شيخنا صالح العصيمي @alosamimuqtatif Channel on Telegram

شيخنا صالح العصيمي

@alosamimuqtatif


مقتطفات العصيمي
للتواصل 01096225557

شيخنا صالح العصيمي (Arabic)

يسر قناة "شيخنا صالح العصيمي" أن ترحب بكم في عالم من المعرفة والتوجيه. هذه القناة الرائعة تقدم مقتطفات مهمة وقيمة من تعاليم ومواعظ الشيخ صالح العصيمي، الذي يعتبر من الدعاة المعروفين والمحبوبين. تجد في هذه القناة العديد من النصائح والمواعظ التي تساعدك في تحسين نفسك وتقوية عقيدتك. إذا كنت تبحث عن توجيه صحيح ونصائح قيمة، فإن قناة "شيخنا صالح العصيمي" هي المكان المناسب لك. انضم إلينا اليوم واستفد من حكم وتوجيهات شيخنا صالح العصيمي. للتواصل معنا، يمكنك الاتصال على الرقم 01096225557.

شيخنا صالح العصيمي

20 Nov, 19:18


ومِن أمارات السَّاعة: (أحاديثُ النَّار الَّتي تَظهر)، وهي نارٌ عظيمةٌ.
وتلك النَّار - كما ذكره جماعةٌ مِن المصنِّفين في علامات يوم القيامة - نوعان:
أحدهما: نارٌ تخرج مِن أرض الحجاز، تُضيء لها أعناق الإبل مِن أرض بُصرى - هي بلدةٌ في الشَّام -؛ ثبت هذا في (صحيح مسلمٍ) مِن حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه.
وذهب جماعةٌ مِن أهل العلم - كأبي الفداء ابن كثيرٍ وغيره - إلى أنَّها وقعت في المائة السَّابعة، فأضاءت نيرانٌ عظيمةٌ في جهات المدينة، رُئي آثار لونها في أعناق الإبل في بصرى مِن أرض الشَّام، وهذا أشبه ما يُسمَّى اليوم بالبراكين، وكأنَّها انفجرت انفجارًا شديدًا، وارتفع لهب نيرانها، وتعالى دخانها حتَّى صار مَن يلي المدينة مِن جهة الشَّام يرون انعكاس ضوء النَّار في أعناق الإبل.
والآخر: النَّار الَّتي تحشر النَّاس؛ فتَسُوقهم إلى محشرهم؛ ثبت هذا في (صحيح مسلمٍ) مِن حديث حُذيفة الغفاريِّ.
وعند مسلمٍ أنَّها تخرج مِن قُعرة عَدَنٍ؛ أي مِن أقصاها، فتخرج النَّار مِن تلك المدينة وتسوق النَّاس إلى محشرهم في أرض الشَّام.

📚 شرح (أعلام السُّنَّة المنشورة لاعتقاد الطَّائفة النَّاجية المنصورة للعلَّامة حافظٍ الحكميِّ) للشَّيخ صالح بن عبد الله بن حمدٍ العصيميِّ ١٤٤٣

شيخنا صالح العصيمي

18 Nov, 04:22


«والعبد يلحقه نقص من أحد أمرين:
أحدهما: من عدم عزمه على الرشد، الذي هو الخير؛ فتجده كثير التَّرَدُّد والتَّلَجْلُج.
فمتى عَقَلَ المَرْء أَمْرًا حَسَنًا، ينبغي أن تكون عزيمته ماضية غير مُتَرَدَّدة
وثانيهما: أنه لا يثبت على ابتغاء هذا الأمر الذي طلبه ولا يداوم عليه.
فكم من إنسان يريد الوصول إلى شيء، لكنَّه سَرَعَانَ ما تَزِلُّ قدمه عنه، وَتَضْعُف نفسه دونه.
فإذا ثَبَتَ المرء، ورسخت قدمه في تحقيق مطلوبه؛ فإنَّه حينئذ يدركه لا محالة.»
ولهذا؛ كان دعاء النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ»
مِن أَنْفَع الأدعية وأجمعها للخيرات.
فَمَنْ أَعَانِهُ اللهُ عَلَى نِيَّة الرشد والعزيمة عَلَيْها، والثبات والاستمرار= فقد حصل له أكبر أسباب السعادة.

