*بقلم: محمد يوسف شامية*
غزة، تلك البقعة الصغيرة على خريطة العالم، التي تختصر تاريخًا طويلًا من الصمود والكرامة، تعيش اليوم في انتظار خبر يعلن وقف إطلاق النار، خبر يحمل بصيص أمل في زمنٍ غابت فيه ملامح الحياة الطبيعية. رغم نزيف الدماء وتطاير الأشلاء، ورغم صرخات الأطفال والأمهات المفجوعات، نحن هنا، نعيش، وننتظر.
الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس لم تستطع أن تُطفئ جذوة الإيمان والحق في قلوبنا. هي حرب إبادة، لكننا نجونا، ليس فقط بأجسادنا، بل بأرواحنا وأفكارنا التي لن تُمحى أبدًا.
*دروس وعبر من الحرب:*
1. *وحدة الصف والمصير:*
أدركنا أن قوتنا الحقيقية تكمن في وحدتنا، بغض النظر عن الاختلافات الفكرية أو الاجتماعية. الحرب وحدت الجميع تحت راية الصمود، وهذا درس يجب أن نُورثه للأجيال القادمة.
2. *الإيمان بالحق:*
فلسطين ليست قضية يوم أو عام، بل هي حق متجذر في التاريخ والجغرافيا. من دفع دمه وروحه ثمنًا لهذا الحق، علمنا أن التحرير يحتاج إلى إيمان عميق لا يتزعزع.
3. *الصمود في وجه المستحيل:*
رغم القصف والجوع والدمار، بقينا هنا، ثابتين. تعلّمنا أن الصمود ليس فقط خيارًا، بل هو هوية وأسلوب حياة.
4. *الأمل رغم الألم:*
حتى في أحلك اللحظات، ظل الأمل حاضرًا في عيون أطفالنا. هؤلاء الأطفال هم رسل المستقبل، وهم من سيعيدون بناء ما هدمته الحرب.
5. *الاعتماد على الذات:*
الحصار والحرب علّمانا كيف نصنع من العدم حياة، وكيف نحول الأنقاض إلى أساس لإعادة البناء.
*رسالة للأجيال القادمة:*
إن الحرب ليست نهاية الطريق، بل بداية جديدة لرحلة طويلة. يجب أن نبني أجيالًا تؤمن بالعلم والعمل والتمسك بالحق، أجيالًا تدرك أن تحرير فلسطين يحتاج إلى فكر نير، وقلب صادق، وسواعد تبني وتعمر.
نحن هنا لنخبر العالم أننا أصحاب حق، وأننا سنبقى على هذه الأرض، نزرعها ونرويها بدمائنا إذا لزم الأمر. سنعيد بناء ما دُمر، وسنربي أبناءنا على حب الوطن، لأن تحرير فلسطين لن يتحقق إلا بأيدٍ نشأت على ترابها.
غزة التي شهدت الحرب بكل قسوتها، ستنهض من تحت الرماد لتكون أقوى، لأنها تعلمت أن الألم هو معلم الصمود، وأن الدماء التي سالت لن تذهب هدرًا.
*ختامًا:*
أنا محمد يوسف شامية، ابن غزة وشاهد على جراحها، أقول للعالم: نحن هنا، باقون، صامدون، وأملنا لا يموت.
منقول