بدائعُ الشِعر

قال أحمد محرَّم في القرآن الكريم:

بصائرُ يَستهدي بها كلُّ حائرٍ
إذا ضَمَّهُ ليلٌ من الشكِّ أَلْيَلُ

يُضيءُ سَناها كلَّ عصرٍ ويَعتَلِي
بها كلَّ جِيلٍ، فهْيَ في الدهر جُوَّلُ

تَبِيدُ شعوبُ الأرضِ وهْيَ جديدةٌ
وتَهْوِي الرواسي وهْيَ شَمّاءُ مُثَّلُ

ذَوَتْ نَضْرَةُ الأيامِ وهْيَ نَدِيَّةٌ
وجَفَّ بَنُوها وهْيَ خُضْرٌ تَهَدَّلُ

فتلكَ جِلَاءُ الهمِّ والهمُّ مُنصِبٌ
وتلك شِفاءُ الداءِ والداءُ مُعضِلُ

رَحِمَ اللهُ فؤادي رحمةً
لا يُرى من بعدها مُستَنزَفا
.
جرَّأ الناسَ على تجريحهِ
كُثرَ ما عن شانئيهِ قد عفا!
.
- حذيفة العرجي

في أيّ عهد هبط الأدب العربي؟
إنه لم يهبط ولا كثرت عيوبه في عهد الجاهلية، ولا في عهد الدولة الأموية، لكنه هبط وتطرق إليه كثير من عيوب اللفظ والمعنى في أواسط الدولة العباسية، أي في العهد الذي صار فيه الأدب هدية تحمل إلى الملوك والأمراء لارضائهم وتسليتهم ومنادمتهم في أوقات فراغهم، وكان أول ما ظهر من عيوبه "المبالغة والشطط".

مطالعات في الكتب والحياة - عباس العقاد

نَفَى نَومِي وَأَسهَرَنِي غَلِيلُ
وَهَمٌّ هَاجَهُ حُزنٌ طَوِيلُ

وَقَالُوا: قَدْ نَحَلْتَ وَكُنتَ جَلدًا
وَأَيسَرُ مَا مُنِيتُ بِهِ النُّحُولُ.

- الأَحوص

وتذكّرتُ زماني معْهمُ
آهِ ما أجملَه ذاك الزمانا

حين غابوا لم تغبْ ذكراهمُ
لو نسينا الدهرَ لم ننْسَ هوانا

مستبدٌّ ذلك الشوق الذي
ملأ القلبَ ولم يتركْ مكانا !

هو في جنبي ولا أملكه
فأعان الله من بالشوق عانى !

والتقينا ملء عينينا الهوى
ما سألنا العمر عن ذكرى أسانا

ونسينا كل شيءٍ حولنا
نشوة الأشواق أنستنا الزمانا !

حين نحكي يُنْصتُ الصبح لنا
ويردُّ الليل شيئاً من صدانا

قد يغيبُ الشوق إلا عنهمُ
كلما أخفيتُه في القلب بانا

نحن نُخْفي كل شيءٍ بينما
يعجز القلب بأن يُخفي هوانا !

وسعتْنا الأرض إلا شوقنا
ملأ الكون فلم يلقَ مكانا !

د محمد المقرن

‏خَوَتِ الدِّيَارُ مِنَ الْأَحِبَّةِ كُلِّهِم
‏أَوَّاهُ مَا أَقْسَى الدِّيَارَ الْخَاوِيَه

كانت تفاخر قصي "قريش" بأنها اخرجت بني خزاعة واستولت على البيت الحرام حسب حادثة تحاكم حدثت في أيٍّ منهم أحق بالبيت ، فكانت تفخر بالكعبة المشرفة على سائر العرب ، لكن مجتمع قريش كان مجتمع الحضر "والقاطن في نفس داره مدى عمره" وهذا مما لا يحبه العرب ؛ فقد تشربوا البداوة والتنقل .

وهذا في الجاهلية قبل الإسلام واظن إنه في أتون حرب داحس والغبراء .

