بقلم سارة الشايع (بتصرف)
كم أتمنى أن أعيد دور الأمومة في حياتي الذي مر سريعا
هو دور رغم صعوبته إلا أنه من أجمل فترات العمر، لم أكن وقتها أعلم أنها فترة ذهبية في حياتي..
وأن أجمل دور نمارسه في الحياة هو أن نساهم في تكوين إنسان..
لا أدري لماذا لا نعرف قيمة الزمن حتى يصبح ماضيا !؟
تثقفت عندما حملت أول مرة حول كل شئ ظننته الأهم
كيف أجهز اللباس والغذاء والسرير
استعدادات الضيافة وجميع المظاهر التي تخصني وتخص المولود وتركت الأهم وهو الثقافة التربوية.
والاستعداد نفسياً لتنشئة هذا الطفل القادم.
لم أكن وقتها أعلم أن تربية الطفل تبدأ قبل أن يوجد
وذلك بالدعاء والتضرع لله وطلب العون منه.
﴿رَبِّ هَب لي مِنَ الصّالِحينَ﴾
﴿رَبِّ هَب لي مِن لَدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ﴾
﴿رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتي رَبَّنا وَتَقَبَّل دُعاءِ﴾
وغيرها من الأدعية الجامعة العظيمة.
لم أكترث لتغذيتي ولو كنت في نضجي الآن لتغذيت أغذية صحية لكي أرضع أبنائي سنتين كاملتين، فلا يوجد أجمل ولا أغنى من حليب الأم الذي يحوي نكهة لا يوفرها أي منتج وهي نكهة الحنان.
لو كنت في نضجي الآن لأدركت أن الأمومة رسالة وأمانة عظيمة ولجعلتها في قائمة أولياتي ولقضيت مع أبنائي أوقات أكبر ولما خرجت من بيتي إلا للضرورات.
ولعرفت أن التربية المبكرة تبدأ من أول يوم يرى فيه المولود النور.
وأن التربية بالقدوة العملية هو أقصر الطرق وأيسرها
فالأطفال لا يحسنون الاستماع لكن لديهم براعة في التقليد.
ولو عادت تلك الفترة لاهتممت بتوجيه أبنائي والحوار معهم أكثر من اهتمامي بملابسهم وأحذيتهم.
و لأعطيتهم حرية التعبير والاكتشاف ولما استصغرت عقولهم ولاهتممت بأسئلتهم ومناقشتهم بهدوء وبحكمة.
ولما أغدقت عليهم الألعاب والهدايا فكثرتها تفقد قيمتها وينشأ الطفل على الإسراف واحتقار الأشياء
تعلمت أ ن أجمل هدية تقدمها لطفلك هو وجودك الحقيقي بقربه وتفاعلك معه ومشاركته اهتماماته وتفاصيله الصغيرة.
ولكنت ربيتهم بعيداً عن الألعاب الالكترونية ووفرت لهم بيئة ألعاب تحترم عقولهم وتنميها.
ولابتسمت دائما في وجوههم فالطفل سهل لين يسهل استمالة قلبه والتأثير فيه.
كم أتمنى أن تعود مرحلة طفولة أبنائي الجميلة لأشاركهم ألعابهم ولأعطيهم من وقتي الكثير لأعيش معهم طفولتهم البريئة
ولكنت فرغت رأسي من الهموم الخارجية التي تبدو لي اليوم تافهة وقد كنت في وقتها أعطيها اكبر من حجمها ...
ولو عادت طفولة أبنائي:
لعاملتهم كالكبار وخففت من تدليلهم ولعلمتهم كيف يعتمدون على أنفسهم في كل شئ ويثقون بقدراتهم ويهتمون بشؤونهم الخاصة.
يرتب سريره ويجمع ملابسه المتسخة
يرفع طبقه بعد الغداء
يحل واجباته بنفسه ويرتب أغراضه بإشراف مني ولكن دون اعتماد عليّ.
ولعلمتهم استغلال الوقت بما يفيد في سفرهم وفي إقامتهم
في الإجازات وفي أيام الدراسة
فالوقت هو الحياة.
ولعظمت من نجاحاتهم ولو كانت بسيطة ولأكثرت من مدحهم وتشجيعهم بشكل يدفعهم لحب التعلم والعمل.
فالطفل لديه قدرات وطاقات تخرج لمن يعرف كيف يستثمرها ويحولها إلى إبداع بشرط أن يكون الاستثمار في وقت مبكر جدا وبدون محاولة سيطرة وتحكم.
ولو عاد الزمن لتحدثت معهم باحترام حتى ينشئوا محترمين لأنفسكم بشكل يدفع الآخرين لاحترامهم ولينشئوا أقوياء محبين للضعفاء ومحبين لفعل الخير.
ومترفعين عن فعل الحرام والكذب والخيانة بالفطرة.
ولكنت تجنبت الاستهزاء بتصرف أحدهم أو مقارنتهم بغيرهم أو نقل أخبارهم للآخرين ولحافظت على أسرارهم الصغيرة ولأخفيت ما استطيع اختفائه من أخطائهم حتى عن والدهم.
والتمست لهم الأعذار دائماً.
للأسف أننا نعيش في مجتمع متصحر عاطفيا كل الأمهات من حولي كن يمارسن نفس الأسلوب إن لم يكن بعضهن أسوأ فترى من تصرخ على ابنها وتؤدبه في مجلس يمتلئ بالنساء
ليشعر الطفل بحرج شديد ومع الوقت يتبلد حسياً وينشأ عدوانياً
وهناك من تتشكى منهم أو تخرج أسرارهم أمام الناس
كنت ألاحظ نظرات أبنائها البريئة وخجلهم الواضح من حديثها الذي يعتبرونه فضيحة كبرى وهي مسترسلة في الحديث بدون وعي بما تسببه من تدمير و أضرار نفسية تهز أعماقه..
وهناك من تنعت ابنها بصفات سيئة ليصدق الابن أمه فهي أعرف منه ويتوقف عن إصلاح نفسه ويعتقد انه لا فائدة ترجى منه فهو كما وصفته أمه.
كنت لا أعلم أن أكثر الأبناء عناداً هو من يحتاج المزيد من الحب وليس كما كنا نعتقد يجب أن يقمع ويكسر حتى لا يتمرد.
أتذكر أني حضرت دورة تربوية فسألتنا المدربة ماذا نتمنى أن يكون أبناءنا في المستقبل فكانت إجابتي تقليدية قنوعة كإجابة غيري وهي أن يكونوا صالحين فقط
عندها صدمتنا عندما قالت لماذا لم تقلن أن يكونوا صالحين ومصلحين في نفس الوقت؟
لماذا لا يوجد لديكن طموح لتربيتهم قادة ومفكرين ومخترعين ؟!
«فإذا سَأَلتُم اللهَ فاسأَلوه الفِرْدَوْسَ»
.