رسائل باردة

‏أنا خُردة الآن ، شيئاً لا نفعة له في الأيام المقبلة ، أي متجر قديم ، مهجور ، أنا كل الأتربة التي تملئ سطحه ، مارشال

أنا يا صديقي كما تعلم ، سجيتي لم تتغير فأنا إجتماعي منعزل ، أخالط البشر من كل صنف ، ثم أهرب من الجميع باحثاً عن نفسي ، مارشال

_

والأول مرة أشعر بالأسى على نفسي ،
أنا الذي أعتاد على جلد ذاته ، مارشال

فانا مغمور في شعور بالحزن
وعليّ ان أقاوم اليأس ، مارشال

في زوايا الكون العظيم كان هناك بريقاً قرمزياً يصعق بقوة بين الحين والآخر ، ذلك البريق كان يصعقني أيضاً من الداخل في كل مرة أرى فيها طفلاً يشبهني ، مارشال

حتى ونحن معاً ، فأنا لستُ كثير الكلام ، أنا كئيب ، ولا أملك إطلاقاً مهارة التعبير عن نفسي ، مارشال

لستُ أدري كم روحاً لدي ، أنا أتغير كل لحظة ، ‏دائماً أشعر بأني غريب ، لم يسبق أبداً أن التقيت بنفسي أو وجدتها ، مارشال

ويستحوذ عليّ شعور غريب ، بأنني لم أعد كما كُنت ، مارشال

أنا مجرد فراغ في عدم ، فراغ يبحث عن معنى ، عدم يبحث عن وجود ، مارشال

لا تصلني رسائل يومية ، لا يتصل بيّ أحدهم بإستمرار ، هاتفي لا يلتقط إشارة ، ينفذ شحنه ولا يُعيرني ذلك إهتمام ، الوحدة تفعل كل ذلك ، مارشال

لا أنام ، ولا أتوقع أن أنام ، ولا حتى في الموت أتوقع النوم ، بإنتظاري أرق بِسعة النجوم وتثاؤب غير مُجدٍ بطول العالم ، مارشال

آه لو كان في إستطاعتي إعطاؤك فكرة عن إحساسي بالوحدة ، فلست أجد من بين أحياء ولا أموات من أُحس بأن بيني وبينه شبهاً وقرابة ، وهذا مخيف ، مخيفٌ جداً ، أيتها الوحدة ، أيتها الوحدة أنتِ وطني ، مارشال

ثلاث ساعات وأنا مستلق في فراشي ، أتأمل لوحة كنت قد اشتريتها بثمن باهظ وأجرب أن أنام ، ثلاث ساعات أدركت من خلالها بأن النوم هو اللوحة الأغلى ثمناً ، حينما يوضعُ ضمن إطار من المحاولات ، مارشال

تتملكني في الأعماق شهوةُ الإنسلاخ مِن كوني شيئاً ، مارشال

‏لم تعد هنالك طاقة للحديث ، للنهوض من السرير ، لملاقاة البشر والإختلاط معهم ، لم يعد هنالك سوى الجحيم ، ولا أدري ما إذا كنت في الدنيا أم الآخرة ، أنا فقط في معركة مستمرة ، موت مستمر ، وحياة لعينة لا تتوقف ، مارشال

الموسيقى هي المحاكاة الصوتية لما لا يوصف ، اللغز المنشور ، اللانهائي المرئي والمستعصي على المسك ، مارشال

مُشتعل إلى الأبد ، مُتوهجاً بالكامل ، مارشال

في المقهى أجلس لوحدي ، أحتسي القهوة أمام نافذ تطل على العالم ، وحيداً ساكناً مُفعماً بالصمت ، أحدق من خلال النافذة عن شيء لا يمكن رؤيته في هذا العالم ، حتى داهمني أحد رواد المقهى الذين يجعلون من هذا المكان متنفساً لهم ، كان رجل عجوز قد أرهقت الحياة ملامحه ..
- مرحباً ، أيمكنني مشاركة هذه الطاولة معك قليلاً من الوقت ؟
- نعم ، بكل سرور
- أعتدت على رؤيتك بين الحين والآخر وأنت تجلس وحيداً منذ بضعة أشهر وأيضاً لا تفارق هذه النافذة
- لا شك بأنك كنت تراقبني كل هذا الوقت ، لقد أعتدت منذ بضعة أشهر أن أأتي هنا عندما أحصل على وقتاً لا أعمل به شيء
- كنت أتوق أن تجلس معنا ، رأيت وعرفت الكثير من الناس في هذه المقهى عندما يعتادو على أحتساء القهوة هنا ، كانو ينضمون للتحدث إلينا مع مرور الأيام ، لكنك غريب الأطوار قليلاً فأنت لم تتحدث مع أحداً إطلاقاً وهذا ما جعلني أود أن أعرف وان كان قليلاً عنك
- تعرف عني ، ربما سأخبرك شيئاً مضحكاً ، أنا لا أعرف شيئاً عني .. تأخرت عن موعد مقابلتي بشأن عملاً ما ، عن أذنك "
لا أحب التحدث مع العجائز ، أو بالأحرى لا أحب التحدث مع البشر ، أنهم يقتحمون حياة الآخرين بكل وقاحة ، سأعود لغرفتي هناك فقط أكون بخير ، لكن علي أن أقطع هذا الشارع ، توقفتُ قليلاً منتضراً أشارة العبور وصوت العربات المسرعة يمكنني أن أشعر بها تسير في رأسي ، توقفت أشارة سير العربات الآن بأمكاني العبور ولكني أشعر بثقلاً في كل جسدي ، لم أبالي لذلك كانت رغبتي فقط الوصول إلى غرفتي ، تقدمت قليلاً لكني مازلت أسمع ذلك الصوت ، نظرت عن يساري ، يمكنني رؤية عربة مسرعة متجهة نحوي على بعد ثلاثة أمتار من الأصطدام بيّ ، هذا ما كان يجعل جسدي ثقيلاً ، أنه الخوف ، ولكن الخوف من ماذا ، من الموت ؟ لم أكن خائفاً من الموت سابقاً ، أنه خوف مجهول قد جلبتهُ معي منذ طفولتي .. لقد كنت على أستعداد دائماً لأدخن سيجارتي الأخيرة ، أما الآن لن تتيح لي فرصة التدخين لآخر مرة ، مارشال

ضائعة كـ نص خطر في بالي منذ ساعتين ولا اتذكره الآن !

ميرال