير , أغلقت دكانك و تفرغت لإعداد مأدبة فاخرة , لكن كنت ضيفا ثقيلا عليك , فأنت لا تستطيع أن تضيفني مدة طويلة , لكن ضيافتي لك غير متكلفة , لم أغير برنامجي اليومي و لم أثقل على نفسي , لذلك تجدني قادراً على ضيافتك مدة سنة دون أن أضجر من ذلك ..
فقبل الكابولي رأس القندهاري و رجع قافلاً إلى بلده ..
علقت : يذكر عن سفيان الثوري أنه قال : ما تقاطع الناس إلا بالتكلف .. فالمبالغة في الضيافة سبب في ضعف التواصل الاجتماعي ..