شرح المواهب الربانية للشيخ صالح العصيمي

شيخنا صالح العصيمي

12 Nov, 04:12


ثم نبَّه المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ: أنَّ العالم الذي لم يكن له من يفيده العلمَ بمنزلة العاقل الذي لا نسل له؛ فإذا مات مات ذكره بموته.
وأما إذا استُفيد علم العالم فإنَّه يبقى في الدنيا موجودًا وإن كان شخصه صار مفقودا، وتصديق هذا: في قول علي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- (العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة).
*وفي قوله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( وآثارهم في القلوب موجودة) تنبيه إلى المقصد الأعظم من نفع العالم الخلق؛* فليس المراد: بقاء ذكره على ألسنة الناس، ولا بقاء أثره في التأليف والقراطيس؛
ولكن الأعظم من ذلك: هو بقاء أثره في قلوب الناس بتعريفهم بطريق العبودية
الموصل إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
فتعليم العلم، ونقل الديانة : يبقى أثره في القلب وإن لم يُصنِّف ناقله كتابًا، ولا بقي له في لسان الخَلْقِ ذِكْرٌ؛ كما ذكر العلامة ابن سعدي عن بعض أشياخه أنه رأى في منامه أحد شيوخه فقال له :(إنَّ المسألة التي قضيت بها في الفرائض وصلني أجرها في القبر).
وهذا هو المراد من(بقاء الأثر)؛ فـ(بقاء الأثر): بقاء معرفة العلم والديانة؛ بحيث يتيسر للخالف بعد السالف أن ينقل العلم للناس؛ وهذا هو أجلُّ مراتب البقاء.
وإذا انضم إلى ذلك بقاء العلم في القراطيس والذكر في الألسنة: كان نورًا على نور.
ثم ذكر ما يُصدِّق هذا المعنى في دعاء زكريا؛ إذ قال :{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آل يَعْقُوبَ}؛ فإنَّ الوراثة المذكورة هاهنا ليست وراثة المـال والدُّنيا؛ بل وراثة العلم والنبوة.
كما قال تعالى في دعاء زكريا : {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائي}أي : خفت أنصاري وأتباعي وعصبتي من بعدي أن لا يُراعوا العلم ولا يقوموا بحقه؛ بل يحتاجون إلى نبيِّ يسوسهم؛ كما ثبت في الصحيح: (أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانَتْ تَسُوسُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا مَاتَ نَبِيٌّ قَامَ نَبِيٌّ).
فافتقارهم إلى الأنبياء جعل زكريا يدعو بهذا الدعاء.
*وليس مراد زكريا بالدعاء: هو طلب وارث يرث الدُّنيا؛ لأحد أمور ثلاثة:*
أولها: أنَّ مقام النبيِّ أشرف من أن ينتبه لطلب وارثٍ للمال والدُّنيا.
وثانيها : أن الأنبياء لا يُورثون؛ كما صح بذلك الخبر عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فما بقي بعدهم من مالٍ فهو صدقة.
وثالثها: أنَّ زكريا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-لم يُذكر بكبير مال ودنيا بحيث يخشى فواتـه عـن وارث من صلبه بعده.

ذكر هذه الوجوه الثلاثة متفرِّقة جماعة من المفسرين؛ كـالقرطبي، وابن كثير رَحِمَهُمَا اللَّهُ


📚تطريز الشيخ صالح بن عبدالله العصيمي -حفظه الله- على فصول في فضل العلم وأدبه من كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني.

شيخنا صالح العصيمي

08 Nov, 20:45


ومما أنبه إليه أيضًا لما فيه من المنفعة العظيمة:

التنبيه على تـصـحـيـح الآداب، فإننا جميعًا لا نخلوا من الحاجة إلى تصحيح الأدب، فإنه بابٌ من أبواب المعاملة بين العبد وبين ربه، وبين العبد وبين غيره من الخلق.
فينبغي للإنسان أن ينظر في آدابه التي يَتَخـلَّق بها؛ فإن الإنسان إذا كان على أدبٍ جَـمّ؛ فــتـح الله عز وجل له أبواب العلم، وهيأ الله عز وجل له من شيوخه من يُِـلَـقّـنُـه العلم، ويُرضِـعُه العـلـمَ إرضـاعًـا، حتى يـرسـخ في قلبه ويستقر فيه.
وأما قليل الأدب، فإن الله عز وجل لا يجعل في قلبه علمًا.
وصلاح الأدب عنوان سعادة المرء وفلاحه، وسوء الأدب عنوان شقاء المرء وبواره، كما ذكر ابن القيم في منزلة الأدب في كتاب مدارج السالكين.
وينبغي أن يتأدب الإنسان مع أقرانه، ومعلمه، وكُتبه، ولا يتساهل في هذه المسائل.
ولمّا كان الأمر بالتعميم؛ لم أشأ كل مرة أن أقول: يا فلان افعل كذا؛ ليستفيد عموم الإخوان من هذا الأمر على وجهه.
فمن الخطأ -مثلًا- أن بعض الإخوان يأتون بكتبهم، فيقذفونها على الأرض، وهي كتب فيها آيات وأحاديث، وأقلُّ ذلك أن يضعها الإنسان وضعًا لطيفًا.
وقد دخل إسحاق بن راهويه -مع جلالته- وكان مُغضبًا أو متعبًا ومعه كتاب، فقَذَف به عند الإمام أحمد على الأرض، فقال أبو عبد الله مُغضبًا: أهـكـذا يُـفـعـل بـكـلام الأبـرار؟
فكيف إذا كان الكلام الذي تضمنته هذه الكتب ليس كلام الأبرار؛ وإنما كلامَ الجبار سبحانه وتعالى، وكلام سيد الأبرار صلى الله عليه وسلم.
فينبغي أن يتلطف طالب العلم في أدبه مع كتبه، وألا يضعها حال الدرس والقراءة على الشيخ في الأرض؛ بل تـكـون مَـحـمـولـةً بـيـن يـديـه؛ لأن هذا حـقـيـقـة تـعـظـيـم الـعـلـم، ومـن عَـظّـم الـعـلـم رجــعَ العلمُ عليه بالتـعـظـيـم، ومن لم يرفع إلى ذلك رأسًا؛ حُـرم العلم، ولم يدخل قلبَه شيءٌ منه.
ومن الأدب أيضًا: أن يحرص الإنسان على آداب الجلوس في حلقات العلم، ومن السنة فيها أن يجلس الناس فيها حِلَقًا حِلَقًا، أما التفرق والتشرذم؛ فهذا على خلاف السنة التي جاءت في أحاديث كثيرة.
وينبغي لطالب العلم أن يجلس جلسةً يجمع فيها نفسه على معلمه —[اقطعوا إرسال الجوالات يا إخوان، هذا الجوال بالذات أكثر من مرة]— ينبغي لطالب العلم أن ينتبه إلى جلسته في مجلس الدرس، فيجمع جلسته ليجمع قلبه على العلم، ولا ريب أن بعض الإخوان قد يلحقهم عذر في ألم ظهورهم أو طول الدروس، وأعلم أنا أنهم معذورون، فإن هذه الدروس قد تكون طويلةً، ولــكــن إذا كـانـت الـنـفـوس كــبـارًا؛ تـعـبـت فـي مـرادهـا الأجـسـام.
وإذا لم يصبر الإنسان على التعب والمشقة في طلب العلم، مــع أنـهــا والله لـذّةٌ عـلـى الحـقـيـقـة، فإن الإنسان إذا عَمَرَ قلبه بلذات المعارف؛ أشغلته عن كل عِلَّة.
وقد لقيت شيخنا علامة حائل رحمه الله، الشيخ سليمان السكيت، وكان رجلًا مصابًا بإدرار البول، الذي يحتاج صاحبه إلى الخروج بين الفينة والفينة اليسيرة ليقضي حاجته، فكنت إذا جلست إليه وقرأت عليه وتكلم في العلم؛ ربما جلس عندي أربع ساعات طِوال، وقال لي:
(يا صالح؛ إن معي مرض الإدرار، ولكنك إذا جئتني فقرأتَ علي في العلم؛ شَغَلَني ما أجد من العلم عما أجد من الألم).
فتأمل مزيد ما يجده الصادقون من لذات العلم التي تصرف عنهم عِلل الأبدان، فينبغي على الإنسان أن يتأدب.
واعلموا أن ما يظنه بعض الإخوان من أن هذه الآداب مزيدُ تَشَدّد وتَشَقّق وإظهارٍ للصرامة؛ كل هذا من الباطل والدَّجل، بل هذه آداب سَنِيّة، وأخلاق حميدة مضى عليها من مضى من السلف -رحمهم الله تعالى- ومن أدركنا من أهل العلم.
وليس هذا من الشدة؛ بل هذا من الحزم، والحزم: معاملة كل أحد بما يُصلحه، وطالب العلم لا يُصلحه بأن يُبْطَحَ له المجلسُ بَطحًا، ويَمدّ رجليه، ويتكئ على جنبه، ثم يَفغَرُ فاه، ويضع كتابه على الأرض، ويريد أن يطلب العلم!
والله إذا كان هؤلاء هم طلاب العلم؛ فحقيقٌ بأن يُصفَعوا على وجوههم؛ لأنهم لن يكونوا محلًّا للعلم، بل سيكونون وبالًا على العلم كما نراه اليوم، فإن من حضر المجالس على سوء الأدب، ثم صار عنده مسألة من هنا، ومسألة من هنا؛ رأيت من سوء ديانته، وعدم معرفته بالعلم؛ ما يشهد به العارفون الموقنون، وهو مسكين يظن أنه على علم عظيم.


