وَإِن قَالَ: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )
يونس :٦٢
فَقُل: هَذَا هُوَ الحَقُّ، وَلَكِن لَا يُعْبَدُونَ، وَنَحْنُ لَم نذكُرُ إِلَّا عِبَادَتَهُم مَعَ اللَّهِ وَشِرِكَهُم مَعَهُ؛ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ حُبُّهُم، وَاتَّبَاعُهُم، وَالإِقْرَارُ بِكَرَامَتِهِم وَلَا يَجِحَدُ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ إِلَّا أَهلُ البِدَعِ وَالضَّلَالِ، وَدِينُ اللَّهِ وَسَطٌ بَينَ طَرَفَينِ، وَهُدًى بَينَ ضَلَالَتِينِ، وَحَقٌّ بَينَ بَاطِلَينِ ] [١].
--------------------------------------
الشرح :
[۱] والشبهة الثانية التي كان يُدلي بها المشركون من مشركي هذا
العصر وهذا الزمان قولهم: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )[يونس: ٦٢].
قالوا: إن هؤلاء الأولياء، الذين أثنى الله عليهم، ورفع قدرهم؛ هؤلاء
نحن لا نعبدهم، ولا نطلب منهم قضاء الحوائج رأسًا، أو دفع الشرور،
ولكن نتوسل بهم، ونتوسط ونستشفع بهم.
فينادونهم في أضرحتهم ويبينون لهم الحاجات - كما زعموا - بكل
خضوع وتذلل، ويطلبون منهم أن يرفعوها إلى الله، وهم ينتظرون
ولا يرجعون إلى الله بالدعاء، ولكن يرجعون إلى صاحب الضريح
الذي بني له في المسجد، وزين ضريحه بالكسوة، والبخور
والتجميل؛ فتنةً للناس، والغالب على كثير من الناس الجهل، فعندما
يقول لهم المروجون للشرك: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا
هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس : ٦٢] ، معناه: اقتربوا منهم وإن كانوا قد
ماتوا، واستشفعوا بهم وتوسطوا بهم عند الله ؛ لأنكم قوم عصاة؛ إن
دعوتم لا يستجاب لكم، وإن طلبتم من الله إزالة الضر لا يزيله
عنكم، ولكن واسطتكم هؤلاء؛ فأوقعوهم حينئذ في الشرك الأكبر؛
لأنهم بمجرد أن ينادي المكلف العاقل الولي ويدعوه ليرفع حاجته
إلى الله؛ كان بذلك مشركا شركا أكبر.
---------------------------------------
التعليقات المباركات على كشف الشبهات
للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
شرح الشيخ زيد بن هادي المدخلي رحمه الله
ص١٠٦
✍️مراد مقداد