تفاخرني معاشر من قريشٍ
‏بكعبتها وبالبيت الحرامِ
‏فأكرم بالذي فخروا ولكن
‏مغازي الخيل داميةَ الكُلام
‏وطعنٌ بالعجاجة كل يومٍ
‏نحور الخيل بالأسل الدّوامي
‏أحبّ إليّ من عيش رخيٍّ
‏مع القرشيّ حربٍ أو هشامِ
‏وما عيشُ ابن جدعان بعيش
‏يجر الخز في البلد التهامي

‏أبيات شعرية قالها قيس بن زهير العبسي عندما غادر البداوة وسكن مع قريش .

ولا ينالُ المعالي الغُرَّ غيرُ فتًى
يدوسُ شوكَ العَوالي غيرَ مُنتعِلِ.

"يا وَيلَتِي يومَ نَشرِ صَحيفَتي
إنْ قِيلَ لي خُذْها بغَيرِ يَمينِي"

"إذا ما كَساكَ اللهُ سِرْبالَ صِحَّةٍ
ولم تَخْلُ من قُوتٍ يَحِلُّ ويَعْذُبُ

فلا تَغْبِطَنّ المُتْرَفينَ فإنّهُمْ
على حَسْبِ ما يُعْطِيهِمُ الدَّهْرُ يَسْلُبُ".

ابن الرّوميّ.

ما لم يكُ التوحيد أصلًا راسخًا
للعابديـن فكـلّ فـرعٍ فاسـدُ

أرأيـت بنيانًا تطـاول أهلـه
في رفعـه و الأسُّ هارٍ هـامِدُ

كم عائبٍ لك لم أسمع مقالتهُ
ولم يزدكَ لدينا غير تزيينِ

كأنَّ عائبكم يبدي محاسنكم
وصفًا فيمدحكم عندي ويُغريني.

- أبو العتاهية

«قلبٌ تقطّع فاستحالَ نجيعا
فجرىٰ فصارَ مع الدّموع دموعا

رُدّت إلىٰ أحشائه زفراتُه
ففضَضنَ منه جوانبًا وضلوعا

عجبا لنار ضرّمت في صدرِه
فاستنبطت من جفنه ينبوعا

لهب يكون إذا تلبّس بالحشا
قَيظًا ويظهر في الجفون ربيعا»

- ابن دريد

‏"وما أنا بالنِّكْسِ الدّنيء ولا الذي
‏إذا صدّ عنّي ذو المودّةِ أَحرَبُ

‏ولكنَّنِي إنْ دامَ دامَتْ وإنْ يكنْ
‏لهُ مذهَبٌ عنّي فلي عنهُ مذهَبُ

‏ألا إنّ خيرَ الودّ ودٌّ تطوّعَتْ
‏به النّفسُ لَا وُدٌّ أتى وَهْوَ مُتْعَبُ"

‏- الكُمَيت الأسدي

"أَلَيسَ وَرائي إِن تَراخَت مَنِيَّتي
لُزومُ العَصا تُحنى عَلَيها الأَصابِعُ

أُخَبّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت
أَدِبُّ كَأَنّي كُلَّما قُمتُ راكِعُ

فَأَصبَحتُ مِثلَ السَّيفِ غَيَّرَ جَفنَهُ
تَقادُمُ عَهد القَينِ وَالنّصلُ قاطِعُ

فَلا تَبعَدَن إِنَّ المَنِيَّةَ مَوعِدٌ
عَلَيكَ فَدانٍ لِلطُّلوعِ وَطالِعُ".

لبيد بن ربيعة -رضي الله عنه-.

إذا لم يكن عَوْنٌ من الله للفتى
‏فأوَّلُ ما يجني عليه اجتهادُهُ
‏وإن كان عونُ الله للعبدِ واصلا
‏ تأَتَّى له من كُلِّ شيءٍ مِدادُهُ

تحتوي في طياتها على أبيات شعرية جميلة