تنبيهات في ختام برنامج الدرس الواحد الثالث.
في آخر مجلس الدرس المتمم للثلاثين: (وصية نافعة لعموم أهل العلم والإيمان، للعلامة فيصل آل مبارك).
الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي
وفقه الله وسدده وأحسن إليه.

شيخنا صالح العصيمي

04 Nov, 14:58


ثم إنني لا يفوتني التنبيه في خاتمة هذا الدرس على أمور يحسن التنبيه عليها:
منها: أن الشكر مرسل إلى كل واحد منكم، فإن هذه النعمة ما كانت لتكون علينا جميعا إلا باجتماعنا على الخير، فإن المتعلم له نفع على المعلم؛ بحضوره وسؤاله وعنايته وحرصه.
وإذا رآى المعلم حرص المتعلم كان ذلك أدعى لأن يعتني بالتعليم، وأن يحرص على التفكر في المسائل؛ لينتفع من يحضر إليه.
ووالله إنه لَيَشُقُّ على النفس أن يحضر الإنسان من بلدٍ بعيده، ثم تُقرأ هذه الكتب بدون عنايةٍ بتحرير مسائلها، والإشارة إلى فوائدها، على الوجه الذي يناسب الحال.
فأسأل الله عز وجل أن يَشكر لكم عملكم، وأن يبارك في سعيكم، وأن يجعل هذه المجالس خيرًا لكم في الدنيا والأخرى، وأن يزيدكم علما وفضلَا وصلاحًا ونبلًا.


تنبيهات في ختام برنامج الدرس الواحد الثالث.
في آخر مجلس الدرس المتمم للثلاثين: (وصية نافعة لعموم أهل العلم والإيمان، للعلامة فيصل آل مبارك).
الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي
وفقه الله وسدده وأحسن إليه.

شيخنا صالح العصيمي

04 Nov, 12:37


وهذه المسألة مسألةٌ طويلة الذَّيل، وقع الخبط فيها عند المتأخِّرين بين رواية الحديث الضَّعيف وبين العمل به.
فالأوَّل اتَّفق الحفَّاظ الكبار على رواية الحديث الضَّعيف في فضائلِ الأعمال، والزُّهد، وأبواب الخير، ليس بينهم اختلافٌ في ذلك؛ كما بيَّنه الحاكم في (معرفة علوم الحديث) وغيره مِن أهل العلم.
فيجوز أن يُروى الحديث الضَّعيف في فضائلِ الأعمال؛ لكن يأتي العبد بما يبرئ ذمَّته:
إمَّا بأن يسوق إسناد الحديث كاملًا…
أو يعبِّر بعبارةٍ لا تدلُّ على الصِّحَّة، فيقول: (يُروى)، أو (قِيل)، أو (جاء في بعض الآثار)، ونحو هذه العبارات المشعرة بالتَّوقُّف فيه…
وأمَّا مقام العمل بالحديث الضَّعيف فهذا مقامٌ آخرُ غير رواية الحديث الضَّعيف.
والعمل بالحديث الضَّعيف جرى إعمال السَّلف له في أبوابٍ، وتركه في أبوابٍ أخرى باعتبار القرائن الَّتي تحفُّ به.
ولذلك أورد الفقهاء والمحدِّثون الأحاديث الضَّعيفة في كتب أحاديث الأحكام.

