ج / خصوبة البيئة وصلاحيتها، عليها العامل الأكبر، فلا بد أن يكون الوالدان معظمين للقرآن الكريم، متعلقة به قلوبهم، بحيث تُشغل حواسَّهم بما انشغل به القلب، فيقرءون ويستمعون ويتدبرون ويعملون. وتُشغل أوقاتهم، فلا يمر يوم إلا وقد نهلا منه نهلا، واغترفا منه اغترافا.
وهكذا يكون الاهتمام بالقرآن الكريم قبل ارتباط الرجل بالمرأة، فيكون التأثير على الولد بعد ذلك أعظم.
فقد أثبت الطب أن الجنين يتأثر بحالة أمه النفسية، وينال قسطا مما تسمعه أو تقرؤه أو تعمله أمه.
وأعظم ما يريح نفس الأم وجنينها: القرآن الكريم.
وتظل على هذه الحالة الإيجابية مع القرآن الكريم بعد أن يولد ولدها، ثم تكثر من إسماعه القرآن الكريم بعد مولده، ويا حبذا لو كان القارئ الحصري أو أقرانه من القراء المهرة؛ ليتقوم لسانه.
ثم أعظم الرغبة في الحفظ والتعلم بأقوالك وأفعالك في قلب الولد، ودع عنك أسلوب الترهيب إلا بقدر.
بعد ذلك عوِّد أولادك الاستيقاظ بعد الفجر، ويا حبذا لو قبله بقليل، واجعل هذا هو وقت الحفظ، فهذه أوقات البركة وصفاء الذهن. وهذا يقتضي النوم مبكرا، بعد العشاء، وذلك سنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم -.
واجعل القدر المحفوظ قليلا، لا يمَلُّه الحافظ، مع الاهتمام ببيان معانيه، وما يستفيده الولد منه تربويا. (وقليل متصل خير من كثير منقطع).
وهكذا تكون البداية بالسماع وهو جنين، ثم طفل لم يتكلم، ثم بالتلقين حين ينطق، حتى لو كان نطقا مُتكسِّرا. وإياك وإملالَه. فالملل قاتل للإبداع.
وأفضل طريقة للحفظ والتثبيت: التكرار بصوت عال في غرفة خالية مظلمة أو إضاءتها خفيفة؛ فهذا أدعى للتركيز، ويا حبذا لو كرر الآية مائة مرة فأكثر، ثم التي بعدها كذلك، ثم هما معا ... وهكذا.
فإذا تعلم الولد القراءة والكتابة فليكتب النص المحفوظ كل يوم قدر المستطاع، وليحتفظ بالأوراق التي كتب فيها، فستكون ذكرى رائعة بعد ذلك.
ثم ارصد جائزة لكل جزء من القرآن يحفظه، وذكِّره دائما بِسِير حفاظ الإسلام، فهذا يدفعه إلى الاقتداء بهم.
وإياك والألفاظَ السلبية في مناداة ولدك.
ودائما قل له: يا حافظ، يا قارئ، يا مبدع، يا مفكر، ودعك من: يا بليد ... وغير ذلك فالبلاء موكل بالمنطق.
وتلك الطريقة يستوي فيها الولد مع البنت، إلا أن البنت بطبعها أرق من الولد طبعا، وأسرع انكسارا، فرفقا بها أكثر لجبر كسرها.
جعل الله أولادنا قادة الأمم إلى المعالى، وأعز بهم الإسلام وأهله.
الشيخ إسلام الأزهري