اقرته محكمة النقض الفرنسية فيحكم للمحكوم عليه بمبلغ رمزي!!!؟.
الوجه الثاني: مصاريف التقاضي في قانون المرافعات اليمني:
نصت المادة (261) مرافعات على أن (تقدر المحكمة نفقات الخصومة في الحكم كلما امكن ذلك وإلا قدرها رئيس المحكمة التي اصدرت الحكم بناءً على طلب المحكوم له بأمر على عريضة فيكون محتوياً على قائمة مفصلة بالنفقات المحكوم بها ولا يخضع هذا الأمر للسقوط المقرر للأوامر على عرائض).
وعند إستقراء هذا النص يظهر أنه صرح بتقدير (نفقات الخصومة) وهذا اللفظ جمع مضاف ، والجمع المضاف من ألفاظ العموم كما هو مقرر في القواعد الأصولية ، ومعنى ذلك أن تقدير نفقات التقاضي يجب أن يشمل كافة نفقات الخصومة التي انفقها بالفعل المحكوم له.
كما أن المقصود بتقدير نفقات الخصومة: هو أن يتم تقديرها في ضوء الأدلة والمستندات المؤيدة لطلب الحكم بالنفقات، ونخلص من هذا الوجه إلى القول: بأن النص القانوني السابق لم يشر إلى رمزية مصاريف التقاضي، بل على العكس من ذلك فقد صرح بشمول النفقات.
بل أن النص السابق قد أولى نفقات التقاضي عنايته البالغة حتى أنه قد اجاز المطالبة بها بأمر على عريضة.
الوجه الثالث: منطق الحق والعدل يستدعي الحكم بنفقات التقاضي الحقيقية وليس الرمزية :
الحق والعدل من اسماء الله تعالى وصفاته، فقد أراد تبارك وتعالى أن يكون مفهوم الحق والعدل هو القائم بين عباده، فالقاضي هو القائم على تطبيق الحق والعدل، فلا ينبغي أن يعدل القاضي عن حقيقة الشيء وأن يحكم بأقل منه، فالقاضي حاكم وليس مصالحاً ، فالحكم ليس فيه إسقاط للحق أو إنقاص له بخلاف الصلح، ولذلك فإذا ثبت للقاضي قدر نفقات التقاضي الفعلية فأنه ينبغي عليه أن يحكم بها، وكذا إذا قام القاضي بتقديرها فينبغي أن يقدرها على نحو مقارب للنفقات الحقيقية وليس الرمزية.
الوجه الرابع: الحكم بنفقات التقاضي سلاح فاعل في مواجهة الخصوم الفجرة في الخصومة:
من المعلوم عند المحامين في العالم اجمع أن الخصوم يحجموا عن اللجوء إلى القضاء عندما ينصحه المحامي بأنه غير محق في دعواه أو رده أو دفعه أو طلبه ، فعندما يصرح المحامي للخصم بأنه من المتوقع أن يكون الحكم ضده وأنه عندئذٍ سوف يتم الحكم عليه بكافة مصاريف التقاضي الحقيقية التي سيدفعها خصمه عند الحكم عليه، فعندئذٍ يعدل كثير من الخصوم عن اللجوء إلى القضاء ويفضلوا التصالح – وهذا هو المعوّل على قاضي التحضير والصلح الذي استحدثه القانون اليمني مؤخراً حيث سيقوم هذا القاضي بهذا الواجب وهو تبصير الخصوم ونصحهم.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الخصوم الفجرة الذين لن يذعنوا لصوت الحق سيحكم عليهم بنفقات التقاضي كاملة غير منقوصة وعندئذٍ سيحجم الخصوم الفجرة الآخرون عن أن يسلكوا مسلك سابقيهم.
فقد كانت وما زالت قاعدة (غرامة محق على مبطل) وسيلة فاعلة في مواجهة الخصوم الفجرة في العرف اليمني الاصيل، فما أحوج القضاء في اليمن للعمل بمقتضى هذه القاعدة حينما يطلب الخصم البار الحكم على الخصم الفاجر.
الوجه الخامس: الحكم بنفقات التقاضي كاملة يقلص من تراكم القضايا ويحد من التقاضي الكيدي:
من المؤشرات الخطيرة في القضاء اليمني أن هناك قضايا كثيرة يكون الحق المدعى به أو المطلوب أقل بكثير من النفقات التي تتكبدها السلطة القضائية في سبيل الفصل في هذه القضايا التافهة القيمة، فضلاً عن النفقات التي يتكبدها المحكوم له.
ومن جانب آخر فإن هناك تراكم في القضايا لدى المحاكم وتعثر الفصل فيها بسبب الدعاوى والطلبات الكيدية والدفوع والردود الكيدية، ولذلك فإن الخصم الفاجر حينما يعلم أن القاضي سيحكم عليه بنفقات التقاضي الفعلية كاملة وأن إطالة إجراءات التقاضي سيكون على حسابه ونفقته فأنه عندئذٍ سيمتنع عن التقاضي الكيدي بل أنه سوف يسارع إلى حسم القضية بالصلح أو الحكم السريع ، والله اعلم.
https://am-shjaaaldeen.blogspot.com/2024/10/blog-post_57.html