الأمالي على شرح الأربعين النَّوويَّة للشَّرنوبيِّ ١٤٢٩

شيخنا صالح العصيمي

04 Nov, 12:37


الصَّحيح عدم جواز العمل بالحديث الضَّعيف في فضائلِ الأعمال ما لم يقترن بما يدعو إليه؛ كموافقته قولَ صحابيٍّ، أو اتِّفاقَ الأئمَّة، أو انعقادَ إجماعٍ عمليٍّ عليه، فحينئذٍ يُعمل به على وجه كونه تابعًا لما هو ثابتٌ بنفسه.
وأكثرُ المصنِّفين في أبواب الأحكام إذا رَووا الأحاديث الضَّعيفة يريدون هذا المعنى، فإنَّهم لا يذكرون فيها حديثًا ضعيفًا مطَّرحًا بالكلِّيَّة، وإنَّما يروون فيها حديثًا ضعيفًا اقترن به ما يدعو إلى العمل به، وهذا صنيع أبي داودَ السِّجستانيِّ وأبي عيسى التِّرمذيِّ خاصَّةً، ولا سيَّما الثَّاني؛ فإنَّ أبا عيسى التِّرمذيَّ سمَّى كتابه (الجامع)، وفي تمام اسمه: (وبيان ما عليه العمل)، فقَصَد تبيين العمل، فرُبَّما أورد حديثًا ضعيفًا ثمَّ ذكر أنَّ العمل عليه؛ تنبيهًا إلى جريان عمل الأمَّة بموافقة هذا الحديث الضَّعيف، وحينئذٍ يكون هذا الحديث ضعيفًا مِن جهة الرِّواية قويًّا مِن جهة الدِّراية.
فضعْفه مِن جهة الرِّواية: توهين نسبته إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتقويته مِن جهة الدِّراية: كونه منجَمِعًا إليه اتِّفاقٌ أو إجماعٌ دعا إلى العمل به.
ومِن الغلط الجاري عند المتأخِّرين إسقاطهم العمل بالأحاديث الضَّعيفة مطلقًا، فولَّد ذلك فيهم تبديع أشياءَ ثبتت الآثار على خلاف هذه الدَّعوى مِن التَّبديع؛ كالَّذي ذكرناه قريبًا أنَّه لم يصحَّ في توجيه المحتضَر إلى القبلة وجعْله على اليمين حديثٌ، لكن روى عبد الرَّزَّاق في (مصنَّفه) عن ابن جُرَيج قال: "قلت لعطاء: أرأيتَ حُروفَ الميِّت إلى الكعبة على يمينه، أسُنَّةٌ هو؟، فقال: سبحان الله! ما رأيت أحدًا يعقِل يترك ميِّته مِن ذلك".

شرح الأربعين النَّوويَّة برنامج أصول العلم ١٤٣٣-١٤٣٤

شيخنا صالح العصيمي

03 Nov, 12:45


العلم الشرعي
الكتاب
والسنة

شيخنا صالح العصيمي

03 Nov, 12:44


ثم حَثَّ بالنظر على كتب شيخ الإسلام، وكتب تلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
ويُلحَق بهذه الكتب المحثوث عليها بالإجماع:
- كتب الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى، فإنها عظيمة النفع.
- وكتب أئمة الدعوة النجدية، من عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى يومنا هذا، الذي فيه بقاياه، ممن سار على طريقتهم: العلامة صالح بن فوزان الفوزان، فإن كُتُبَه من أنفع الكتب، وقد ظهرت له ولله الحمد شروحٌ على عدة متون مهمة لا يوجد لغيره شرح عليها.
ومن أنفع كتبهم أيضًا:
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، وكتاب الدرر السنية في رسائل وفتاوى أئمة الدعوة الإصلاحية النجدية؛ فإن هذه كتبٌ نافعةٌ للطالب جدًّا.

تطريز (وصية نافعة لعموم أهل العلم والإيمان، للعلامة فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مبارك رحمه الله)
للشيخ صالح بن عبد الله العصيمي، برنامج الدرس الواحد الثالث.

شيخنا صالح العصيمي

01 Nov, 13:32


(والتَّكرار).
الأصل دائمًا في ما كان على زِنَةِ: (تَفْعال) من المصادر؛ أن يكون مفتوحًا.
إلا: (تِذكار) و(تِبيان) اتفاقًا.
و(تِلقاء) في قول أكثر أهل العلم.
ووراء ذلك عدة ألفاظ فيها خلاف، لكنها قليلة لا تزيد عن ثمانية ألفاظ.
فكل ما جاء على هذا البناء؛ الأصل فيه الفتح.

تطريز (وصية نافعة لعموم أهل العلم والإيمان، للعلامة فيصل بن عبد العزيز آل مبارك)
للشيخ صالح العصيمي، برنامج الدرس الواحد الثالث.

شيخنا صالح العصيمي

15 Oct, 07:01


• *حماية الشَّريعة للتَّوحيد جاءت على ثلاثة أنواعٍ*:
1️⃣ أوَّلها: حماية نفعٍ؛ وذلك بإمداد القلب بالأسباب الَّتي تقوِّي التَّوحيد وتنمِّيه فيه.

2️⃣ وثانيها: حماية دفع؛ وذلك بإحراز القلب مِن غوائلِ الشِّرك وحبائله وحسْم موادِّه وسدِّ الذَّرائع الموصلة إليه.

3️⃣ وثالثها: حماية رفعٍ؛ وذلك بالإرشاد إلى الأسباب الَّتي يُدفع بها ضدُّ التَّوحيد إذا وقع.
وهذا بابٌ عظيمٌ إذا تأمَّله العبد وقف على قدر عناية الشَّريعة بالتَّوحيد.

