التفسير هو بيان كلام الله ومراده منه، وهو أساس لفهم الدين، قال تعالى: ﴿كِتَاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبروا آيَاتِه وَلِيَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا ٱلْأَلْبَٰبِ﴾، فالتفسير مفتاح لتدبر القرآن.
🔶 منهج التفسير الصحيح
يفسر القرآن بالقرآن وبالسنة، ثم بأقوال الصحابة بسند صحيح، فالتابعين وبسند صحيح ثم من تبعهم بإحسان، ثم بلغة العرب فيما لا يخالف الأدلة وفهم السلف. قال تعالى: ﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾.
🔷 تفسير النبي ﷺ والصحابة رضي الله عنهم
النبي ﷺ هو المبين لمعاني القرآن، والصحابة رضي الله عنهم هم الحفظة لبيانه وهم شهود التنزيل. قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾، فالنبي ﷺ مأمور ببيان معاني القرآن للصحابة، وهم حفظته وناقلوه للقرآن وتفسيره. صح عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي قوله: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا - أي الصحابة رضي الله عنهم أجمعين - أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
🔶 تفسير التابعين
تلقى التابعون التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم، فكان تفسيرهم معتمدا ومعتدا به، إلا أنه لا يرقى إلى مرتبة تفسير النبي ﷺ والصحابة من حيث الحجية والإلزام. وقد صح عن التابعي مجاهد بن جبر رحمه الله قوله: عرضت المصحف على ابن عباس رضي الله عنه ثلاث مرات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية وأسأله عنها. وهذا يدل على مدى دقة التابعين في تلقي التفسير وحرصهم على فهم القرآن من منابعه الأصيلة.
🔷 تفسير القرآن بالنظريات العلمية
تفسير القرآن بالنظريات العلمية لا يصح، لأن تبدلها يؤدي إلى التناقض والاختلاف. قال تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ﴾. فالقرآن نزل للهداية والعبادة والعقيدة والتشريع، لا لإثبات مكتشفات متغيرة أو نظريات تحتمل الخطأ والصواب. وربط كلام الله بآراء بشرية يجعله خاضعا للتبديل والتناقض، في حين أنه محفوظ من الباطل، كما قال تعالى: ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾.
🔶 ضوابط فهم وتدبر القرآن
يقوم الفهم الصحيح للقرآن على قواعد راسخة، منها حمل المتشابه على المحكم، وتفسير المطلق بالمقيد، ورد المجمل إلى المبين، وفق منهج الصحابة والتابعين. فلا يصح تفسيره بما يخالف فهمهم، قال تعالى: ﴿والسابقون الألون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه﴾.
🔷 المرويات الإسرائيلية في التفسير
ليست مصدرا معتمدا شرعا، بل يعرض ما ورد منها على ميزان الشرع، ويؤخذ ما وافقه. قال النبي ﷺ: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. وقال الإمام مالك: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا يؤخذ به، أي يحدث عنهم بما وافق القرآن والحديث الصحيح.
🔶 حكم تفسير القرآن باللغة العربية
إذا عرف تفسير الآية عن النبي ﷺ أو الصحابة رضي الله عنهم، أو التابعين بسند صحيح، لم يحتج حينها إلى أقوال أهل اللغة.
🔷 حكم تفسير القرآن بالرأي
الاجتهاد في التفسير دون الرجوع إلى السنة وأقوال الصحابة أمر منكر وضلال. فقد ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله أنه قال: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كلام الله برأيي أو بما لا أعلم. وصح عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن آية، فقال: لو سئل عنها بعضكم لأفتى فيها فأبى أن يقول فيها برأيه.
🔶 التحذير من اتباع المتشابه في القرآن
المتشابه في القرآن يضل به الزائغون ويتبعه أهل الأهواء والفتن. قال الله تعالى: ﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب﴾. وقالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله ﷺ: إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم.
فائدة
بسند رجاله ثقات عن سليمان بن يسار وهو واحد من فقهاء المدينة السبعة من التابعين أنه قال: أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر رضي الله عنه وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت قال: أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين، فضربه وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل له ضربا حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي.
كتبه: الشيخ محمد عثمان العنجري
الاثنين ٣ رمضان ١٤٤٦هـ
الموافق ٣ مارس ٢٠٢٥م
#محمد_العنجري