💎وأنا أضرب لك مثلًا بعبادة الحلف، فإنَّ الله سبحانه وتعالى ونبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم حموها بهذه الأوجه الثَّلاثة:

🟢 فأمَّا حماية النَّفع فذلك في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿واحفظوا أيمانَكم﴾ [المائدة: ٨٩], وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ولا تجعلوا اللَّهَ عُرضةً لأيمانكم﴾ [البقرة: ٢٢٤]؛ فإنَّ الإرشاد إلى حفظ اليمين وعدم التَّساهل بها يُمِدُّ القلب بقوَّةٍ تمنع العبد مِن التَّهاون في ذلك.

🔵 وأمَّا حماية الدَّفع ففي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم - كما في (الصَّحيح) -: “لا تحلفوا بآبائكم"؛ فنُهي العبد عن هذه الغائلة ليُدفع عنه ما يُضعِف توحيده.

🔴 وأمَّا حماية الرَّفع فذلك ما ثبت في (الصَّحيح) أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “مَن حلف باللَّات والعُزَّى؛ فليقل: لا إله إلَّا الله”؛ فهذا إرشادٌ إلى ما يُرفع به ضدُّ التَّوحيد لمَّا وقع.

📚 شرح (القول السديد في مقاصد التوحيد للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي) للشيخ صالح بن عبد الله العصيمي

شيخنا صالح العصيمي

30 Sep, 09:21


ولمَّا أدرك السَّلف أنَّ المقصود مِن أمارات يوم القيامة هو الإيقاظ والاستعداد لها لم يكن شائعًا في لسانهم تقسيمهم علامات يوم القيامة إلى علاماتٍ صغرى وعلاماتٍ كبرى؛ فهذا لم يَكد يُعرف إلَّا متأخِّرًا بعد القرون الفاضلة، ولعلَّه بعد المائة الخامسة أو السَّادسة؛ لأنَّ المقصود مِن ذكر هذه الأشراط والعلامات في القرآن والسُّنَّة هو الاستعداد لذلك اليوم، وتصييرها علاماتٍ صغرى وكبرى يحمل النُّفوس على الاستهانة بما عُدَّ مِن العلامات الصُّغرى، فلا يُبالون بها ويتهاونون بها، فإن كانت هذه العلامات لم تظهر حَمَلهم ذلك على التَّوسُّع في الرَّجاء ومدِّ آمالهم في استدامة الحياة، وإن كانت قد ظهرت رجع ذلك عليهم بالقنوط والإياس وذمِّ زمانهم.
وهذه معانٍ منقوصةٌ مغلوطةٌ ينبغي تجافيها، فالحياة الطَّيِّبة لا تكون مع وجودها.

📚 شرح (أعلام السُّنَّة المنشورة لاعتقاد الطَّائفة النَّاجية المنصورة للعلَّامة حافظٍ الحكميِّ) للشَّيخ صالح بن عبد الله بن حمدٍ العصيميِّ ١٤٤٣

شيخنا صالح العصيمي

28 Sep, 03:10


فذكر أن سفيان كان يقول: (الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص. فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة، -وهو أصغر منه- : يا أبا محمد؛ لا تقل: ينقص، فغضب..).
لأن جماعة من الاوائل امتنعوا عن لفظ النقص لا معناه، فهم يؤمنون بالمعنى؛ أن الإيمان ينقص؛ لكنَّ اختيار اللفظ الذي يدل على هذا امتنعوا منه، فكانوا يقولون: (الإيمان يتفاضل)، منهم مالك بن أنس في أحد قوليه،ثم أطبق أهل السنة على قول: (الإيمان يزيد وينقص).
فأولئك الذين وقع منهم الامتناع عن لفظ النقص في الإيمان: لا ينكرون حقيقة النقص، وإنما ينكرون اللفظ المُعبَّر به عن تلك الحقيقة، وفرقٌ بين كون المتكلم ينكر اللفظ والحقيقة، أو ينكر اللفظ دون الحقيقة.
وهذا يقع في كلام جماعة من المتقدمين، يتوهم منه من يتوهم؛ أنهم يُخالفون طريقة غيرهم، فينسِب إلى السلف قولين أو ثلاثة في الاعتقاد، وأقوالهم إذا رُدَّ بعضها إلى بعض في تلك المسألة؛ صارت في مساق واحد.
وفهم كلام السلف في أبواب الاعتقاد خاصة، والعلم عامة؛ يحتاج إلى آلة؛ أعظمها كمال المعرفة بطرائقهم رحمهم الله تعالى.
وهذه لا تتأتّى في مبتدئ الطلب، ولا توسطه، ولا انتهائه أيضا؛ بل مع حصول مَلَكَةٍ راسخة في العلم، فإذا حصلت تلك الملكة الراسخة؛ قَدِر المتكلم في العلم أن يؤلف بين كلام السلف، ولم يُمكنه حينئذ أن ينسُب إلى السلف أنهم يقولون بهذا وهذا.
فإذا قال متكلم: إن أهل السنة لهم في القول بالزيادة والنقص، لهم قولان:
أحدهما: القول بأنه يزيد وينقص.
والقول الثاني: القول بأنه يزيد ولا ينقص، وذكر كلام مالك وغيره، صار كلامه صحيحًا أم غير صحيح؟
صار كلامه غير صحيح؛ لأن مالكًا لم يمنع حصول النقص، وإنما منع اللفظ، ولذلك قال: (الإيمان يتفاضل)، والتفاضل: حصول التفاوت، والتفاوت تكون حقيقته بالزيادة والنقص، لكن مالكًا وغيره امتنعوا من هذا لأجل عدم وروده في خطاب الشرع.
والصحيح أنه واردٌ في خطاب الشرع، في قوله صلى الله عليه وسلم في النساء: (ما رأيت من ناقصات دين وعقل أذهب للب الرجل الحازم..)الحديث.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم نقص الدين، وهذا هو حقيقة نقص الإيمان.
وأشار إلى هذا مُستنبَطًا من هذا الحديث جماعة، منهم أبو داود السجستاني في بعض نُسخ سننه، فإنه ترجم عليه بذلك، والترمذي في جامعه، في جماعة آخرين رحمهم الله.

التعليق على أصول السنة للحميدي
برنامج الدرس الواحد في الحرمين
الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي

شيخنا صالح العصيمي

22 Sep, 20:46


واسم (السُّنَّةِ) في خطاب الشرع يراد به دين الإسلام.
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي) رواه أصحاب السنن إلا النسائي، من حديث العرباض رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه من حديث أنس بن مالك.
فالسنة في خطاب الشرع: *(اسمٌ للإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم)*.

ثم وقع في عرف السلف إطلاق اسم السنة على *(مسائل الاعتقاد التي يخالِفُ فيها أهلُ البدعة)،* فالبدعة مُقابَلةٌ بالسنة.

ثم صار اسم السنة في عرف المصنفين في الاعتقاد؛ اسمًا للفنِّ كلِّه، فتُطلَق السنة، ويراد بها *(جميع مسائل الاعتقاد).*

التعليق على أصول السنة للحميدي
برنامج الدرس الواحد في الحرمين
الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي

شيخنا صالح العصيمي

15 Sep, 07:38


وقد انعقد الإجماع على أنَّ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل الأنبياء؛ نقله جماعةٌ؛ منهم: القاضي عياضٌ اليحصبيُّ، وأبو العبَّاس ابن تيميَّةَ الحفيد.
واختلف أهل العلم هل هو صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل مِن آحادهم، أم أفضل مِن مجموعهم؟
فجزموا أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل مِن آحادهم؛ أي إذا عُدل بغيره مِن الأنبياء فهو أفضل.
فإذا قيل: أيُّهما أفضل؛ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم أم آدم عليه الصَّلاة والسَّلام؟ فالجواب: محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهلُمَّ جرًّا.
وقد تقدَّم قول أبي هريرةَ عند الخلَّال وغيره: "وخيرهم محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم".
ثمَّ اختلف أهل العلم: هل هو أفضل مِن الأنبياء جميعًا؟؛ أي لو خُيِّر بينه وبين بقيَّة الأنبياء فهل يرجح بهم أم لا؟
قولان لأهل العلم؛ أصحُّهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل مِن جميعهم؛ لأنَّ أمَّته صلَّى الله عليه وسلَّم تَرجُح بالأمم جميعًا، فكما فَضُلت أمَّته على جميع الأمم؛ فقد فَضُل على جميع الأنبياء والرُّسل، فهو أفضل خلْق الله.
وقد انعقد الإجماع على أنَّه أفضل خلْق الله.
وما يقع في كلام بعضهم مِن قولهم: (إنَّ العرش أفضل) غلطٌ؛* وإنَّما الصَّواب أنَّ العرش أعظم.
فأعظم مخلوقات الله: العرش، وأفضل مخلوقات الله هو محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم.
والعظمة مأخذٌ مِن مآخذ التَّفضيل، فالعرش له مقامٌ كريمٌ، لكن بمجموع ما لمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الفضائل فهو صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل الخلْق على الإطلاق.

📚 شرح (أعلام السُّنَّة المنشورة لاعتقاد الطَّائفة النَّاجية المنصورة للعلَّامة حافظٍ الحكميِّ) للشَّيخ صالح بن عبد الله بن حمدٍ العصيميِّ ١٤٤٣

شيخنا صالح العصيمي

20 Aug, 20:15


- "ثمَّ ختم المصنِّف بما أَورده مِن قول الفُضيل بن عياضٍ: "ما أدرك مَن أدرك بكثرة الصَّلاة والصِّيام؛ وإنَّما أدرك بسَخاء النَّفس، وسلامة الصَّدر، والنُّصح للأمَّة". ومراده: أنَّ السَّبْق لم يقع بالأمر الظَّاهر فقط؛ بل وقع بأمرٍ باطنٍ عظيمٍ. وليس المراد مِن قوله: التَّزهيد مِن الأمر الظَّاهر - وهو كثرة الصَّلاة، والصِّيام -؛ وإنَّما الإشادة بالأمر الباطن - وهو سخاء النَّفس، وسلامة الصَّدر، والنُّصح للأمَّة. ونظير هذا: ما صحَّ عن بكر بن عبد الله المُزنيِّ أنَّه قال: "ما سَبَقهم أبو بكرٍ بكثرة صلاةٍ، ولا صيامٍ؛ وإنَّما بشيءٍ وقر في القلب"… وقد جاء عن إسماعيلَ ابن عُليَّةَ أنَّه قال: «الَّذي وقر في القلب: سلامة الصَّدر، والنُّصح للمسلمين»".
- 📚 شرح (تعليم الأحبّ أحاديثَ النَّوويِّ وابن رجب للشَّيخ فيصل بن عبد العزيز آل مباركٍ)

شيخنا صالح العصيمي

20 Aug, 20:15


ثلاث تقريرات لشيخنا تعين على فهم كثير من عبارات السلف، وفيها التنبيه على ما يسمى بالقراءة الناقدة:

- "فينبغي أن يتعاطى طالب العلم كتب الأوائل وكلام السلف بالإعظام والإجلال فإن ذلك يرجع عليه بالمنفعة ، والقانون الميسِّر لذلك هو أن يعتمد الإنسان الأخذ بالقراءة المتفهمة لا الأخذ بالقراءة الناقدة فإن القراءة الناقدة أمر محدث ولا يجري على أصول الإسلام وقواعده وأحوال السلف رحمهم الله تعالى فإن من جعل نظره إلى كل كلام يقرؤه بعين النقد أنس بهذا وصار عادة له فَراجَ في كلامه صرف التُهم إلى الخلق ، وأما من يقرأ قراءة متفهم فهو الذي يحاول الوصول إلى فهم تلك الأحوال والمدارك التي كانوا عليها أو تكلموا بها ، فإن فهمها حمد الله على ذلك وإن لم يفهمها ردّ علمها إلى الله سبحانه وتعالى وما صار عليه النّاس من الجراءة على كتب الأئمة تحت دعوى القراءة الناقدة فهذا مما أضرّ بعلومهم وإذا كان هذا في الناشئة صارت الحال أشد وأشد".
-📚شرح حديث إنّ أغبط أوليائي لابن رجب

- "روى الخطيبُ في "اقتضاء العلم العمل": (أنَّ القاسمَ بنَ مُخَيْمرة أراد أنْ يتعلمَ النحوَ، فقال له معلمُه:" قل: ضرب زيدٌ عمرًا" قال: لم ضربه؟ قال: "هكذا المثال" قال: شيءٌ أوله كذبٌ وآخره بغيٌ، لا أريده). فلا يأتينا أحدٌ، فيقول لماذا تدرسون النحو؟ نقول: هذه مِنْ نفثاتِ المصدورِ وأحوالِ المكدورِ التي تجري عليه؛ لِلَمَحَانِ معنىً أعظمَ مِن هذا المعنى، ليس مقصودُه عيبَ النحوِ، ولكنْ المقصودَ عيبُ الاشتغال بما لا نَفْعَ فيه، سواءً في النحو أو غيره. اضرب أمثلةً مِن آيةٍ من حديثٍ، مِن كلمةٍ مفيدةٍ تفيدُ الناسَ وتغرسُ فيهم معانٍ ساميةٍ، هذا مطلبٌ مِن مطالبِ ضَرْبِ الأمثلةِ، خاصةً في علومِ العربيةِ، وليس مجردُ ضَرْبِ المثالِ. فهو لمَّا كان علمُه كاملًا، وإيمانُه تامًّا لَمَحَ هذا المعنى فقاله، ولم يُرِدْ ذلك عيبَ النحو. يأتي بعضُ الناسِ فيجعلُ كلماتِ السلفِ أدلةً؛ لجهلِه بحالِ السلف، فيأتيه أحدٌ فيقول له: "أين تذهب"؟ قال: "عندنا درسُ نحوٍ". قال: "ماذا تريدُ بالنحو"، قال القاسم بن مخيمرة: (أولُه كذبٌ وآخره بغي)، كيف تشتغلُ بهذا العلم؟". هذا مِن الغلطِ في فَهْمِ كلامِ السلفِ. ويأتي آخر فيقول: قال مالكٌ: (كتابٌ قرأتموه علي في أربعةِ أيامٍ جَمَعْتُه في ستين سنةً لا تفلحون)، ويقول: "ما ينفعُ هذا التعلم". الإمامُ مالكٌ خَرَجتْ منه ذَفْرةٌ ، لا يريدُ حقيقتَها؛ لكنَّه لَمَحَ معنىً آخرَ أعظمُ، وهو أنَّه ليس المقصودُ مِن العلمِ إمرارَ الكتاب =المقصودُ العملُ بما فيه مِن المعاني؛ فلأَجْلِ هذا قال هذا الكلام. مثال ذلك أيضًا قولُ بكرِ بنِ عبدالله المزني: (ما سبقهم أبو بكر بكثرةِ صلاة وصيام، وإنما بشيءٍ وَقَرَ في القلب). فلم يُرِدْ بهذا المعنى أنَّه لم يسبقهم أبو بكر بالصلاة والصيام، بل هو أسبقُهم، لكنْ أراد رعايةَ معنىً آخر وهو ما وَقَرَ مِن الحقائقِ الإيمانيةِ في القلوب. فكلامُ السلفِ إذا لم يُفهمْ على هذا السَّنَنِ يُضِلُّ صاحبَه، ويَجْعَلُه سيفًا مُصْلَتًا في مقابلِ الأدلةِ الشرعيةِ، وكلامُ السلفِ يحتجُّ له ولا يحتجُّ به إجماعًا إلا في قولِ الصحابي على قولين لأهلِ العلمِ. فينبغي أنْ تَفْهَمَ كلامَ السلفِ وَفْقَ الدلائلِ الشرعيةِ، لا وَفْقَ ما يُبديه رأيُك وعقلُك، كما مرَّ معنا في كلامِ القاسمِ بنِ مخيمرة، ولكنَّ المقصودَ أنَّ الاهتمامَ بما هو أعظمُ أولى كما قال القاسم بن مُخَيْمرة: (أوله كذب وآخره بغي لا أريده)، يقصدُ مِن المثالِ الذي ذُكِرَ، لا مطلقَ النحوِ. ومثله قول إبراهيم بن أَدْهم: "أعربْنا في كلامنا فلما نُلْحِن، ولحَنَّا في أعمالنا فلما نُعْرِبْ" لا يقصدُ إبراهيم عَيْبَ النحوِ والغضِّ منه، لكنْ أراد الإنباهَ إلى معنىً أعظم، وهو أنْ تحرصَ على إعرابِ العمل فوقَ حرصك على إعرابِ الكلمِ، لا أنْ تكونَ معربًا في كلامك لَاحِنًا في عملِك. فلابد أنْ تفهمَ كلامَ السلفِ على هذا السَّنَنِ وإلا زلَّتْ بك القدمُ، وضلَّ بك الفهمُ؛ ولأجلِ هذا نُعيد مرارًا أنْ تلقيَ العلمَ لابد أنْ يُؤخذَ عن الرجالِ، ولا يُؤخذُ عن الكتبِ ذواتِ الأقفالِ، فإنَّ الإنسانَ إذا أَخَذَ العلمَ مِن الكتبِ ضلَّ وأَضَلَّ. وهذا وَقَعَ في زماننا هذا في التفسير والعقيدة والحديث والفقه، وازداد الأمرُ سوءًا؛ لأجلِ أنَّ الناسَ ظنُّوا أنَّ فشوَ القلمِ يغنيهم عن أَخْذِ العلمِ عن أهلِه، فصارت الكتبُ في كل مكانٍ، ورَحَمَ الله العلماءَ، فقد كان أحدُهم يتحسَّرُ على مطالعةِ كتابٍ مِن الكتبِ العظامِ، نراه اليومَ في مكتبةِ أصغرِ طلبةِ العلم، ولكنَّه له -إنْ لم يُدَرِّجْ نفسَه في العلمِ- بمنزلةِ السلاح الذي ينتظرُ إصابةَ صاحبِه، فإذا لم يأخذِ الإنسانُ العلمَ عن أهلِه ضلَّ".
-📚الشرح على متنِ الآجرامية برنامج تيسير العلم١٤٣٠

شيخنا صالح العصيمي

17 Aug, 20:40


‎⁨01005 كتاب pdf الشيخ صالح العصيمي 1_مقامات_فهم_الدرس_العلمي_وتطبيقها_على_عمدة_الأحكام⁩.pdf

شيخنا صالح العصيمي

17 Aug, 02:44


📩  والأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعيين ساعة الجمعة لا يثْبُتُ منها حديثٌ، لا الأحاديث التي رُويت في أنها مابين أن يجلس الإمام على المنبر، ولا الأحاديث التي رُويت أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وكلها أحاديثُ ضِعافٌ مُعَلَّةٌ؛ ولكن ثبتَ هذا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يرونها مابين العصر إلى غروب الشمس، وهذا هو القول الصحيح. 🌟

  ○   وذكر المصنف -رحمه الله تعالى- بعد ذلك الخُلْفَ في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:{ لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائم يُصلي } وحمَلَ ذلك على المواظبة، وقد جاء تفسيره بأبْيَنَ منه في كلام الصحابة بانتظار الصلاة لأنه في سنن أبي داود لما ذكَرَ عبدالله بن سلام أنها ساعةٌ بعد العصر من يوم الجمعة قال له أبو هريرة (تلك ساعة لا يُصَلَّى فيها) فقال عبدالله بن سَلَام:( ألم يَقُلِ النبي صلى الله عليه وسلم: {من جلسَ مجلسًا ينتظرُ فيه الصلاة فهو في صلاة حتى يُصلي}).
فالمقصود أن انتظار الصلاة بمنزلة الصلاة فيكون العبد جالسًا ينتظرُ الصلاة ويُحْكمُ له حينئذٍ بأنه في صلاةٍ ويُرجى له إصابة الإجابة في الدعاء في هذا الوقت.


📩  تطريز رسالة في تفسير قوله تعالى:{وكذلك جَعَلْنـٰكم  أمةً وَسَطًا …} للعلامة خليل بن كَيْكَلدي العلائي

شيخنا صالح العصيمي

07 Aug, 14:28


ومما يُختم به القول: الإرشاد إلى جملة مما تنتفعون به في علم السيرة:
فالفائدة الأولى: أن علم السيرة من علوم الشريعة الجليلة، فهو علمٌ يؤخذ بالتلقّي عن الأشياخ، ولا يؤخذ من الكتب، سواء بسواء مع غيره من العلوم الإسلامية، شريعةً ولغةً وغير ذلك من العلوم التي تدور في فلكها، فما يُتوهم أن علم السيرة لا يُحتفل به، ويُتلقى من الكتب، هذا من الجهل بقدره والغلط في أخذه.
والفائدة الثانية: أن من أراد أخذه فينبغي أن يأخذه وفق ما ينفعه، وأنفع ما يؤخذ به حفظًا أن يحفظ مبتغيه متنين:
أحدهما: هذه الأرجوزة، وهي المبتدأ.
والآخر: ألفية العراقي في السيرة، وهي المنتهى.
والفائدة الثالثة: أن من الكتب النافعة التي درج عليها علماء الدعوة الإصلاحية رحمهم الله، وكانت رائجةً في البلاد النجدية في قراءة السيرة النبوية في المساجد كتبٌ شهيرة:
منها: السيرة النبوية لابن كثير.
ومنها: سيرة ابن هشام.
ومنها: مختصر السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ومنها: زاد المعاد.
فعلى هذه الكتب الأربعة كان يدور أخذ السيرة والانتفاع بكتبها.
وكان رابعها من أكثر الكتب قراءةً في هذه البلاد، وهو كتاب عظيم النفع، قَلَّ نظيره في كتب السيرة؛ لعنايته رحمه الله باستنباط الأحكام، وبيان الفقه في حوادث السيرة.
والفائدة الأخيرة: أن دراسة السيرة سبيلٌ إلى زيادة الإيمان وتوثقة الإيقان، ذكره القرافي في شرح الأربعين، والذخيرة.
فمن أراد أن يزيد إيمانه ويقوِّي يقينه، فعليه بدراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مرةً بعد مرةٍ، ويجتهد في قراءتها مع أهله، ويحضُّهم على ذلك، ويذكر لهم فائدتها، ويُصبِّر نفسه معهم في معرفة أخبارها، فإن الانتفاع بذلك ظاهر في الدنيا والآخرة، كما تقدم في كلام الزهري.


شرح الأرجوزة المئية في ذكر حال أشرف البرية، بالبكيرية ١٤٣٥
للشيخ صالح بن عبد الله العصيمي

1,231

subscribers

182

photos

20

videos